(كلام عابر)
نصف قرن على الكارثة
تحل علينا الذكرى الخمسون لوقوع أول إنقلاب عسكري وقيام أول نظام عسكري في السودان بقيادة الفريق ابراهيم عبود القائد العام للجيش السوداني آنذاك، فقد وقع الإنقلاب صبيحة يوم 17 نوفمبر 1958م قبل ساعات من بداية انعقاد الدورة البرلمانية الجديدة وأنهى بذلك التجربة الديموقراطية الأولى الوليدة في السودان ، وأدخل ذلك الإنقلاب ثقافة الخروج على الشرعية الدستورية داخل وخارج المؤسسة العسكرية، فتوالت ولم تتوقف الإنقلابات والإنقلابات المضادة و محاولات الإنقلابات، التي استهلكت أكثر من أربعين سنة من عمر الدولة السودانية بعد الاستقلال ، وكان نصيب نظام عبود منها ست سنوات، في حين أن عمر التجارب الديموقراطية الثلاث مجتمعة لا يبلغ عشر سنوات. وتميزت بلادنا خلال ذلك بأنها البلد الوحيد في بلدان العالم الثالث ،والذي كان مسرحا للإنقلابات العسكرية، التي يكتسب فيها الإنقلاب العسكري اسم "الثورة" بعد حدوثه، وليس انقلاب 17 نوفمبر استثناء من تلك القاعدة رغم أنه تم بعلم أو بتحريض من بعض أركان السلطة السياسية القائمة آنذاك ، وفي جميع الأحوال فهي "ثورة" محسوبة ومحسومة النتائج لأنها معركة بين "ثائر" مسلح و"عدو" أعزل لا يملك من أسباب الدفاع عن نفسه سوى شرعيته الدستورية.
مثل انقلاب نوفمبر خيبة أمل عريضة وصدمة كبيرة لأن البلاد كانت في مطلع سنوات الإستقلال تتطلع للمستقبل وتستشرف الآفاق الجديدة التي لم تتضح معالمها وكانت موعودة بالريادة والتميز على نطاق القارة الأفريقية فقد حصل السودان على استقلاله قبل كل البلدان الأفريقية ، وفاقم النظام العسكري الجديد من الوضع المتأزم في جنوب البلاد ليصبح منذ ذلك الحين أم المشاكل والهموم.
إنقلاب 17 نوفمبر 1958 كارثة قومية حقيقية لم يتعافى منها الوطن أبدا وما زالت تداعيتها مستمرة ومتلاحقة إلى يومنا هذا رغم مرور خمسين عاما على وقوعها.
قبل الختام:
قال محمد حسنين هيكل: شهدت أوباما يتحدث ذات مرة فرأيت فيه مزيجا من الداعية والمفكر والمبشر، وكان لافتا للنظر.
(عبدالله علقم)
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة