|
|
Last Updated: Jul 11th, 2011 - 15:37:55 |
القائد باقان أموم يستحق منصب رئاسة جمهورية السودان
من المهن الإنسانية التي طورتها المجتمعات عبر مراحل التاريخ هي مهنة أهل القانون ، فُينظر للقاضي بأنه ركيزة من ركائز أمن المجتمع ، فأصبح هناك رابط بين عمل الشرطة والقضاة ، فلا يحق للشرطي أن يعتقل ثم يقوم بتنفيذ الحكم ، وبما أن موقع القاضي يحرمه من التواجد في مكان الجريمة وفرت الدولة وظيفة أخرى تنبه القاضي إلي الأدلة وطبيعة الجريمة وهي المدعي العام ، أو محامي الدولة كما نطلق عليه في السودان ، هنا لا يقوى المتهم على مواجهة خصمين هما القاضي والمدعي ، لذلك كان لا بد من توفر محامي للمتهم ، ربما يخفق كل هؤلاء في إدارة المحكمة ، فعمدت المجتمعات الغربية إلي ندب (Jurors ) وهم شهود المجتمع ، يتم إختيارهم وفق معايير دقيقة ، يصوتون بسرية ويصدرون الأحكام في حق المتهمين ، وفي زمن الإستعمار البريطاني في السودان كانت القوانين تمنع القاضي من حضور المناسبات الإجتماعية مثل الأعراس والولائم مخافة أن يطعن ذلك في حياديته ، والعرف السائد في السودان الآن أن القاضي يحضر مداولات الساسة ، يدلو بدلوه في وسائل الإعلام ، يرتدي الزي العسكري ويشارك في الحرب ويأتمر لمن يسبقه رتبةً، لذلك أنهار القضاء السوداني لأنه أصبح ألعوبة بيد السياسيين ، فكان من الطبيعي أن يكون المتهم الأول من قبل محكمة الجنايات الدولية هو قاضي ، مولانا أحمد هارون درس القانون وأجتاز إمتحان زمالة المحامين وعمل في القضائية ، لكن الرجل أدار عمله بطريقة العسكر فأنتهى به المطاف مطلوباً بجرائم يندى لها الجبين مثل القتل والحرق والإغتصاب ، فحتى قطاع الطرق لا يصلون إلي مستوى هذه الجرائم البشعة لكن مولانا أحمد هارون وصل إليها من دون عناء ، ويعود فساد الأمر إلي السياسة ، وآفة القانون هي الحصانة ، لذلك قال الرسول ( ص ) لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها ،ويتبين لنا من نص الحديث أن الرسول ( ص ) استخدم إسمه من غير تعريف للدلالة على عدم التمييز عند الأخذ بالأحكام ، وفعلها سيدنا عمر بن الخطاب عندما بلغه أن أحد عماله ضرب رجلاً من مصر ثم خاطبه قائلاً : خذها مني وأنا إبن الأكرمين ، نادى سيدنا عمر بن الخطاب بالرجل القرشي الذي وصف نفسه بأنه إبن الأكرمين ثم طلب من الرجل المظلوم أن يقتص لنفسه أمام الناس ، أسقط سيدنا عمر بن الخطاب مبدأ الحصانة ، وهذا يعيدني لترديد قول سابق : أن المنهج الإسلامي الحقيقي يسع كل الناس بما فيهم غير المسلمين ،فنحن في السودان صفقنا كثيراً للمشروع الإسلامي وأعتبرناه نقطة البداية لعودة الخلافة الإسلامية ، مهندس المشروع وهو الدكتور حسن عبد الله الترابي مارس الخداع للوصول إلي الحكم ، أي منذ البداية كان البنيان متهاوياً ، فقد قال قولته التي أصبحت مثلاً :أذهب للقصر رئيساً وسوف أمضي أنا للسجن حبيساً ، هذا ما قصده الكولونيل جون ماكين عندما وصف منافسه باراك أوباما بأنه رجل محترم عندما لم يدس إسلامه لأجل الوصول إلي السلطة ، و قد أخفق عبد الحفيظ المحامي في النقل وهو رجل القانون كما وصف نفسه ، جون ماكين أجاب على الذين سألوه : هل من الممكن أن يكون باراك أوباما مسلماً ولكنه أخفى عن الناخبين ذلك حتى ينال أصواتهم ، بالمعني الصريح هل أوباما كان منافقاً أو مارس " التقية " وفق التصور الشيعي ؟؟ فنفى عن منافسه هذه التهمة ، وبالفعل الرجل المحترم لن يقوم بهذا العمل حتى ولو كانت الغاية هي الوصول إلي البيت الأبيض ، فالإسلام ليس في حاجة لرجل يخدع الناس كما فعل الدكتور حسن الترابي ، فجون ماكين لم يقل أن أوباما رجل محترم لأنه غير مسلم !!، فمثلاً سفير الولايات المتحدة في الأمم المتحدة هو السيد/زلماي خليل زادة وهو أفغاني مسلم ..فهل يعني ذلك أنه غير محترم وغير جدير بالمنصب ؟؟
نعود لعبارة صاغها عبد الحفيظ المحامي ، أنه لن يحكمنا غير رب السموات ..ولن نرضى بمسيحي بأن يكون رئيساً للجمهورية ونحن بلد غالبية سكانها من المسلمين ، فذكرني هذا المحامي بأول عهدي بتنظيم الإتجاه الإسلامي ، كنا نردد في المرحلة الثانوية هذا الحديث ونعتبر أنفسنا في حالة حرب مع النصارى والكفار ، أنه نموذج الدولة الدينية مثل الذي كان يسود في أفغانستان في عهد طالبان ، وما يجهله عبد الحفيظ المحامي أن دستور السودان الحالي يعامل الشعب – حتى ولو كان نظرياً – بمبدأ المواطنة ، فلا جرم أن يتولى القائد باقان أموم رئاسة جمهورية السودان إن أختاره الشعب ، ولا ننسى أن القائد سلفاكير هو مسيحي جنوبي ، وهو يشغل الآن منصب نائب الرئيس ، إذاً أنتهى ذلك العهد الذي يصنف الحقوق وفقاً للمعتقد الديني ، وقد صرح بها عراب المشروع الإسلامي في السودان الدكتور حسن الترابي عندما سألته مذيعة قناة العربية : هل تقبل بسلفاكير رئيساً للجمهورية ؟؟ فرد عليها بأنه مع من يطبق العدالة ويصون الحقوق ، وهذا ما لم يفعله الرئيس البشير الرجل الذي دفعه إسلامه إلي الفتك بالمسلمين في دارفور ، نحن أيضاً مع من يحقق العدالة ويصون الحقوق ويعامل الناس بصورة متساوية و من دون تفرقة ، الحركة الإسلامية في السودان كما يقول دكتور حيدر إبراهيم أسقطت المشروع الإسلامي من أحلام كل الإسلاميين في العالم العربي ، وقد كرّست مبدأ الحصانة والمحسوبية ، وهي لا تصنف الناس وفق الدين فقط ، بل هي تصنفهم عرقياً كلما دعت الحاجة ، بالأمس القريب خففت إحدي محاكم الإنقاذ حكمها في رجل لاط بقاصر ، والسبب في ذلك أن الفاعل كان يدرس الطلبة الصغار القرآن الكريم !!! صحيح أن القرآن يشفع لأهله يوم القيامة لكن لأول مرة أعرف أنه يشفع أيضاً للناس في الدنيا .
سارة عيسي
|
© Copyright by SudaneseOnline.com
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة
الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة
عن رأي الموقع