د.حسن بشير محمد نور - الخرطوم
لسم في الطعام و الشراب و السكن
تشير التقارير كما اوردت قناة الجزيرة الاخبارية في احدي نشراتها في يوم 28 اكتوبر 2008م الي ان السودان من اكثر دول العالم اصابة بالسرطان. لست في وضع يمكنني من اثبات صحة تلك الانباء المستندة الي تقارير و بيانات من مصادر طبية و صحية و بيئية مختلفة و لكن الشواهد تدل علي ان تفشي مرض السرطان في السودان بمختلف انواعه اصبح ظاهرة تستدعي القلق الشديد و تدعو الي الاستنفار من اجل البحث و التقصي لمعرفة الاسباب و الوقوف علي حجم المشكلة و معرفة اسبابها و وضع الحلول اللازمة لحلها بشكل عاجل. من الشواهد تفشي الاصابة بمرض السرطان في الولاية الشمالية و حلفا الجديدة و مناطق اخري مثل كردفان و غيرها من مناطق السودان.و من الشواهد كثرة الاصابة و الوفيات بسرطان الثدي و الكبد و الدم بشكل لم يعهده السودان من قبل و في مناطق متباعدة عن بعضها.
هنالك الكثير من الشائعات كما هو معهود في السودان في عدم الاستناد الي دلائل علمية و نتائج بحثية مؤكدة حول اسباب انتشار ذلك المرض الفتاك منها علي سبيل المثال وجود نفايات سامة او مشعة و مباني الاسبستوس و غيرها من الاسباب التي نرجو ان تجد التأكيد او النفي المستند الي الاساليب العلمية المعتمدة في العالم. و لكن المؤكد و الذي يمكن اثباته هو النمط الغذائي الخاطئ المتبع في السودان خاصة في الحضر و بعض المناطق الريفية و الذي يشير الي امكانية تسببه في اذي كبير لصحة الانسان و الحيوان و تأثيره السالب علي مصادر الغذاء النباتي و المياه و صحة البيئة. لم اري امة في العالم تستخدم الاكياس البلاستيكية في حفظ الغذاء و تداوله مثلما يحدث في السودان. الخبز و هو ساخن يوضع مباشرة في اكياس البلاستيك ، الفول و هو ساخن يباع في تلك الاكياس ، الكثير من الاطعمة في المتاجر و المدارس تباع في اكياس بلاستيكية و بعض المواد المحفوظة تباع علي الارض و في الشمس الحارقة المباشرة ، الفواكه تعرض في الشمس في عز الهجير الاطفال يشربون المياه الغازية و يأكلون الايسكريم عبر اكياس البلاستيك،حتي البلح اصبح ينقل في اكياس بلاستيكية ان هذه الامة اصبحت امة بلاستيكية بامتياز. يضاف لكل ذلك انواع المتاجر و الصيدليات التي تضع بضائعها علي الرفوف مباشرة دون الالتزام بدرجة حرارة معينة في اماكن ضيقة سيئة التهوية في بلد تصل فيه درجة الحرارة الي الخمسين مئوية.
جانب اخر من السلوك الغذائي هو حرق الدهون في الطهي و الغلي المتكرر في زيت الطعام كما هو متبع في صناعة (الطعمية و غلي الاسماك و غيرها) . ان تلك الاساليب المتبعة في حفظ الطعام و صناعته اصبحت مفرطة في الاستخدام و من المؤكد انها و من قبيل الافراط فقط ستؤدي الي نتائج مميتة. اصبح الناس في السودان يستقبلون نبأ الاصابة بالسرطان مثل استقبالهم للاصابة بالأنفلونزا و هذا في حد ذاته دليلا علي تفشي الظاهرة و عمق المشكلة. نرجو ان تجد ظاهرة تفشي مرض السرطان في السودان و تداولها في اجهزة الاعلام العناية اللازمة و البحث العلمي العميق و ان تنتشر التوعية حول العادات الضارة في نمط الطعام و الشراب و السكن و كمان في الاستخدام المفرط للهاتف المحمول قبل ان تثبت الدراسات تسببه في انواع معينة من السرطان و عندها " لا قدر الله " سيتصدر السودان اخبار الاصابة بها.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة