صوت من لا صوت له وطن من لا وطن له
الصفحة الرئيسية  English
المنبر العام
اخر الاخبار
اخبار الجاليات
اخبار رياضية و فنية
تقارير
حـــوار
أعلن معنا
بيانات صحفية
 
مقالات و تحليلات
بريـد القــراء
ترجمات
قصة و شعر
البوم صور
دليل الخريجين
  أغانى سودانية
صور مختارة
  منتدى الانترنت
  دليل الأصدقاء
  اجتماعيات
  نادى القلم السودانى
  الارشيف و المكتبات
  الجرائد العربية
  مواقع سودانية
  مواضيع توثيقية
  ارشيف الاخبار 2006
  ارشيف بيانات 2006
  ارشيف مقالات 2006
  ارشيف اخبار 2005
  ارشيف بيانات 2005
  ارشيف مقالات 2005
  ارشيف الاخبار 2004
  Sudanese News
  Sudanese Music
  اتصل بنا
ابحث

مقالات و تحليلات English Page Last Updated: Jul 11th, 2011 - 15:37:55


شعب خيِّر لا يستاهل إلا الخير 5/5/ الفاضل إحيمر/ أوتاوا
Nov 15, 2008, 20:40

سودانيزاونلاين.كوم Sudaneseonline.com

ارسل الموضوع لصديق
 نسخة سهلة الطبع

شعب خيِّر لا يستاهل إلا الخير 5/5

خاتمة

                                                          الفاضل إحيمر/ أوتاوا

 

يقول الناس عنا و نقول عن أنفسنا أننا شعبٌ مولعٌ بالســـياسة مشغوفٌ و مفتون بها لحد الوله و الإدمان، نتحدث أو "نرغي" كما يقول "جيراننا" عنها و حولها و فيها بلا انقطاعٍ و دون كللٍ أو ملل. ذلك شرفٌ ندعيه، بدون "لا"،  و تهمة لا ننكرها و قولٌ و حكمٌ لا يخلو من الصحة و إن كان محتاجاً لقدرٍ من التأطير و التحليل و التفسير. فسَّر البعض ذلك بأننا شعب "عوَّاي" و ما "سوَّاي" و أن في حياتنا قدراً من الفراغ لا نجد ما نملأه به سوى "طق الحنك" المجاني. تفسيري المتواضع لذلك، و الذي لا أشك أن الكثيرين قد سبقوني إليه و إلى ما هو أسلم منه و أقيم، هو أننا من جهةٍ و بالمقارنة بالعديد من الشعوب، كتلك التي لا يدري فيها مرشحٌ لثاني أعلى منصبين في الدولة هل أفريقيا قارة أم دولة، شعبٌ مثقفٌ سياسياً على الأقل إن لم يكن بالدراسة فبالمتابعة و الممارسة و الإهتمام. من جهة أخرى فإن حبنا للسياسة و انشغالنا الشديد بها ضربٌ من ضروب التعبيرعن حبنا لوطننا و إحساسنا  بعمقٍ بانتماءآتنا العرقية و العقائدية التي تتعدى حدود الوطن، و كذلك تفاعلنا الصادق كشعبٍ طيبٍ و خيِّرٍ مع  قضايا شعوب بعيدة عنا لا يربطنا بها رابط مباشر أينما كانت و بغض النظر عمن هي أو ما تتعرض له من معاناة مصدرها الطبيعة أو تصاريف الزمان و جور الإنسان على أخيه الإنسان. لا يعني ذلك أن حبنا للسياسة و ممارستنا لها، حتى كتعبيرٍ عن حبنا للوطن، لا يخلوان من السلبية و انعدام الغرض و المؤسسية،  و قديماً قالوا "من الحب ما قتل".

 

في شتى المنتديات و المناسبات و عبر كافة وسائل الإعلام بدءاً بالصحف و انتهاءا بالشبكة العنكبوتية،  نمارس هواية أو غواية الحديث في السياسة و نكتب عن الجانب السياسي من حياتنا ما يفوق في كمِّه مجمل ما نكتبه في المجالات الأخرى مجتمعةً من علومٍ و أدبٍ و اقتصادٍ و غير ذلك من ضروب المعرفة. ذلك أمرٌ لا بأس به و لا ضرر منه فمِن بعضنا نتعلم و زيادة محصلتنا من السياسة و تمرُّسنا في مجالها وممارستنا لها على علاتها قد تكون مفيدة وقتما يأتي علينا حين من الدهر تكون لنا فيه مؤسساتٌ سياسيةٌ حقيقية و ممارساتٌ سياسيةٌ مجديةٌ و فعلية فالمعرفة السياسية، مثلها مثل الكثير من المعارف و الأشياء، أن تكون لديك و لا تحتاجها أفضل من  أن تحتاجها ولا تكون لديك. ليت ولعنا بالسياسة يتبعه تجويد و تصحبه منهجية و يكون هادفاً و مُرَشَّداً و ليت ممارستنا لها لا تكون كالتبديل في دراجات التمارين الرياضية الثابتة قد تقوى العضلات لكنها لا تبلغ أو توصل إلى أي مكان. الآن و قد تعاطيتُ، كسوداني، جرعتي "القومية" اليومية من السياسة يمكنني أن أعود إلى موضوعي الأساسي و أتحدث عن قضية أخرى.

 

في الحلقات السابقة حاولت أن اكتب عن جانبٍ مغايرٍ من جوانب حياتنا ليس هو بالسياسي و إن كان يتأثر بالسياسة و يؤثر فيها كثيراً ألا و هو جانب موروثاتنا الإجتماعية و الخُلُقية و قيمنا و تقاليدنا و أعرافنا المتوارثة التي شكلت جانباً من كياننا و مزاجنا كأمة. حاولت ذلك من خلال أربع حلقات سردت فيها وقائع كنت من شهودها و كانت كلها تشهد بأننا كنا و يجب أن نسعى لأن نكون دائماً و رغم كل شيء شـــعباً خيِّراً طيباً كريماً و نبيلاً لا يستاهل ولا يستحق إلا الخير و بغيرِ ذلك يجب أن لا يرضى أو يقبل.

 

في زمن التطاحن و التكاثر و التفاخر الذي نعيشه يضحو الحديث عن هكذا جانب من الحياة  كالحديث عن الغول و العنقاء و الخل الوفي أو كسرد أســاطير الأولين و يعدُّ، على أحسن الفروض، خطرفة و ترهات و حديثاً عن أوهام و "يوتوبيات" لم يعد لها وجود إلا في أذهان الواهمين و الحالمين أو الفاشلين. نعم، إننا نعيش في زمنٍ لم يعد الحديث فيه عن الخلق النبيل ذا معنى و قيمة و إن كان له ثمة معنى و قيمة فهما غير ما تعارف عليه و عمل به سلفنا الصالح. نعيش في زمنٍ كادت كلمات مثل الشهامة و النخوة و المروءة و الكرم أن تسقط من المفردات التي نستخدم في حياتنا اليومية بل كادت ان تُلغى من قواميس اللغة المعاصرة مثلما هو حادث بالنسبة لقواميس بل نواميس شعوب و ثقافات أخرى، و إن كان تلك الشعوب قد أحلت محل ما عنه تخلت قيماً و ممارسات أخرى ترى أنها تناسب أنماط حياتها و تعوِّض ما حدث فيها من نقص. تنكبنا نحن دروب تلك الشــــعوب فلم نعد إلا كالمنبت لا ارضاً قطع و لا ظهراً أبقي و كالحمار ذهب يطلب قرنين فعاد بلا أذنين و ربما بلا ذنب.

 

برأي و رأي الكيثرين غيري  لا يزال للقيم و الخلق مكانٌ في حياتنا و دورٌ يمكن أن تلعبه و لا تزال ذاتَ مدلولٍ راسخٍ و مغزى عميق مقولاتٌ مثل:

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا

و

إذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتماً و عويلا

 

لا غرو أنه من المهم أن ننجز في مجالات العلوم و أن ننبغ في ضروب الفنون و الآداب و أن نلحق بدول العالم في تلك المجالات و غيرها بل أن نبزها و نتفوق عليها لكن ذلك لا يعني أن نستبدل قيمنا بقيمٍ أخرى أو بـ"لا قيم"  إذ ربما كان سيكون معيناً لنا على بلوغ ما ننشد من غايات  تمسُكنا بقيم التكافل و التآزر و الإيثار و حب الخير و عمله و البر و الإحسان و التراحم و غير ذلك من جملة القيم التي تحضُّ عليها أدياننا و تتواضع عليها ثقافاتنا و تشكِّل جانباً هاماً من نسيجنا الإجتماعي و إرثنا الثقافي و تقاليدنا المميزة كأمة. كأفرادٍ و جماعاتٍ نشكِّل وحداتٍ مختلفةٍ و منفصلةٍ ونحتاج لجملة علاقات و وشائج تعمل كـ"بروتوكولات" و حزم تواصل أو تيارات أو ذبذبات، إن شئت، للتواصل بين تلك الوحدات. في أيدينا أن تكون وسـائط الإتصال تلك إيجابية و مؤدية إلى التوافق و الوئام  كالإيثار و البر و الإحســــان و المودة و التراحم أو أن تكون سلبية و مسببة للتنافر و الإنقسام كالحسد و التنافس الضار و الأنانية و التكالب و الجشع و الطمع في غير ما مطمع و مص دماء الآخرين و الارتقاء على ركام جماجمهم و حطام نفوسهم و أجسادهم. و نحن نتحدث عن ربط الأرض بالسـماء و الدور الرسالي و شراء الدين بالدنيا فإن ذميم الصفات و قبيح الخصال لا يشبه أدياننا، و نحن نتحدث عن الوحـدة و الترابط و الانصهار فإن ذلك لا يخدم تطلعاتنا و طموحنا، و نحن نتوق إلى الأمن و السلام و الطمأنينة فما ذلك بالدرب الذي علينا أن نســلك و لا المركب الذي نحتاج لبلوغ مقاصدنا و غاياتنا. أكثر من أي وقتٍ مضي نحن محتاجون الآن لأن نتعاضد و أن نتراحم لا أن نتزاحم بالباطل على عرضٍ زائل و لأن نستحضر ما فرَّطنا فيه من ركائز خلقية و دعامات سلوكية كنا بموجبها كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً و كان من بيننا "جبار الكسور" و "عشا البايتات" و "مقنع الكاشفات" و "مدرج العاطلات" و "جمال الشيل" و "البشيل فوق الدبر ما بميل". مع محدودية علمي و قلة إطلاعي و تجاربي لم أقف أو اطلع على ديانة منزلة أو فلسفة أو نظرية موضوعة أو تشريع سماوي أو أرضي لا يحضُّ على حزمة من القيم و الأخلاق و يدعو لأن يتكافل الناس و يتآزروا و يكبحوا جماح نزعات الشــراهة و النهم و الطمع في أنفسهم  بحسبان أن عمل الخير مقصودٌ في حدِّ ذاته و ما الجزاء و الثواب في إطاره إلا محفزات لعمله، و أن  ما تلتزم به الجماعات في هذا السياق يعود في خاتمة المطاف و المحصلة النهائية بالخير و النفع على الإفراد فالشبع و التعافي من المرض و التمتع بالظل و الماء النقي و غير ذلك من مباهج الحياة تجربة شخصية و إن كانت تتأتى من خلال ممارسة و جهود جماعية. يحتاج الإنسان لقدرٍ من السمو لأن يجد متعة في تمتع الآخرين بما يرضاه و يبتغيه لنفسه من متع و مباهج و مقومات و ضروريات الحياة  بذات قدر و درجة تمتعه، و ذلك عين ما يجب أن تصبو إليه الجماعات و لبلوغه تجهد و تتطلع بغض النظر عن العقيدة و العرق أو الإقليم و المنطقة.  

 

إن اقتنعنا أو سلَّمنا جدلاً بأن الأمة مثلما تحتاج إلى فلسفات حكمٍ و ســياسة و أنظمة اقتصادية و عقيدة عسكرية تحتاج أيضاً إلى بنية خلقية و أطر سلوكية، سيتبع ذلك تساؤل مفاده كيف و من أين يتأتى ذلك و كيف تتم المحافظة عليه و صونه من التآكل و الاندثار. بادئ ذي بدء من الضروري أن تكون هنالك قناعة عامة لدى كل فردٍ في المجتمع  بمثل هذه القيم و رغبة جامعة في العمل بها فليس أشقى و لا أضيع من ذي خلقٍ بين من لا خلق لهم و ما أشبهه بحملٍ وديع في غابة آهلة بالسباع و الضباع. من ناحية أخرى يقتضي شيوع الفضيلة بالضرورة أن يكون كل فرد في الأمة "الفاضلة" متصفاً بحميد الصفات و عاملاً بها ففاقد الشيء لا يعطيه و كل إناء بما فيه ينضح و ما لا يكون مضيئاً في ذاته لن يشع ضياءا و نوراً.

 

إن غرس الخلق النبيل و القيم و الحضُّ على التمسك و العمل بها واجب المنزل و المدرســــة و المجتمع بمكوناته المختلفة و الدولة أيضاً و غياب أي طرف في هذه المنظومة أو تقاعسه عن أداء دوره، يعني خللاً و قصوراً لن يقف قبل أن يأتي على المنظومة بأسرها و ينسف عملية التعاطي بين مختلف أطرافها.

 

من المنتظر أن تنشئ الأسرة بنيها و بناتها ليس على قبول الآخرين فحسب بل على حب الخير لهم و لا خير في خيرٍ أو حبٍ إن لم يبدأ بإحترام الآخرين و الإحساس بأنهم مساوون تماماً لنا و ليسوا بالأفضل و لا الأسوأ بسبب عرقهم أو عقيدتهم أو لمجرد أنهم مختلفون. يتبع ذلك محاربة نزعات الطمع و الجشـع و الأنانية والتغول على حقوق الغير أياً كانت سياسية إجتماعية أو إقتصادية و تعزيز نزعات الإيثار و التكافل و التعاون و التكامل و العدل و المساواة و ربطها بالخير العام مع توضيح أنها لها في ذاتها قيم حقيقية و أن اتِّباعها لا ينبغي ان يكون مؤدياً إلى خير عامٍ فحسب بل إلي قناعة و سعادة شخصية. يأتي بعدها دور المدرسة حيث التعامل مع مجموعةٍ أكبر من الأسرة و حيث المجال أوسع لترسيخ تلك المفاهيم و القيم و صقلها و تهذيبها عن طريق مناهـج التربية النفسية و الوطنية و الدينية أيَّاً كانت في النفوس. يتزامن مع تأثير المدرسة و يستمر بعده تأثير المجتمع و قديماً قيل "أن إنجاب طفل يحتاج إلى شخصين لكن تنشئته تحتاج إلى قرية كاملة"، و كان ذلك في وقتٍ كانت القرية فيه هي كل المجتمع و قبل عصر التلفاز و الإنترنت و العولمة و التي لا تزال فيه القرية هي كل المجتمع لكن العالم بأسره صار تلك القرية بل قرية ممعنة في الصغر. يتأتى دور المجتمع في  أن يرسِّخ  و يكرِّس عن طريق الممارسة العملية و التطبيق مفهوم أن  اتِّباع القيم الفاضلة ســوف يعود بالخير على الجميع و في التعامل مع الأمر برمته بصورة تجعل الإلتزام بتلك القيم أمراً حميداً حتى و إن لم يكن موجباً للجزاء الحـسن و الإستحسان و أن الخروج عليها أمر مرفوض و مستهجن لا يوجب الشجب و القدح فحسب بل الرفض و الجزاء. يتأتى أيضاً في جعل السلوك الحميد هو السلوك الإجتماعي الوحيد المقبول و المعمول به و العرف السائد و المتبع فتشيع في الناس الفضيلة بكل صــورها و أشكالها و تنبذ الريلة على أي مستوى و بأية صورة أتت.

 

يأتي بعد ذلك دور الدولة فـ "الناس على دين ملوكهم"  و "إذا كان رب البيت للدف ضارباً فشيمة أهل البيت الرقص". إن الدولة الراشدة تحكم بالقدوة Lead by Example و يكون القائمون بالأمر فيها الأسوة الحسنة من حيث النزاهة و العفة و حب الخير للآخرين و العدل و المساواة رأسياً و أفقياً، أي بين كافـة فئات المواطنين و أقاليمهم،  و ريادتهم لأن يُضحي إقليمٌ حتى تزول الشدة عن إقليم آخر و أن يبطئ شطر من الوطن مسيرة نمائه و تقدمه حتى تلحق به الأقاليم التي أقعدتها ظروف عن مواكبة الآخرين،  و أن يُطبَّق بحقٍ و صدقٍ مبدأ التنمية المتوازنة.

