لماذا يبخس السودانيون أشيائهم؟!
اخذ الصديقان السودانيان عبد الكريم وعبد الجبار يثرثران حول موضوع السيرة الذاتية التي يفترض أن تعكس المستوى العلمي والعملي لصاحب السيرة الذاتية بشكل موضوعي ينصف الذات ويعطي النفس حقها دون تضخيم ولا تبخيس!
قال عبد الكريم ساخراً: لعل من الملاحظ أن السودانيين يبخسون أشيائهم بحكم العادة ومن ثم يتم تبخيسهم من قبل الآخرين لأن تبخيس الشيء يؤدي تلقائياً إلى تبخيس صاحبه!
استطرد عبد الكريم قائلاً: السوداني بطبعه لا يحب أن يشكره أحد ولهذا يقال في الأمثال السودانية (شكار نفسو ابليس) ، (الحمار شكرو رقد) و (الله لا جاب يوم شكرك) والمثل الآخير يعبر عن هذه العقدة القومية المستعصية بطريقة موجعة فهو يعني حرفياً أن يوم الشكر هو يوم الموت وبمفهوم المخالفة فإن الحي لا يستحق أي نوع من الشكر أياً كان نوعه، لقد اطلعت على السيرة الذاتية لمحاضر سوداني في جامعة ليفربول الانجليزية فشعرت بالخجل لأن الرجل قد بخس خبراته وقدراته بطريقة مخلة تدل عملياً على إيمانه القاطع بكل الأمثلة السلبية إياها، ولا يقتصر ذلك على ذوي الياقات البيضاء فقط فكل المهنيين السودانيين يبخسون سيرهم الذاتية وأغلبهم لا يملكون أي سير ذاتية أياً كان نوعها!
ضحك عبد الجبار وعلق قائلاً: حقاً ما تقول فقد أكد لي أحد المحامين السودانيين المغتربين أنهم كانوا يقومون في السودان بعمل عقد البيع في صفحة واحدة فقط لا غير حتى لو كان المبيع هو القصر الجمهوري نفسه ومن ثم كان العميل يستهون مجهودهم ويبخس عملهم ولا يعطيهم إلا النذر اليسير من الأتعاب ، أما المحامون الأنجليز على سبيل المثال فإنهم يقومون بعمل عقد البيع في مائة وعشرين صفحة حتى لو كان المبيع حظيرة دواجن حيث يعمدون إلى تخصيص ثلاثين صفحة للتعريفات واربعين صفحة لموضوع العقد وثلاثين صفحة للشروط العامة المكرورة التي يتم إلصاقها في كل عقد وعشرة صفحات للملاحق وخمس صفحات للتوقيعات والديباجات وخمس صفحات لقائمة المحتويات والغلافات ومن ثم يقوم العميل بدفع أتعاب كبيرة بطيبة خاطر تقديراً منه للجهد القانوني الضخم المبذول!
استطرد عبد الجبار قائلاً: أما الخواجات فلهم في سيرهم الذاتية مآرب أخرى فالسيرة الذاتية لأي خواجة هي عبارة عن كتاب فاخر الطبع يحتوى على كل خبراته في الحياة ولا ينقصها سوى أن يورد فيها مغامراته العاطفية ، بالمقابل هناك شعب عربي يشتهر مواطنوه بتضخيم سيرهم الذاتية بصورة تجنح إلى المبالغة الصارخة إلى درجة أن سائق الحنطور عندهم يمتلك سيرة ذاتية تصلح لرائد فضاء أمريكي ثم حكى حكاية قنديل ذلك الشاب الذي كان يعمل في إحدى الدول الخليجية ، فقد اشتهر قنديل بجرأته على اللغة الانجليزية حيث كان يتحدث مع الخواجات بإنجليزية مهلهلة لا ضابط فيها ولا رابط وهو يمعن فيها تكسيراً وتحطيماً دون مراعاة لأي قواعد نحوية أو منطقية أو خلافه ، وبلغت به الجرأة مبلغاً عظيماً إلى درجة أنه أصبح يجري اختبارات اللغة الانجليزية لطالبي الوظائف بالشركة التي يعمل بها، أما السيرة الذاتية للسيد قنديل فتحتوي على صفحة كاملة تشيد بمستواه الخارق في إجادة الإنجليزية كتابة وتحدثاً وليس من المستغرب أن يصبح هذا القنديل ذات يوم مديراً لمعهد تعليم اللغة الانجليزية للناطقين بها!
فيصل على سليمان الدابي/ المحامي/الدوحة/قطر
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة