|
|
Last Updated: Jul 11th, 2011 - 15:37:55 |
الحكومة تقتل الرهائن الصينيين وتسير في موكبهم الحزين
سليمان ابوداؤد
لقد انتهى عهد التضليل الاعلامي بعد التطور الذي شهدته وسائل الاتصالات فلا مجال في هذا العصر لحجب المعلومة عن الشعوب، فالروايات التي روتها الحكومة حول ملابسات مقتل الرهائن الصينيين سرعان ما انكشف زيفها اذ ان وسائل الاعلام تمكنت بفضل هذه التكنولوجيا من الوصول الى موقع الحدث كي تتحصل على المعلومات الصحيحة حول ملابسات الحادث فقد تبين أن من قتل الرهائن هي القوات الحكومية اثناء محاولتها الفاشلة التي قامت بها من اجل تحريرهم من خاطفيهم،فشهود الاعيان روا تفاصيل المعركة التي دارت بين الخاطفين والقوات الحكومية والتي استخدمت فيها الحكومة سلاح البر والجو الامر الذي ادى الى حدوث خسائر بشرية في صفوف كل من القوات الحكومية والخاطفين علاوة على المخطوفين مما يدحض المبررات التي صاغتها الحكومة في بياناتها المتضاربة ،فتارة تقول بانهم قتلوا اثناء محاولتهم الفرار من خاطفيهم وتارة اخرى تقول بان الخاطفين اخافهم تحليق المروحيات العسكرية من فوقهم فعمدوا الى مقتل الرهائن ولكن الحقائق اثبتت زيف هذه المعلومات بعدما انكشفت الحقيقة،فالحكومة مارست تحتيم اعلامي على عمليتها الفاشلة حيث قامت بقطع شبكة الاتصالات عن المنطقة الغربية لجنوب كردفان لمدة خمسة ايام حتى لا تتسرب المعلومات عن حقيقة الاوضاع على ارض الميدان الامر الذي يشير الى انها ارادت ان تحجب عن الراي العام حقيقة ما جرى بشأن مقتل الرهائن الصينيين ومن الذي قام بقتلهم، ولكن الجديد الملفت للانتباه تلك الجريمة التي البشعة التي وقعت في ولاية الوحدة في منطقة ميوم يوم الاربعاء 29/10/2008م والتي قامت بها مجموعة مسلحة تابعة للجيش الشعبي حيث اختطفت اثنين من العاملين في حقول النفط في تلك المنطقة وقامت بقتلهم بدم بارد حيث قتل كل من حامد محمد اسماعيل واحمد عبدالله، والشيء المؤسف حتى الان لم يصدر بيان من الحكومة الاتحادية او حكومة الجنوب او حكومة ولاية الوحدة يدين هذه الجريمة بل الادهى من ذلك ان حاكم ولاية الوحدة اتهم البقارة على حد وصفه بارتكاب هذه الجريمة في تصريح أدلى به لوكالة رويتر فكيف للبقارة ان يقتلوا بعضهم البعض اذا ما علمنا ان احد القتيلين من البقارة المفترى عليهم، فهذه المنطقة خاضعة بالكامل لنفوذ الحركة الشعبية ليس للبقارة وجود مسلح فيها، فهي بعيدة كل البعد عن المناطق التي يرتادها البقارة في مرعاهم ثم ان البقارة الان متواجدين في المنطقة الشمالية حيث يرعون في موسم الامطار في المناطق الشمالية فاذن لا وجود لهم في المنطقة ،فالجهة التي تتحمل المسئولية هي حكومة الجنوب ومن بعدها حكومة ولاية الوحدة باعتبار ان مسئولية الامن تقع على عاتقهم، إلا أن الازدواجية التي تعاملت بها الحكومة مع الاحداث الاخيرة في المنطقة تشير الى انها لا تولي اهمية لدماء المواطنين السودانين مقارنة بالاجانب فها هي حكومة ما تسمى بالوحدة الوطنية تدين وتندد باختطاف الصينين في مقابل صمت مريب تجاه الجريمة التي ارتكبتها قوات الحركة الشعبية ضد مواطنين سودانين لم يرتكبوا جرم سوى انهم يعملون من اجل تنمية وطنهم وفي المقابل نجد الحكومة تصب جام غضبها على الذين اختطفوا الصينين الذين حرموا مواطني المنطقة من العيش في ارضهم بعد مصادرتها لأراضيهم وحرمانهم من مصادر رزقهم، لماذا تهاجم الحكومة مختطفي الصينين ولا تطارد قتلة المواطنين السودانين في ولاية الوحدة، لقد استغلت الحكومة عملية اختطاف الصينين لتقوم بحملة تطهير في المنطقة حيث تقوم هذه الايام الحكومة بقذف القرى والفرقان بصورة عشوائية الامر الذي ادى الى مقتل المدنيين الابرياء الذين ليس لهم علاقة بتلك الحادثة حسب المعلومات التي ترد من المنطقة تباعا، لقد غدرت الحكومة بالخاطفين بعد ان فوضت زعماء الادارة الاهلية في المنطقة التفاوض مع الخاطفين من اجل اطلاق سراحهم بطريقة سلمية وقد توصلوا بالفعل الى اتفاق مع الخاطفين يتم بموجبه تسليم المخطوفين ولكن الحكومة غدرت بهم حيث استقلت جهود الوساطة كي تتعرف على مكان تواجد المجموعة الخاطفة لتدفع بقوة برية وجوية لمحاصرتهم ومن ثم بدأت باطلاق النار عليهم برا وجوا الامر الذي ادى الى مقتل الرهائن الصينيين واصابة عدد منهم بنيران القوات الحكومية كما قتل عدد من قوات الحكومة وايضا من الخاطفين لتنتهي المعركة دون تحرير كامل للمخطوفين لتبدأ بعدها الحكومة حملة تطهير واسعة في المنطقة طالت المواطنين الأبرياء فالذي قتل المخطوفين اذن هي الحكومة وتريد أن تلصق التهمة بحركة العدل والمساواة لتتهرب من تحمل المسئولية في فشلها في إنهاء أزمة الرهائن بطريقة سلمية، إن الإفراط في استخدام القوة والتعامل مع الامور بهذه العنجهية سيودي حتما الى نشوب صراع مسلح طويل الامد وهو ما اشار اليه تقرير مجموعة الازمات الدولية الاسبوع الماضي في بروكسل حيث ذكر التقرير ان هذه المنطقة مرشحة لان تكون دارفور القادمة اذا لم تتحرك الحكومة لمعالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي فيها خصوصا في ظل الشعور العام لمواطني المنطقة بانهم محرومين من الثروات التي تزخر بها منطقتهم، اختطاف المدنيين مدان من الجميع وهو يتنافى مع القيم الانسانية ولا يوجد شخص يؤيده مهما كانت الدوافع او الأسباب ولكن الصين بمشاركتها في الأعمال التي ألحقت الضرر بمواطني المنطقة من خلال السياسة التي تنتهجها الحكومة في المنطقة والمتمثلة في مصادرة أراضي المواطنين وتهجيرهم من قراهم دون حصولهم على تعويض عادل يوفر لهم البديل، فبتلك المشاركة تكون الصين قد زجت بنفسها في الصراع القائم بين سكان المنطقة والحكومة وبذلك تصبح هدف لأنشطتهم المعادية لسياسة الحكومة وأصبح الوجود الصيني غير مرحب به،ولا يخفى على الجميع بان الذي شجع شركات البترول للتنقيب عن النفط في تلك المنطقة هو الأمن الذي كان سائدا فيها والذي وفره أبناء المنطقة حيث كانوا هم من وفر الحماية للمنطقة من هجمات التمرد في الجنوب فلو لا أهالي المنطقة لما رأى البترول النور لذلك كان على الحكومة أن تكافئ مواطني المنطقة وليس معاقبتهم وحرمانهم من ابسط مقومات الحياة، فالسؤال الذي يفرض نفسه هل المنطقة تعاني من مشاكل ام لا؟ فاذا كان الجواب بالايجاب فلماذا لا تعترف الحكومة بتلك المشاكل وتعمد الى حلها قبل ان يستفحل امرها ولكن الحكومة كعادتها كما فعلت مع دارفور من قبل لا تعترف بمظالم شعبها وتصر على المكابرة الى ان تخرج الامور عن سيطرتها ومن ثم تبدأ في البحث عن الحل بعد ان كانت هي صاحبة الكلمة الفصل في ذلك، الشيء الذي لا يختلف فيه اثنان هو ان هذه المنطقة قد تعرضت لظلم كبير فهناك انعدام تام للخدمات الاساسية وغياب شامل للتنمية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي رغم أن المنطقة تعتبر من اغنى مناطق السودان الا انها من افقر المناطق حيث لا يوجد بها متر واحد معبد ولا مؤسسة اقتصادية واحدة تستوعب مائة عامل كي تحد من ظاهرة البطالة المقنعة اضف الى ذلك حرمان مواطني الولاية من ادارة شئونهم السياسية بانفسهم حيث تم تذويب ولايتهم وفقدوا كل المؤسسات التي قاموا بتشييدها من مواردهم المحلية ولتاتي الطامة الاخرى والمتمثلة في تسليم جزء من اراضيهم الى الحركة الشعبية حيث قامت الحكومة بتسليم رئاسة مجلس منطقة ابيي ورئاسة الكتيبة العسكرية والشرطة الموحدة الى الحركة الشعبية والتي اتخذت من مدينة ابيي التاريخية مقر لها وهي من اهم مدن المنطقة والتي لم يحكمها جنوبي منذ تاسيسها علاوة على ذلك ان القوات التي كانت تقاتل مع الحكومة في حرب الجنوب بعد انتهاء الحرب تخلت عنها الحكومة ولم يتم استيعابها في الخدمة المدنية او العسكرية كما هو الحال مع بقية القوة الاخرى التي كانت تقاتل في الجانب الاخر حيث تم استيعابها في الخدمة المدنية والعسكرية مما جعل هذه القوة تلجأ الى العنف للانتقام ممن غدروا بهم وتخلوا عنهم ،كل هذه العوامل وغيرها كفيلة بان تدفع باهلي المنطقة ان يجنحوا للعنف ، فالاجدر بالحكومة ان تقر بوجود المشكلة وتسعى لمعالجتها قبل ان تخرج عن نطاق السيطرة وما عملية اختطاف الصينيين الا مقدمة لما هو اتي وبالطبع الاتي اسوأ مما حصل ، فعلينا ان لا نضيع وقت في التزييف والتضليل والمكابرة وان نختصر الطريق ونكون شجعان لنواجه قضايا وطننا الذي يتآمر عليه الملأ فان لم نكن على قدر المسئولية بالطبع سنفقد هذا الوطن الذي نقتتل من اجله لنجد انفسنا بلا وطن ونخسر كل قيم الحرية والعدالة التي نسعى لتحقيقها حينها سيكون المبدأ الذي سيسود هو مبدأ البقاء للاقوى الذي تحكمه شريعة الغاب.
© Copyright by SudaneseOnline.com
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة
الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة
عن رأي الموقع