صحيفة الأحداث
31-8-2008م
الجنوب.. ألغام في الطريق لمحاربة الفساد
الخرطوم: محمد عثمأن عمر
أبدى رئيس المجلس التشريعي بحكومة الجنوب جيمس واني ايقا دهشته من التقارير الإخبارية التي ذهبت الى أن رئيس حكومة الجنوب طلب منه تأجيل مناقشة قانون الفساد الموضوع على منضدة المجلس التشريعي. وقال ايقا الذي كان يتحدث بلغة ساخطة على عكس عادته المتميزة بالهدوء (للأحداث) من جوبا إن هذا الحديث عاريا تماما من الصحة، لأنه وببساطة أنه لم يتلق من سلفاكير مايفيد بذلك (أنا رئيس المجلس التشريعي ولم أتلقّ مكتوبا من سلفاكير يفيد بهذا المعنى، ولم يطلب مني شيئا من هذا القبيل شفاهة). وعندما سألته عن السبب الذي جعل البرلمان يقوم بتأجيل مناقشة القانون قال البرلمان قرر أن يبدأ مناقشة القانون بعد العودة من الاجازة التي سيدخلها المجلس والتي ستستمر لمدة شهر تبدأ من اليوم (سنناقش قانون الانتخابات في مطلع شهر أكتوبر, وهو أول شيء نفعله بعد العودة من الاجازة). غير أن رئيس لجنة العدل والشؤون القانونية بالبرلمان دينق أروب كول يرى أن هذا التأخير غير مبرر اطلاقا, خاصة وأن مفوضية محاربة الفساد قد أنهت إعداد مسودة القانون قبل وقت طويل قبل أن ترسله الى وزارة الشؤون القانونية وتطوير الدستور (أعتقد أن هنالك أشخاصا في الوزارة لهم مصلحة في عدم إجازة القانون, لن أخبرك من هم هؤلاء الأشخاص، ولكننا متأكدون أن البعض لديه مصلحة في بقاء القانون في شكل مسودة فقط).
وكانت رئيسة مفوضية محاربة الفساد بالجنوب الدكتورة رياك باولين قد أكدت (للأحداث) في حوار سابق معها أن المفوضية قد أرسلت بالفعل مسودة قانون محاربة الفساد الى وزارة الشؤون القانونية قبل أكثر من 6 أشهر وأن مهمة المفوضية تنتهي بإرسال هذه المسودة. ويذهب محللون ومهتمون بشؤون جنوب السودان الى الاعتقاد بأن هنالك جهات ذات سيطرة ونفوذ داخل الحكومة لاتريد أن يجاز القانون لأن ذلك يأتي ضد مصالحهم, يأتي ذلك في وقت اتهمت فيه أرملة مؤسس الحركة الشعبية لتحرير السودان الدكتور جون قرنق ومستشارة حكومة الجنوب لحقوق الإنسان ربيكا قرنق, ومن داخل بهو البرلماان نفسه, اتهمت مكتب نائب رئيس حكومة الجنوب الدكتور رياك مشار, ووزير الشؤون القانونية مايكل مكوي بالتورط في قضية فساد متعلقة بإصدار تصاريح لشركات تجارية وهمية. وقبل شهر من الآن وفي البرلمان أيضا, والذي يبدو أنه أصبح مكانا لتصفية الحسابات, تحدى وزير المالية السابق آرثر أكوين, المتهم باختلاس مبلغ 60 مليون دولار من حكومة الجنوب, الوزير مكوي بتقديم أوراق قضيته للمحاكمة إن كان يستطيع ذلك! ويفسر الدكتور صمويل ديو, وهو أستاذ متخصص في شؤون الحكم بجامعة جوبا, هذا الذي يحدث وسط القيادات الجنوبية الحاكمة الى وجود أشخاص متورطين في قضايا فساد. ويقول ديو (للأحداث) إن وجود قانون مكافحة الفساد من شأنه أن يعري هؤلاء المفسدين (لذا فلا غرابة في أن يحاربوه بكل وسيلة ممكنة وغير ممكنة من أجل أن يظلوا طويلا في الظلام!).
في يوم أمس الأول, كان رئيس المجلس مرة أخرى يحث أعضاء البرلمان بتنوير المواطنين حول الاثار السلبية للفساد، مشيرا الى أن هذه الظاهرة تقود الى عدم الاستقرار وإعاقة التنمية وتشويه صورة الحكومة, وأوضح ايقا الذي كأن يخاطب ورشة نظمت بواسطة اللجنة الاقليمية والدولية لمحاربة الفساد أن أكثر مظاهر الفساد تتمثل في سوء استخدام موارد الحكومة خاصة في مجال النقل, ونوع آخر من الفساد يتمثل في جباية الاموال عند مناطق التفتيش بدون فواتير من قبل بعض السلطات الحكومية. غير أن السكان المحليين يشعرون أن الوزراء وقادة الأحزاب والسياسيين عموما وكبار المسؤولين وجنرالات الجيش الشعبي هم الأكثر فسادا مع الهيمنة الواضحة لضباط الحركة الشعبية على مفاصل الحكوم, وأنهم- طبقا لتقرير أصدرته مفوضية محاربة الفساد - مازالوا يتعاملون مع الحكومة كأنها حركة مسلحة مع اعتقاد شائع وسطهم بأنهم يجب أن يعوّضوا السنوات التي قضوها في القتال من خلال الحكومة في الجنوب. وطالبوا بضرورة إبعاد هؤلاء الجنرالات, خاصة غير المتعلمين والكفؤيين منهم إعمالا لمبدأ المؤسسية. لكن الدكتور ديو يعتقد أنه من الصعب على الحكومة أو من يحاربون الفساد الانتصار على هؤلاء الجنرالات في ظل قبضتهم القوية لكل مفاصل الحكومة. ويرى أنه من الضرورة إجازة القانون، ولكن الأكثر ضرورة هو تفعيل القانون وتطبيقه بحزم على "كبار المفسدين" إذا كانت الحكومة جادة فعلا في محاربة الفساد.
* سيرين عبد الوهاب
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة