|
|
Last Updated: Jul 11th, 2011 - 15:37:55 |
مارتن لوثر كنج نم هانئا : الصادق حمدين
ما وددت أن أكون غير ذلك الرجل الذي يرقد تحت جلدي والذي لابد أن أعرفه، هذا القول المأثور قاله ( أوديب في رواية سوفوكلس ) فعرف ذلك د. مارتن لوثر كنج جونيور 1929 ـ 1968 داعية الحقوق المدنية في الولايات المتحدة الأمريكية والحاصل علي جائزة نوبل لدفاعه عن تلك الحقوق ففهم قيمة الشخص لنفسه جيدا وعرف من هو الرجل الذي يرقد تحت جلده، فصرخ صادقا بأن له حلما، ودفع حياته ثمنا لذلك الحلم، الذي قال( فيه إنني أحلم اليوم بأن أطفالي الأربعة سيعيشون يوما في شعب لا يكون الحكم فيه علي الناس بألوان جلودهم ولكن بما تنطوي عليه أخلاقهم). روزا لويس باركس 1913 ـ 2005 تلك السيدة التي رفضت في شموخ وإباء بأن تترك مقعدها في أحد الحافلات العامة، لكي يجلس عليه رجل أبيض، فكان يوم الخميس أول ديسمبر من عام 1955، حيث استدعي لها السائق الشرطة لمخالفتها القوانين، فكان ذلك التاريخ ضربة البداية، وعندما سُئلت مؤخرا في عام 1992 لماذا فعلت ذلك، قالت( السبب الحقيقي وراء عدم وقوفي في الحافلة وترك مقعدي هو إنني شعرت بأن لدي الحق أن أعامل كأي راكب آخر علي متن الحافلة فقد عانينا من تلك المعاملة غير العادلة لسنوات طويلة). حازت علي الوسام الرئاسي والوسام الذهبي تقديرا لجهودها في الدفاع عن حقوق الإنسان.
تضحيات هؤلاء علي سيبل المثال وليس الحصر جعلت يوم الثالث من نوفمبر 2008 ممكننا بعد أن حاول منظرو العنصرية والمدافعين عنها وضع غير البيض في ركن محدد لا يتجاوزونه أبدا وكرسوا لمفهوم أن أمريكا لا يحكمها إلا أبيض ومن جذور أيرلندية تحديدا، حتى صدق الجميع هذا المفهوم، فكان لمجرد دعوة رجل من جذور إفريقية لزيارة البيت الأبيض جريمة لا تُغتفر، حيث قامت الدنيا ولم تقعد استهجانا لذلك الفعل، أعقبت ذلك ثورة استهجانية عارمة عندما تم تعيين أول سكرتيرة من جذور أفريقية في البيت الأبيض، فكان إنتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية انتصارا معنويا لكل شعوب العالم المضطهدة وليس مجرد رئيس جاء من جذور أفريقية حقق انتصارا لصالح بني جلدته وقارته فحسب، فانتخاب أوباما قد غير وجه التاريخ وكان حدا فاصلا بين مشوار طويل من الإحباط والأمل، ولفت إنتباهي استطلاع للرأي أجرته قناة تلفزيونية مع سيدة أردنية فقالت إنها تتمني الفوز لأوباما ثم قالت( تعبنا من هديك الألوان بدنا حدا من لونا ) وكان تعبيرها صادقا بأن الاضطهاد قاسم مشترك وحد كل الشعوب التي عانت منه!!!!
بالأمس ولحظة إعلان فوز أوباما رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية ركزت الكاميرا علي القس جيسي جاكسون داعية الحقوق المدنية والذي عبد الطريق للخطوة التي عبر منها أوباما لتحقيق حلم لم تخدمه الظروف لتحقيقه، فقد غطت الدموع كل وجهه وكانت الدموع تنهمر منه باستمرار فكان منظرا امتزج بلحظة النصر التاريخية ولحظة مرارة الذل والإضطهاد التي عان منها بني جلدته طويلا أو هكذا قرأنا في سطور وجهه..!!!
أوبرا ونفري تلك المرأة الأبنوسية حكت دموعها كل مأساة الماضي وفرحة الحاضر ولأيمانها بأن حلم د. لوثر كنج لابد من أن يتحقق يوما، ورغم دموعها فقد كان وجهها ضاحكا كأنه يقول شكرا لك روزا باركس لو كنت وقفت لذلك الرجل الأبيض لما كنت أنا وما كان أوباما فشكرا لك مرة أخري أرقدي في سلام فأنت تستحقي كل هذه المدموع، كانت أول الداعمين لحملة باراك أوباما ووقفت معه حتى النهاية فحصدت ما زرعت، واستحق أوباما بأن يقف ويقول اليوم مفاخرا لأسلافه لم تذهب معاناتكم المريرة هدرا فها أنا اليوم زعيم أكبر دولة في العالم، واستحقت أمريكا بأن تقول بأعلي صوتها للعالم بأن اللون لم يعد عائقا أمام تطلعات المرء فالمؤهلات والطموح هما من يحددان ذلك. فمتي يدرك سياسيونا وبعض مثقفينا مغزى ذلك التحول ويوقفوا حفلات الدم المجاني الذي يروح هدرا في صراع هوية متوهمة وعنصرية مؤسسية لم تقدم سوي الخراب والدمار لوطن أعطي كثيرا ولم يجد سوي الجحود والنكران، متي تفهم النخب السياسية بان أبناء السودان قد بدءوا ينظرون إلي العالم اليوم الذي تغيرت فيه أشياء كثيرة كان يظنها الناس أنها من الثوابت لا يمكن أن تتغير أبدا، فمتي تفهم هذه النخب الدرس وتطبقه، فعدالة السماء وشريعته لم يجعلا الفقر إرثا ولم يجعلا الغني إرثا وكذلك لم يجعلا الحكم إرثا..!!!! |
© Copyright by SudaneseOnline.com
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة
الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة
عن رأي الموقع