اكثر من سيناريو واحتمال
الإنتخابات بدون دارفور.. كيف ستتم؟!
تقرير:خالد البلوله إزيرق
رويداً رويداً بدأت الإنتخابات تقترب، ومع إقترابها تتكشف الصعوبات والمتاعب التى ستصحبها من الناحية الإجرائية والعملية،لتبرز الى السطح من خلالها عقبات وأزمات تجعل منها محط انظار ومثار جدل سياسي ودستوري تتفاوت فيه التقديرات.
وفى غمرة اللهث وراء الإنتخابات لم يضع أحد فى حسبانه كيف سيكون مآلها إذا إستمرت التوترات الأمنية بدارفور حتي موعد إجرائها، وما سيجره ذلك على مصير الإنتخابات وعملية التحول الديمقراطي برمتها.
جريئة
مشهد المسرح الإنتخابي فى دارفور، إذا ما قدر للإنتخابات ان تجري فى توقيتها، فإنه يعيد الى الأذهان ذكريات قديمة تكررت فى الجنوب إبان إنتخابات العام 1965م حيث اجلت إنتخاباته وجرت بعد عامين من ذلك بسبب التوترات الأمنية آنذاك، قبل أن يتكرر المشهد فى فترة الإنقاذ فى إنتخابات عامي 1996-2001م ، التى كانت تنص قوانين إنتخاباتها على انه «عند تعذر إجراء إنتخابات فى مناطق لأسباب أمنية ترفع هيئة الإنتخابات مذكرة للرئيس ليقوم بتعيين نواب للمجلس الوطني بعد التشاور مع القوى السياسيه المعنيه فى المناطق التى تعذر إجراء إنتخابات فيها لأسباب أمنية. والجهة المنوط بها تقرير ما إذا كانت الأسباب الأمنية كافيه أم لا هي الأجهزة الأمنية التى تقوم بمخاطبة هيئة الإنتخابات التى تقوم بدورها بمخاطبة رئيس الجمهورية بذلك».
ويبدو أن أول المحكات التى ستواجهها إنتخابات 2009م على الأقل حتى الآن أن قانون الإنتخابات المقترح والدستور الإنتقالي لا مجال فيه للتعيين، كما أن دارفور موضع الأزمة أصبحت البؤرة الأكثر سخونة، وبالتالى مصدر إهتمام دولي فى كل ما يدور بشأنها، فى وقت تشكل فيه تحدياً داخلياً للقوي السياسيه بين المضي قدماً في الإستحقاق الديمقراطي وإجراء إنتخابات جزئية وبين إلغاء الإنتخابات كلية، وحول هذه التعقيدات التى ستواجهها الإنتخابات يري مولانا محمد أحمد سالم الخبير فى الإنتخابات فى حديثه ل»الرأى العام» أن الخيار الأول فى ذلك أن تحل مشكلة دارفور، وإذا تعذر ذلك فإن الخيار الثاني أن لا يؤخر الإستحقاق الديمقراطى بسبب جزء من الوطن مهما كانت مكانته، والخيار الثالث ان تبتكر مفوضية الإنتخابات وسائل لمشاركة نازحي دارفور داخل وخارج السودان، مشيراً الى ان الخيار الأفضل هو تأجيل إجراء إنتخابات فى الدوائر التى تحول الأسباب الأمنية دون إجرائها، وأن السوابق فى ذلك تعطي مبرراً لإجرائها لاحقاً فى المناطق التى يتعذر أجراؤها فيها.
جدل
كل هذا الحراك اثاره ما أدلى به الدكتور كمال عبيد القيادي بالمؤتمر الوطني بقوله « ان أزمة دارفور لن تؤثر على الإنتخابات، وانه ليس هناك أسباب يمكن ان تؤخرها»، فقد ألقت تصريحاته بحجر فى بركة ساكنة لم تتطرق لها مجالس السياسيين أو كانت تتحاشي الخوض فيها قبل حسم قانوني الأحزاب والإنتخابات، حيث تشير بعض الإحصاءات الى أن دارفور تأتي فى المرتبة الثانية بعد الجزيرة من حيث الثقل السكاني، ويقدر سكانها بحوالى ثمانية ملايين نسمة، وهى نسبة ربما تشكل ربع مقاعد البرلمان إذا ما جاءت نتائج الإحصاء السكاني الذي سيجري ابريل المقبل مقارباً لتلك التقديرات، ما يعني من الناحية السياسيه أنها ستكون ذات تأثير كبير على نتائج الإنتخابات، وبالتالى تظل مسرحا تصطرع فيه القوي السياسيه بتقاطعاتها المختلفه، وفى قراءته لتصريحات د.عبيد يري الأستاذ عبد الله آدم خاطر ، انه إذا كان المؤتمر الوطني يرى تجاوز دارفور فى الإنتخابات القادمة فهذا مجرد حلم ذلك لأن مستقبل العلاقة السودانية فى إطار التراضي الديمقراطي لن يكتمل إلا بوجود دارفور فى داخل دائرة الحل ، واضاف ان أي خطة سليمه للإنتخابات ينبغي أن تبني على إستمرار العملية السلمية من خلال التفاوض وحل الأزمة، وفتح المجال لتحول ديمقراطي تنافسي فى دارفور لكل الأحزاب كما هو فى معظم السودان.
وإن كان خاطر قد وصف إستثناء دارفور من الإنتخابات بالحلم، فإن بروفيسر مختار الأصم استاذ العلوم السياسيه، وصف إستثناءها ل»الرأى العام» بأنه كارثة لأنها منطقة ملتهبة وفى حالة شد وجذب مع المركز، والبعض يطالب بأن تدار كإقليم كونفيدرالي، فإن إستثناءها يعطي مدخلاً كبيراً لدعاة الإنفصال وأصحاب الأجندة فى دارفور، فلا يعقل بحسب قوله أن نعطي فرصة للإنفصاليين بإبعادهم عن الإنتخابات، خاصة وأنها ليست إنتخابات برلمانية فقط وإنما لإنتخاب البرلمان ورئيس الجمهورية والولاة، فإذا لم تشارك دارفور فى إنتخاب رئيس الجمهورية فمن حقهم ان يقولوا أن الرئيس المنتخب ليس رئيسهم، وبالتالى سنصب مزيد من الزيت على النار.
إمكانية
ويلحظ مراقبون أن رؤية الوطني جاءت فى توقيت تشهد فيه الساحة السياسيه حالة توتر يري معظمهم انه نابع من الوطني الذي يمسك بكثير من مفاصل الأشياء، وربما أراد بذلك «جس نبض» للقوي السياسيه ومعرفة ردة فعلها وهوبذلك يختبر خياراته التى يمكن أن يلجأ إليها إذا ما تعقدت الإمور، ولكن الوطني لن يكون صاحب الشأ ن الوحيد فى ذلك بمفرده فى طرحه ذلك وإمكانية تنفيذه، فعلي الضفة الأخري تقف الحركة الشعبية شريكه فى الحكم التى يلزم موافقتها لتمرير الإرجاء أو الإستثناء للإنتخابات فى دارفور، وهي مهمة ستكون عسيرة على الوطنى فى ظل العلاقة الممتدة بين الحركة وقوي دارفور.
ولكن الى أى مدي يمكن ان يتوافق الوطني والشعبية حول إرجاء الإنتخابات فى دارفور أو إستثنائها، بروفيسر الاصم، قال ان الإستثناء ممكن إذا إتفق الشريكان على ذلك، لأنه بيد الشريكين من الصلاحيات التي تمكنهما من ان يفعلا الكثير، مشيراً الى أن خطر الإستثناء يكمن فى شعور سكان دارفور انهم خارج دائرة الفعل السياسي ولكنه اضاف « الشاهد أننا نستطيع أن نجري إحصاء سكانياً داخل المعسكرات، وكذلك إجراء إنتخابات بمراقبة، لأن المعسكرات عدد سكانها أكثر من عدد سكان المناطق الملتهبة، «. وإتفق معه فى ذلك عبد الله خاطر بقوله « إن إتفاق السلام الشامل هو شراكة بين طرفين يمكن أن يتفقوا علي تمديد الإنتخابات، وحل مشكلة دارفور، فالإتفاقية مرنة، وسمحت قبل ذلك أن تؤجل الإنتخابات عام، فالإتفاق بين الشريكين يسمح لهم برؤية المستقبل بشكل أفضل».
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة