حركة الاصلاح والتجديد فى حزب الامة (2)
الخطوات التكتيكية (3 )
بقلم : معاذ محمد فضل المولى الخليفة
[email protected]
تحدثنا فى مقالتنا السابقة بعنوان حركة الاصلاح والتجديد فى حزب الامة . وقلنا ان الاصلاح والتجديد هو دأب المصلحين والمجددين عبر الزمان وضرورى جدا ان يكون مستمرا وشاملا لكل مجالات الحياة . وان حركات الاصلاح والتجديد فى حزب الامة عديدة وان اختلفت فى الزمان والمكان والطرح الا ان هدفها واحدا هو تجديد الحزب والحركة السياسية والحكم . وتناولنا بالدراسة حركة الاصلاح والتجديد فى حزب الامة التى اتت اكلها فى يوليو 2002 م . واوردنا فى صلب المقال ان حزب الامة طرح الكثير من المبادرات الفكرية والسياسية كما ساهم فى محاربة الاستعمار وبناء الاستقلال ثم فى مناهضة الحكم الدكتاتورى الاول والثانى والاخير. كما انه كان دائما فى دائرة الفعل السياسى فى حكومة ما بعد اكتوبر 1964م . وحكومة ما بعد انتفاضة 6 ابريل 1985 م .
فترة العمل المعارض لحكومة الانقاذ ظل حزب الامة يعمل بشكل دؤوب ومثابر لتنفيذ اجندته السياسية والوطنية . فكان لابد للحزب ان يتعامل مع المستجدات السياسية فى البلاد المتمثلة فى المبادرة الليبية - المصرية المشتركة ومبادرة الايقاد التى رفضتها الانقاذ فى عام 1994 م وقبلتها عام 1997 م . بالاضافة الى التحولات التى طرأت على نظام الانقاذ نتيجة الصراع بين الاسلاميين . والمستجدات الاقليمية جراء الاستقطاب فى منطقة القرن الافريقى الذى افرز الحرب الارترية - الاثيوبية التى القت بظلالها على المشهد السياسى السودانى فكان لابد لحزب الامة من تغيير تكتيكاته لاحداث التحول الديمقراطى والسلام . عليه قاد حزب الامة عدة خطوات تكتيكية اهمها :-
1. لقاء جنيفا .
2. خارطة الحل السياسى الشامل .
3. نداء الوطن .
4. تجميد نشاط حزب الامة فى التجمع وحل جيش الامة للتحرير .
5. . العودة الاولى 6 ابريل 2000 م :-
قبل ان يقرر حزب الامة العودة للعمل من الداخل ومواصلة مشوار الحوار مع المؤتمر الوطنى . عقد ورشة هامة فى القاهرة عام 1999م دعا لها بعض قياداته وكوادره فى الداخل والخارج وتداولوا حول المستقبل التنظيمى للحزب فى ظل التحول من المعارضة بكل الوسائل الى سياسة الحوار وتعظيم الاجندة السلامية . وتحدثت الورشة عن الشكل التنظيمى المستقبلى ومعايير تولى المسؤولية التنظيمية التى تقوم على البلاء والعطاء والكفاءة . وعقد الحزب ايضا اجتماع حضره بعض قياداته من الداخل والخارج فى اغسطس 2000 م . وتداولوا حول تكوين اجهزة انتقالية للحزب تدير شئونه الى قيام المؤتمر العام للحزب بدلا عن الاجهزة الاستثنائية التى قادت العمل المعارض فى بداية النظام . الذين قادوا العمل المعارض فى ظل الظروف الاستثنائية فى الداخل والخارج لاشك انهم ابلوا بلاء حسنا فى منازلة النظام وقدموا تضحيات جثام كانوا اول المناضلين فى تحمل مسؤولية معارضة اللنظام وملأوا السجون والمنافى مع اخوانهم من التنظيمات السياسية والنقابية والفئوية والعسكرية الاخرى وصمدوا وهم يناضلون وراء القضبان وفى بلاد الغربة . فى نفس الوقت كانت هناك فئة من قيادات الحزب وكوادره اختارت الابتعاد عن العمل السياسى فى ذلك الوقت اما خوفا من بطش النظام او ايثارا للسلامة لذلك هادنوا وتعايشوا مع النظام ولم تشهد لهم ساحات النضال صلصة سيف او رمية رمح او قولة حق فى وجه سلطان جائر .
بعد شد وجذب اتفق اجتماع القاهرة على تكوين اجهزة انتقالية للحزب بحيث الا تتجاوز الستة اشهر فقط . وان يعقد المؤتمر العام فى 26 يناير 2001 م . ولكن الذى حدث بعد ذلك تم تعيين عدد من القيادات والكوادر المسترخية فى فترة المواجهة فى عدد من اجهزة الحزب المختلفة . هذه القيادات خلقت ربكة فى خط الحزب العام لعدم استيعابهم له . الامر الذى ساهم فى رفع حالة التأزم داخل الحزب ووصلت الى درجة كارثية مما ادى الى قيام ثورة الاصلاح والتجديد فى الحزب .
عادت قيادة الحزب فى الخارج على عودتين . العودة الاولى كانت من مجموعتين المجموعة الاولى وفد المقدمة بقيادة الدكتور عمر نور الدائم والسيد مبارك عبد الله الفاضل المهدى و آخرون و المجموعة الثانية جيش الامة للتحرير قطاع اثيوبيا .
استقبل الوفد استقبال جماهيرا كبيرا . واظهر حزب الامة فيه قدرة هائلة على التعبئة والاستنفار . واظهرت قاعدة حزب الامة قدرة هائلة من الحماسة والقوة .
خاطب وفد المقدمة المستقبلين وقام بتنوير اجهزة الحزب . وأقام عدد من اللقاءات التنويرية التى لعبت دورا هاما فى شرح الهداف من العودة وماهو برنامج الحزب فى مرحلة التحول من العمل بكل الوسائل الى العمل السياسى .
6. العودة الثانية 23/11/2000 : -
هدف من العودة الثانية انهاء الوجود السياسى والعسكرى للحزب فى الخارج باستثناء مكاتب الحزب فى الخارج فى كل من دول الخليج وشمال افريقيا والشرق الاوسط ومكاتب امريكا واوربا التى اصطلح تسميتها فى حزب الامة بسودان المهجر .
العودة الثانية كانت مجموعتين دخلت الخرطوم فى يوم واحد المجموعة الاولى بقيادة رئيس الحزب وبعض قيادات الحزب فى الخارج وعدد مقدر من الكوادر الوسيطة وبعض الكوادر الشبابية والطلابية والخريجين الذين تفرغوا للعمل المعارض ابان فترة العمل الخارجى .
اما المجموعة الثانية تمثلت فى جيش الامة للتحرير قطاع اريتريا وهو القطاع الرئيس فى الجيش . بذلك انتهى اخر وجود سياسى و عسكرى للحزب فى الخارج وتحول الحزب للعمل العام من خلال الاجهزة السياسية .
اثبتت العودة الاولى والثانية فشل سياساته الحكومة فى تفكيك الاحزاب عبر الترهيب والترغيب وجعلت النظام يعى ويراجع نفسه ويفاوض بجدية لاكمال ما بدأه فى جيبوتى . واثبت حزب الامة انه يقف على قاعدة اجتماعية عريضة . وهو حزب لا يستهان به ويتوجب ان يتعامل معه معاملة تليق به . ولكن كانت هنالك احتجاجات خجولة من بعض القيادات المسترخية فى بادئ الامر ضد نشاط الحزب فى الداخل ولكنها بدأت تتزايد شيئا فشيئا الى ان وصلت الى معارضة علنية لنداء الوطن والعودة ونتائجهما .
7 . بداية العمل السياسى والتنظيمى العلنى :-
بعد ان اعلن حزب الامة عن تسكين قياداته فى الاجهزة الانتقالية. نشط الحزب بكل قطاعاته المختلفة . شهدت دار الحزب حركة ونشاط كبيرين . فى كل القطاعات ولكن القطاع السياسى كان من ابرز القطاعات وذلك لسببين . السبب الاول لان القطاع السياسى قاد التفاوض مع المؤتمر الوطنى لفترة قاربت العامين وان موضوع التفاوض مع المؤتمر الوطنى كان محل خلاف واختلاف بين الخط العام للحزب والخط المعارض له . والسبب الثانى ان السيد مبارك المهدى كان على رأس القطاع السياسى . وقد عرف بدنميكيته وحركيته والقدرة على الابداع والاتيان بالجديد وعرف بطريقته الثورية فى ادارة العمل وعرف بسعة افقه وخبراته وكان يعرف بين قيادات التجمع الوطنى الديمقراطى بانه البلدوزر المحرك للتجمع الوطنى الديمقراطى . لهذه الاسباب كان القطاع السياسى هو محور حركية الحزب واصبحت بعد ذلك القطاعات الاخرى نتيجة للاستقطاب والاستقطاب المضاد رد فعل له .
بعد مجهود مضنى وحوار شاق توصل القطاع السياسى الى تفعيل اتفاق جيبوتى مع المؤتمر الوطنى وعرض كل طرف من طرفى الحوار ما توصل اليه الى اجهزة حزبه . صدر قرار من المكتب القيادى للمؤتمر الوطنى فى يوم 11 فبراير 2002 م وصدر بيان بذلك فى يوم 13 فبراير من نفس العام . وافق فيه على كل البنود حول القضايا المبدئية المزكورة فى البنود فى الاتفاق من اولا الى عاشرا لتكون اساسا لاى اتفاق بين المؤتمر الوطنى وحزب الامة وقبل بتحفظات حزب الامة حول بعض القضايا واهمها . معالجة غياب الحزب عن المجالس التشريعية وتقديم مقترحات معقولة فى هذا الصدد وتجنب تكريس الحالة الانتقالية فى مؤسسات الحكم بما يؤجل فرص الاصلاح والتجويد المتاحة بناء على ذلك تم الاتفاق على اجراء انتخابات الولايات بعد سنة من تاريخه وانتخابات المحليات جرت فى ثلاثة ولايات فقط ويمكن مواصلة اجرئها فورا فى بقية الولايات . والتنسيق فى انتخابات النقابات . الموافقة من حيث المبدأ على فكرة انشاء مجلس تشريعى اعلى ( مجلس شورى او مجلس شيوخ ) والتفاوض حول السمات الرئيسة للمقترح من حيث وظائف المجلس وتشكيله والشروع فى تكوينه حالما يتفق على تلك السمات . تداول حزب الامة نتائج التفاوض فى مجلسه القيادى عبر جلستين وقدم رئيس الحزب اقتراح وافق عليه المجلس القيادى بالاجماع ثم عرض الامر على المكتب السياسى عدل الرئيس فى قرارات المجلس القيادى لاخذ رأى المكتب السياسى فى الحسبان اضيفت على الاقتراح سبع قضايا اقترح لتخضع لمزيد من التفاوض ويسمى الاتفاق بين الامة والوطنى بالبرنامج الوطنى . وتضمين اربع قضايا وطنية تعلو على المصالح الذاتية والحزبية وتوجب التضامن من اجلها وتسمى عهد التضامن الوطنى . اقرا المكتب السياسى مبدأ المشاركة بعد استكمال الاتفاق على البرنامج الوطنى والاتفاق على توقيتات وآليات التنفيذ . و تكون المشاركة على احد اساسين الاول فى اطار انتخابات حرة فى المستويات المختلفة بعد الاتفاق على قوانينها ونزاهتها وفيما عدا الاجهزة الانتخابية تكون المشاركة فى اطار دولة الوطن . الثانى فى اطار قومى مجمع عليه . كان راى حزب الامة ان ماتوصل اليه وفده المفاوض يمثل 80% من مطالب الحزب ووافق عليها بعد مداولات مارثونية طويلة . وكان ذلك فى 18 فبراير 2002 م واصطلح على تسمية فى ذلك الوقت بقرارات فبرير .
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة