JZ
( Jacob Zuma )
الحلقة الثانية
( ( 3-2
[email protected] ثروت قاسم
في الحلقة الاولى استعرضنا ظروف وملابسات استقالة الرئيس امبيكي من رئاسة جمهورية جنوب افريقيا , واشدنا بالتبادل السلمي للسلطة الذي تم بناء على حكم المؤسسات والاحتكام للاغلبية.
كنت قد كتبت مقالا في ديسمبر الماضي عن يعقوب الزومة بعد انتخابه رئيسا للمؤتمر الوطني الافريقي في جنوب افريقيا. ونستميح القارئ الكريم عذرا في اعادة نشر, بعض فقرات من ذلك المقال السابق عن يعقوب , في هذه الحلقة الثانية, للذكرى فلعلها تنفع المؤمنين من القراء الكرام .
الانسان :-
يعقوب الزومة وما أدراك ما يعقوب الزومة ؟ دنيا بحالها ! يفور بالحياة وتفور الحياة به ومعه ! يعيش كل ثانية في حياته بالطول والعرض والارتفاع والعمق وكل الابعاد المعروفة وغير المعروفة .
يعمل لآخرته وكأنه يعيش ابدا ويعمل لدنياه وكأنه يموت غدا . يعانقك ضاغطا على صدرك فتنحبس انفاسك ويشد على يدك مسلما فتحسبها قد انخلعت . نعم هو الحياة تمشي على قدمين . يحب الناس وبالاخص الناعم منهم وكثيرا , يحب الاكل الطيب ويستمتع بالنبيذ المعتق , يعبد الهواء فيأخذ منه جرعات طويلة بكامل رئتيه في لذة ما بعدها لذة ....
هل قابلت من يتمتع بهواء الله ورسوله ؟
انه ود الزومة.
يغني ويرقص ويطلق النكات ذات اليمين وذات الشمال وكأنه مهرج في سيرك .
نعم .... حياته اقرب الى السيرك من حياة الناس العادية .
لا يحمل حقدا لاحد ولكنه كإبن عمه عنترة بن شداد العبسي " سمحٌ اذا لم يظلم " . ولكنه في سلام مع نفسه ومع الناس. وجدت , يا رعاك الله , وجه يعقوب من الوجوه الناعمة , لسعيها راضية في جنة عالية.
يمتطي صهوة الـ 747 من جوهانسبرج الى باريس لمدة نصف يوم وبلا توقف ويكون نائما نوما عميقا بدون انقطاع طيلة الرحلة , وهكذا في كل رحلاته ينام من بداية الرحلة حتى نهايتها , ويصل الى محطته النهائية مستعدا لاستقبال ومصارعة الحياة بكل عنفوانها وضجيجها وصخبها .
اذا اوقعك حظك العاثر في معرفته , فوقعتك فعلا "سودة" , لانه قطعا بمستعبدك وتكون العلاقة بينه وبينك كما العلاقة بين الخليفة عبد الله عليه رحمة الله والانصاري ذا الجبة المرقعة الذي يمسك برسن دابته ! ولكن بكامل رضاك ورغبتك بل تركض ركضا لتلبية رغباته , فقد اصبح الشيخ وانت , يا طويل العمر , الحوار. هل رأيت انصاره يغنون ويرقصون مع ضربات الطبول والنقارة والنحاس ويرددون اغاني واهازيج معارك السود ضد البيض ايام حروب الابارتيد :
" اعطني كلاشي .... اعطني كلاشي ..... اعطني كلاشي ....."
هل تتذكر يا طويل العمر بيكو ؟
هل تتذكر يا طويل العمر شاربفيل ؟
هؤلاء واولئك زملاء كفاح ...... وابن الزومة يذكرهم بالشهيد بيكو وبأيام الكفاح والعرق والدموع والدم.
نعم ..... يعقوب عالم بذاته ....
رجل العائلة:-
عنده 17 من البنين والبنات من 11 زوجة وخليلة . فالعرف في قبيلته , الزولو , يسمح بتعدد الزوجات ويحتفظ حاليا بستة زوجات واحدة لكل يوم من ايام الاسبوع , اما يوم الاحد فيوم مفتوح للخليلات والصديقات .
وزيرة الخارجية الحالية , السيدة الفضلى دلامني , كانت احدى زوجاته السابقات ويرشحها الرئيس مبيكي لخلافته كرئيسة للجمهورية في 2009 , ربما في مواجهة زوجها السابق يعقوب . اما زوجته كيت التي كانت تعمل مضيفة في طيران موزامبيق فقد انتحرت في 2002 ربما بسبب سوء معاملة يعقوب لها , كما ادعت في رسالة تركتها بعد موتها. وقد تزوج يعقوب (65 سنة) السنة الفائتة من شابة صغيرة من نواحي ديربان , انجبت له طفلين قبل الزواج.
تسأله يا طويل العمر كم حبة من الفياجرا يتعاطى في اليوم اذ تحسبه يتعاطى العشرات ...... فيرد بأنه في حاجة ليتعاطى ما مفعوله عكس مفعول الفياجرا ان وجد ..... فتأمل؟
الا يذكرك , يا رعاك الله , فحل الحردلو في رائعته " الخبر الاكيد ..... قالوا البطانة اترشت ...... "
نعم ان فحل الحردلو هو صديقك يعقوب بذاته وصفاته ....
عليك بالطلاق المثلث والمغلظ هو ارجل راجل في عموم ديار افريقيا ..... اذا كانت الرجولة تقاس بهكذا مسطرة ....
المهرج :-
في سجن جزيرة روبن على مرمى الف حجر من دار الرجاء الصالح امضى يعقوب عشر سنوات مع الرمز نلسون مانديلا وصحبه الميامين الابرار , دخل السجن وعمره حوالي 20 سنة وخرج منه في سنة 1973م . دخل السجن وهو امي لا يعرف الكتابة ولا القراءة , فلم يدخل يعقوب مدرسة في حياته وحتى يومنا هذا , ولكنه خرج من السجن وهو يعرف الكتابة و القراءة واللغة الانجليزية ولغة البوير . فقد محى اميته في السجن الشيوعي جوفان مبيكي , والد رئيس جمهورية جنوب افريقيا الحالي تابو مبيكي الذي كان سجينا معه .
يحكي الرمز مانديلا في مذكراته ان يعقوب كان يعيش في السجن وكأنه في شهر عسل , انه كان في اهله مسرورا , كان يرسل النكات على نفسه وعلى الغير , كان يغني ويرقص وينطط كالمهرج في السيرك مما ازال وحشة السجن من نفوس كل من حوله وادخل في قلوبهم بعض البهجة والمرح وجعلهم يتحملون في صبر نبيل قسوة السجن.
البدايات:-
رأى يعقوب النور في 1942 في قرية بائسة في قلب بلاد الزولو , فهو ينتمي الى قبيلة الزولو , القبيلة الاكبر في جنوب افريقيا بينما ينتمي الرمز مانديلا والرئيس الحالي مبيكي الى قبيلة الكزولا ثاني اكبر قبيلة في جنوب افريقيا .
كانت امه تعمل خادمة في بيت رجل ابيض وتوفي والده وكان شرطيا ويعقوب لم يبلغ الثالثة من العمر . وعمل يعقوب في رعي الابقار حتى بلغ السابعة عشر فهاجر الى ديربان على المحيط الهندي حيث عمل ساعيا اميا في احد المكاتب . وانضم يعقوب الى حزب المؤتمر الوطني الافريقي قبل ان يحظر النظام العنصري نشاطه السلمي في 1960 . وبعدها انضم الشاب يعقوب للجناح العسكري السري للحزب الذي كونه الرمز مانديلا ضد نظام عنصري لم يحترم ويتقبل النشاط السلمي العلني للحزب . وللاسف قبض عليه نظام الابارتيد وحكم عليه بالسجن عشرة سنوات قضاها في سجن جزيرة روبن مع الرمز مانديلا وعدد اخر من رموز المؤتمر الوطني الافريقي.
الكفاح السلمي:-
بعد اطلاق سراحه في 1973 , وجد نفسه في الشارع بدون مأوى ولا يملك قوت يومه , يأكل من حاويات القمامة وينام تحت الكباري ...... كانت تلك ايام عصيبة ......
ايحسب الانسان ان يترك سدى ؟
ولكنه بجده وجهده اصبح عنصرا فاعلا في اعادة تنظيم المؤتمر الوطني الافريقي والعمل السري . ثم هرب خلسة من جنوب افريقيا الى سويسرة ثم موزمبيق ثم زامبيا حيث استلم ادارة استخبارات المؤتمر الوطني . ورجع الى جنوب افريقيا بعد انهيار نظام الابارتايد في 1994 ليصبح وزيرا ثم نائبا لرئيس المؤتمر الوطني الافريقي في 1997 ونائبا لرئيس الجمهورية في 1999.
يتبع ...
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة