صوت من لا صوت له وطن من لا وطن له
الصفحة الرئيسية  English
المنبر العام
اخر الاخبار
اخبار الجاليات
اخبار رياضية و فنية
تقارير
حـــوار
أعلن معنا
بيانات صحفية
 
مقالات و تحليلات
بريـد القــراء
ترجمات
قصة و شعر
البوم صور
دليل الخريجين
  أغانى سودانية
صور مختارة
  منتدى الانترنت
  دليل الأصدقاء
  اجتماعيات
  نادى القلم السودانى
  الارشيف و المكتبات
  الجرائد العربية
  مواقع سودانية
  مواضيع توثيقية
  ارشيف الاخبار 2006
  ارشيف بيانات 2006
  ارشيف مقالات 2006
  ارشيف اخبار 2005
  ارشيف بيانات 2005
  ارشيف مقالات 2005
  ارشيف الاخبار 2004
  Sudanese News
  Sudanese Music
  اتصل بنا
ابحث

مقالات و تحليلات English Page Last Updated: Jul 11th, 2011 - 15:37:55


العشب أكثر اخضراراً علي الجانب الآخر من السياج(4) بقلم/ عبد العزيز عثمان سام
Nov 27, 2008, 03:08

سودانيزاونلاين.كوم Sudaneseonline.com

ارسل الموضوع لصديق
 نسخة سهلة الطبع

العشب أكثر اخضراراً علي الجانب الآخر من السياج(4)

                    بقلم/ عبد العزيز عثمان سام- الخرطوم/ نوفمبر 2008م

   أعتذر لقراء هذه السلسلة لانقطاعها لفترة طويلة نسبياً، وذلك لأسباب خارجة عن الإرادة، فضلاً عن أن الكتابة، مجرد الكتابة، من داخل السودان في مثل الظروف التي نعيشها من زحام مبرر وغير مبرر في الدوام اليومي هو ضربٌ من الاستحالة، طالما أن الكتابة تتطلب شيئاً من الخلوة والهدوء، وهو ما لا نتطلعُ إليه إلاَّ لواذاً.

  في هذا الجزء الرابع من السلسلة سأتناول ملاحظاتي حول استغلال المركز لأبناء الهامش في ارتكاب الفظائع وتدمير بنية المجتمع، تحت العنوان التالي:

المركز يُدمِّر الهامش بأبنائه: دارفور نمـوذجاً.

 المركز المُهيمِن علي ثروة الدولة السودانية وسُلطتها وجهاز الدولة ومؤسساتها، المركز المُزيِف لهوية الدولة السودانية والفارض لثقافته علي الجميع وإعادة إنتاجهم فيه، المركز الذي يتصرف في مكونات الدولة تصرف المالك مُتَّبعاً سياسة قوامها الخدمات والتنمية مقابل الولاء والتبعية، ظل هذا المركز المُستعمِر للشعب السوداني يَحكُم ويتحكّْم ويُكرِس نفوذه ويوطِّد سطوته من خلال تجنيد واستغلال أبناء الهامش السوداني في الجنوب والشرق والغرب والوسط واستخدامهم كأسوأ ما يكون الاستخدام والاستغلال لتثبيت أركان سلطته وتدمير بنية المجتمع، وضرب بؤر الوعي والمقاومة والكفاح التي ظلت تنمو وتكبر وتزدهر في هوامش الدولة السودانية ضد سياسات المركز..

 فكيف وإلي أي مدي ساعد أبناء الهامش في تنفيذ سياسات المركز الرامية إلي استغلال موارد الهامش وتحقير مكوناته وقِيَمِه وتهميش مقدراته وقمع وإبادة من يناهض أو يقاوم تلك السياسات؟ وسأتناول هذا الموضوع مُتّخِذاً من دارفور نموذجاً، لأنني مُطّلِعٌ علي نماذج حية من الاستغلال والتوظيف، ومتوافرٌ علي معلومات مهمة وشخوص من أبناء دارفور الذين ظل المركز يستخدِمهم، كالواقي، في محاربة القوي التحررية المناهضة لتدمير الوطن بوضعه خارج سياق الدولة المستقلة وتغريبه عن إطاره الإقليمي ومكونه الديموغرافي ومجموعته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.

 ورغم أن الجميع يعلمون مسيرة ومصب هذا الاستغلال والتوظيف المُدمِر ولكن يجمُل تناول الأمر من خلال عناوين جانبية محددة مرتبطة بفترات زمنية أو أحداث سياسية علي النحو التالي:

داخل التنظيمات السياسية المركزية منذ خروج المستعمر الأجنبي:

ظلت أحزاب المركز التي تدّعِي تحقيق الاستقلال، تستغِل أبناء الهامش وتحديداً دارفور أسوأ استغلال دون مقابل، حيث مارس حزب الأمة أبشع أنواع العبودية السياسية ضد أهل دارفور، مُستغِلة في ذلك التاريخ النضالي لأهل دارفور مع أسلاف المُستغِلين من قادة حزب الأمة عبر تاريخه الطويل، وظل هذا الحزب يمارس العبودية السياسية والاستغلال العاطفي ضد بعض أهل دارفور الذين لم يستفِيقوا بعد من أثر شعارات مُشبَّعة بمخِِدر الدين والجهاد التي ظل يرفعها أحفاد الإمام المهدي عليه  السلام فارضين أنفسهم محاور للتماسك العاطفي لجموع الأنصار الكادحين عبر برامج هلامية معدومة الملامح لإقامة دولة العنقاء والغول، وقد استمر التخدير لما ينيف عن نصف قرن من الزمان وما زال، وظل أبناء دارفور الذين نالوا قسطاً من المعرفة، يعملون كل جهدهم ويبذلون الغالي لإرضاء السادة أبناء السادة(مؤخراً دخل إلي دائرة التبجيل والإرضاء والسيادة بعض السيدات الفضليات من آل البيت).. ولا يفوت علي الفِطنة رمزية لفظ (سيد)، وتباً لأُمّْة يُصنَّف شعبها إلي سادة وعبيد!! فلو كان المنحدرين من سلالة الإمام المهدي عليه السلام هم (السادة) بحيث لا يكون من الأدب واللياقة وربما الدين أن يُنطق أو يُكتب اسم أحدهم إلاَّ مسبوقاً بكلمة(السيد)، فما هي الكلمة التي يجب أن توضع أمام أسماء بقية الأتباع من سكان البلد ؟ وهل عاش الإمام المهدي سيداً أرستقراطياً مُرفَّهاً ومُبجَّلاً كما يفعل أحفاده الآن ؟ وهل يستقيم في دولة المواطنة تقسيم المواطنين إلي سادة وغير سادة ؟ وعلي الضِفَّة الأخرى من النهر سادة من نوع آخر، سيدهم يسمي(شريفاُ) وعلي الجميع أن يقدموا لأسماء السادة هناك بكلمة الشريف ونحوه، وماذا يكون حال بقية البشر وما هو عكس الشريف؟ الوضيع مثلاً ؟ وهل منكم من يعتقد أن شعباً تَشكَّل وجدانه علي تصنيف الناس هكذا إلي سادة وشرفاء وعبيد ووضيعين يستطيع أن يبني مجداًً أو يحقق حُلماً ؟ مثل هذا الشعب المُقيّد والمُقعَد بخرافات هلامية وقيود من صُنع المُستغِلين عملاء المستعمر الأجنبي لن يتقدم قيد أنمُلة. ومعلوم أن أكثر أبناء الشعب السوداني التزاماً بشرائع السادة والأشراف هم الذي نالوا تعليماً عالياً وتجربة عملية، يخطبون وُدَّ الأسياد والأشراف رجاء الوزارة والسفارة مقابل هذا الولاء، ولعق الأحذية طاعةً والتزاماً بما يأمر به السيد والشريف، ثم، أن أعلم أفادك الله، أن خطورة مُعضِلة السيادة والشرف مقابل العبودية والوضاعة، إذا لم يتم حسمه وكنسه الآن، سيستمر ويبقي ما بقي الشمس والقمر في رحلتهما بين المشرقِ والمغرب. فأنت سيد يعني ابنك سيدٌ وبنتك سيدة، وأنت علي الطرف المقابل لست سيداً أو شريف، لن تًنجِبَ من صُلبِكَ سيداً أو شريفاً، ويجب عليك معرفة قيمتك ومقامك وموقعك من الإعراب. فيجب إن شئناً أن نعيش أحراراً ونذر من أصلابنا أحراراً أن نقضيَ علي هذه الظاهرة القبيحة القديمة المستمرة والخروج من مستنقعه الآسن.

هذا الوضع وهذه العلاقة هي التي جلبت كل المآسي السابقة والحالية، لأن نظام الحكم في الدولة السودانية قد قام علي هذين المجموعتين بعلاقاتهما المُريبة بالجماهير، قوامها التأكيد علي سيادة السادة والأشراف، ويفهم بالمخالفة للنص، تأكيد الوضاعة والعبودية لجماهير شعبنا الطيب، علاقة تقوم علي الإشارة وتنتفي فيها قيم النقد والرأي الآخر والمعارضة والمحاسبة، علاقة معيارها الأوحد هو الإشارة برغبة السيد أو الشريف، وبالمقابل الطاعة المطلقة لرغباتهم. وحتماُ مزاج السيد ورغبته لا تمُتُ إلي نبض الجماهير بصِلة، لأن قضايا الجماهير في البلد مرتبطة بالرفاهية التي قوامها، الحرية والخدمات والمشاركة وفي حكم البلاد والتوزيع العادل للثروة ومشاكل الإقصاء الثقافي وتعريف هوية الدولة السودانية، ومكافحة ثالوث الموت (الفقر والجهل والمرض).. وهل مُخَّيلة السادة/الشرفاء ووجدانهم مكوَّن ومُشكّل علي الإحساس بهذه القضايا التي تنبض بها قلوب الجماهير، بمعني، هل يفهم السيد والشريف ما تعنيه هذه الكلمات التي تشكل الثالوث المُرعِب؟

أمَا آن الأوان لأبناء الهامش وبخاصة دارفور الذين ما زالوا يدينون بالولاء والانتماء لهؤلاء السادة/ الأشراف أن يفيقوا من غفوة ذلك المُخدِر طويل المفعول، وأن ينتظِموا في مؤسسات تُؤمِّن لهم التعبير عن رؤى ومصالح وتطلعات المجتمعات التي أنجبتهم؟ وأن يتدرجوا تنظيمياً بقدر الالتزام والعطاء الذي يقدمونه، وفق معايير موضوعية يتساوى فيها الجميع، من كل حسب عطاءه ولكل حسب جهده ؟ بدلاً من العبودية السياسية التي تعتمد معيار الولاء للسيد/ الشريف واستلطافه، وهل يعتقد أبناء الهامش المنضويين تحت تنظيمات المركز أنهم يعملون في مناخ تنظيمي يمكنهم من إدراج مصالح أهلهم والتعبير عنها ووضعها في خارطة الأجندة السياسية لتنظيماتهم؟ الإجابة بالنفي المُطلَق وأضرب أمثلة علي ذلك:

1) حزب الأمة: عندما عاد (السيد) زعيم حزب الأمة إلي أرض الوطن بعد اتفاق جيبوتي، الذي يعلم هو وشيعته دون سواهم من جماهير الحزب بنوده ومكاسبه لجماهير الحزب وعامة الشعب السوداني، نادي جماهير وقيادات الحزب في الهامش السوداني، دارفور وكردفان والجزيرة والنيل الأبيض والشرق، بإعادة بناء الحزب علي قواعد تنظيمية حديثة وديمقراطية حقيقية، ولما شعروا مكر السيد وإصراره علي جعل الحزب شركة خاصة لأسرته، انتفضوا وخرجوا عليه في مؤتمر سوبا/ الخرطوم يوليو 2002م حيث ذهب نُوَّار الحزب وشبابه في تنظيمهم الجديد للإصلاح والتجديد وتركوا السيد وأسرته وبعض الشيوخ الذين منعهم الحياء والعُشرة الطويلة من الخروج في مشروع الإصلاح والتجديد، ومنذ ذلك اليوم انتفي ما عرف عبر التاريخ بحزب الأمة القومي، والآن تزخر سجلات مسجل الأحزاب والتنظيمات السياسية بعددٍ وافر من الأحزاب المسجلة باسم الأمة، وظلت القيادة التاريخية التي شاخت تمارس السياسية في أضيق نطاق وتكتفي بالنقد الجارح والسخرية من التنظيمات الناهضة ببرنامج السودان الجديد الذي سيُبنَي علي أنقاض الأحزاب البالية، كما لم تكُف تلك القيادة الهرِمة عن قذف سهام النقد الهدّام ضد أي تحرك سياسي يُؤَمِّن لجماهير الشعب الخروج من قمقم السادة والأشراف، فاتفاق السلام الشامل 2005م عنده ثنائي يجب أن يُعمَم، واتفاق سلام دارفور2006م قد ولد ميتاً، وهلم جرا، ولم يبرأ من سياط نقده غير اتفاق التراضي الوطني الموقَّع بين السيِّد والمؤتمر الوطني، وقليل من يعلم محتوي ومعنى ذلك (الاتفاق).. واتفاق التراضي في نظر الأغلبية العظمي، هي وثيقة لإسكات السيد إرضاءه نفسياً، وثمن لما تلي ذلك من أنشطة وتصريحات ومشاركات قام بها السيِّد لمظاهرة ودعم التنظيم الحاكم، فهنيئاً للسيِّد بالتراضي، ويهُم الناس أن يكون السيد سعيداً بما أنجز في جيبوتي والخرطوم، ونأخذ علي الوثيقتين، بمنهج السيّد طبعاً، الثنائية والمفاجئة ولم تشتملا علي أية حقوق عامة أو التزامات، وتفتقر تماماً إلي آليات وجداول تنفيذ، ولا يُعلم فوائدها المباشرة لجماهير الحزب، أو إضافة واضحة لمحتويات الدستور القومي الانتقالي أو الاتفاقيات المبرمة، فهي إذاً مصنوعة خصيصاً لإسكات السيد والشيعة، ومخرجاً له للالتحاق بركب القطار الذي قال فيه ما لم يقله أحداً في أحد، وقد أفلح أصحاب القطار فألقموه الاتفاق فأوقفوا سياط نقده، وقد تحقق للمؤتمر الوطني ما أراد مجاناً، إذاً هو سياسة الاحتواء وقد نجحت مع السيد.

 يهُمني، لدواعي الاتساق مع الموضوع دور أبناء دارفور في هذا الحزب، الأمة العتيق، الذي نما لحم أكتافه من خير دارفور وتراكم تجربته السياسية بثقل جماهيري قوامه دارفور وكردفان وبقية الهامش التعيس، هل هم راضون عما يحدث هناك ؟ وماذا يضيف ما أنجزه حزبهم حتى الآن لقضايا الجماهير التي أنجبتهم وهي تعاني الموت والإبادة كل يوم، وما هي رؤيتهم لحل المسألة الجنائية في دارفور ولمن ينعقد الاختصاص؟ للمحكمة الجنائية الدولية، أم للقضاء الوطني ولماذا ؟ نريد أن نسمع رأيهم أما رأي السيد فقد عُلِم.

2) حزب المؤتمر الوطني وسلطة الإنقاذ: هو تنظيم الجبهة الإسلامية، وقد ظلت تغيِّر اسمها كل يوم لأنها تلبس لكل زمن لباس، ويتميز بالحكم المُطلق، ولا يعترف بالآخر ولا يقبله، ولا يؤمن بالديمقراطية ولا بالتداول السلمي للسلطة، يبطش بالخصوم لأقصي الحدود باسم الدين، يعتمد التنظيم علي أبناء الهامش (دارفور بالأخص) في تنفيذ أهدافه المخالفة للقانون، مثال ذلك الحرب الجهادية الفظيعة في جنوب السودان (2,5 مليون قتيل)، ومليشيا الجنجويد آلة الموت والإبادة في دارفور(نصف مليون قتيل).. هذا التنظيم يشكِّل المثال الأوضح لاستغلال أبناء دارفور لتدمير بلدهم وأهلهم، واضرب أمثلة علي ذلك:

1- كل الحكام والولاة والمحافظين والضباط برتب عالية من أبناء دارفور، الذين أُسنِدَ إليهم إدارة ولايات الإقليم والعمل في محيطه منذ يونيو1989م قدَّمُوا أسوا التجارب الإدارية، ويذكر الناس جيداً دور جميع أبناء دارفور الذين أَسنَد إليهم الإنقاذ مهام إدارية في دارفور، هم وليس سواهم من دمّر إقليم دارفور بالوكالة عن المركز، وأوصلوه للوضع الراهن، والعرض مُستمِر.. ولكن لماذا ؟ لأنهم، أقصد أبناء دارفور، يُقبلون بدور تنفيذ ما يأمُر به سادتهم في الخرطوم، هم سكرتارية مُطِيعَة لأوامر رب العمل (المركز) لا يخرجون من حظيرة أوامره ولا يجتهدون ولا يتوانون في تلبية رغبات المركز، وأصغر ضابط (جلابي) في دارفور يأمُر أكبر والي ولاية فيها، وحتماً عليه طاعته، لأن الوالي مجرد سكرتير يُنفِذ ما تأمر به الخرطوم حرفياً دون اعتراض أو تأخير، لذلك يجد المُتابِع لكشف اتهام المحكمة الجنائية الدولية يعجّ بأبناء دارفور ويشكِلون الغالبية.

2- هذا التنظيم يحلِل ويُحرِّم باسم الدين وفق المصلحة، والكذب مباح عندهم، ويُعمِلونَ قاعدة الإنكار المطلق في أشياء ثابتة وواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار.

3- تنظيم ميكافيلي المنهج، الغاية عندهم تبرر الوسيلة، وأنموذج منقطع النظير في نقض المواثيق والعهود وعدم الالتزام بالوفاء، وأبناء دارفور في الإنقاذ هم المِعوَل الذي يُهدم به كل القِيَم، والأمثلة حية ومعلومة وماثلة ولا نحتاج إلي ضربِها.

4- في مفاوضات سلام دارفور انجمينا/تشاد، أبوجا/نيجيريا 2003-2006م، ظل الوفد الحكومي يشمل في أغلبيته أبناء دارفور، فالذين كانوا يفاوضون ثوار المقاومة المسلحة هم أبناء دارفور، والذين كانوا يقاومون حقوق دارفور المشروعة في السلطة والثروة والخدمات والتنمية والثقافة والهوية والحقوق التاريخية والمعالجات الأمنية التي تُؤمِّن سلامة أهل دارفور من ممارسة التطهير العرقي والإبادة الجماعية هم أبناء دارفور، وظل رئيسهم (ابن المركز) يحضَر فقط الاجتماعات العامة لأغراض الظهور الإعلامي والتمويه بحسن سير المفاوضات رغم تعسُرِها أو تعسِيرها بواسطة أبناء دارفور في وفده، وفي مرحلة تنفيذ الاتفاق وحتى بعد مصفوفة الفاشر سبتمبر 2008م ظل أبناء دارفور في المؤتمر الوطني أكثر تسويفاً ومماطلة وتحريفاً للنصوص المُبرمة لتوِها، ويمكنكم تخيُل الحالة النفسية التي يعيشونها، عقدة الذنب قد بلغ منهم مبلغاً، والحِقد والحسد علي إخوتهم الثوار يُعمِي بصائرهم، أن يتحقق الخير علي أيديهم، لذلك يعاكسون ويفجُرون في الخصومة والحنث بيمين العهد وميثاق الالتزام.

5- عندما فشل في احتواء أبناء الهامش عبر مؤسسات المجتمع المدني عمَد (الإنقاذ) إلي إصابة المجتمع الأهلي في مقتل باحتواء وتسييس الإدارة الأهلية وتفريغها من محتواها الطبيعي، وإسناد أدوار معلوماتية وأمنية وسياسية وبخاصة في دارفور، ورأي الناس لأول مرة ما عُرف بهيئات الشورى القبلية ومقارها الخرطوم وهي أجسام صنعها الإنقاذ لاختراق النسيج القبلي وتمزيقه وتطويعه للمركز، ولو كانت هذه الهيئات القبلية مُهمة وتعمل لمصلحة المجتمعات الأهلية لكان الأجدر بالإنقاذ إيجادها وتأسيسها في مناطقها وقبائلها، أليست لهم قبائل ؟

6- إثارة الفتنة القبلية بين مكونات المجتمع في دارفور، فتجد أن أول عبارة يبدأ بها احدهم الحديث حول دارفور، هو القول بان ما يجري في دارفور هو صراع بين الرعاة والمزارعين، والحقيقة أن هذا الصراع هو من صنع المركز، فكيف تنفض الدولة يدها عن شح الموارد وتتخلي عن معايش الناس كأن الأمر لا يهمها، وربنا سبحانه وتعالي اشترط لعبادته الإطعام من الجوع والأمان من الخوف ليوجب علي العباد عبادته وإتباع تعاليمه.

لن أتتبع مآخذ أبناء دارفور في بقية أحزاب المركز، وتعلمون أن الأمر في حزب المؤتمر الشعبي أسوأ، فالتنظيم في مُجمله يقوم علي أبناء الهامش وبخاصة دارفور، لا يَمَلَّون خدمة أهداف وبرامج تنظيم عالمي يتصل بالغلو الديني والتطرف، ولا فرق بين (المؤتمرين)، فالمدرسة الفكرية واحدة والإبادة والتطهير في الجنوب عبر الحروب الجهادية مسئولية مشتركة وكان التنظيم واحداً، والخلاف بينهم ليس علي مبدأ أو منهج، خلافهم علي كرسي الرئاسة وسباق علي إبادة الشعب السوداني وقمعه وإذلاله والتنكيل به، هم يتنافسون علي ذلك، وجهان لعملة واحدة وشيخهم الذي أتي بهم واحد وهو حيٌّ يُرزَق.  

هذا هو العُشب الملوث بالذل والدم وشرف الحرائر الذي ظل يعْلَفهُ أبناء دارفور مقابل ما يقدمونه للمركز من خدمات مُجرَّمة قانوناً، ونعلمُ يقيناً أن العُشب أكثر اخضراراً علي الجانب الآخر من السياج، حيث الضمير لا يؤنبهم علي ما يفعلون، وحيث الرأي الحُر والتساوي في المقامات، وحيث الناس في الحُكمِ والسلطة يسهرون لخير الوطن والمواطن وتحقيق كرامته وحريته وصولاً لحُلم الرفاهية غاية كل دولة ووطن، وحيث يتساوى الجميع في الحقوق والواجبات علي المواطنة، حيث لا هيئات شوري قبلية لإدخال قبائل الهامش في بيت طاعة المركز، حيث مكافحة التعالي العرقي وفرض الثقافة الواحدة واللغة الواحدة علي الجميع، حيث الاقتسام العادل للسلطة والثروة، حيث حرية التعبير والتنظيم، وحيث حماية الشعب وإسعاده لا قتله وإذلاله، حيث سيادة حكم القانون واستقلال الأجهزة العدلية لا استغلالها، حيث الحكم الرشيد القائم علي الشفافية والمحاسبة، وحيث التنمية والخدمات حق وليس مقابلاً للولاء الديني والسياسي، وحيث الحكومة خادمة الشعب لا سيدها، وأخيراً حيث كتابة تعريف واقعي لهوية الدولة السودانية. هناك سيجد أبناء دارفور وعموم الهامش السوداني المُصْطَلِي بنار العبودية السياسية وتنفيذ أجندة المركز القذرة مقابل حفنة من المال العام والوظيفة العامة، سيجدون أن العُشبَ أكثر اخضراراً وانفع للصحة وأنضر للحياة، وأضمنُ لرضاء الله عز وجلّ يوم لا ينفع مال ولا بنون.

(وإلي عشب آخر أكثر اخضراراً حول: الهلال والمريخ، الأسمنت الذي يربط نسيج المجتمع السوداني)                                 


© Copyright by SudaneseOnline.com


ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

أعلى الصفحة



الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات و تحليلات
  • تشارلز تيلور يكتب من لاهاي هاشم بانقا الريح*
  • تنامي ظاهرة اغتصاب الاطفال ...! بقلم / ايـليـــا أرومــي كــوكــو
  • مؤتمر تمويل التنمية/د. حسن بشير محمد نور - الخرطوم
  • بين مكي بلايل والعنصرية والحركة الشعبية /الطيب مصطفى
  • قالوا "تحت تحت" الميرغنى ماااااا "داير الوحدة"/عبد العزيز سليمان
  • الصراع الخفي بين إدارة السدود والمؤتمر الوطني (4-12) بقلم: محمد العامري
  • قواعد القانون الدولى المتعلق بحصانات رؤساء وقادة الدول/حماد وادى سند الكرتى
  • هل يصبح السيد مو ابراهيم حريرى السودان بقلم: المهندس /مطفى مكى
  • حسن ساتي و سيناريو الموت.. بقلم - ايـليـا أرومـي كـوكـو
  • الجدوي من تعديل حدود اقليم دارفور لصالح الشمالية/محمد ادم فاشر
  • صلاح قوش , اختراقات سياسية ودبلوماسية !!؟؟/حـــــــــاج علي
  • أبكيك حسن ساتي وأبكيك/جمال عنقرة
  • نظامنا التعليمي: الإستثمار في العقول أم في رأس المال؟!/مجتبى عرمان
  • صندوق إعادة بناء وتنمية شرق السودان .. إنعدام للشفافية وغياب للمحاسبة /محمد عبد الله سيد أحمد
  • )3 مفكرة القاهرة (/مصطفى عبد العزيز البطل
  • صاحب الإنتباهة ينفث حار أنفاسه علي باقان: الصادق حمدين
  • جامعة الخرطوم على موعد مع التاريخ/سليمان الأمين
  • ما المطلوب لإنجاح المبادرة القطرية !؟/ آدم خاطر
  • الجزء الخامس: لرواية للماضي ضحايا/ الأستاذ/ يعقوب آدم عبدالشافع
  • مبارك حسين والصادق الصديق الحلقة الأولى (1-3) /ثروت قاسم
  • ماذا كسبت دارفور من هذه الحرب اللعينة !!/آدم الهلباوى
  • الأجيال في السودان تصالح و وئام أم صراع و صدام؟؟؟ 1/2/الفاضل إحيمر/ أوتاوا
  • النمـرة غـلط !!/عبدالله علقم
  • العودة وحقها ومنظمة التحرير الفلسطينية بقلم نقولا ناصر*
  • المختصر الى الزواج المرتقب بين حركتى العدل والمساواة والحركة الشعبية لتحرير السودان /ادم على/هولندا
  • سوداني او امريكي؟ (1): واشنطن: محمد علي صالح
  • بحث في ظاهـرة الوقوقـة!/فيصل على سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر
  • سقوط المارد إلى الهاوية : الأزمة مستمرة : عزيز العرباوي-كاتب مغربي
  • قمة العشرين وترعة أبو عشرين ومقابر أخرى وسُخرية معاذ..!!/حـــــــــــاج علي
  • لهفي على جنوب السودان..!! مكي المغربي
  • تعليق على مقالات الدكتور امين حامد زين العابدين عن مشكلة ابيي/جبريل حسن احمد
  • طلاب دارفور... /خالد تارس
  • سوق المقل أ شهر أسواق الشايقية بقلم : محمدعثمان محمد.
  • الجزء الخامس لرواية: للماضي ضحايا الأستاذ/ يعقوب آدم عبدالشافع
  • صاحب الإنتباهة ينفث حار أنفاسه علي باقان أموم/ الصادق حمدين
  • رحم الله أمناء الأمة/محجوب التجاني
  • قصة قصيرة " قتل في الضاحية الغربية" بقلم: بقادى الحاج أحمد
  • وما أدراك ما الهرمجدون ؟! !/توفيق عبدا لرحيم منصور
  • الرائحة الكريهة للإستراتيجي بائتة وليست جديدة !!! /الأمين أوهاج – بورتسودان
  • المتسللون عبر الحدود والقادمون من الكهوف وتجار القوت ماشأنهم بطوكر /الامين أوهاج