القرصنة قديماً وحديثاً
في عصر الجاهلية، اشتهر من يعرفون بالصعاليك ، وهم فئة اجتماعية كانت خارجة عن القانون القبلي وامتهنت نهب القوافل التجارية وتوزيع المنهوبات على الفقراء وتسجيل تلك الأفعال في شعر الفروسية، ولعل أشهرهم هو زعيم الصعاليك الشاعر عروة بن الورد الذي كان يعرف بعروة الصعاليك لجمعه لهم وتولي قيادتهم ، أما أسرعهم فهو السليك بن السلكة الذي كان يغير على القوافل عدواً وكان يسابق الخيل فيسبقها، أما أغربهم فهو تأبط شراً الذي قيل أن أمه لامته لأنه كان لا يأتيها بشيء مثلما يأتي فتية الحي امهاتهم فأحضر لها جراباً مليئاً بالأفاعي وعندما سألت النساء كيف حمل الأفاعي في الجراب ردت أمه قائلة: تأبطها فعلقت النسوة عندها: لقد تأبط شراً، ولعل أكبر مفارقات الصعاليك هي أن حماد الراوية الذي يعتبر أقل الصعاليك شأناً هو الذي جمع المعلقات السبع التي طغت على الشعر العربي قديماً وحديثاً!
خلال حقبة استعمار السودان من قبل الاتراك والانجليز، اشتهرت ظاهرة الهمبتة وهي أسلوب حياة يقوم على نهب الإبل وقد كان الهمباتة يعتبرون نهب الإبل فعلاً حلالاً أما نهب ما دون الأبل فهو حرام ولعل أشهر الهمباتة السودانيين هو الشاعر الطيب ود ضحوية الذي كتب قصيدة شهيرة أثناء وجوده في السجن امتدح فيها نفسه لأنه سارق إبل وهجى فيها سجيناً آخر لأنه مجرد سارق صفائح زيت!
أما أعجب قراصنة هذا العصر فهم قراصنة الصومال، ففي حين لا توجد حكومة قوية في بر الصومال بسبب الحروب الأهلية ، توجد حكومة قراصنة صوماليين في البحر تنفذ ثلث عمليات القرصنة البحرية في العالم وتقوم بنهب سفن الدول الكبرى والتفاوض معها على الإفراج عنها بعد دفع فديات ضخمة!
ولعل المقارنة بين القرصنة التقليدية مثل نهب القوافل أو نهب الإبل أو نهب السفن والقرصنة الإلكترونية التي تتمثل في نهب البنوك من على البعد هي أمر جدير بالذكر لأن القرصنة التقليدية تتطلب قدراً كبيراً من الشجاعة والإقدام أما القرصنة الإلكترونية فلا تتطلب سوى جهاز كمبيوتر وأرقام حسابات مسروقة وهاكر قابع في غرفة لا يعلم بموقعها أحد حيث يقوم الهاكر ببرود باختراق التحصينات الأمنية الخاصة بالبنك ويحول الفلوس المنهوبة إلى حسابة الخاص بنقرة فأرة ثم يغلق جهاز الكمبيوتر ويخلد إلى النوم وكأن شيئاً لم يكن!
فيصل على سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة