ما بين الإنتخاب الدولي لأوباما وصمت القاعدة سقط ماكين
بالرغم من إتهام أوباما بأنه مسلم من قبل الجمهوريين لتخويف الناخب الأمريكي من الإسلام والمسلمين والمتأسلمين ، وبالرغم من دعوات القتل ومحاولات الإغتيال التى تعرّض لها أوباما حتى فى أواخر حملته الإنتخابية ، وبالرغم من وضع العقبات وإثارة النعرات والكراهية فى طريق أوباما لم يفلح جون ماكين حتى من نيل نصف الأصوات التى حصل عليها منافسه القوي والتاريخي أوباما ناهيك عن أن تكون له فرصة ليصير رئيساً للولايات .
نجاح أوباما بالفوز الساحق لرئاسة الولايات المتحدة لم يكن ليحدث لو أنه تخندق خلف اللون والعنصرية والبغضاء وإجترار الماضي الكريه الذى مُورس تجاه السود فى القرن الماضي ليمارسه هو فى القرن الحادى والعشرين ، بل لأن أوباما فهم رسالة مارتن لوثر فى حلمه الكبير وسار بتلك الرسالة مترفقاً بالجميع بينما إنجر ماكين وبالين خلف أوباما وليس خلف البرنامج الإنتخابي هذا إن كان لهما برنامجاً حقيقياً أصلاً ، لأن الحملة الجمهورية بقيادة ماكين كانت موجهة ضد أوباما بنسبة 90% فقدْ فقدَ ماكين بسبب ذلك وخاصة ً فى الأسابيع الأخيرة فقد البوصلة تماماً وترك كل شىء عن حملته تقريباً ومعالجة القصور فيها مهوناً من إستطلاعات الرأي ومتجاهلاً لنتائجها المختلفة إلى أوباما فعل وأوباما ترك وأوباما نزل وأصل أوباما وفصله وخالته وجدته الكينية مما أهدر الوقت والفرص لحملته وحصر نفسه فى موقع لا يستطيع أن يتزحزح عنه أو يستثمره لصالحه أبداً فى الوقت الذى ينسحب البساط فيه من تحت أقدام حملته بسرعة البرق وعندما إنتبه ماكين لإتجاه حملته المغرضة بقي من الوقت بدل الضائع ثلاث دقائق لا تـُمكّـنه حتى وإن باضت الأصوات أصواتاً من تسجيل خمسين هدفاً فيها لذا بدأ فى الطرق على أوتار الحرب فى كل الإتجاهات وضد كل شىء وعلى كل شىء مع التمسك بالأمل و ( بجو السبّاك ) الذى تم تجاهله تماماً فى الخطاب الأخير لماكين قبل الإنصراف ، بينما كانت حملة أوباما تسير فى طريقها الذى رسمته بدقة مركزة ًعلى القضايا المفصلية والحساسة والراهنة والملحة للمواطن الأمريكي البسيط ، ولم يوجه أوباما إساءة لأحد كما فعل الجانب الآخر به بل تجاوز عن تلك الصغائر وأثبت حكمته وتميزه وحنكته وترفعه وذكاءه والبقاء بعيداً عن ما أرادوا له الإنجراف والإنجرار إليه ، وقد ظهر عجز ماكين فى كل شىء أثناء السباق للرئاسة وترك الأمر برمته للمعجزة التى أشار بها عليه منظمو حملته وبعض أعضاء الحزب الجمهوري الذين بدوا هم أيضاً غير متحمسين له بل وكأنهم قد تخلوا عنه تماماً للهزيمة المؤكدة التى تنتظره خاصة ً بعد إختياره المفاجىء لسارة بالين ، وكانت المعجزة التى يعول عليها ماكين وحزبه هي تصرّف أرعن من القاعدة سواءً بشريط ٍ من بن لادن أو الظواهري تهدد وتتوعد به أمريكا أو بعمل دموي طائش يقلب الموازين لصالح ماكين تماماً كما حدث من قبل مما ساعد جورج بوش بطريقة ٍ غير مباشرة لولاية ٍ ثانية وهي تظن أنها تحسن صنعا ، ولكن يبدو أن القاعدة هذه المرّة تصرفت وكأنها فهمت الدرس ووعته جيداً من أن طريقها الذى سلكته لإثارة الشعب الأمريكي ضد رئيسه جاء بنتائج عكسية لأن الشعب إلتف خلف بوش نكاية ً بها لذا آثرت الصمت ولم يسمع منها أحد لا حركة ً ولا حساً على الأقل خلال الأيام الحاسمة للإنتخابات وحتى الآن هذا إن كانوا بخير طبعاً .
كان إنتخاب أوباما للرئاسة الأمريكية عالمياً بمعنى الكلمة فقد أجري إستفتاء وإستطلاع غير رسمي على نطاق دولي فكان نصيب أوباما من التأييد يفوق المتوقع حتى فى دول مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا مما يدل على أن سياسة الجمهوريين وخاصة ً فى عهد بوش كانت الأسوأ فى التاريخ الأمريكي ، وهذا الفوز الأوبامي الذى يتمثل فى التغيير الذى ينشده الشعب الأمريكي قاطبة رضي البعض أو لم يرضَ ساعدت فيه القاعدة وطالبان وإيران وفنزويلا شافيز وكوريا الجنوبية والعراق والأزمة الإقتصادية بالإضافة طبعاً للمشاكل الداخلية التى تزداد سوءً يوماً بعد يوم خاصة ً بعد الأعاصير المدمرة والأزمة المالية .
أوباما فى إعتقادي هو أفضل من يحكم الولايات المتحدة فى الوقت الراهن على الأقل فهو ليس أسوداً أربع وعشرون قيراطاً ولا أبيضاً من عيار ثمانية عشر فهو مقبول من كل الأطراف تقريباً ودعوته لم تقتصر على عرق أوطائفة بعينها وكان أكثر وضوحاً فى نهجه الإصلاحي الداخلي وما إختطه لنفسه ولمستقبل الولايات المتحدة التى كانت فى حاجة ٍ ماسة لشخص ٍ مثله يعيد توازن الأمور الداخلية والخارجية إن لم يصلحها فى المقام الأول ، وإن لم تنتخب أمريكا أوباما فلن توصف أو توصم بغير العنصرية البغيضة وأن ديمقراطيتها ليست إلا أكذوبة كبيرة وستكون هناك حالة إستياء وإحباط غير مسبوقين ليس فى الولايات المتحدة فحسب بل حول العالم بأركانه الست لا الأربع .
فقد كانت الولايات المتحدة وخاصة ً فى عهد جورج بوش تسير فى الإتجاه الخطأ وتحتاج لشخص يهزها بعنف لتستفيق من تغولها الخارجي فى شؤون الدول بحجج محاربة الإرهاب وملاحقة الأعداء وحلق الرؤوس وفصل الأرواح ليعيدها إلى الصواب ولن يستطيع جورج بوش العودة عن هذا الطريق الخطأ الذى سلكه منذ مجيئه للبيت الأبيض ، فالكبرياء والشعور بالقوة والغرور يمنعانه من ذلك تماماً كما حدث لرؤساء كثر حتى أوصلت بعضهم إلى المحاكم الدولية والسجون والشنق أوالإنتحار وفى أفضل الأحوال مزبلة التاريخ ، وقد إستطاع أوباما أن يحرك تلك البوصلة فى حملته بذكاء نال به إعجاب الجميع حتى ماكين نفسه الذى ربما يكون قد فكر فى التصويت لأوباما لو إستطاع إلى ذلك سبيلا ، وهذا التغيير الداخلي والخارجي الذى نشده أوباما وسعى لتحقيقه فى حملته الإنتخابية هو بالضبط ما يتطلع إليه العالم وبما أن أمريكا قد طرحت نفسها على أنها المسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة حول العالم فها نحن نرى العالم الآن يتحرك ليقول كلمته فى سياسة الولايات المتحدة الخارجية وذلك بردود الأفعال أثناء وبعد إنتخاب أوباما عندما عمّت الفرحة أجزاءً كبيرة من العالم بذلك النصر التاريخي له .
لن يرث أوباما الولايات المتحدة إن جاز التعبير على طبق من ذهب بل على العكس سيرثها منكفئة على وجهها وقد تسقط منهارة إن لم يلحقها بحلول عاجلة وناجعة بعد أن أوصلها جورج بوش إلى حافة الهاوية بسبب تلك الحروب الرعناء التى جرّ العالم إليها مما إستنزف الولايات المتحدة وتسبب فى كل الأزمات الداخلية لها والخارجية حول العالم .
لا أدرى لماذا أشعر بأن هناك من يعمل ليلاً ونهارا ليسرق هذه الفرحة العارمة التى إجتاحت الولايات المتحدة والكثير من دول العالم بعد إنتخاب أوباما فى الرابع من نوفمبر الجاري ، فيا ترى هل تتحقق محاولة من تلك المحاولات العنصرية لإغتيال أوباما قبل إستلامه الحكم رسمياً فى يناير القادم أو أثناء فترته الرئاسية الأولى أو الثانية إن مد الله فى عمره ؟
أم أن القاعدة هي الأخرى ستخرج علينا بعمل آخر بعد صمتها المريب هذا حتى وإن كان فيديو كليب تهديد ووعيد وشروط لتقول للإدارة الجديدة أنها هنا وهناك ؟
عبدالماجد موسى / بريطانيا
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة