المختصر الى الزواج المرتقب بين حركتى العدل والمساواة والحركة الشعبية لتحرير السودان
الجزء الاول
من المؤمل ان تقود قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان جهود مكثفة فى الفترة التى تفصلنا عن بدء عملية الانتخابات العامة ، وقد استهلت مساعيها الوطنية بمخاطبة فرقاء حركة تحرير السودان وطلبت اليهم الجلوس الى طاولة الحوار واضعة بين ايديهم تجربة الحركة الشعبية القيمة فى تقريب وجهات النظر وتزويب المررارات وانهاء حالة القطيعة بين الاخوة المتصارعين . الا ان تلك المحاولة باءت بالفشل امام اصرار الفرقاء على حصة الاسد من ( الغنيمة ) وادعاء كل طرف باحقية فصيله الذى ياويه بالزعامة. واعقبتها بخطوة هائلة بابتعاث وفدها الميمون للقاء قادة حركة العدل والمساواة السودانية داخل منطقة نائية بوادى هور بشمال دارفور . تم اللقاء وسط اهتمام مكثف ورغبة كبيرة من الطرفين لايجاد ارضية عمل مشتركة وبهدف تنسيق الجهود وتبادل الافكار حول انجع السبل لاحلال الامن و السلام فى دارفور . وترتب على ذلك الاجتماع ان تعهد الطرفان بالتزام خط الحوار الهادئ وفى ذات الاطار سيتوجه الدكتور خليل ابراهيم قائد حركة العدل والمساواة الى جنوب السودان لمقابلة شقيقه سلفاكير رئيس حكومة الجنوب والنائب الاول للرئيس السودانى
الدور الهدام للاعلام الرسمى
كعادتها لم تتاخر صحافة النظام عن ملاحقة تداعيات تلك الاحداث المهمة فسرعانما تناوبت صحائفه الصفراء على تهوين تلك الوقائع بتسليط حواسها الغرائزية المثقلة بالتناقضات والمترعة بالمساوئ فتفتقت عبقريتها الهزيلة عن فحوى حدوته سمجة حول الحالة الصحية لرئيس حركة العدل والمساواة وتشككت حتى بمكان انعقاد اللقاء الذى جمع وفد الحركة الشعبية الزائر بقيادات حركة العدل والمساواة . الهدف كما هو معلوم محاولة مكشوفة لتثبيط الهمم ونسف الامال التى تطلعت الى معانقة نسائم الحرية او فى احسن الاحوال ابطاء ايقاع الحراك السياسى لاهل الهامش لا سيما وان رياح المرحلة القادمة سوف تحمل معها الكثير من المتغيرات المفصلية على طبيعة الاشياء .
وعوضا عن استقراء شروط المرحلة القادمة بعقلية وطنية متجردة ، يعمد النظام السودانى جاهدا الى استشراف افاق المرحلة الجديدة بذات الطيش الذى عرف به متشبثا باهداب فلسفته الرعناء التى اوردت خيله موارد الضياع . فالوضع الاستثنائى الذى تعيشه بلادنا على مختلف الصعد لا ينبئ الا بالمزيد من القتامة فى ظل هيمنة مؤسسة الاقلية الجهوية على زمام الامور فها هو نظام السودان يتصدر قائمة الانظمة الفاشلة وما يزال راس نظامه ينادى فى العالمين باسوا دكتاتور فى عصرنا الحالى فلا حاجة اذﴽ لزرف الدموع فالبلاد باسرها اصبحت ساحة تعرض على فضاء مسرحها مشاهد من تراجيديا الموت البطئ .
الفشل الذى يتهدد بلادنا لم يكن وليد الصدفة بل هو نتيجة حتمية و صيرورة منطقية لاخفاقات واخطاء جسيمة تراكمت عبر السنين لانظمة فاسدة فاقدة لاية شرعية ظلت تتدافع بلا هوادة نحو السلطة وتتزاحم على محرابها . وفى ظل هذا التنافس المحموم على السلطة وغياب سلطة الرقابة الوطنية لمصالح البلاد العليا اصبح كيان الدولة عرضة للانزلاق نحو التمزق والضياع .
دور مؤسسات الرقابة الدولية
من ناحية اخرى يجدر بنا ان نحتفى بمؤسسات الرقابة الدولية المحايدة ونشيد بشفافية ﺁلاياتها فى التعاطى مع قضايا الشعوب وفساد الانظمة . حيث لم يقتصر دور هذه المنظمات على رمزية الاحتجاج الصامت ولم تعد حياديتها محل اتهام . خرجت هذه المؤسسات عن طوق التبعية ونبذت الارتهان الى اﻵخر وراء ظهورها وغدت قوية وممتنعة على كل اشكال الغواية المادية والسياسية للقوى العالمية الكبرى . وبالنتيجة اصبحت هذه المنظمات كيانات مستقلة ترمق سلوكيات الانظمةالقمعية بعيون فاحصة وترصد اخطائها بل تستحثها على نبذ العنف واعتماد الاصلاح السياسى مكانه .
وغنى عن القول ان المتغيرات السياسية الكبرى فى سماء منطقتنا الافريقية لم تلهم قادة النظام السودانى للتعاطى بمسؤولية مع ملف قضية دارفور وبدلا عن انتهاج خطة واعية لتلطيف الاجواء الملتهبة لجا النظام الى استعداء المجتمع الدولى بتعنته ورعونة سياساته المتبعة ، ولم يكن مستعدا لتفهم هواجس المجتمع الدولى بل يقابل كل ذلك بالمزيد من التعنت وفساد الحجة واعوجاج المنطق وسقط القول ظنا منه ان بذلك سوف يقلل من وتيرة السجال مع المجتمع الدولى ويتمكن بالنتيجة من اطالة امد بقاءئه فى السلطة حتى اشعار اخر.
دور الشريك
وبما ان المحددات الاطارية لاتفاقية نيفاشا جعلت الحركة الشعبية لتحرير السودان شريك مساو فى نظام مايسمى بحكومة الوحدة الوطنية الا انه عمليا من غير اليسير تحديد ذلك على ارض الواقع فلا شئ يفيد تغير سلوك النظام لصالح مستقبل البلاد بل على النقيض تماما بدا النظام كما لو انه استفاد من الغطاء السياسى الجديد بتمرير الاعبيه القذرة والاحتفاظ باليد العليا وفصل الخطاب فى كل شئ . ابتداءﴽ استطاع النظام وباحترافية بالغة اضطرار شريكه الغض طرى العود الى ركن قصى وضيق عليه نطاق المناورة وارغمه على الانكفاء على الذات بعد خلق الظرف السياسى والنفسى لكبح ارادته الثورية الوثابة وتمكن تباعا بالتواطؤ مع قوى غوغائية اخرى على دحض رؤيته حول مشروع السودان الجديد ذلك الحلم الذى طالما دغدغت شعاراته امال الملايين من ابناء الشعب السودانى وزرع فى نفوسهم امالا نحو واقع جديد يعمل على تكريس مفهوم التداول السلمى للسلطة .
تاريخ العنف السياسى
لم يكن تاريخ العنف السياسى بالبلاد مرتبط بميلاد الفكرالاصولى للاسلاميين السودانيين وما كان الاسلاميون هم اول من سن سياسة الاقصاء على اساس الدين او العرق او الجهة لكن شيوع خطاب العنف السياسى المرتبط بالدين والمغلف بالنرجسية العرقية والمبطن بالتعصب الجهوى يؤول للاسلاميين وحدهم دون سواهم . شكلت سياساتهم نقطة تحول خطيرة فى النسيج العضوى للمكونات الاجتماعية والثقافية لاهل السودان فالتسامح الذى جبل عليه السودانيون عبر امتداد التاريخ اوشك على النضوب وكذا الحال ببقية السجايا النبيلة التى ميزت الشخصية السودانية وجعلتها محل احترام وتبجيل . فلا عجب حال التواصل الثقافى والاجتماعى بين الناس فى تراجع مستمر امام تيار العنف المتزايد ويتضح ذلك من تنامى ظاهرة المعايرة العرقية عبر اثير الوسائط الاعلامية . بفضل هذه العوامل مجتمعة استطاع نظام الجبهة من احكام السيطرة على مفاصل السلطة واقصاء خصومه من مواقع الدولة المختلفة ولم يكتف بذلك فحسب بل قطع على نفسه امر ملاحقة المناؤئين والتنكيل بهم وهذا الاخير ما يفسر سر الاعتداء الغاشم على اهالى دارفور . وعلى ذات الجبهة تفنن النظام فى ايذاء شريكه الحاضر الغائب الحركة الشعبية لتحرير السودان وما يزال يمشى بالفتنة بين قيادات الحركة الشعبية عامدا الى احداث الوقيعة ، فربما لم يدر بخلده ان قيادات الحركة عصية على الاختراق امينة على المبادئ وكالعهد بهم سيبطلون بمضاء ايمانهم كل اراجيف النظام وسيقطعون بيقظتهم ايادى الفتنة الخلفية الممتدة الى كل شبر فى ارض الجنوب .
ارادها النظام حربا جنوبية جنوبية ثم ما لبث بعد ان ترائ له فشل ما رما اليه عرج الى ابيى واثار النار من تحت الرماد الا ان حرص ابناء المنطقة على التعايش السلمى اهدر على النظام فرصة ثمينة كانت كفيلة بترجيح كفته .
كيفية الخروج من هذه الدوامة
الخروج من هذه الدوامة المتارجحة يتم فقط من خلال تنسيق وتضافر جهود كل القوى الناهضة والبديلة ولا يكتمل ذلك الا بالتواضع على تشكيل وصياغة واقع جديد للسودان . واقع مخملى يستوعب كل الفعاليات السياسية والثقافية لفسيفساء الكيان السودانى ويصون العقد الاجتماعى لشعوب السودان قاطبة ولا شك ان حركة العدل والمساواة السودانية تاتى فى مقدمة تلك القوى الناهضة لم لها من خواص مميزة لجهة ادارة دفة البلاد الى بر الامان . رغم ما يثار حولها من ناعم الكلام وفظه ورغم محاولة البعض ربطها جزافا بالمشروع الاسلامى فان حركة العدل والمساواة بقيادة زعيمها الدكتور خليل ابراهيم مرشحة بقوة للقيام بدور محورى فى مساعى اعادة الامن والاستقرار لدارفور . و لم تكن جماهيرية الحركة ولا قوتها العسكرية يوما على المحك كما ظن المرجفون فهى الان قوية برجالها محصنة بسلاحها ومعززة بجماهيرها ولن يستطيع احد ان يعيق حركة الجماهير الكبيرة من استلهام شعارات الثورة واعتناق مبادئها.
بقى ان نذكر ان اللقاء الذى جرى بين قيادات الحركة ووفد الحركة الشعبية بالاراضى المحررة كان بمثابة ضربة البداية لمارثون المليون ميل وستتبعه سلسلة من اللقاءات والمشاورات على اعلى المستويات . وربما ارادت الحركة الشعبية بهذه المبادرة ان تستعطف قيادات حركة العدل والمساواة حول احداث العاشر من مايو حيث كان موقف الحركة متصلبا وقريب من العداوة المباشرة .
لا ندرى ما الذى حمل الحركة الشعبية على تبنى ذلك الموقف ربما فعلت ذلك مداهنة حتى لا يجرفها سيل الانتقام الجارف انذاك . مهما كانت الدوافع يقينى ان التقارب الوشيك بين قيادات الحركتين سيفتح المجال لخطوة هائلة فترقبوا معى
ادم على/هولندا
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة