بانتخاب باراك أوباما تتحقق نبوءة مارتن لوثركنج وصدام حسين
في هذا اليوم التاريخي في مسيرة الحياة الإنسانية يجد المرء صعوبة كبيرة في رصد المعاني والدلالات الكبيرة لهذا المشهد منذ انطلاقته الأولى بين باراك اوباما وهلي ري كلينتون، وحتى تجلياته الأخيرة بفرحها الغامر التي تعيشه الإنسانية هذه الأيام، المتمثل في انتخاب رجل كباراك وأباما، ينحدر من أصول افريقية، ،هذا الحدث التاريخي ، سواء لجهة الرئيس الجديد أو الطريقة التي جاء أو المرحلة التي جاء فيها أو طبيعة التحديات التي تنتظره، لذلك يعتبر خطوة متقدمة في تجاه بناء مفاهيم جديدة حتما ستغير وجه التاريخ ووجهه وتجعلهما أكثر جاذبية وحيوية
إن انتخاب باراك اوباما جعل حلم المناضل مارتن لوثر كنج واقعا معاشا، بل فتح لكل المعذبين والمظلومين والمهمشين وكل الأقليات نافذة جديدة من الأمل بإمكانية الوصول إلى الغايات الكبرى، سواء كان للأفراد أو المجموعات، فقط المطلوب تحديد الهدف والعمل والمثابرة عليه بوعي وإصرار، وأتباع الأساليب الوسائل الموصلة إلى ذلك كما بدأها باراك اوباما حتى وصل بطريقة ديمقراطية إلى أعلى منصب في أقوى دولة في العالم.
بلا شك أن ما وصل إليه باراك اوباما مرتبط إلى حد كبير بالنضال الطويل والشاق خاضه السود في أمريكا ضد العنصرية، خلال القرن الماضي وحتى يومنا هذا لكن هذا لا يقدح في شخصية الرجل ابن 47 عاما والذي بهر العالم بكاريزميته وشخصيته الفذة المملوءة بالخلق والإبداع والأمل التي تطفح بها خطاباته، التي أعطت الناس أملاً وإحساسا مغايرا لما عرفناه عن أمريكا وأجواء الانتخابات الأمريكية لاسيما في السنوات الأخيرة.
أن انتخاب باراك قد أعاد للديمقراطية بريقها والقها، لأنه يعني هزيمة لكل المفاهيم البالية التي تنصف الناس حسب أعراقهم أو ألوان بشرتهم ،كم انه أعطى الناس أملا في تجاوز الأزمة الاقتصادية التي تعصف بأمريكا والعالم، نتيجة تورطها في حربين في كل من العراق وأفغانستان، في أعقاب أحداث 11/9 2001 استغلتها إدارة بوش كذريعة لتنفيذ أجندتها المتطرفة والمتغطرسة التي طالما حلمت بتمريرها في منطقة الشرق الأوسط، ظنا منها أنها بذلك تحقق لها الهيمنة والسيطرة المطلقة.
لكن خاب ظنها نتيجة الصمود والمقاومة التي واجهتها في العراق، التي تجلت في الموقف المشرف التي ألتزمته القيادة العراقية بدءا من الشهيد الراحل صدام حسين والذي تنبأ من قبل وفي أحدى خطاباته والتي قال: فيها إن أقدمت أمريكا على مهاجمة العراق فإنها ستتدحرج من قمتها، أي بمعنى أنها ستنهار، نتيجة معرفته بمستوى الوعي المتقدم الذي تتوفر عليه الأغلبية من الشعب العراقي إبان حكمه والذي ترسخ وتعمق نتيجة الثقافة القومية التي كانت تبشر بأهمية الوحدة العربية ، والتكامل الاقتصادي ، وجدوى العمل العربي المشترك في كل المحافل والمناسبات لمواجهة التحديات والمخاطر الإقليمية والدولية خاصة والعرب يقعون في مثلث له أطماع تاريخية في هذه المنطقة، والذي يتمثل في إسرائيل وإيران وتركيا ،مضافا إليه الإطماع الدولية في ثروات المنطقة من نفط وغاز وممرات الملاحة العالمية.
ونتيجة لوعي القيادة العراقية بهذه التحديات عملت ومنذ لحظة مجيئها إلى السلطة في العراق بكل قدرتها من اجل بناء جيش قوي مسنود بظهر شعبي مدرك لحجم المخاطر والتحديات، لذلك لم تفلح لا حرب إيران الأولى ولا حرب أمريكا الثانية ولا حتى الحصار الذي استمر 13 عاما في لي الذراع العراقية، لذلك فقدت إدارة المحافظين الجدد ممثلة في إدارة بوش أعصابها حيال الصمود والتحدي الذي مثله العراق بقيادة صدام لذلك اتخذت قرارها الخاطئ الذي عارضه آنذاك باراك اوباما، والذي كلفها باهظا وهو فقدان الآلاف من الجنود الأمريكيين بجانب مليارات المليارات، والأخطر والاهم هو تلطيخ سمعة أمريكا للدرجة التي جعلت حتى الكثير من الأمريكيين يشعرون بالخجل حينما يعرفون أنفسهم بأنهم أمريكان، ليس هذا فحسب وإنما وصل الأمر حتى بالكثير من المقيمين في أمريكا أن يفكر ألف مرة قبل الإقدام على طلب الجنسية الأمريكية نتيجة للحماقات التي حدثت في عهد إدارة بوش.
إن انتخاب باراك اوباما بجانب الظروف الموضوعية التي تعيشها أمريكا هذه الأيام ألا أن الأهم من ذلك هو موقفه المعارض للحرب على العراق، والذي أسهم إسهاما كبيرا في تعزيز شعبيته في وسط الشعب الأمريكي مما جعل من الممكن تحقيق ذلك الحلم الذي أطلقه مارثن لوثر كنج قريبا قبل نصف قرن من الآن، فعلينا الوقوف عند هذا الحدث التاريخي وتأمله والتمعن فيه لاستخلاص الدروس والعبر منه، لانه حدث مشحون بالكثير من المعاني، كم انه واوجد مساحة كبيرة للخيال والحلم !
الطيب الزين/ السويد
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة