كيف نصنع مأذقنا بأيدينا ... !
بقلم / ايـليـــا أرومــي كــوكــو
1
زار الرئيس الاسبق جعفر النميري بلدتنا و نحن في طفولتنا الاولي
كان سيادته أطال الله عمره في بداية ولاية رئاسته للجمهورية
ما ظل عالقاً بذاكرتي هو اطراه للبلد ة واصفاً اياها بأنها انظف و اجمل بلده
و كم كنا سعداء فخورين مبهورين بكلام رئيسنا و اعجابه و مدحه لبلدتنا
و لاحقاً علمت بأنه يردد هذا الكلام في كل بقعةً تطأه قدماه رفعاً للمعنويات
واتذكر وعد الرئيس في خطابه بادخال صنابير المياه العذبة لكل بيت
فقد شاهد سيادته صبية صغيرة تحمل جرة ماء علي رأسها فرق قلبه
فتغنينا زماناً طويلاً باناشيد الثورة التي روت وسقت العطشي في السودان
و ها هي عقود انقضت و حكومات جاءت و مضت و وعود عهود كذبت
فحفيدات تلك الفتاة لم يلبثن حتي يومنا هذا يحملن المياه علي الرؤوس
2
عشنا ايام مايو الحلوة من ثورة التعليم العام و اتفاقية اديس ابابا
عاصرنا ايامها المرة و ليالها السود و قبضة رجال الامن الحديدية
نقضه وتراجعه عن اديس ابابا وفتح باب الاحتراب باعلان قوانين الشريعة
شاهدنا مظاهرالبتر من الخلاف وحملات الكشة الشهيرة تطال عناصر بعينها
الجنوب يتمرد بمأزرة من جبال النوبة و الانقسنا في النيل الازرق
حرب و جفاف فقر و مجاعة مع ممارسة البطش و التنكيل بالخصوم
تسارعت الخطي نحو نهاية النظام بتلاحم قوي الشعب وقواته المسلحة
و في مارس ابريل خرج الي الشعب الي الشارع اسدل ستار حقب مايو
3
تسلم المشير سوار الذهب حكم السودان عقب الانتفاضة علي مضض
فقد كان زاهداً عن السلطة لو لا ضغط الشعب و و اصرار القوات المسلحة
فالحرب المستعرة في الجنوب والاقتصاد المتردي أطفئت بريق السلطة
فسلمها المشير في غضون عام واحد للأحزاب ( الديمقراطية الثالثة )
جاء الصادق المهدي رئيساً للوزراء بسطت الحريات لكن رقعة الحرب تمددت
مفاوضات الصادق قرنق تتنقل بين نيروبي و ابوجا الي القاهر و القذافي علي الخط
الميرغني يوقع اتفاقاً مع قرنق و المهدي المغيور يرفضها بأيحاء صهره
كنت من التواقين للسلام و من زمرة المستقبلين للميرغني علي طريقتي الخاصة
و عندما ارتفع رطل السكر الي بضع قروش او جنيهات هاجت الخرطوم و ماجت
ما يجري بدارفور ليست من صنع الانقاذ فهي من تداعيات حكم الاحزاب
كانت دارفور مسرحاً لما سمي بالنهب المسلح غض البرلمان الطرف عنها
كما قلل ذات البرلمان من شأن احداث الضعين الشهيرة و مأساتها
ساءت اوضاع القوات الشعب المسلحة و سنن الحياة فصول يتداولها البشر
4
و تاريخ الانقاذ فصل طويل من فصول تداول كراسي السلطة في السودان
اذ جندت عسكرت كل الشعب و اعلنت الحرب الدينية وفوجت الالوية الجهادية
الميل اربعين صيف العبور و تولشي بجبال النوبة اعراس الشهيد و الحور العين
لا غالب في الحرب اللعين فخيار الحوار و التفاوض هو اقرب الطرق الي السلام
و هذا ما تم في نيفاشا حيث تحقق سلاماً فرح به كل قطاع الشعب السوداني
بقدر قادر صار النهب المسلح في دارفور لهباً و حريقاً يكاد ان يلتهم الوطن
فهل يتواضع القائمين علي أمر بلادي بصدق نوايا وب الوطن لدرع الفتن
5
نكون جاحدين اذ نذكر الانقاذ دون ذكر لفضلها في انتاج البترول و تصديره
و نكون منافقين اذا استحينا من الاستفهام الشهير . أين تذهب أموال البترول ؟
سمعنا في الماضي المتفائلين يرددون بان السودان يرقد علي بحيرة من النفط
وفي السنتين الاخيرين تصاعدت اسعار الخام الاسود لتصل اقامها القياسية
و للآسف الشديد فالشعب السودان لم يشهد تغيراً يذكر في مأكله و مشربه
بينما فئة قليلة منهم يستحوذون علي كل الموارد ويتنعمون بالبركات و الخيرات
البعض هذه الايام يتهامس بان السودان يسبح فوق بحر من السلاح فأل الله لا فألهم
فمن الذي سيبادر بجمع هذا السلاح ليكفي بلادنا شره و من مخاطره المحتملة
فطالما لم يذق الشعب طعم واردات البترول دعوه ينعم بالحياة و ان يموت بالسلاح
ايليا أرومي كوكو
الابيض
14/ 11/ 2008م
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة