القوى السياسية..البحث عن شعرة معاوية
تقرير: خالد البلولة إزيرق
حركة ماكوكية بدأت تنتظم أروقة القوى السياسية مع قرب موعد الإنتخابات مطلع العام المقبل، جعلتها تدخل في تحدي بناء أجهزتها وتنظيم صفوفه اوترتيب أوراقها من الداخل وتكييف خطابها السياسي لمواجهة تحديات المرحلة عبر صناديق الإقتراع، حيث تتعدد الرؤى وتختلف وجهات الأحزاب لخوض الإنتخابات في وقت لم تتضح فيه خارطة التحالفات السياسية بعد، حيث بدأ واضحاً أن كل القوى السياسية تقوم بمناوراتها من خلال خطابها السياسي لإختبار الخارطة التحالفية لها قبيل الإنتخابات.
ومن واقع ذلك ،دشنت الحركة الشعبية أمس أعمال اللجنة التحضيرية لمؤتمرها العام الثاني منذ تاريخ تأسيسها العام 1983م، في وقت بدأت الحركة الشعبية أكثر بعداً عن المؤتمر الوطني بسبب خلافات نيفاشا، وأكثر قرباً من القوى السياسية الأخرى التي تتفق معها في كثير من القضايا.
الرمزية
لذا ينظر البعض لدلالة ورمزية إنعقاد مؤتمر الحركة في»الخرطوم» الى أنها أرادت توجيه عدة رسائل تمد بها جسور التواصل لأكثر من إتجاه، فمن ناحية تشير الى أنها تجاوزت محطات الإنفصال التي وصمت بها، الى وحدة قومية تشمل جميع السودان، ومن ناحية أخرى أنها تريد ان تقنع المتشككين فيها الى أنها تريد بذلك أن تتمدد كحزب في كل السودان، وهو ما عبر عنه السيد جيمس واني نائب رئيس الحركة، رئيس اللجنة التحضيرية عندما قال « إن الحركة الشعبية صارت من أكبر الأحزاب وان عضويتها المسجله بلغت (5) ملايين، ونحن متمسكون بأهداف ومبادىء ونظريه الحركة الشعبية التي أرساها جون قرنق منذ تأسيسها، وهي تحرير السودان كله وليس الجنوب».
وبإختلاف الرؤى نظر كل الحاضرين لمؤتمر الحركه من زاويته، فالقوى السياسية التي شاركت في المؤتمر رغم أن كلماتها لا تخلو من عبارات المجاملة البروتكولية من الإشادة ودعم مواقف الحركةالشعبية، وحثها على الوحدة والتحول الديمقراطي، ولكن تظل المواقف والنقاط التي تتقاطع فيها هذه القوى مع الحركة الشعبية بعيدة عن تلك المنصة التي تحدثوا منها، فالحزب الشيوعي الذي شارك بـأمين مكتبه السياسي محمد ابراهيم نقد، إختصر كلمته في أقل من خمس دقائق، وإكتفى فيها بتنبيه الحركة الشعبية بأهمية تنفيذ الإتفاقيات كلها وليست نيفاشا فقط «أبوجا القاهرة جيبوتي»، وأن تلعب دوراً أكبر في حل مشكلة دارفور، ويبدو أن الحزب الشيوعي الذي يرى في الحركة الشعبية عناصر برجوازية، يظل يحتفظ بمساحات بينه وبينها ليس حباً فيها بحسب محللين، ولكنه يتخذ منها خميرة عكننة للإسلاميين فهو دور مطلوب ومرغوب أن تلعبه الحركة لتعزيز وجودها وإن لم يكن لصالح الشيوعي.
وإن كانت تلك الزاوية التي ينظر منها الشيوعي لمؤتمر الحركة، فإن الشعبي لم يقف بعيداً عنه، وإن إختلفت أهدافه المرجوة من الحركة، فممثله الشيخ ابراهيم السنوسى الذي بدأ كلمته بالترحيب بقائد الحركة الشعبية قال « نحيي السيد رئيس «الحركة الإسلامية» وبعد ان ضجت القاعة بالضحك عاد مستدركاً «الحركة الشعبية»، ولكن الرسالة التي إستشفها الحاضرون من زلة لسان السنوسي هي ان الخطابات البروتكولية في مثل هذه اللقاءات ليست بالضرورة مواقف حقيقية لأن درجة المجاملة فيها كبيرة، لأن هذه الحركة ،فالشعبي الذي إكتوى بجحيم بنيه في «الوطني» كل تحركاته في اتجاه الحركة الشعبية ينظر لها من باب المكايدة السياسية للوطني، بإعتبار ان الحركه أقوى الفاعلين علــى المسرح السياسي، وأنها ممسكة بكثير من الخيوط التي يمكن أن تغير بها عقلية شريكها في قضايا الحريات والتعددية والقوانين المقيدة للحريات التي إصطلى بنارها الشعبي بعد إنفصاله الشهير عن الوطني، لذا يلحظ تركيز كلمة الشيخ إبراهيم السنوسي حول الحريات والديمقراطية والحكم الراشد وحرية الإعلام والرأى والرأى الآخر، والمساواة، بعد أن وصف المناخ الذي تجرى فيه إنتخابات نزيهة يكاد ينعدم بقوله «إن الحريات الشخصية أساسية وحرية الصحافة، ولا يعقل أن تصادر الصحف حتى أمس في وقت تستعد فيه الأحزاب للإنتخابات».
الحد الادنى
ولأن كل القوى السياسية بدأت تستكشف مواقف بعضها لبلورة المفاهيم المشتركة التي تضمن الحد الأدنى من التحالف على الأقل في الإنتخابات القادمة، فإن الحزب الإتحادي الديمقراطي «مرجعيات» يظل أكثر القوى السياسية قرباً من الحركة الشعبية، وداعماً لها رغم كثير من التقاطعات التي تتجاذبه داخلياً من واقع حراكه الممتد مع الحركة منذ إتفاقية «الميرغني قرنق» 1988م بأديس أبابا مروراً بالتجمع الوطني، وإنتهاءً بنيفاشا التي يرى الميرغنيون أنهم شركاء فيها بحسب ما أشار تاج السر محمد صالح ممثل الإتحاديين في كلمته بقوله «مسيرة العمل بيننا والحركة إمتدت وأثمرت إيجاباً، وأننا شركاء في إتفاق نيفاشا ونبحث دوماً عن القواسم المشتركة» ويكاد يكون موقف الحزب الإتحادي رغم قربه من الحركه الشعبيه الأكثر إرباكاً للمتابعين في الساحة السياسية حيث يكتنف الغموض موقف تحالفاته القادمة من واقع الخلافات التي يعيشها داخل قياداته التي يجذبه بعضها ناحية المؤتمر الوطني والبعض ناحية الحركة الشعبية وثالثة مع القوى السياسية، ولا يزال الإتحادي يغازل الوطني والحركة ويتحدث عن التحالف مع كليهما.
ويبدو أن القوى السياسية من خلال مؤتمر الحركة تسعى جاهدة لإقتناص أىة سانحة للإستقطاب لمواجهة التحديات القانونيه والسياسيه للإنتخابات القادمة، وهو ما عبر عنه بوضوح السيد الصادق المهدي امام الانصار ورئيس حزب الامة بقوله لا يهمنا من يحكم السودان وإنما كيف يحكم السودان، بعد أن حدد ثلاثة مباديء يجب إتباعها تتمثل في جعل السلام شاملاً وعادلاً بخلق فرص ومجالات لإستقطاب تطلعات آخرين، وتوفير الحريات بصوره تجعل المواطن مطمئناً على حقوقه، وتوفير إداره مستقلة للإنتخابات تقوم بكل الإجراءات وأن تتوفر لها ميزانية حتى لا تكون خاضعة لأية إرادة تنفيذية.
وتواجه مؤتمر الحركة الشعبية المقرر له مايو المقبل تحديات كبرى على مستوى بنائها الداخلي وخطابها السياسي وسط إنقسام يسود وسط قواعدها بين الإنكفاء جنوباً والإتجاه لتأسيس الدولة الجديدة، وبين الإنطلاق شمالاً وبناء رؤية قومية تستوعب كل السودان، وإن كان باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية قد أشار الى ان التحديات التي تواجه الحركة تتمثل في برامج التحول الديمقراطي والقضايا الإقتصادية والإجتماعية، وهي ذات المضامين التي اشار الىها سلفاكير في خطابه والمتعلقة بالتحول السياسي للحركة وقضايا الديمقراطية والحرية. فإن هناك تحديات أخرى ربما لم يشأ باقان أن يذكرها وقد جاءت أولى إشاراتها في غياب عدد من اللاعبين الفاعلين والمؤثرين في الحركة حيث لم يشاهد الدكتور لام أكول والمغضوب عليهم بسبب الفصل تيلارا دينق وإليو أيانق ما يجعل الحركة بحسب محللين أنها في إجتماع لجنتها التحضيرية هذا ستكون أيضاً أمام تحدي وحدتها التي تتجاذبها الكثير من عواصف وأهواء قياداتها.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة