صوت من لا صوت له وطن من لا وطن له
الصفحة الرئيسية  English
المنبر العام
اخر الاخبار
اخبار الجاليات
اخبار رياضية و فنية
تقارير
حـــوار
أعلن معنا
بيانات صحفية
 
مقالات و تحليلات
بريـد القــراء
ترجمات
قصة و شعر
البوم صور
دليل الخريجين
  أغانى سودانية
صور مختارة
  منتدى الانترنت
  دليل الأصدقاء
  اجتماعيات
  نادى القلم السودانى
  الارشيف و المكتبات
  الجرائد العربية
  مواقع سودانية
  مواضيع توثيقية
  ارشيف الاخبار 2006
  ارشيف بيانات 2006
  ارشيف مقالات 2006
  ارشيف اخبار 2005
  ارشيف بيانات 2005
  ارشيف مقالات 2005
  ارشيف الاخبار 2004
  Sudanese News
  Sudanese Music
  اتصل بنا
ابحث

مقالات و تحليلات English Page Last Updated: Jul 11th, 2011 - 15:37:55


هل تم تحويل مدينة ابيى من مديرية بحر الغزال الي مديرية كردفان فى عام 1905؟ /د.امين حامد زين العابدين
Nov 27, 2008, 02:29

سودانيزاونلاين.كوم Sudaneseonline.com

ارسل الموضوع لصديق
 نسخة سهلة الطبع

 

هل تم تحويل مدينة ابيى من مديرية بحر الغزال

الي مديرية كردفان فى عام 1905؟

 

                                                                 د.امين حامد زين العابدين

                                                                الولايات المتحدة الامريكية 

 

"خضع كل من نقوك والحمر العرب لصلاحيات مديرية كردفان أثناء فترة الحكم التركي المصري وفترة حكم الدولة المهدية ."

 د.فرانسيز دينج ،حرب الرؤى. الطبعة الانجليزية

Francis Deng; Wars of Vision: Conflicts of Identities in Sudan (1995)p.262

 

 

 

افتتاحية :-

 

 

يفتقر تاريخ جنوب كردفان ومنطقة ابيى الي المصادر والوثائق الكافية التى تساهم في رسم الصورة الكاملة لتاريخ المنطقة. ونجم عن ذلك اختلاف الآراء في تفسير بعض المسائل الهامة التى تتناول تاريخ المنطقة مثل تحديد تاريخ وصول نقوك الي شمال بحر العرب وجنوب كردفان والمديرية التي كانت تتبع لها مدينة ابيى قبل الغزو الاستعماري البريطانى للسودان. وعادة ما يلجأ المؤرخون لاكمال المعرفة التاريخية في المسائل التي تعوزها الوثائق الى منهج طرح الاسئلة الصحيحة والاستعانة بالوثائق القليلة المتناثرة لربط الاحداث واستنتاج بعض الحقائق التى يدعمها التحليل المنطقي وتنال القبول تبعاً لذلك الي حين ظهور وثيقة او معلومة جديدة تؤكدها أو تستوجب تغييرها.

وقدمنا فى الحلقة السابقة من كتاب قيد النشر بعنوان "ازمة أبيى والتحكيم الدولى"* محاولة للاجابة على سؤال: هل تزامن وصول دينكا نقوك مع المسيرية الي أبيى فى القرن الثامن عشر ؟ ونقدم فيما يلى محاولة للاجابة على السؤال موضوع  هذا الفصل وهو: هل تم تحويل مدينة ابيى من مديريةبحر الغزال  الى مديرية كردفان فى عام 1905 ؟

 

 

 

يحدث في كثير من الاحيان ان يكون لدي قطاع واسع من السكان في مجتمع ما اعتقاد يقيني في فكرة معينة واعتبارها حقيقة مطلقة لا تقبل الجدال، مما ينجم عن تنفيذها الحاق الاذي والضرر ببعض فئات المجتمع واثارة النزاع والكراهية. فمعرفة الحقيقة اصعب مما يفترضه معظم الناس ، واصرار فئة منهم بأنهم  يحتكرون الحقيقة هو دعوة للكارثة والدمار كما قال الفيلسوف برتراند رسل.  1 ومن أمثلة هذه الاعتقادات الفاسدة الاعتقاد الذي ساد في اوروبا الي القرن الثامن عشر بضرورة وشرعية حرق أي امرأة تتهم  بأنها ساحرة ، والاعتقاد في تقليد sati       الذي يتم بمقتضاه حرق الارملة كما كان سائداً في الهند الي منتصف القرن التاسع عشر، واعتقاد سكان الولايات الجنوبية في امريكا الشمالية في القرن التاسع عشر بصحة مؤسسة الرق واستعباد وملكية بعض  البشر واصرارهم علي الاحتفاظ بملكية الرق حتي لو اضطرهم ذلك الي خوض حرب ضد الحكومة الفدرالية بهدف الانفصال والاستقلال عنها. كما كان هناك اعتقاد جازم لدي البشر الي القرن السادس عشر بثبات ومركزية الارض ودوران الشمس وبقية الكواكب حولها. ويمكن ان نضيف الي هذه الامثلة ، مع ملاحظة الفرق و اعتبارالظروف التاريخية ، تعريف بروتوكول أبيي لمنطقة أبيي بأنها المنطقة التي حولت من مديرية بحر الغزال الي مديرية كردفان في عام 1905 .

  لقد أدي اعتماد لجنة خبراء مفوضية حدود أبيي علي هذه الفكرة الخاطئة كمقدمة أساسية الي الوصول الي نتائج خاطئة واصدار قرار ترسيم الحدود الذي نجم عنه خلاف حاد ونشوب نزاع مسلح  بين المسيرية ودينكا نقوك في أوقات متقطعة  في الفترة ما بين ديسمبر والي مايو 2008  وذلك قبل تنفيد القرار. سنطرح في هذا الفصل فكرة أساسية مفادها ان منطقة أبيي قد كانت في اطار الحدود الجغرافية لمديرية  كردفان منذ عهد الحكم التركي لاثبات بطلان وخطأ دعوي البروتوكول  بأن منطقة أبيي قد حولت من مديرية بحر الغزال الي مديرية كردفان في عام 1905 وبالتالي النتيجة الاستنباطية التي تقود اليها وهي ان منطقة أبيي قد كانت ضمن اراضي مديرية بحر الغزال قبل و في عام 1905

  يعتبر بروتوكول أبيي الذي تم توقيعه في 26 مايو 2004 من أبرز سلبيات اتفاقية السلام الشامل2  لتناقضه مع بروتوكول مشاكوس والمواثيق الدولية التي تحرص على تأمين سيادة وصيانة وحدة اراضي الدولة. وكان من الضروري تجنب حدوث هذا الخلل الأساسي الذي أثبتت الأحداث أنه يهدد بنسف اتفاقية السلام، وذلك بعدم اقحام قضية أبيي في المفاوضات بعد أن حسم بروتوكول مشاكوس أمرها وذلك بابعاد سكان منطقة أبيي ,  جنوب النيل الأزرق وجبال النوبة من استفتاء تقرير المصير بحكم وجودهم في الحدود الجغرافية لشمال السودان والتي حددها البروتوكول لما كانت عليه في 1/1/1956 بعد أن نال السودان استقلاله.

          تمت صياغة البروتوكول بواسطة المبعوث الأمريكي جون دانفورث على عجل وبدون وضع اعتبار للحقائق التاريخية المعروفة الامر الذي جعله يفسح المجال للتأويلات المختلفة وذلك بعد تعثر المفاوضات وعدم تقدمها بسبب عدم اتفاق الاطراف حول كيفية حل مشكلة ابيي. عرف البروتوكول منطقة أبيي في المادة الأولى فقرة 2 على أنها منطقة مشيخات دينكا نقوك الي حولت إلى كردفان في سنة 1905 ونص في المادة الخامسة على تأسيس مفوضية حدود أبيي بهدف تحديد وترسيم منطقة مشيخات دينكا انقوك التسعة التي حولت إلى كردفان في سنة 1905 (3)

ويكمن خطأ هذا التعريف في ان منطقة ابيي لم تحول في حقيقة الامر من مديرية بحر الغزال الي مديرية كردفان بسبب ايلولة ملكيتها وتبعيتها الي مديرية كردفان في عهد الحكم التركي والدولة المهدية بحكم وقوعها في شمال بحر العرب الذي يعتبر الحدود الطبيعية الفاصلة بين المديريتين منذ تلك الفترة. ويعزي هذا الخطأ الي الصياغة المتسرعة للبروتوكول واغفاله العنصر الاساسي الذي لن يكتمل تعريف المنطقة بدونه وهو حقيقة ان الحدود بين المديريتين هي الحدود الطبيعية المتمثلة في بحر العرب او نهر كير الذي يقع جنوبا بالنسبة لكردفان وشمالا بالنسبة لمديرية بحر الغزال حسبما كان معلوما لقبائل المسيرية ودينكا بحر الغزال.

ولم يذكر المبعوث الامريكي في تعريفه للمنطقة حقيقة ان بحر العرب هو الحدود الفاصلة بين المديريتين لادراكه ان هذه الحقيقة ستثبت خطأ دعواه بان منطقة ابيي قد حولت من بحر الغزال الي كردفان لان وقوعها في شمال بحر العرب يجعلها بالضرورة  في اطار الحدود الجغرافية لمديرية كردفان . وأكد نعوم شقير في كتابه الشهير عن جغرافية وتاريخ السودان الصادر في 1903 حقيقة ان بحر العرب او نهر كير هو الحدود بين مديريتي  بحر الغزال وكردفان ، كما اشارت اليها التقارير السنوية للمديريتين خلال السنوات من 1902 الي 1905 . 4 . وقال بروفسورروبرت كولينز في دراسته القيمة عن جنوب السودان في عهد الدولة المهدية: "بحر العرب هو الحدود الجنوبية للبقارة العرب وهو احد روافد بحر الغزال ويتدفق غربا الي الشرق ويشكل حاجزا طبيعيا بين الشمال العربي المسلم والجنوب الزنجي الوثني...كما يعتبر بحر العرب الحدود الشمالية لمديرية بحر الغزال ويحدها من الشرق النيل الابيض وجنوبا خط العرض 6 درجة شمال وغربا فاصل الكونغو- النيل"5 .كما ذكر د. جراي ان المستنقعات والروافد الغربية لبحر الغزال في جنوب بحر العرب قد كانت تحد اراضي قبائل البقارة الشرسة والواسعة الانتشار. 6 . وأشار هندرسون الي بحر العرب " كحاجز بين دينكا بحر الغزال والعرب وساهم في تحسين العلاقات بين دينكا نقورك والحمر"7 .وتنعكس حقيقة وقوع أبيي في اطار الحدود الجغرافية لمديرية كردفان قبل الغزو الانجليزي الاستعماري في عام 1898 فيما ذكره د. فرانسيز دينغ بقوله " خضع كل من دينكا نقوك والحمر لصلاحيات مديرية كردفان اثناء فترة الادارة التركية المصرية." 8 . وأكد هذه الحقيقة في كتابه حرب الرؤي عندما قال :" خضع كل من نقوك والحمر العرب لصلاحيات مديرية كردفان أثناء فترة الحكم التركي المصري و فترة حكم الدولة المهدية." 9

   وتجدر الاشارة الي ان سلطات الحكم الثنائي قد حافظت علي نظام الحكم المحلي والحدود الادارية الداخلية وعواصم المديريات التي كانت سائدة في عهد الحكم التركي، واستمر اطلاق اسم مديرية علي الاقليم والمدير علي حاكم المديرية واستمد الحاكم العام وظائفه مباشرة من وظائف الحكمدار العمومي في العهد التركي.10 ولم تحدد سلطات الادارة البريطانية الوضع الاداري للمنطقة جنوب بحر العرب ولم تتخذ أي اجراء لترسيم حدودها بعد ان تمت اضافة مديرية بحر الغزال الي مديريات السودان الستة في يناير 1902 علي اثر نجاح الكولونيل سباركز في القضاء علي محاولات  بلجيكيا لضم بحر الغزال الي مستعمراتها في افريقيا 11. اذ تم اخطار الحاكم العام ونجت باستحالة تثبيت حدود المديريات بشكل دائم قبل اجراء مسح منظم ومعرفة الحدود القبلية وسهولة ترسيم الحدود علي طول النهر. 12

    ويبدو ان السلطات الاستعمارية قد كانت تفكر في البداية باعتبار العامل الاثني وانتشار المجموعة القبلية النيلية كمعيار لترسيم الحدود بين بحر الغزال وديار المسيرية في جنوب كردفان ، الا انهم استبعدوا ذلك وقرروا الحفاظ علي الوضع الراهن باعتماد الحدود الطبيعية التي تفصل بين بحر الغزال وديار المسيرية منذ القدم لاعتبارات معينة من ضمنها:

(أولاً)   قلة أعداد دينكا نقوك الذين استقروا في شمال بحرالعرب(يفترض أقل بكثير من عددهم في 1956 الذي كان 30 ألف نسمة) وعودتهم الموسمية إلى موطنهم الأصلي في قوقريال حتى مايو بسبب العوامل المناخية ولوجود المقر التاريخي لزعمائهم في منطقة ميثانق التي تقع علي بعد 50 ميل من الضفة الجنوبية لبحر العرب.

 

(ثانياً)       توقعت الإدارة البريطانية أن تكون نتيجة ترسيم الحدود على أساس قبلي والذي سيترتب عليه انتقال المنطقة التي يسكن فيها دينكا نقوك شمال بحر العرب إلى جنوب السودان، تذمروغضب المسيرية الذين يعتبرون كل المناطق التي تقع شمال بحر العرب والمتاخمة لمديرية بحر الغزال تابعة لهم مما يؤدي إلى زوال روح التعاون والإخاء التي نشأت بين المسيرية ودينكا نقوك واحتمال نشوب الاضطرابات وعدم الاستقرار الذي حرص الانجليز على تجنبه بقدر الإمكان في بداية حكمهم للسودان. كما رأت الإدارة البريطانية أن روح العدالة والأنصاف تقتضي المعاملة المتساوية بين المسيرية والدينكا، فكما لا يحق للمسيرية الذين يتجولون بماشيتهم في بعض مناطق جنوب السودان في بعض المواسم، ويعتقدون ان المنطقة التي يقع فيها ضريح زعيمهم ابو نفيسة في جنوب بحر العرب هي الحدود الجنوبية للمسيرية ، المطالبة بملكية بعض المناطق في جنوب السودان ، كذلك لا يمكن لدينكا نقوك الذين اضطرتهم الظروف مؤخراً للهجرة إلى شمال بحر العرب واستقرارهم بجوار المسيرية الذين استضافوهم في ديارهم المطالبة بملكية المناطق التي استقروا فيها وضمها إلى الحدود الجغرافية لجنوب السودان.

واشار هندرسون في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي الي استحالة ترسيم حدود موقع مشيخات دينكا نقوك في شمال بحر العرب وضمهم الي اقليم اخر علي اساس قبلي. 13

   لم تكن لهجرة دينكا نقوك من بحر الغزال واستقرارهم في منطقة ابيي ، التي تعتبر من مناطق نفوذ المجموعات الاثنية الشمالية الرعوية والمستقرة في تلك الجهات منذ القرن الثامن عشر وما قبل ذلك ، اي اثر في وضع ملكية المنطقة كوحدة جغرافية تتبع الى اقليم شمال السودان ومديرية كردفان . ويعني ذلك ان منطقة ابيي لم تتبع او تؤول كملكية الى مديرية بحر الغزال في اي وقت قبل الغزو الانجليزي الاستعماري للسودان لانها لا تقع في اطار الحدود الجغرافية لاقليم جنوب السودان . وبدأت سلطات الادارة البريطانية النظر في وضع دينكا نقوك في جنوب كردفان والذين ينتمون للقبائل النيلية في جنوب السودان بعد ان تمكنت من استعادة مديرية بحر الغزال الى الأراضي الاقليمية للسودان في عام 1902 . واتضح لهم ان حقيقة استقرارهم كأقلية ضئيلة وسط الاغلبية الساحقة للمجموعات الاثنية الشمالية المستوطنة في جنوب كردفان تقتضي من ناحية العدالة والانصاف ان تكون تبعيتهم الادارية وايلولة ملكية منطقة ابيي كوحدة جغرافية الى مديرية كردفان رغم ان لهم حقوق الدار للاستيطان في أراضي  المنطقة التى تملكها حكومة السودان بحكم  حقوق السيادة عليها .

واكدت الادارة البريطانية هذا الرأي  فى القرار الذي اصدرته في عام 1905 والقاضي بان تؤول ملكية belong  موطن السلطان اروب زعيم دينكا نقوك على نهر كير او بحر العرب والشيخ ريحان شيخ التويج الى مديرية كردفان 14 . وتثبت صيغة القرار ان منطقة ابيي لم تكن اصلا ضمن مديرية بحر الغزال حيث ذكر كلمة  belong  اي أيلولة وتبعية بالملك ولم يذكر كلمة transfer  اي تحويل ونقل التى اقحمها خطأ بروتوكول ابيي في معرض تعريفه لمنطقة مشيخات دينكا نقوك التسعة في المادتين الاولى والخامسة .

     وبما ان اعادة ترسيم الحدود هي الملازم الضروري لتحويل اراضي منطقة معينة من مديرية الي اخري،فان عدم وجود اي وثيقة او خريطة توضح ان الادارة البريطانية قد قامت بتحديد الحدود بين مديريتي كردفان وبحر الغزال منذ الغزو الاستعماري تثبت بما لايدع  مجالا للشك بان منطقة ابيي التي تقع في شمال بحر العرب واستقر فيها جزء من مشيخات دينكا نقوك قد استمرت في اطار الحدود الجغرافية لمديرية كردفان كما كانت منذ عهد الحكم التركي. ويثبت ذلك خطأ وبطلان تفسير البروتوكول لقرار عام 1905 بانه قد نص علي تحويل ابيي من مديرية بحر الغزال الي مديرية كردفان. وأكد ذلك اعتراف لجنة الخبراء بعدم وجود وثائق كافية توضح بصورة قاطعة الوضع الاداري للمنطقة في عام 1905 وانها عجزت عن تحديد المنطقة التي حولت من بحر الغزال الي كردفان. ولم تعثر اللجنة علي الخرائط والوثائق المطلوبة لسبب بسيط وهو انه لم يتم تحويل منطقة ابيي، التي كان يسكن فيها جزء من اعضاء دينكا نقوك، من مديرية بحر الغزال الي كردفان في عام 1905.

   كانت حقيقة انتشار دينكا نقوك بين مديرية بحر الغزال و مديرية كردفان العامل الاساسي وراء اصدارقرار 1905 بشان ايلولة ملكية موطنهم الي مديرية كردفان.ويمكن اعادة تركيب ذهني للمقدمة والخطوات المنطقية التي قادت سلطات الحكم الثنائي الي اصدار هذا القرار العادل لحقوق مديريتي كردفان وبحر الغزال والمسيرية ودينكا نقوك كما يلي:

1    المقدمة او المسلمة الاساسية: بحر العرب او نهر كير هو الحدود الطبيعية الفاصلة بين مديرية كردفان ومديرية بحر الغزال.

2  المسلمة الثانوية: استقرار بعض مشيخات دينكا نقوك في منطقة ابيي التي تقع في اطار الحدود الجغرافية لمديرية كردفان ودار المسيرية بحكم وقوعها في شمال بحر العرب و أغلبيتهم في منطقة ميثانق ديل في جنوب بحر العرب حيث يقع مقر السلطان اروب.

3   ضرورة الحفاظ علي الوضع الراهن للحدود الادارية الداخلية بين المديريات واهمية تجنب التعقيدات والمشاكل التي تنجم عن تقسيم القبيلة الواحدة بين المديريتين حيث يخضع جزء منها لصلاحيات مديرية والجزء الاخر لصلاحيات مديرية اخري.

4 النتيجة:   بما ان جزء من دينكا نقوك قد استقروا في منطقة ابيي ويفضلون استمرار بقائهم في مديرية كردفان،يجب عليهم نتيجة لذلك الموافقة والرضا بأيلولة ملكية اراضي ومنطقة موطنهم في شمال بحر العرب الي مديرية كردفان الي جانب خضوعهم كأشخاص للصلاحيات الادارية لمديرية كردفان.(يجب التنبيه هنا علي ضرورة التمييز بين الارض التي تقع فيها مدينة ابيي واستمرار أيلولة ملكيتها الي مديرية كردفان والاشخاص الذين يمثلهم دينكا نقوك وتم ضمهم ونقلهم كأشخاص الي صلاحية مديرية كردفان بحكم استقرارهم في اراضيها.اذ ان التأكيد علي  هذا التمييز بين الارض والاشخاص يوضح ان الضم والتحويل يشير الي الاشخاص فقط ولا علاقة له البتة بالارض التي تقع في اطار الحدود الجغرافية لمديرية كردفان.)

5    من مزايا القرار ان بقاء الحدود الادارية بين مديريتي كردفان وبحر الغزال كما كانت عليه من قبل دون اي تغيير يتيح لاعضاء دينكا نقوك الذين استقروا في جنوب بحر العرب ومديرية بحر الغزال  الاحتفاظ بملكية مناطقهم مثل ميثانق ديل وغيرها رغم خضوعهم كأشخاص للصلاحيات الادارية لمديرية كردفان الامر الذي يفسح المجال لأعضاء المشيخات الذين استقروا في ابيي ومديرية كردفان للرجوع للاستقرار مع اخوانهم في الاراضي التي يملكونها في مديرية بحر الغزال والانضمام للمجموعات الاثنية النيلية في جنوب السودان في المستقبل ان ارادوا ذلك.

 

   ويعزى قرار الإدارة البريطانية بتبعية الشؤون الإدارية لدينكا تويج لمديرية كردفان إلى عدة عوامل مثل عدم اكتمال بنية الهيكل الإداري لمديرية بحر الغزال وقلة عدد الموظفين حيث كان هناك مأموراً واحداً فقط لكل جنوب السودان في عام 1903 ، إضافة إلى عدم استتباب الأمن والاستقرار بعد قيام دينكا عقار بقيادة ميانق ميتثانق بتمرد ضد السلطات الإستعمارية في رمبيك في عام 1902، والذي أعقبه تمرد دينكا أتوت(15) وتعكس هذه الحقيقة أن طبيعة القرار المذكور قد كانت إدارية بحتة ولا علاقة له بوضع أراضي دينكا تويج الكائنة في بحر الغزال .وتم تحديد دينكا نقوك في قرار التبعية لمديرية كردفان دون سائر المجموعات الإثنية التي استوطنت في منطقة أبيي منذ القدم بسبب انتمائهم لقبائل جنوب السودان النيلية ولتأكيد ان استقرارهم كأقلية وسط سكان كردفان يستلزم خضوعهم من ناحية الإشراف الإداري إلى صلاحيات المديرية التي يسكنون فيها وسلطات مديرها اضافة الى ايلولة ملكية المنطقة الى مديرية كردفان .

          وقاد الافتراض الخاطئ في بروتوكول ابيي بأن منطقة أبيي الحالية قد كانت في إطار الحدود الجغرافية لمديرية بحر الغزال وحولت إلى كردفان في سنة 1905 حسبما ورد في تعريف منطقة أبيي إلى تضمين البروتوكول لخطأ آخر وهو منح سكان منطقة أبيي حق الاستفتاء حول استمرار وضع أبيي الحالي في الشمال او أن تكون جزءاً من بحر الغزال وجنوب السودان. وتتناقض فكرة استفتاء سكان ابيي مع بروتوكول مشاكوس الذي نص علي اقتصار حق الاستفتاء علي تقرير المصير علي سكان جنوب السودان فقط. كما كان ينبغي علي المسئولين الامريكيين الذين صاغوا البروتوكول توخي العدل وتعريف ابيي مؤقتاً بأنها الموقع الذي يسكن فيه حالياً دينكا نقوك الي حين تكليف مفوضية حدود ابيي لتحديد الموقع الحقيقي لابيي في عام 1905 عندما تم اصدار القرار بأيلولة ملكيتها الي مديرية كردفان.فان تم الامر كذلك،فقد كان من المتوقع وصول اللجنة بعد التقصي والبحث التاريخي الي حقيقة وقوع ابيي في اطار اراضي مديرية كردفان منذ الحكم التركي المصري ،بحكم وقوعها في شمال بحر العرب،واستبعاد التعريف الذي فرضه البروتوكول منذ البداية وقبل التأكد من الحقائق بأن أبيي قد حولت من مديرية كردفان الي مديرية بحر الغزال والذي قاد الي اقحام فكرة الاستفتاء في البروتوكول والتي سيقود استبعادها بعد معرفة الحقيقة الي انسجام بروتوكول ابيي مع بروتوكول مشاكوس واتفاقية الاجراءات الامنية.

 

والتزم بروتوكول مشاكوس بمتطلبات القانون الدولي في هذا الشأن وذلك باسقاط سكان أبيي من المشاركة في استفتاء تقرير المصير. وحاول بروتوكول أبيي تجاوز عقبة القانون الدولي بمنح حق تقرير مصير ثانوي إلى سكان منطقة أبيي بمعزل عن تقرير المصير الأساسي الذي منحته الاتفاقية لسكان الجنوب. ونجح بفضل هذه الحيلة من احتمال أن يؤدي حق الاستفتاء الذي منحه لسكان المنطقة إلى النتيجة التي سعى بروتوكول مشاكوس إلى تجنب حدوثها وهي تغيير حدود شمال السودان الموروثة من الاستعمار بعد تفتيت وحدة أراضيه باقتطاع منطقة أبيي وضمها إلى جنوب السودان. وسعي البروتوكول لتأمين تحقق هذه الغاية بالاعتراف أن الحدود بين الشمال والجنوب الموروثة من الاستعمار غير قابلة لللانتهاك وتسريب النقيض لمبدأ اوتي بوسيديتيس في نفس الوقت بالتلميح بصورة مبهمة بان حكومة السودان قد وافقت علي انتهاك مبدأ قدسية الحدود بين الشمال والجنوب بقبولها فكرة استفتاء سكان ابيي. 16 ولا نعتقد ان بروتوكول ابيي قد افلح في استبعاد مبدأ اوتي بوسيديتيس لحسم النزاع حول مشكلة ابيي لعدم وجود اي مادة في البروتوكول تنص علي ان المادة الخاصة بمبدأ اوتي بوسيديتيس الواردة في البروتوكول تعلو علي او تلغي المواد المختصة بمبدأ قدسية الحدود الموروثة من الاستعمارالتي وردت في بروتوكول مشاكوس واتفاقية الاجراءت الامنية(أى عدم وجود أى اشارة الى مسألة التعارض ما بين النصوص) مما يعني سريان مفعول مبدأ اوتي بوسيديتيس علي مجمل الاتفاقية لأن بروتوكول مشاكوس هو الاطار العام والاساسي الذي بنيت عليه كل البروتوكولات اللاحقة مما يستلزم تعديل بروتوكول ابيي لازالة ورفع هذا التناقض.  

.

          وتجاهل بروتوكول أبيي باقحامه الخاطئ لمبدأ اوتي بوسيديتبس في المادة 8 فقرة 3 حقيقة أن دخول عامل تقرير المصير في بروتوكول مشاكوس قد استوجب طبقاً لأحكام القانون الدولي بأن يتم تنفيذ مبدأ اوتي بوسيتيديس الذي ينص على قدسية الحدود الموروثة من الاستعمار وعدم مساسها أو تغييرها وأن القانون الدولي ومواثيق منظمة الوحدة الافريقية قد نصت على علو وأولوية مبدأ اوتي بوسيتيديس حين اصطدامه بحق تقريرالمصير لكي تتم صيانة وحدة اراضي الدولة التي يحميها القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. ولذلك فقد كان من الضرورى  ان لايتم تطبيق  استفتاء تقرير المصير  الذى منح لسكان جنوب السودان بشكل اخر(حق الاستفتاء او تقرير مصير ثانوي)  على منطقة ابيى  التى يحميها القانون الدولى  بحكم  وقوعها  فى الاراضى   الاقليمية  لشمال السودان منذ 1/1/1956.

 

    لم يجا نب الصواب تعريف بروتوكول اببي  لمنطقة ابيي بانها المنطقة التي تم تحويلها من مديرية بحر الغزال الي مديرية كردفان في عام 1905 استنادا علي الافتراض ا لخاطئ بوقوع المنطقة قبل ذلك في اراضي مديرية بحر الغزال . وحاولنا في هذا الفصل تقديم حجة مضادة لتعريف البروتوكول تستند علي الحقيقة التاريخية التي ذكرها المؤرخون الثقاة مثل نعوم شقير،غراي وروبرت كولينز بان كل المناطق التي تقع شمال بحر العرب قد كانت في اطار الحدود الجغرافية لمديرية كردفان لان بحر العرب (نهر كير ) هو الحدود الفاصلة بين المديريتين منذ القرن التاسع عشر مما يعني وقوع ابيي في اطار الحدود الجغرافية لمديرية كردفان قبل صدور قرار عام 1905، اضافة الى الحقيقة التى أكدها القانونى والأكاديمى الثبت د.فرانسيز دينج والتي تفيد بخضوع نقوك والمسيرية الى صلاحيات مديرية كردفان فى فترتى الحكم التركى والمهدية.

   ونأمل أن تتعرض هذه الاطروحة للفحص والنقد الصارم ومحاولة العثور علي أي ثغرات ونقاط ضعف بها من قبل المختصين والقراء. وسيكون صمود هذه الاطروحة امام النقد المنهجي القاسي دليل علي صحتها ومنافستها لحجة البروتوكول حول وضع أبيي في عام 1905 مما يستلزم استبعاد الحجة التي تعتقد أن أبيي قد حولت من مديرية بحر الغزال الي مديرية كردفان لانها باطلة وغير صحيحة. وحسب رأي الفيلسوف كارل بوبر ،لابد من تفضيل نظرية علي أخري من منظور البحث عن الحقيقة " اذ يمكننا ان نفضل بعض النظريات المتنافسة  علي نظريات أخري علي أسس عقلانية خالصة واستنادا علي مبادئ تحكمها فكرة الحقيقة ...اذ اننا نريد نظريات صحيحة ولهذا السبب نحاول استئصال واقصاء النظريات الزائفة والباطلة." 17

 

 *جميع حقوق الطبع والاقتباس محفوظة للمؤلف 

 

الهوامش

 

1-B.Russel; Unpopular Essays (London, 1950)p.176

2- لمزيد من التفاصيل عن اتفاقية نيفاشا أنظر:د.أمين زين العابدين، اتفاقية السلام الشامل وخلفية الصراع الفكرى، دار جامعة الخرطوم للنشر 2007.

3-Abyei Protocol.Articles1.2 and 5.

4-Abyei Boundaries Commission Report; July 2005. p.17

6-R.Collins; The Southern Sudan 1883-1898 (Yale University Press,1962)p.4

6-R.Gray; A History of southern Sudan 1839-1889(Oxford University Press,1960)p.9

7-K.D.Henderson, “The migration of the Misseria into southwest Kordofan” 22Sudan Notes and Records,pt.1 (1939) p.54

8-F.Deng; Dynamics of Identification (Khartoum University Press,1973)p.48

9-F.Deng; War of Visions:conflict of identities in Sudan(Washington D.C,1995)p.262

10-R.Hill; Egypt in the Sudan (Oxford University Press,1959)p.167

11M.Daly; Empire on the Nile (Cambridge University Press,1986)p.72

12-Ibid

13-“It might be remarked here that the position of the  Ngok Dinka as a buffer friendly state between Humr and Bahr el-Ghazal has proved of such value for the preservation of good feeling and the prevention of friction that apart from the impossibility of drawing a boundary it would be political mistake to transfer them on racial grounds to another province.”  K.D.Henderson, “Note on History of Western Kordofan Baggara” January 1935.SAD 660/11/165. Quoted in Abyei boundaries commission report.p.24

14-Sudan Intelligence Report.No.128,March,1905.

15- كان الهاجس الرئيسي للسلطات الإستعمارية في العقدين الأولين من القرن العشرين -تحقيق الإستقرار وقمع حركات التمرد، كما لم يكن للحكام أي دراية بلغات وثقافة سكان الجنوب وعدم رغبتهم في صرف أي مبالغ مالية وتوفير الكوادر البشرية اللازمة لترسيخ الحكم والإدارة في الجنوب. M. Daley,op-cit.pp.135,140,397.                                                                    

16-Abyei Protocol. Art.8.3

17-K.Popper; “The problem of induction” in ed.D.Miller, Popper selection (Princeton University Press,1985)p.112.See also K.Popper,Conjectures and Refutations (London,1965)


© Copyright by SudaneseOnline.com


ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

أعلى الصفحة



الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات و تحليلات
  • تشارلز تيلور يكتب من لاهاي هاشم بانقا الريح*
  • تنامي ظاهرة اغتصاب الاطفال ...! بقلم / ايـليـــا أرومــي كــوكــو
  • مؤتمر تمويل التنمية/د. حسن بشير محمد نور - الخرطوم
  • بين مكي بلايل والعنصرية والحركة الشعبية /الطيب مصطفى
  • قالوا "تحت تحت" الميرغنى ماااااا "داير الوحدة"/عبد العزيز سليمان
  • الصراع الخفي بين إدارة السدود والمؤتمر الوطني (4-12) بقلم: محمد العامري
  • قواعد القانون الدولى المتعلق بحصانات رؤساء وقادة الدول/حماد وادى سند الكرتى
  • هل يصبح السيد مو ابراهيم حريرى السودان بقلم: المهندس /مطفى مكى
  • حسن ساتي و سيناريو الموت.. بقلم - ايـليـا أرومـي كـوكـو
  • الجدوي من تعديل حدود اقليم دارفور لصالح الشمالية/محمد ادم فاشر
  • صلاح قوش , اختراقات سياسية ودبلوماسية !!؟؟/حـــــــــاج علي
  • أبكيك حسن ساتي وأبكيك/جمال عنقرة
  • نظامنا التعليمي: الإستثمار في العقول أم في رأس المال؟!/مجتبى عرمان
  • صندوق إعادة بناء وتنمية شرق السودان .. إنعدام للشفافية وغياب للمحاسبة /محمد عبد الله سيد أحمد
  • )3 مفكرة القاهرة (/مصطفى عبد العزيز البطل
  • صاحب الإنتباهة ينفث حار أنفاسه علي باقان: الصادق حمدين
  • جامعة الخرطوم على موعد مع التاريخ/سليمان الأمين
  • ما المطلوب لإنجاح المبادرة القطرية !؟/ آدم خاطر
  • الجزء الخامس: لرواية للماضي ضحايا/ الأستاذ/ يعقوب آدم عبدالشافع
  • مبارك حسين والصادق الصديق الحلقة الأولى (1-3) /ثروت قاسم
  • ماذا كسبت دارفور من هذه الحرب اللعينة !!/آدم الهلباوى
  • الأجيال في السودان تصالح و وئام أم صراع و صدام؟؟؟ 1/2/الفاضل إحيمر/ أوتاوا
  • النمـرة غـلط !!/عبدالله علقم
  • العودة وحقها ومنظمة التحرير الفلسطينية بقلم نقولا ناصر*
  • المختصر الى الزواج المرتقب بين حركتى العدل والمساواة والحركة الشعبية لتحرير السودان /ادم على/هولندا
  • سوداني او امريكي؟ (1): واشنطن: محمد علي صالح
  • بحث في ظاهـرة الوقوقـة!/فيصل على سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر
  • سقوط المارد إلى الهاوية : الأزمة مستمرة : عزيز العرباوي-كاتب مغربي
  • قمة العشرين وترعة أبو عشرين ومقابر أخرى وسُخرية معاذ..!!/حـــــــــــاج علي
  • لهفي على جنوب السودان..!! مكي المغربي
  • تعليق على مقالات الدكتور امين حامد زين العابدين عن مشكلة ابيي/جبريل حسن احمد
  • طلاب دارفور... /خالد تارس
  • سوق المقل أ شهر أسواق الشايقية بقلم : محمدعثمان محمد.
  • الجزء الخامس لرواية: للماضي ضحايا الأستاذ/ يعقوب آدم عبدالشافع
  • صاحب الإنتباهة ينفث حار أنفاسه علي باقان أموم/ الصادق حمدين
  • رحم الله أمناء الأمة/محجوب التجاني
  • قصة قصيرة " قتل في الضاحية الغربية" بقلم: بقادى الحاج أحمد
  • وما أدراك ما الهرمجدون ؟! !/توفيق عبدا لرحيم منصور
  • الرائحة الكريهة للإستراتيجي بائتة وليست جديدة !!! /الأمين أوهاج – بورتسودان
  • المتسللون عبر الحدود والقادمون من الكهوف وتجار القوت ماشأنهم بطوكر /الامين أوهاج