صوت من لا صوت له وطن من لا وطن له
الصفحة الرئيسية  English
المنبر العام
اخر الاخبار
اخبار الجاليات
اخبار رياضية و فنية
تقارير
حـــوار
أعلن معنا
بيانات صحفية
 
مقالات و تحليلات
بريـد القــراء
ترجمات
قصة و شعر
البوم صور
دليل الخريجين
  أغانى سودانية
صور مختارة
  منتدى الانترنت
  دليل الأصدقاء
  اجتماعيات
  نادى القلم السودانى
  الارشيف و المكتبات
  الجرائد العربية
  مواقع سودانية
  مواضيع توثيقية
  ارشيف الاخبار 2006
  ارشيف بيانات 2006
  ارشيف مقالات 2006
  ارشيف اخبار 2005
  ارشيف بيانات 2005
  ارشيف مقالات 2005
  ارشيف الاخبار 2004
  Sudanese News
  Sudanese Music
  اتصل بنا
ابحث

مقالات و تحليلات English Page Last Updated: Jul 11th, 2011 - 15:37:55


تاجـوج والمُحَـــلّق .......(قصة المأساة)/مصعب المشـرّف
Nov 10, 2008, 23:45

سودانيزاونلاين.كوم Sudaneseonline.com

ارسل الموضوع لصديق
 نسخة سهلة الطبع

 

 تاجـوج والمُحَـــلّق .......(قصة المأساة)

 

 

(2/2)

مصعب المشـرّف

[email protected]

 

وقع المُحَلّقُ منذ ريعان الصبا والمراهقة الأولى في غرام تاجوج ... فهل بادلته تاجوج نفس الوله ؟ .. ربما نعم وربما لا فالفتاة والمراة والزوجة في منتصف القرن الثامن عشر  وإلى عهد قريب ، ووفقا للعادات والتقاليد تكتم مشاعرها ولا تبوح او تعترف بها بوضوح وشفافية حتى بعد الزواج .... ولا تجد أحداً من أصحاب الحق ومن بيده عقدة النكاح من الذكور والرجال في اسرتها يسألها أو يابه بمشاعرها وعواطفها تجاه من يتقدم لخطبتها.

وحتى فتاة اليوم فإنها قد تمتلك حق النقض ؛ ولكنها لا تستطيع في المقابل أن تفرض على اسرتها الشخص الذي ترغب في الزواج منه وحيث يتطلب ذلك مراجعات كثيرة.

ربما كأن الحب متبادلا بين المحلق وتاجوج . وترعرع بينهما هذا الغرام ونما وازداد في وجه العلن بتراكم السنوات. فاصحبت تاجوج للمحلق والمحلق لتاجوج كما يقال . وأن حقيقة القرابة اللصيقة بينهما كانت سببا في زيادة كلفهما ببعضهما البعض وكثرة اللقاء وسهولته في البادية والقرى بين أبناء العائلة والعشيرة والقبيلة الواحدة .....

جاوز المحلق العشرين ربيعا ولم تكن تاجوج قد ناهزت الخامسة عشر من عمرها إلا بقليل حين تزوجا ....... كان كلاهما من شجرة عائلة واحدة تميزت بدقة قسمات الوجه والطول الفارع وقوام النساء الفاخر . فكانت تاجوج وسط الكواعب من أترابها "فرَسَـة" .... إذا غدت وسطهن لا تخطئها عين الشَبقُ المَزاجِ ، والمُوْلَعُ بمغازلةِ الفتيات.

مضت الشهور ولم يستبين لتاجوج علامات ودلائل حَـمْلْ ، ولكن ذلك لم يكن يشكل هاجسا . فهي لا تزال صغيرة وأمامها من العمر الكثير .....

بَـيْـدَ أنّهُ سرعان ما دخلت الرتابة والروتين في العلاقة العاطفية بينهما . أو ربما هكذا شعر المحلق بسبب التباين في مزاجه الخاص كشاعر وفارس يجوب البقاع والوديان ويرتاد الجبال والصحراء من جانب؛ وبينها هي كفتاة نشأت على استقرار العاطفة والاطمئنان في كنف الأسرة الممتدة واعتادت على رتابة الحياة في جوف الخيام ووسط  المضارب ....

وقد يكون المحلق في جيشان عواطفه وتمردها على الواقع ، مدفوعا بجينات يختص بها الذكر عن الأنثى وقدرته الفطرية على الارتباط مثنى وثلاث ورباع في آن واحد على عكس المرأة التي تميل عادة إلى الإكتفاء بواحد طالما وجدت معه الأمان والاطمئنان ....

................

ذات ليلة مّـا ؛ عاد المحلق إلى بيته مخمورا على غير عادته ، وقد أنهكه الاعياء النفسي من ملل الاعتياد  وضيق المساحة المتاحة لِسَبْرَ التجربة وارتياد الجديد وإخضاع رقاب المستحيل ..

ألقى المحلق برمحه على الأرض في إهمال وخلع غمد سيفه عن كتفه متذمراً من ثِقلِهِ وصَدئِه . ثم تجرد عن دثاره وشعاره ، فبدا عاري الجسم إلا من أحجبة وتمائم طوّق بها عنقه وأسفل كتفه اليمنى ، ومكتفيا بإزار  حِجَازي متعدد الألوان  أحاط بوسطه وتدلى قريبا من منتصف ساقيه. ثم جلس متاففا إلى حيث اعتاد في زاوية من الخباء وهو لا يزال يمسك بيده على رَكْوَةٍ فخارية قد تبقى فيها الربع من خمر  بلدي  .....

كان الطقس في الخارج صيفيا حارا ، وداخل الخباء اشد حرارة ورطوبة. راسه يغلي وهو لا يدري إن كان ذلك بفعل شعره الكثيف وقد غرس في أعلاه خُلالٌ خشبي وتَدَلّت أسفله  ضفائر سميكة فتلت بدهن الوَدَكْ الجامد ؛ أم هو فعل خمر مُوْصَى به ، أضاف عدة ألوان داكنة إلى افكار وضغوط ورغبات عاطفية وجنسية يكتمها خياله الجامح في صدره وتغلي منذ عدة اسابيع في داخل الجسد العشريني المتلهف للحياة العريضة الممتدة الأفق واللامحدودة الأحلام.

كان قد عاد لتوه من ليلة صاخبة حمراء أغراه بحضورها ولو على سبيل الفرجه صديقه علي قائلا:

- أشوفك بقيت زول بيت وزي العجائز !!!

فرد عليه المحلق:

- تاجوج بتفقدني وما بتنوم كان ما جيت.

تناهت كلماته إلى اسماع البعض من افراد الشلة فتضاحكوا متخافتين . ولكن ضحكاتهم أثارت في نفسه بعض التحريض على قبول العرض مُكْرَهَاَ حتى لا يقال عنه "خَرُوفْ".

فرح صديقه بقراره عل وعسى يدفعه ذلك مرة أخرى للعودة إلى حظيرة اللهو المتاح.

....................

لم تكن الليلة الحمراء الموعودة تختلف في مجملها عن تلك الليالي التي كادت تاجوج تنسيها له . ولكن تفاصيلها اختلفت بتألق نجم فتاة حبشية جديدة خمرية اللون تزهو قي ربيع الثامنة عشر ، قدمت منذ شهرين نازحة لتوها من أعالي الهضبة ... فحاكى مجيئها هدير فيضان القاش .... لا يُعْلَمُ إلى أي إتجاه يمضي وماذا يدمر في طريقه.

افرد لها قوّادُهَا عريشا من الخوص وأعواد القَنَا خاصا بها وأسماها (سافينا) تدور على ندماء المجلس باقداح الخمر وترقص لهم شبه عارية على إيقاعات دَلّوُكَةٍ يجيد قرعها مخنثٌ ملازمٌ لها ، يحرسها ويسهر على خدمتها دون أن يكون له فيها مآرب أخرى . سوى ما يجود عليه به بعض الندماء والزبائن من نقوط وبخاشيش خِدْمَةٍ عند المبيت أو المقيل.

كانت أول مرة يراها فيها وتراه  ..... لم يابه لها في البداية فقلبه متخم ومفعم بحب تاجوج . ولكنها كانت تتعمد أن تلتقي عيناها بعينيه وتلح عليه تستنهض فحولته الماثلة أمام عينيها ، ووفق خبرتها من خلال عضلاته المفتولة وقوامه الرشيق وطوله الفارع المشدود . وهيبة الندماء له بوصفه الفارس المعدود.

فاجأه علي بقوله:

- البِنـَيّة الظاهر عليها انْكَتلَتْ فيك يا المحلق !!

خجل المحلق ولاذ بالصمت ولكنه تحامل على نفسه وأفرج عن أساريره وأطلق ابتسامته في وجه صديقه يجامله فاحمرت وجنتاه وجرى الدم في العروق واطلت فلجة محببة للنساء وسط مقدمة اسنانه وبانت وسامته فكادت حفيدة أكسوم أن تقع من طولها ولهاً به وعِشْقاً وشَبَقاً وتَمَنِّي. فسارعت إليه بقدح ذهبي خاص لا تسقي به الأخرين ملأته خمرا تناولت منه رشفة وطبعت عليه  قبلة دافئة ، ثم قدمته له ليشرب من موقع القبلة معلنة عن حبها وعشقها له دون غيره وبما يفهم منه أن مسك الختام والمبيت الليلةَ ، والصبوح ومُقْيَالَ نهار غَدٍ سيكون له وحده دون سواه. 

ولكن هيهات ... فما كان للمحلق في جوفه من قلبين . اغتنم لحظاتُ تَوَقّفٍ بين الرقصتين واستأذن صديقه ومضى خارجا ، يَتَغَابَىَ النداء الأنثوي ونظرات الشماتة والتشفّي من الندماء الحاسدين.

لم تكن نظرات تلك الراقصة ووجها المحشود بالمطالب والنوايا لينزوي أو يغيب عن مخيلته وهو ماض في طريق العودة إلى حيث تنتظره تاجوج . وقد حرصت سافينا على وداعه حتى مخرج العريش .. وقفت على جانبها عند الباب مفصحة عن مؤخرة بألق قوس قزح .. عضت في وحهه شفتها السفلى بأسنانها ورفعت له يدها اليمنى تودعه على أمل اللقاء . أخرجت من بين شفتيها طرف لسانها ... وتحسست بأصابع يدها اليسرى أعواد القنا الأسطوانية الملساء في حسرة ، وبمعنى إياك أعني واسمعي يا جارة....  تستفزه وتدعوه بالإشارةِ صَراحةً إلى "مُضَاجَعةْ تَحَدِّي" ماراثونية على الطريقة الأفريقية ؛ ولو بعد حين. 

خرج المحلق مهرولاً وقد طفحت على وجهه حبيبات العرق الغزير ، عازما أن  لايعود إلى هذا العريش الصاخب الأرجاء .. ولكن رغم ذلك غزت "فيروسات سافينا" الحبشية عقله وجهازه العصبي المركزي ، وزادت من إحساسه بالغربة حتى وهو يَدُبُّ ويضربُ بقدميه فوق تراب وطنهِ. 

................

باتت لديه رغبات محمومة يكتوي وحده بنارها ، ولكنه يخجل منها و لايستطيع التصريح بها لحليلته . لم يكن يخطر بباله أن ركام وقيود العادات والتقاليد أشد صلابة من سبيكة معدن خُلِطَ فيه النحاس بالحديد . أو كأنها ألواحٌ حجرية بثقل جبال التاكا وضعت على صدره.

شهور مضت سريعة وهو ينهل من عسل تاجوج النقي ، ويتلذذ بدفء جسدها ولسعات حرارته بمبادرات منه وحده .....  ولكنه بفعل الرتابة والاعتياد والروتين أصبح عسلا كقطران ، ودفء قد ارتفعت نسبة رطوبته وتجاوزت التسعين في عز الصيف.

كان أقصى ما يدور هو أن يدعوها إلى جانبه فتلبي نداه لا يدري أطوعاً أم كرهاً . يرتمي فوقها يعجن بعضلاته اللحم والعصب أو يقعد منها مقعد الرجل من المراة في وضع الطَاحِنَةُ عَلَىَ المُرْحَاكَة ، بعد أن يخلع كلاهما ساتر العورة المغلظة في الظلام الدامس والناس نيام ...

يبدأ الجماع ويستمر دون ان يسمع منها سوى ذاك الأنين الخافت الصادر بمهنية ودقة متناهية كأنها دربت عليه عبر محاضرات بالصوت والصورة وهي لا تزال في حجر أمها وخالاتها . وبحيث يأتي على هيئة طلاسم لا يفهم منها الزوج إن كانت تشكو الشبق ام تشكو الضجر .... وإن هي إلاّ دقائق أقل من عدد أصابع اليدين ، ثم ينتهي كل شيء وينقلب كلاهما إلى جنبه الاخر غارق في صمت القبور.

كاد رأس المحلق ينفجر وهو غارق في أفكاره وهواجسه حتى أنه لم ينتبه إلى وقوف تاجوج امامه وهي تظهر له تبرمها من عودته إلى شرب الخمر  ، وإنشغاله بها عن بيته والتزاماته . ثم تتذكر واجباتها نحوه فتسأله في حنو وشفقه و "ريـــده" عن حاله قائلة:

-        كيف أمسيت ؟؟؟

وتردف قائلة :

-        اجيب ليك عشا ؟؟

-        أديك روب ؟؟

وحين يقابل اسئلتها بالصمت الكئيب تبدأ معه في الثرثرة عن زيارة أمها وبنت خالتها لها قبيل المغربية،  وزواج بنت الخالة المرتقب من أبن عمها التاجر الثري ورحيلها معه إلى البندر . وآخر ما تم الفراغ منه في جانب الاستعدادات .... و.. و .. تستمر هي في الثرثرة دون أن يجد المحلق في نفسه حتى القدرة على سماعها ناهيك عن  مجاراتها في الحديث والرد عليها .....

كان كل ما اراد ان يفتح شفتيه تموت الكلمات فلا يملك سوى أن تمتد  يده إلى فيه بالرّكْوَة ، تصب في جوفه المزيد من عرقي البلح فتحيله إلى جحيم يسأل عن مزيد.

صمتت تاجوج عن الكلام ومضت لقضاء بعض حاجتها ، واكتفى هو بإمعان النظر إليها . يتأمل تفاصيل جسدها الطازج في غفلة منها....

لا يدري هل باتت تتهرب سئمة من  الالتصاق به في جلسة حميمية إلى جواره ، كانت تتحايل عليها متمنعة وهي راغبة كلما اشتمت فيه رائحة الخمر تدفعها الدهشة وحداثة التجربة ويقظة وانتباه الغريزة واحتشادها كاملة دفعة واحدة في حسدها الطازج أعقاب شهر العسل وهي عروس تتذوق الرجل وممارسة الجنس تحته لأول مرة ؛ أم أنها تسعى إلى إرضاء مطالب وطموحات الزوج رب البيت فيه ، وهي تخرج إلى الفناء تطمئن على دجاجاتها وتسقي غنيماتها ثم تعود فتدخل الخباء كشمس مشرقة . وحين يهم بالحديث معها تسبقه بإعطائه ظهرها مشغولة عنه بترتيب وتهيئة فراش نومه المفرد البعيد عن فراشها.

بات يحدث نفسه بعد أن كانا لا يدعان لأحدهما الفرصة للكلام من فرط الهوى والاشتياق كلما عاد إليها من الخارج.

-        كم هي جميلة تاجوج !!

-   كم هي حنينة وطيبة ومخلصة ... تَقَدِّمْ وتَبْرَىَ ..... تؤدي أعمالها المنزلية وتطيعه إلى واجباتها الشرعية نحوه.

-        ولكن .. هذا وحده لم يعد يكفي ....

-   كنت قبل ان أعقد عليها وتزف لي وأدخل بها لا ابتغي ولا أحلم سوى أن تصبح لي وحدي ، ويضمنا بيت واحد ....   ولكنني ويا لسخرية الأقدار ، أصبحت بعد زواجي منها وإحساسي بالحرمان من التعبد والتهجد والصلوات في باحة وتضاريس وزوايا محرابها على النحو الذي اشتهي وأرغب ، أحسد ظلها الذي يلاصقها والفراش الخشن الملمس الذي يستمتع معظم الليل وحده بدفء جسدها وهي تعدّد وتغيّر  أوضاعها أثناء نومها فوقه.

-   كم كنت احلم ويسرح بي الخيال أن نقضي الليل ثلثيه أو نصفه ألثم الثغر الندي أعض الكرز وامتص  جلوكوز الفاكهة من صغار العنب ...... أحبها وتحبني ويحب جسدها جسدي .. أسمع منها آهات النداء وتجد مني المسارعة بالتلبية ..... تنام ورأسها على كتفي الأيمن .. ترمي يدها اليمنى على كتفي الأيسر وتنثر شعرها الحريري على صدري. 

-   وبعد بضعة أشهر من الزواج الذي تناقل تفاصيل مهره وبذخ ولائمه واحتفالاته الركبان ها نحن وجدنا نجتر الصمت فيما بيننا وقد أصبح حوارنا لايتعدى تلبية المطالب وأداء الواجبات.

-   ترى ماذا كانت ستفعل بي ومعي سافينا الحبشية لو أطعتها لما تريد وتبتغِي وتشتهي ؟؟

-   ليتني عشت معها التجربة ولو على سبيل المقارنة والحصول على صكوك البراءة من اتهامات لنفسي بشذوذ التفكير والرغبات في ممارسة جنس منشود، غير روتيني ولا رتيب مع تاجوج.

-   تاجوج أجمل منها ... ولكن التقاليد والاطمئنان في حظيرة الزوجية ، وما تعانيه من آلام عضوية عند الجماع بسبب الختان الفرعوني ، جعلت من أعضاء جسدها ألواح ثلج متراصة متداخلة في تناسق جَمالي ربّاني ليس إلاّ .....

-   كانت سافينا في رقصها الإنطباعي الدافيء واهتزاز ردفيها وسيطرة خصرها على تَوَجُّهَاتِ مؤخرتها ، ونظراتها الجريئة المتلهبة تكاد تغتصب في دواخلي كل حبي لتاجوج ....  

....................

لم يكن المحلق فتى عادي من أولئك اللذين يولدون ويأكلون ويشربون ، ويتناسلون ويموتون مثل غيرهم من عامة الخلق وأفراد القطيع .....

كان شاعرا وفارسا .. وهو ما يشير إلى أنه لم يكن صاحب تفكير نمطي يصحب عصره ويهادن أفكار وعادات وتقاليد مجتمعه ، ويساير الأغلبية وسلطة القبيلة بخنوع المستسلم للواقع ليس إلاّ .....

الشعراء سابقون لعصرهم بأفكارهم . وخيالهم لا يحده ضيق أو متسع . وجموحهم لا يسيطر عليه نظام اجتماعي رتيب أو سلطة قبلية مهيمنة ....... لاسيما إذا كان الشاعر رجلاً مولعا بالغواني شغوفا بهن مدمنا على خدورهن وأخبيتهن . أو يافعاً رشيقاً وسيماً خفيفاً يَعْجِب الحسان من العذارى وصويحبات يوسف على حدٍ سواء ويُعْجبْنَهُ ... يترصد لربات الحجول في المرعى ويواعدهن عصرا قرب آبار الماء . يسامرهن في خفة دم ويلقي عليهن أشعاره وأهازيجه وأزجاله وإبداعات خياله ومغامراته مع بنات القبيلة المجاورة المنافسة .... يساعدهن في رمي الدلاء ونشل الماء ، يسقي لهن ويملأ الأوعية ... يهدي إليهن من صيد غزلانه ويبالغ في إكرامهن ولو كانت به خصاصة ....

ثم أن المحلق فوق كل هذا وذاك كان فارسا وفق متطلبات وحقائق عصر الفرسان الذي أفرزته دولة الفونج منذ نشأتها ولا يزال أثره ملحوظا في شخصية سوداني الشمال والوسط بإتجاهاته الأربع حتى تاريخنا المعاصر . وحيث كانت البطانة ومملكة الحلنقة وأغلب الشرق جزءاً من هذه الدولة، وبالتالي جزء من إفرازات ثقافتها وتوجهاتها العربية والاسلامية العامة.

وحين نقول فارسا فلا نعني بذلك مجرد محارب على صهوة جواد . فالفروسية لدى العرب عموما ودولة الفونج خاصة تعني في المقام الأول إعداد فرد ما من واقع إستعداده الفطري ليكون "مثالا" للخلق الإنساني الرفيع الذي ينشد في سعيه الكمال وإن لم يبلغ أعلى مدارجه ..

ثم أن الفروسية بعد ذلك قدرة وخلق ومسلك لا يجري اكتسابها ما بين يوم وليلة .... وهي كلمة تشتمل على عدة معان ليس اقلها الشجاعة ، والقدرة القتالية الغير محدودة في كافة المجالات والثقافة الرفيعة. وسمو الخلق والصبر والشهامة والمروءة ونجدة الملهوف والكرم اللامحدود والـذود عـن المحارم والحياء ، ورد المظالم إلى أهلها والترفع عن الصغائر والتفاهات ......

كان الفارس وفق ثقافة دولة الفونج إذن بمثابة كتيبة عسكرية مكتملة الأسلحة والتوجيه المعنوي.... يُجَوّد المصحف الشريف على ألسنته السبع ... يتدارس معك موطأ إبن مالك وألفيته ؛ ويحفظ المعلقات السبع عن ظهر قلب يفتيك بعلم ورحابة المذاهب الأربعة .... ويحكي لك عن القادرية كما يناقشك في السمانية والشاذلية والبرهامية بنفس القدر من المعلومات والقناعات والأريحية.

كان إذا أدخلته عرينا هرب الأسد قبل اللبوءة إلى الخلاء ... وإذا ألقيت به ليلاً في دميرة النيل الأزرق سبحت التماسيح العشارية إلى الضفاف تستجير منه بالصحراء ... وإذا تركته وحيدا في عرض مفازة جاءك يمشي متبخترا على قدمين بعد عدة أيام يحمل سرح جواده على كتفه فيسقيك شربة ماء ويقـدم لـك وجبـة من القـديـد .....

 كان في زمن الحرب يجلب إفطاره من اوكار النسور والصقور ، يشوي ضب الخلاء للغداء... ثم يتعشـى من جحـور الأفاعي .....

وكأمثال الملوك الفرسان بادي أبو دقن ، والسلطان تيراب ؛ كان في زمن الحرب والزحف يعبر الأدغال والأحراش والغابة المظلمة على قدميه وسط الأفاعي وبين الضواري ، ويستطيع الاستمرار أسبوعا على صهوة جواده في البوادي والصحراء دون أن يطلب النزول لتناول الطعام وقضاء الحاجة ، وقد تقلد سيفه في يده وتناوب خدمه وأتباعه السعي خلفه  يحملون له دروعه ومختلف أسلحته.

وفي موروثنا الشعبي وأغاني الحماسة لا يستقيم للفارس مقام الفروسية إلا إذا هزم وحده الثلاثمائة محارب دفعة واحدة. وطرد من تبقى منهم على قيد الحياة أمامه حتى يوصلهم إلى ديارهم راكضين ؛ بعد أن يكون قد أوقع سراويل نصفهم برمحه وجَزّ ناصية النصف الآخر بطرف سيفه.

.......................

لم يكن المحلق المتعلم المثقف بمقتضيات زمانه في منتصف القرن الثامن عشر (1750م تقريبا) غائب إذن عن واقعه بقدر ما كان ثائرا عليه ....

ثم انه ليس من الحصافة ان يثور المرء خارج بيته ويصيبه الخنوع والخنا داخله .......

كانت تعاليم الإسلام وشفافيته وفقه السُنّة المُشرّفة تجاه العلاقة الزوجية ماثلة امام المحلق عبر التعليم والثقافة التي توفرت له ضمن منهج الفروسية على يد أبرز علماء الدين في عصره . فكان يلمس في هذه التعاليم المتماشية مع الطبيعة البشرية تناقضا سافرا مع التقاليد والعادات الاجتماعية الوضعية السائدة في بيئته المحلية.

كان المحلق في لحظاته تلك يستدعي إجماع فقهاء السلف والتابعين على انه لا عورة بين الرجل وزوجته... وأن لهما  ان يريا من بعضهما ما يشاءان  وكيف شاءا ويعجبهما .. وأن لهما الحق في المداعبة والملاعبة وملامسة وتهييج الأعضاء وأن يعري الجسد ويعصر النهد ويقلّبها في الاتجاهات الأفقية والرأسية الأربعة كأنها قُطّةٌ شَقِيّة على سطح صفيح ساخن .... يقبّلها من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها،  فجميع جسد الأنثى ثراء ووحي إثارة ؛ وإشعاع جمال وينبوع حنان ومحراب لذّة .... حيثما مالت يميل لها القلب ويسرح معها الخيال ... ومن يتمكن من فك شفرتها ويحمل في يده مفاتيحها يحد في وسط نيرانها برداً وسلاما .... وهي الوحيدة التي تؤنس الذكر . يفعل بها وبعواطفها وتفعل به ومعها ومعه فوق ذلك وما دون ذلك كيف شاء وشاءت ......

ثم أن تاجوج إذ وقفت ترقص أمام الملأ على السَباتَة في ليالي عرسها وقطع رَحَطِهَا ، مترتديةً الخفيف شبه عارية ؛ فمن النوافل وبَاب أوْلَىَ أن تستعرض له مفاتنها على خط النار وضوء السراج المنير . وترقص له في مخدعها عارية بعد أن اختليا ولم يعد سوى الحب ثالثهما.  

.....................

أيهما يصدّق المحلق وأيهما احق بالاتباع ؟؟؟

وبعد معاناة تكاد تبرز إلى العيان من خلال سطور وأوراق التاريخ ، ألقت بظلالها وتلصصت فيها العادات والتقاليد البالية الثقيلة الوطأة ، وإرث تجارب شخصية فاشلة وعذابات أفراد بعينهم فرضوها لاحقا على كافة المجتمع؛ اتخذ المحلق قراره الصعب وهو يسعى لإزالة الركام وطبقات العصر الجليدي بينه وبين حليلته . ولكنه لم يجرؤ على هذه المواجهة الصريحة إلا وهو متستر خجلا وحياءا خلف زجاجات الخمر.

ربما كان المحلق على صواب من حيث الفكرة والمبدا والاتكاء على الشرع ونبذ التقاليد الوضعية البالية .... ولكنه كان مخطئأ في أسلوبه وكان عنصر المفاجأة ثقيلا على عروس لم تتعدى الخامسة عشر من عمرها وبمستوى الثقافة المحلية المنغلقة لتاجوج ثم بوصفها ربة خدور ولم تتلقى قدر من التعليم . وبالتالي تعوزها التجربة والنضج الفكري والمرونة والقدرة على تقبل الابداع والاستجابة إلى الجديد والإحاطة حينذاك بعلوم الفقه وتفسير الحديث ، حين نادى عليها المحلق وقد لعبت الخمر برأسه فكانت قسمات وحهه قاسية وبعيون وقحة وهو يخاطبها . فأحست كأنها تبيع له جسدها ، أو هي رقيق لا حول لها ولا قوة سوى إطاعة الأوامر والنزول عند رغبات الأسياد.

طلب منها مباشرة ودون مقدمات أن تتجرد عن كامل ثيابها وتسدل شعرها الأسود الكثيف على عاتقها وكتفيها . وأن تأتي وتذهب أمامه مقبلة مدبرة وقد تجردت خلال هذا العرض الجمالي حتى من ورقة التوت. ثم أنه شفع طلبه هذا آمراً لها أن ترقص له كما كانت تفعل على السباتة في ليالي عُرسها.

كان الأسلوب التصادمي الفجائي الذي اتبعه المحلق في طلبه هذا يدل على أنه لم يكن بمنآى عن المعاناة في كسر الحاجز النفسي بين الممكن والمستحيل في زمانه . فهو رغم فروسيته ورغم خياله الشعري الجامح ما كان إلا ليتستر خلف الخمر تارة وخلف تأففه وضجره تارة ثم لجوئه إلى تكتيك الصدمة وكأنه يرمي عن كاهله عبئا تنوء بحمله الجبال ......

...........................

ألجمت الدهشة في البداية لسان تاجوج وشلّت عقلها ، فبدت كمن لدغها سبعون ثعبانا في آن واحد .... تداعت إلى عقلها كل مخزونات الطفولة حين فاجأتها أمها وخالاتها بإعدادها ليوم الختان ، وحرصن قبله على دعوة عماتها وبنات عمها وكل عواجيز العائلة والقبيلة لحضور مراسمه ، وقد أحطن بها ولا تزال أصواتهن ترن في أذنها وهن يوصين الخاتنة بأن تعمل المزيد بالموسى لبتر وإزالة جذور تلك الغلفة الماثلة في البظر المشبوه بقدر المستطاع . ثم اعمال الإبرة والعصب في خياطة فتحة التناسل حتى تستحيل مثل سم الخياط.

كانت تاجوج الطفلة تصرخ بملء فيها تستنجد بأبيها ولكن لا حياة لمن تنادي . فقد حرص الأب والأخ على مغادرة المنزل في هذا اليوم بالذات منذ الصباح الباكر ؛ وكأنه يتوارى خجلا وقد إسْوَدّ وجهه وهو كظيم .....

ظلت تحاول عبثاً التشبث بذراع أو ثوب خالتها تارة و عمتها تارةً أخرى . ولكن الخالة قبل عمتها في تلك اللحظات التاريخية المفصلية تفاجئها بقسمات وجه صلب قاسي كالبازُلْت ، غير الذي اعتادت عليه منها.

ترتفع الزغاريد تعلن الخلاص من العار والشبهة إلى غير رجعة ...... تردد الأتراب الأهازيج ؛ كأنها يجري سفك دمائها على النُصُبِ وحِجْرِ  إسَافَ ونَائِلَة  لتعلن على الملأ أن هذا النّبْتُ الشيطاني والجزء الملعون من سؤتها وعاصمة فضيحتها قد جرى إعدامه وتغييبه نهائيا وغير مأسوفا عليه من الساحة.

وبعد الفراغ من الاستئصال تحرص العمات على عرضه أمام الحشد من النساء توطئة لقذفه فوق موقد ممتليء بالجمر الملتهب ليحترق ويستحيل إلى رماد وسط روائح المستكة وبخور التيمان .

وبذلك يجرى على وهم وزعم خاطيء تكريس شرف العائلة بإجتثاث كل مسببات التهيج الجنسي . وسجن ما تَبَقّىَ من أعضاء الجهاز المشتبه فيه داخل معتقل نفسي.

ثم هي لا تنسى بعدها زلزالا آخر جرى حين نمت قليلا وبدأت تستعد لدخول مدارج الصبا والمراهقة المبكرة . ذلك اليوم الذي جاءت فيه تلك البصيرة وهي تحمل في جرابها إبر حديدية مدببة نثرتها أمامها ، وبدأت تنتقي منها واحدة تلو أخرى بعناية . تتفحصها جيدا بعين مفتوحة وأخرى مغلقة ثم تعجمها بأسنانها ، وتلقي بها في إثر سابقتها على جمر الموقد ثم تخرج دواة مليئة بمسحوق الأثمَدَ الناعم  ....

وبعد أن جرى تقييدها انهالت البصيرة على الشفة السفلى منها تغرس فيها الإبر الحامية المغموسة في الأثمد بسرعة متناهية لتقتل فيها وإلى غير رجعة أحاسيس اللذة خوفا عليها من ذلك التفاعل الكيميائي الذي تحدثة قبلة الذكر لها وامتصاصه لرحيقها فيصيبها بالدوار وشبه إغماءة تحيل جسدها علكة ساخنة وشرف القبيلة إلى رماد تذروه الرياح.

...................

استفاقت تاجوج من كابوسها كأنها لا تصدق أذنيها. أو ربما كانت تتمنى لو انشقت الأرض وابلتعتها قبل أن تسمع مقالة المحلق لها ...... ورويدا رويدا بدأت في استعادة تماسكها فقالت له والكلمات لا تكاد تخرج من شفتيها بعد أن جف لسانها:

- انت الظاهر عليك سكرت يا أخــوي .. كلامك بقى شين وماك واعي بي روحك والبتقولو.

فرد عليها المحلق في إصرار وكأنّ الخمر قد غادر رأسه وشرايينه :

- أنا ما سكران .. أنا صاحي والكلام القلتو واعي بيهو.

صمتت تاجوج وتسمرت عيناها في وجه زوجها كأنها تبحث عن قسمات مزاح أو علامات جنون وسطه، ولكنها لم تجد فيه سوى صرامة الوعي والإصرار . فتحول الغضب فيها إلى حزن دفين ، وهي على حد ونمط تفكيرها وقناعاتها المغروسة منذ الطفولة قد رأت فيه إهدارا لكرامتها وشرف أبيها وأخيها وأجدادها الذي أؤتمنت عليه، وأصبح عبئا تحمله كل بوصة مربعة من جسدها ..

ظلت فترة مترددة تحدث نفسها ونادمة على اليوم الذي وافق أبيها على تزويجها بالمحلق.

-   ليت زوجي كان أي فرد آخر من أبناء العمومة أو العشيرة .. فرد عادي يفكر مثل ما أنا أفكر . يروح ويغدو مثل أبي وجدي لا نملك أنا وهو سوى آمال وطموحات تكرار النسخ الأصلية.

-        ألا يفهم المحلق ؟؟؟ ألا يعي ؟؟

-   أعرف أنه كانت له علاقات ومغامرات مع كثير من النساء والمطلقات الناضجات بعد أن اخضر شاربه وتفتحت ورود الفحولة في جسده وصار يلفت انظار بعضهن بوسامته وتناسق أعضائه وفتوته وشهرته في المصارعة ......

-   لكنني لست من أمثال هؤلاء ولم اخلق لهذا .... هكذا تمضي العادات والتقاليد التي فتحت عيناي عليها ... لست جارية أو عاهرة . وإنما حليلة بقتصر نطاق علاقتها بزوجها على الواجبات الشرعية والحمل والطبخ والتنظيف والسهر على خدمته وراحته ومشاركته الحياة في الحلوة والمُرّة ...

-   كان أهون علي أن يتخذ المحلق الخليلات والعشيقات ويغشى المواخير في الأطراف أو المدن مثل ما يفعل معظم الرجال المتزوجون . يجدون فيهن السلوة والعزاء من صدأ العلاقة العاطفية مع الزوجة الحليلة ربة البيت وأم العيال وملبية الحق الشرعي ... فكم من فرسان وحكام وملوك وقادة ترتجف أمامهم وفي مواجهتهم أوصال الرجال ولا يخاطبون زوجاتهم إلا بعد تلَمّسِ شواربهم وفتلها . ولكنهم في مخدع العشيقات وأوكار العاهرات يرقصون معهن الرقبة واللّول لُول .... يَهِزّون الإلْيَتَيْنِ ويَُبْرِزُونَ المؤخرة مثبتين كأس الخمر على الجباه . يضعونهن عاريات على ظهورهم يجوبون بهن أرجاء الغرفة الحمراء بميكانيكية الحـبو الطفولي والركوع .. يقبلون أقدامهن قبل أن يحملوهن على الاكتاف قائمين و يرتمون بهن على السرير.

......................

استجمعت تاجوج شتات جزنها وأسفها على زواج وعلاقة مقدسة بدت للوهلة الأولى عند اتمام الزفاف سرمدية وقالت للمحلق:

-        ما عندي مانع .. لكن لي عليك شرط واحد.

أجابها المحلق بالموافقة مسرعا دون تفكير . وقد ظن أنه شرط نسائي عابر . أو ربما تطلب منه أن يكتم هذه النقلة النوعية في علاقتهما العاطفية داخل صدره ولا يبوح بتفاصيلها ولو بالإشارة العابرة إلى أحد . لاسيما وقد اعتاد الشباب من مستجدي الزواج عندما تدور الخمر بالرؤوس على الافتخار وسط شلة الأنس بالفحولة والقدرة على الممارسات الطِوَال المتعددة في الليلة الواحدة ، وغير ذلك من أكاذيب الرياء ونسج الخيال ، ومَحْضَ الهُراءِ وأساطير الفحولة الجوفاء.

ولكنها أردفت قائلة:

-        تحلف على الوفاء بهذا الشرط بالطلاق.

فحلف لها المحلق بما أرادت وكأنه يسابق الليل خوفا من أن تتبخر لحظاته سراعا ويلملم أطرافه وينمحي بآية النهار .

تجردت تاجوج عن دثارها وشعارها وأسبلت شعرها على العاتقين فخطفت ببريق لونها الحنطي النضير الضوء من السراج ..

جاءت تسعى نحوه بجسدها الفاخر المُضَمّر . فلم يتمالك المحلق إلا أن يضع وبحركة عفوية منه سيف كف يده اليمنى على جبهته وفوق عينيه إشفاقا منه أن تضيع عليه بعض أدق التفاصيل وتسلبه عيناه لذّة النظر ....

أقبلت فإشرأب نحوها بعنقه وقد ركّزَ عينيه يبحث عن كل المواقع والأضابيرَ  المفقودة في ذاكرته وخزانات أرشيفه البائس . لكن تاجوج سرعان ما أعطته جانبها تجر أردافها وكفلها وراءها وتنوء بمؤخرة كالكثيب.

فرّقت بين يديها وجسدها ثم ثبتت قدمها اليمنى على الأرض وبدأت "تترتر" وتدور عكس عقارب الساعة تخرق الأرض وتعصر القلب .... ترتفع بصدرها في رقصة الإوز العوّام وتتجلى فتُحِيلُ تُـوتِيلَ دكًّـاَ ، ولا تملك أنت إزائها سوى أن تخلع نعليك و تخرّ  من فوق برجك العاجيّ صَعِقَا .

أقبلت نحوه تسعى بثلاث خطوات فطار صواب المحلق وظن أنه قد بات على موعد حلول الروح في الروح وقاب قوسين أو أدنى من المراد والمبتغى وجنة المأوى وعشقُ لا يَبْلَىَ . ..... هب نحوها يريد احتضانها بين يديه وقد عزم على تقبيل كل المغارات والتضاريس تعميدا لها في أرفع مراتب القدسية . لكنها ولت عنه مدبرة واستدارت تعطيه ظهرها فحاكت "بادية بنت غيلان الثقفية" وهي تُقْبِلُ بأرْبَعٍ وتُدْبِرُ بِثَمانْ ؛ غيرّ أن تاجوج بَـزّتها بتجردها وعريها فبان صدرها مفعما بنهدين مكورين شامخين طامحين بحلمتين بارزتين مثل صِغَارٍ حَبّات العنب محاطتين بدائرتين كأنها أمواج أحدثتها قطرتي ماء هبطتا للتو من مُزْنَةِ طَرْفَةٍ باكيةٍ سمراء على سطح بحيرة فكتوريا .

إنعكس ظل الصدر بنهديه على جانب الخباء بفعل ضوء السراج  وهي تميل به وتعتدل تحفضه وترفعه فبدا وكأنه في خُطَاها به وشموخه شبيه بمُقَدِّمَة السفينة تايتانيك . ثم استدارت اليه بوجهها فبرزت كل المفاتن بقاعٌ من ذهب.

.....................

تهاوى المحلق رغم فروسيته خائر القوى صريعا إلى حيث كان يجلس ... صمت لسانه عن التسبيح .  ولكن عيناه تسمرتا على جسدها الملفوف القوام والكشح الهضيم وظلها على ضوء السراج الباهت يتحرك إلى جانبها ثم يسبقها ويعود ليحتضنها  في صدره تارة و يتحد بها تارة أخرى أو ينزوي أسفل منها .. تضيع ملامحه للحظات ويختفي ثم يبرز وقد ضمها إليه من خلفها في عناقٍ  وانعتاق وغزل مثيرٍ للجدل . فيفجر جمالها وتناسق الأعضاء وملاعبة ومداعبة ظلها الأسود لها في أغوار المحلق حرارة البراكين ورغبات سريالية متداخلة من الشهوة والاشتهاء ونيران الغيرة والأسى والحسد على هكذا جسد متاح أمامه،  ولكنه لا يكاد يطول منه سوى الفُتَاتِ ...

.....................

لم يكن المحلق حتى تلك اللحظة يدري أو يخطر على عقله أنها تؤدي له رقصة الوداع ........

كان يُمَنّي النفس بليلة حمراء من ليالي ألف ليلة وليلة يَعْمَدَانُ فيها إلى عبء عذابات وتجارب شخصية فاشلة ورثاها عن دون خاطر فيلقيان بها وراء الظهر دفعة واحدة وإلى الأبد ... ولا يستمعان سوى لنداء العقل والمنطق ويتركان عناء السنين وغثاء العادات وعقم التقاليد ليحملها على عاتقه من هو "أجدر" بها منهما ،  وكل من اختار لنفسه الانتظار محنطاً جوار مقبرة التاريخ .......

ومن فرط سعادته وإحساسه الكاذب بأنّ تاجوج قد تخلصت في هذه الليلة إلى الأبد من عقدها المكبوتة وأمراض الفصام العاطفي والشرخ الجنسي ، لم يلحظ المحلق أن تاجوج قد أنهت رقصها فارتمت على الأرض ثم تكوّم جسدها فوق بعضه تنتحب وتبكي حظها العاثر  وتردّيات الفضبحة والعار الذي اجبره عليها المحلق وجلبته هي على اسرتها  أو هكذا تهيأ لها ....

.................

مضى المحلق ينسج لنفسه ولها الأحلام وعناوين عهد جديد ويحدث نفسه :

-   الآن سنبعث للقمر في السماء رسالة تتردد من بعدنا على لسان كل الأجيال الناشئة .. وقد آن لك يا بدر أن تزيل الغيوم عنك وتفصح لكل أهل الأرض بلا استثناء عن وجهك الحقيقي كاملا بلا مواربة ... سأخرج بعد قليل أنشد لك قصائد الحرية وترقص من أجلك تاجوج على وقع ألحان الانعتاق. فقد كسرنا القيود ورمينا سلاسل الحديد الصدئة في حَلْقِ الرُخْ ليطير بها بعيدا  ويهوي بها في مكانٍ سحيق أو يخبئها في جوفِ السُعْلاة ....

-   بِـنَا ... نَحْنُ .... أنا وتاجوج وأنت متحدين لن تعاني يا بدر في مستقبل ايامك من ظاهرة المحاق . ولن يستحيل وجهك كالعرجون القديم.  

-   دع الشمس تشرق غدا من هناك ... فلن يُغَيِّبُ أو يحجب شعاعها ضوئك أو وجهك الطفولي عن العيان . وستظل بدرا على مدار الساعة والتاريخ في كبد السماء ما بقيت على الأرض حياة . نحطم كل الأوثان ونعيد رسم الخريطة العاطفية في القبيلة من جديد .... ننتقل أنا وتاجوج إلى جوارك وقد تابعت خطانا واقتدت بآثارنا كل النجوم  الزاهرة.

-   وغدا يشفى القاش من جنونه ويحفر لمائه مجراه الدائم .. على ضفتيه يحلو السمر وضحكات العشاق،  وتنمو أشحار البرتقال الأصفر الحلو وشجيرات الليمون ويغرس الموز وتفد الطيور مهاجرة من كل حدب وصوب تبني أعشاشها وتعتني بأفراخها .....  

...................

كان يحدث المحلق نفسه حينا ، ويفصح بصوت خفيض أحيانا وهو سابح في خياله دون وعي بما يدور حوله.

فجأة حانت منه التفاتة نحو تاجوج وقد هاله ما رأى منها والكحل الأسود المخلوط بالدموع يملأ وجنتيها. وقد ارتدت ملابسها وحزمت إلى جوارها لفافة قماشية لاتحوي سوى ملابسها التي جاءت بها عروسا من بيت أبيها :

-        جَـاْ وقت الوفاء بالشرط يا ود عمتي.

-        أشرطي .. رقبتي فداك

-        الطلاق.

-        قلتي شنو؟؟

-        سمعتني كويس ... قلت ليك الطلاق.

-        دا كلام شنو ؟؟؟

ثم أردف محاولا الضحك غير مصدق:

-        إنتي راسك داش من الرقيص ولا شنو ؟؟

وأضاف:

-        يمكن شربتي من ركوة العرقي غلط قايلاها موية.

لم تتغير تقاطيع وقسمات وجهها الصارمة حينذاك ورددت:

-        الطلاق يا محلق .... الطلاق.

حاول عبثا تهدئة انفعالها فقال لها:

-   يا بت الناس كدي روقي وختي الرحمن في قلبك واعقلي ... الزعل فوق شنو؟؟

وعمد إلى تذكيرها بنفسها قائلا في لطف يشوبه عتاب:

-   عيب بت القبائل تقيف فوق راس راجلا وتطلب الطلاق. ... إنتي ما واعية بي روحك ؟؟

قالت:

-   واعية وصاحيه ... واعية اكتر من أي يوم قبل ده ... واعيه كأنّوْ عيوني كَانَنْ مغمّضات وفتّحَنْ ... بس انت ما خلّيت فيني أصول ولا قبائل .

رد عليها مستفسرا باقتضاب:

- كيف ؟؟؟

-   بعثرت كرامتي في الأرض . وطلبك دا مافي زول سبقك عليهو ... اتعريت ليك وعرضت جسمي رخيص قدامك في سوق اللحم ورقصت ليك عريانه . كنت بحس بي روحي قاعده أرقص في وسط تجار وزبائن سوق النخاسة .... بعد دا فضل لي عندك شنو ؟؟ إنت ماخِدْنِي لي جِنِسْ دا؟؟

ثم  تابعت في حسم:

-   طلّقني يا المحلق قبل ما أمشي بيت أبوي براي ... الكلام كتر وأنا تعبانه .. أرمي علي اليمين قبل ما أطلق السكلي ويتلموا الناس وتبقى الفضيحة حية ومشهودة إضنين وعيون وسط أهلك .

حاول استعطافها ورمي الكرة في ملعبها قائلا:

-        إنتي وكت أصلك ما راضية سمعتي كلامي ليه ؟؟

اجابت :

-        جَبَرْتَنِي ياالمحلق .. وليك عليّ الطاعة.

-   خلاص وكت إنتي فاهمة كدي طيعيني وبطلي الدايراهو دا . وامشي ارقدي نومي الصباح رباح.

-   بعد الشرط الشرطتو عليك ورضيت بيهو ما عاد في طاعة إلا للوفاء بالشرط . وانت حلفت بالطلاق ووعد الحر دين عليهو.

وأضافت في انفعال زادت وتيرته:

-   طلقني يا المحلق .. ما عندي كلام تاني .... طلقني ... "سَجَمِيْ" .... "وووب علي" ... "كررررر علي" "وووووووووب" ... "ووووووووووب"  يابا تعال لي .... وينك يا أبوي ويا أخوي ....

-   خلاص أسكتي بت القبائل ما بتجيب لي بيتا الفضائح... خلاص أنا بوديكي بيت ابوك هسع اقعدي هناك اسبوع.

-   ما في أسبوع .... أنا نفسي مرقت منك خلاص ... وما بيناتنا إلا الوفاء بالشرط ... وانت راجل ود رجال وود قبائل .. ما دايره اذكرك بي أصلك وفصلك.

لم تخلو كنانة المحلق من وسائل المسايسة ومحاولات امتصاص غضب زوجته فقال لها وهو يفتعل الحزم:

-   الطلاق ما لعبة .. دا شرع الله وشرع الله ليهو شروط .. ما يجوز أطلقك إلا بعد حيض وطُهْر ...

أجابته من واقع ما تعرف فقالت:

-   الطلاق ياهو الطلاق .. الناس عندنا كلها بتطلق كدي ..    إنت جايي تسوي ليك دين براك ؟؟ أرمي لي حبلي . أنا خلاص روحي دايره تمرق من حلقي .. ما دايراك.

ولكنه رغم ذلك لم  يهن عليه الاستسلام بسهولة لانفعالاتها وتلبية طلبها فقال لها:    

-        أنا جايي معاكي .. وزي ما شلتك من يد أبوك برجعك ليهو .

كانت تاجوج أذكى ففطنت إلى حيلة المحلق فقالت:

-        طلقني هنا ... أنا بيت أبوي بعرف دربه براي.

أسقط في يد المحلق وبدأ له أن تاجوج ستسد عليه كل المنافذ والذرائع .... بدأ يشعر أنه يتخلى عن كرامته ، ولم تعد أمامه كثير من خيارات . طفق يسلي نفسه بأنها التطليقة الأولى وأمامه طلقتان حتى تبين وتحرم عليه. فلِمَ لا يحتفظ بكرامته ويستجيب لها ؟؟؟

استجمع كل ما يمتلك من شجاعة الفرسان . وكاد يضحك في خضم المأساة وهو يتذكر مقولة الحاج أدروب ناسج  العناقريب وفاتل الحبال حين كان يجلس إليه مع أقرانه في عريشه المفتوح للهواء الطلق من كل الجوانب الأربعة . يقدمون له يد المساعدة في رفع وتنزيل كل ما يثقل عليه من الخام  والمنتجات بين حين وآخر . وفي خضم ذلك يتسامرون معه وسط فناجين القهوة الدائرة وسطهم دون انقطاع . وينهلون من تجاربه وحكمته وحكاويه عن تاريخ أجدادهم وبطولاتهم وتلك المقولات الطريفة التي كان يرددها بأسلوب وقناعات سابقة لعصره كأنه يتنبأ ويضرب الرمل للمستقبل :

_ [البيعرّس يا وليداتي  هو الراجل .. والأرجل منه البيطلق ... لكن الأرجل منهم كلهم هو البيعرّس فوق مرتو الأولانية]

يتذكر المحلق كيف استغرق هو وأقرانه من الصبية في الضحك الصادق من كل القلب آنذاك على هذه المقولة وهم يسمعونها لأول مرة في حياتهم .. وحيث لم يكن يدري أن السنوات ستمضي ويدور الزمان دورته ويتعرض هو بشحمه ولحمه لمثل هذا الموقف الرجولي الصعب .. وأمام من ؟؟ من أحب ومنح لها كل عواطفه وبنى عليها كل أحلامه ومستقبله.

لم يعد في المجال من إمكانية لحلول وسط .. وأحس أنه كلما استغرق في تفكيره فإنه يغرق نحو القاع وتخور قواه وينفذ الأوكسجين من رئتيه ....

رفع رأسه اليها فلم يملك سوى أن يقول لها في وداعة القط الأليف:

 - إنتي طلقانة يا تاجوج .. أمشي بيت أبوك الله يعدلا عليك.

.....

بكت تاجوج كما لم تبكي من قبل وخرجت مسرعة لا تلوي على شي إلي حيث مضارب أسرتها .

.........................

واصل المحلق استغراقه للحظات مضت من عمره كأنها سنوات .. ثم فجأة تذكر فداحة الأمر وحقيقة خروج تاجوج وحدها في تلك الساعة من الليل الموحش . فارتدى ملابسه سريعا وخرج دون أن يحمل في يده سلاحا عن قصد منه . وهو يدرك بحدسه أنه سيجد في مواجهته أبيها وأخواله وبعض خالاته وأهله.  فلا يجوز أن يذهب إليهم في هكذا موقف وهو يحمل في يده سلاح ولو كانت عصاة يدفع بها عن نفسه عض الكلاب الضالة.

أسرع خلفها يعدو ليرافقها إكراما لها وحتى لا تعود وحدها مهانة .....  لكنها كانت قد سبقته بقليل . وعند وصولها إلى مشارف المضارب تصادف خروج زوجة عمها من خبائها تبحث لنفسها عن جمر تدفي به طعام العشاء لزوجها .. وحين رأت تاجوج مهرولة نحوها تبكي بحرقة وهي تحمل لفافتها ألقماشية في يدها وخلفها المحلق يعدو من بعيد وراءها أدركت أن في الأمر طلاقا . فأطلقت لحنجرتها العنان في "السّكَلِيْ" وترديد كلمات تنم عن الحزن وخيبة الأمل وفقدان الرجاء.

إنقلب حال المضارب راسا على عقب وخرج الجميع ما بين حافي القدمين وآخر يجرجر أثوابه وأخريات وقد سقط نِصْفُ القُرْقَابْ عن خصورهن بعد الظن لأول وهلة أن غارة انتقامية مفاجئة قد شنها على مضاربهم فرسان القبيلة المعادية.

تعثرت تاجوج وارتمت على الأرض أكثر من مرة لهول ما شاهدته ومعاناتها . ولكنها تمالكت نفسها ودلفت مسرعة إلى خباء أمها وارتمت على الأرض تنتحب في حرقة.  فتركها والدها لأمها وأسرع نحو المحلق الذي كان قد وقف غير بعيد حافي الرأس والقدمين يجرجر أثوابه مذهولا هو الآخر من المشهد وتجمع الخلق بمن فيهم القطط والكلاب من كافة المضارب كأنه يوم الحشر .... وقد بدت سحنات الوجوه على وهج النيران أكثر قتامة وصرامة وتربص ....

-        في شنو يا ولدي .. الحصل شنو؟؟

-        تاجوج دارت الطلاق براها يا خالي وحلفتني عليهو .. أنا ما دُرْتُو ليها.

-   مَا فِيْ بِتْ قبائل بِتْكُوسْ الطلاق بَرَاهَا يا ولدي ... لاَ بُدَنّكْ  أذيتا وغَصَبْتُو عليها.

ثم أردف :

- طلقتها بالثلاثة ؟؟؟

أجابه المحلق:

- بالثلاثة كيف يا خالي ؟؟ ما يجوز في الشرع إلا تطليقة واحدة في المجلس الواحد .. وأنا هسع متمسك بحق المراحعة.

بدأ الأب مثل إبنته لا يفهم في تفاصيل الشرع شيئا فاكتفى بانتهاره مثل ما يفعل الخال بإبن أخته:

- أَمِشْ فُوُتْ  يا المسدود ... الله يخيبك يا المَعُولَقْ ... بَاكِرْ الله يَهَوّنْ .. مع السلامة.

لم يجد المحلق من بد سوى الانصياع وسط البكاء والنحيب الصادر من بعض خالاته .  فعاد يجرجر قدميه وأذيال خيبة الآمال يفكر في حاله وفشله مع تاجوج .... بات  يرثى حاله ويرثي لها حالها ....

ربما اشتط هو حين أراد نقلها من مرحلة إلى مرحلة قسرا وهي بنت أمها وخالاتها وجدتها وخبائها ومضارب ابيها وأعمامها .. لم تتلقى طوال حياتها تعليما ولا ثقافة ولا تعرف شيئا عن الحروف الأبجدية ، وما يدور خارج هذه المضارب التي حبستها أميتها داخل أسوار زرائبها الشوكية وسط عادات وتقاليد وثنية متناقضة لم تكن تسمع سوى أدبياتها فشكلت فيما بعد قناعاتها الراسخة .....

وباتت أعين القبيلة ترمقه وهو يحدث نفسه كثيرا يلقي عليها أشعاره فاتهمته بالجنون رغم أنه لم يكن في حقيقة الأمر يتساءل:

-   هل فشلت مع تاجوج أم نجحت هي في هزيمة كل عواطفي ولجم جماحي الفطري الذي يشدني نحو التحرر من كل بالي وغير منطقي ؟

-   هل نجحت تاجوج بإرثها الثقافي المحلي المنحدر من غياهب الوثنية منذ عهود كوش يساندها المجتمع بقوة في صد  تعاليم وتوجيهات رسالة سماوية خاتمة شاملة ؟... أم أنها جاءت مصداقا ومثالا حيا سافرا يعزز قول الإمام الشافعي رحمه الله : "جادلت تسعة وتسعين عالما فغلبتهم وجادلني جاهل واحد فغلبني" ؟  

   

(نهاية مأساة وبداية أخرى)

 


© Copyright by SudaneseOnline.com


ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

أعلى الصفحة



الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات و تحليلات
  • تشارلز تيلور يكتب من لاهاي هاشم بانقا الريح*
  • تنامي ظاهرة اغتصاب الاطفال ...! بقلم / ايـليـــا أرومــي كــوكــو
  • مؤتمر تمويل التنمية/د. حسن بشير محمد نور - الخرطوم
  • بين مكي بلايل والعنصرية والحركة الشعبية /الطيب مصطفى
  • قالوا "تحت تحت" الميرغنى ماااااا "داير الوحدة"/عبد العزيز سليمان
  • الصراع الخفي بين إدارة السدود والمؤتمر الوطني (4-12) بقلم: محمد العامري
  • قواعد القانون الدولى المتعلق بحصانات رؤساء وقادة الدول/حماد وادى سند الكرتى
  • هل يصبح السيد مو ابراهيم حريرى السودان بقلم: المهندس /مطفى مكى
  • حسن ساتي و سيناريو الموت.. بقلم - ايـليـا أرومـي كـوكـو
  • الجدوي من تعديل حدود اقليم دارفور لصالح الشمالية/محمد ادم فاشر
  • صلاح قوش , اختراقات سياسية ودبلوماسية !!؟؟/حـــــــــاج علي
  • أبكيك حسن ساتي وأبكيك/جمال عنقرة
  • نظامنا التعليمي: الإستثمار في العقول أم في رأس المال؟!/مجتبى عرمان
  • صندوق إعادة بناء وتنمية شرق السودان .. إنعدام للشفافية وغياب للمحاسبة /محمد عبد الله سيد أحمد
  • )3 مفكرة القاهرة (/مصطفى عبد العزيز البطل
  • صاحب الإنتباهة ينفث حار أنفاسه علي باقان: الصادق حمدين
  • جامعة الخرطوم على موعد مع التاريخ/سليمان الأمين
  • ما المطلوب لإنجاح المبادرة القطرية !؟/ آدم خاطر
  • الجزء الخامس: لرواية للماضي ضحايا/ الأستاذ/ يعقوب آدم عبدالشافع
  • مبارك حسين والصادق الصديق الحلقة الأولى (1-3) /ثروت قاسم
  • ماذا كسبت دارفور من هذه الحرب اللعينة !!/آدم الهلباوى
  • الأجيال في السودان تصالح و وئام أم صراع و صدام؟؟؟ 1/2/الفاضل إحيمر/ أوتاوا
  • النمـرة غـلط !!/عبدالله علقم
  • العودة وحقها ومنظمة التحرير الفلسطينية بقلم نقولا ناصر*
  • المختصر الى الزواج المرتقب بين حركتى العدل والمساواة والحركة الشعبية لتحرير السودان /ادم على/هولندا
  • سوداني او امريكي؟ (1): واشنطن: محمد علي صالح
  • بحث في ظاهـرة الوقوقـة!/فيصل على سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر
  • سقوط المارد إلى الهاوية : الأزمة مستمرة : عزيز العرباوي-كاتب مغربي
  • قمة العشرين وترعة أبو عشرين ومقابر أخرى وسُخرية معاذ..!!/حـــــــــــاج علي
  • لهفي على جنوب السودان..!! مكي المغربي
  • تعليق على مقالات الدكتور امين حامد زين العابدين عن مشكلة ابيي/جبريل حسن احمد
  • طلاب دارفور... /خالد تارس
  • سوق المقل أ شهر أسواق الشايقية بقلم : محمدعثمان محمد.
  • الجزء الخامس لرواية: للماضي ضحايا الأستاذ/ يعقوب آدم عبدالشافع
  • صاحب الإنتباهة ينفث حار أنفاسه علي باقان أموم/ الصادق حمدين
  • رحم الله أمناء الأمة/محجوب التجاني
  • قصة قصيرة " قتل في الضاحية الغربية" بقلم: بقادى الحاج أحمد
  • وما أدراك ما الهرمجدون ؟! !/توفيق عبدا لرحيم منصور
  • الرائحة الكريهة للإستراتيجي بائتة وليست جديدة !!! /الأمين أوهاج – بورتسودان
  • المتسللون عبر الحدود والقادمون من الكهوف وتجار القوت ماشأنهم بطوكر /الامين أوهاج