 

إن كان للبيت و المدرسة و الدولة و المجتمع بكافة مؤسساته و زعاماته السـياسية و الإجتماعية و رموزه و أعلامه الثقافية و الإقتصادية و الإعلامية دور في غرس القيم الخيِّرة و إشاعة الفضيلة و الحث على التمسك بها، فإنه في مجتمعات مثل مجتمعاتنا  للزعامـات الدينية  الروحية من وعاظ و أئمة و قساوسة و شيوخ و غيرهم  دور أكبر و رسالة أخطر. فبهم يناط تعليم الناس المعاني الحقيقية و المقاصد السامية لـ "أن الدين المعاملة" و "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب" لننفسه" و " يا أيها الذين آمنوا لايسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم" و "وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ . الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ . وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ"، و التطفيف ليس في المال فحسب فقد يكون في السلطة و الحقوق السياسة و الإجتماعية، و "الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم" هذا لمن كنزها عن طريق الكسب الحلال فكيف بمن كنزها بالغش و التدليس و النهب و كل سبيل حرام. أن أثر من ينطلقون في وعظهم و أرشادهم من دين و عقيدة أخطر و مسؤوليتهم أكبر و ليتهم يبذلونها لمن هو لها أحوج و بها أجدر و للراعين قبل الرعية فيرشدونهم إلى ما يكون لصالحهم في معاشهم وميعادهم  ويهدونهم إلى الحق إذا حادوا عنه  ويذكّرونهم به إذا نسوه.

 

أوردت في مقالاتي السابقة أمثلة من كرم و أريحية مواطنين من بقاع شتى من السودان و حكى لي أصدقائي العشرات من الأمثلة المشابهة و التي تفوق  كل ما أوردت و تتحدث كلها عن أننا كنا أمة في حبها للخير و إتيانها له لا تميز بين عرق و عرق أو عقيدة و عقيدة و أن ذلك كفل لنا العيش، و لا أقول التعايش، في سلام و وئام لردح من الزمان. الآن و قد تفرقت أو كادت بنا السبل و أوشكنا أن نروح شذر مذر فما أحوجنا لأن نستحضر تلك القيم و أن نرسِّخها و أن نجعلها  ما يسود في الصلات بيننا أفراداً و جماعات و أقاليم. نعم نحن شعب مغرم بالســياسة و عندما اشتططنا في تسييس الأمور بيننا على نحوٍ غير صائب فسد ذلك البين و صح فينا قول أبن زيدون:

أضْحَى التّنائي بَديلاً مِنْ تَدانِينَا*** وَنَابَ عَنْ طيبِ لُقْيانَا تجافينَا
فَانحَلّ ما كانَ مَعقُوداً بأَنْفُسِنَا؛*** وَانْبَتّ ما كانَ مَوْصُولاً بأيْدِينَا
وَقَدْ نَكُونُ، وَمَا يُخشَى تَفَرّقُنا،*** فاليومَ نحنُ، ومَا يُرْجى تَلاقينَا

 

ليتنا نضع حصان ما تحضنا عليه عقائدنا و أعرافنا و تقاليدنا  أمام مركب ما توسوس لنا به السياسة الرعناء فإن فعلنا لك فسوف تكون السياسة نعمة لنا و ليست نغمة علينا و يكون لها وقتها طعم الشهد وملمس المخمل و سوف نتعاطها غير آثمين ونستمر على عشقنا لها غير ملومين كشعب خيِّر يجب أن يسعى لأن يظلَّ و رغم كل شيء خيِّراً طيباً كريماً و نبيلاً لا يستاهل ولا يستحق إلا الخير و بغيرِ ذلك لا يرضى أو يقبل.

*****

 


© Copyright by SudaneseOnline.com


ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

أعلى الصفحة



الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات و تحليلات
  • تشارلز تيلور يكتب من لاهاي هاشم بانقا الريح*
  • تنامي ظاهرة اغتصاب الاطفال ...! بقلم / ايـليـــا أرومــي كــوكــو
  • مؤتمر تمويل التنمية/د. حسن بشير محمد نور - الخرطوم
  • بين مكي بلايل والعنصرية والحركة الشعبية /الطيب مصطفى
  • قالوا "تحت تحت" الميرغنى ماااااا "داير الوحدة"/عبد العزيز سليمان
  • الصراع الخفي بين إدارة السدود والمؤتمر الوطني (4-12) بقلم: محمد العامري
  • قواعد القانون الدولى المتعلق بحصانات رؤساء وقادة الدول/حماد وادى سند الكرتى
  • هل يصبح السيد مو ابراهيم حريرى السودان بقلم: المهندس /مطفى مكى
  • حسن ساتي و سيناريو الموت.. بقلم - ايـليـا أرومـي كـوكـو
  • الجدوي من تعديل حدود اقليم دارفور لصالح الشمالية/محمد ادم فاشر
  • صلاح قوش , اختراقات سياسية ودبلوماسية !!؟؟/حـــــــــاج علي
  • أبكيك حسن ساتي وأبكيك/جمال عنقرة
  • نظامنا التعليمي: الإستثمار في العقول أم في رأس المال؟!/مجتبى عرمان
  • صندوق إعادة بناء وتنمية شرق السودان .. إنعدام للشفافية وغياب للمحاسبة /محمد عبد الله سيد أحمد
  • )3 مفكرة القاهرة (/مصطفى عبد العزيز البطل
  • صاحب الإنتباهة ينفث حار أنفاسه علي باقان: الصادق حمدين
  • جامعة الخرطوم على موعد مع التاريخ/سليمان الأمين
  • ما المطلوب لإنجاح المبادرة القطرية !؟/ آدم خاطر
  • الجزء الخامس: لرواية للماضي ضحايا/ الأستاذ/ يعقوب آدم عبدالشافع
  • مبارك حسين والصادق الصديق الحلقة الأولى (1-3) /ثروت قاسم
  • ماذا كسبت دارفور من هذه الحرب اللعينة !!/آدم الهلباوى
  • الأجيال في السودان تصالح و وئام أم صراع و صدام؟؟؟ 1/2/الفاضل إحيمر/ أوتاوا
  • النمـرة غـلط !!/عبدالله علقم
  • العودة وحقها ومنظمة التحرير الفلسطينية بقلم نقولا ناصر*
  • المختصر الى الزواج المرتقب بين حركتى العدل والمساواة والحركة الشعبية لتحرير السودان /ادم على/هولندا
  • سوداني او امريكي؟ (1): واشنطن: محمد علي صالح
  • بحث في ظاهـرة الوقوقـة!/فيصل على سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر
  • سقوط المارد إلى الهاوية : الأزمة مستمرة : عزيز العرباوي-كاتب مغربي
  • قمة العشرين وترعة أبو عشرين ومقابر أخرى وسُخرية معاذ..!!/حـــــــــــاج علي
  • لهفي على جنوب السودان..!! مكي المغربي
  • تعليق على مقالات الدكتور امين حامد زين العابدين عن مشكلة ابيي/جبريل حسن احمد
  • طلاب دارفور... /خالد تارس
  • سوق المقل أ شهر أسواق الشايقية بقلم : محمدعثمان محمد.
  • الجزء الخامس لرواية: للماضي ضحايا الأستاذ/ يعقوب آدم عبدالشافع
  • صاحب الإنتباهة ينفث حار أنفاسه علي باقان أموم/ الصادق حمدين
  • رحم الله أمناء الأمة/محجوب التجاني
  • قصة قصيرة " قتل في الضاحية الغربية" بقلم: بقادى الحاج أحمد
  • وما أدراك ما الهرمجدون ؟! !/توفيق عبدا لرحيم منصور
  • الرائحة الكريهة للإستراتيجي بائتة وليست جديدة !!! /الأمين أوهاج – بورتسودان
  • المتسللون عبر الحدود والقادمون من الكهوف وتجار القوت ماشأنهم بطوكر /الامين أوهاج