*************************
ديناميت (الحركة ) الذي كان بإمكانه اقتلاع جبل التاكا
2008/11/2
محمد سعيد ناود ـ أسمرا
كان القرار الذي اتخذته قيادة حركة تحرير إرتريا في العام 1963م قائما بعدم السماح لإثيوبيا بالراحة والاستقرار ، فبعد الفصول الثلاثة وهي إخراج المظاهرات ، عملية إخراج بوليس مصوع ، ثم عملية البوليس الثانية ، اجتمعت قيادة الحركة لتقييم تلك الخطوات . وبعد التقييم رأت أن تلك الخطوات قد أدت الغرض منها بشكل جيد وأتخذ قرار جديد وهو نسف القاعدة البحرية الأثيوبية في مصوع ، ثم نسف محطة الكهرباء في كرن ، ونسف جهاز الاتصال اللاسلكي الذي كان في نقفة . وكنا على علم بأن هناك شركة أجنبية في السودان تقوم بشق ترعة وخزان خشم القربة ، وأن هذه الشركة تستعمل الديناميت لهذه الغاية ، وعليه قررنا البحث عن الديناميت في تلك المنطقة .
بدأنا في جمع المال لهذه الغاية . وقد كلفنا فرع حركة تحرير إرتريا في كسلا بمهمة البحث عن الديناميت وشرائه وإدخاله إلى إرتريا ، على أن نقوم من جانبنا باختبار العناصر التي تقوم بالتنفيذ ، وقد نجح فرع كسلا وفي وقت قياسي من الحصول على الديناميت وشرائه ، وذلك عن طريق العمال الذين كانوا يعملون في شق ترعة وخزان القربة . ثم أحضروا الديناميت إلى كسلا استعدادا لإدخاله لإرتريا . وأبلغوا بذلك مركز قيادة الحركة التي شرعت في أعداد العناصر المنفذة .
وللأسف فإن القنصلية الأثيوبية في كسلا وبواسطة أحد عملائها كانت تتابع تلك العملية من بدايتها . وبدورها كانت تقوم بإبلاغ الأمن السوداني بذلك ، وفي اليوم الذي تحرك فيه الديناميت من كسلا باتجاه الحدود قام الأمن السوداني بالقبض عليه .
وفي الحال قام الأمن السوداني باعتقال الشيخ محمد شريف محمد صالح رئيس فرع حركة تحرير إرتريا بكسلا . كما قام باعتقال أعضاء الحركة ، محي الدين علي ، إبراهيم أبو فاطمة وسليمان أبوبكر وتم تقديمهم للمحكمة . فطلبت المحكمة إحضار خبير من الجيش السوداني عن المتفجرات ، طلب القاضي من خبير المتفجرات أن يفحص الديناميت ويدلي برأيه عن خطورته ، قام الخبير بفحص الديناميت جيدا ثم خاطب القاضي قائلاً :
(( يامولانا أن هذه الكمية من الديناميت ذات مقدرة تفجيرية عالية ، وبمقدورها اقتلاع ( جبل التاكا ) من أساسه وإلقائه فوق رأس هذه المحكمة الموقرة )) .
بعدها أصدر القاضي حكمه وهو الغرامة المالية على كل من الشيخ محمد شريف ومحي الدين علي ، إبراهيم أبو فاطمة وسليمان أبوبكر . وحسبما أتذكر فأن الغرامة كانت أربعين جنيها سودانيا لكل منهم . وفي الحال تم دفع الغرامة والإفراج عنهم .
وبعد انتهاء محاكمة زملائنا ، تحصلنا على نوع آخر من الديناميت وهو معجون وشبيه بشحم السيارات ومعه صواعق ، تم شراء كمية منها وإحضارها إلى بور تسودان ، وبالفعل تحركت المجموعة المنفذة إلى نقفة وكرن ومصوع ووصلت سالمة دون أن تعترضها أي عوائق . ولكن في هذه المرة أتضح بأن الديناميت وصواعقه كان فاسدا ومغشوشا ولم ينفجر ، وبالذات المجموعة التي أرسلت إلى مصوع وبعد أن استأجرت قاربا لصيد الأسماك واشترت معدات الصيد وخرجت إلى البحر ووصلت إلى القاعدة الأثيوبية عن طريق البحر وبدأت في عملية التفجير إلا أن الديناميت لم ينفجر ، ولذا كانت تشعر بالإحباط بعد أن تكبدت المشاق ووصلت إلى هدفها دون أن تتمكن من تدميره . وقد جرت أحداث تلك العمليات في العام 1963 م .
|