د. حسن بشير محمد نور - الخرطوم
الصناعة حلا
المتغيرات التي يشهدها العالم اليوم تستدعي البحث عن المخارج المناسبة من الازمات و وضع البدائل التنموية المناسبة للسودان بدلا عن الاعتماد علي موارد محدودة في قطاعات البترول و الاتصالات و الانشاءات. لقد مرت الرأسمالية بعدة مراحل من التطور الي ان وصلت الي مرحلة الرأسمالية المالية في عالم اليوم المتقدم. و اعتبرت بذلك الازمة الاخيرة التي تتصاعد تداعياتها يوما بعد يوم اعتبرت ازمة للراسمالية المالية. في اغلب الاحتمالات فان الراسمالية ستجد مخرجا من ازمتها الحالية و قد تبدل جلدها و تظهر في ثوب جديد مقدمة نمطا احدث من مراحل تطورها.
في ظل هذه الظروف ما زلنا نحن نبحث عن مداخل الي الصناعة رغم ان السودان قد عرف الصناعة في وقت مبكر نسبيا مقارنة بالدول النامية خاصة الافريقية و العربية و من الامثلة علي ذلك بناء اول مصنع للاسمنت في السودان في العام 1949م. بعد الاستقلال اعتبرت الصناعة الاداة الرئيسية للاستقلال السياسي و التخلص من التبعية للمستعمر كما انها الاداة الامثل لتغيير الهيكل الاقتصادي و تنويع الصادرات و تحديث المجتمع و اكسابه المعارف العلمية و التكنولوجية و التوصل الي تحديث و زيادة انتاجية القطاعات الاخري. في ذلك المسار لابد من اخذ قضايا التنمية بشكل متكامل يستصحب جميع الجوانب الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية و ان يكون ذلك باجماع قومي و توسيع المشاركة في صنع القرار. ان قرارات مثل الخصخصة و الاستثمار الاجنبي و وضع الحلول المناسبة لمشاكل الفقر و البطالة و التضخم لا يمكن ان تحل في ظل الصراعات السياسية و الحروب و التوتر و بالتالي يعتبر الاستقرار السياسي شرطا اساسيا للتنمية كما ان التحول الديمقراطي ضروريا لتوسيع المشاركة و احلال مباديء مثل الشفافية و المحاسبية و الكفاءة في الممارسة العملية اليومية .
اذا استفدنا من دروس الازمة المالية العالمية و اذا اردنا تقديم المثال لرؤوس الاموال الاجنبية و اذا كان لنا ان نطور من القطاع الصناعي فعلينا ان نبرهن علي ذلك بالافعال و ليس الاقوال و ان نشرع فورا في اجازة القوانين الممهدة للتحول و من ضمنها قوانين اقتصادية في غاية الاهمية مثل قانون الاستثمار و محاربة الاحتكار و حماية المستهلك اضافة لضرورة وضع قانون تجاري متكامل. ان الصناعة تحتاج لمؤسسات و ان تعمل تلك المؤسسات وفقا لقوانين واضحة تعطي كل ذي حق حقه في الحقوق و الواجبات و تصون الحق العام و تنهي تغول المسئولين الحكومين علي المؤسسات العامة و تحويلها لملكيات خاصة بهم و ضياع يتصرفون فيها علي هوائهم. علينا ان نربط كل ذلك بالتخطيط الاستراتيجي الممنهج و الممرحل و الذي يضع المصلحة العامة و المصالح الاستراتيجية العليا فوق الجميع. ان الزمن يمضي بسرعة و علينا استغلاله علي الوجه الافضل و ان تكون البداية من تكريس ما تبقي من فترة المجلس الوطني الحالي في انجاز الملفات العالقة التي تنتظر الحسم خاصة في ما يتصل باجازة القوانين و ان لم نفعل ذلك فان الحديث عن جذب استثمارات اجنبية جادة و باحجام مؤثرة سيكون مجرد ترف ذهني و احلام جميلة يكذبها واقع الصحيان.
Dr.Hassan.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة