مقدمة:
كتب : محمود عابدين
والي الشمالية واعوانه يقومون بأشياء غريبة: يحرمون المواطن من أبسط المعلومات، فيما تنتفخ حقائبهم التي يسافرون بها الى الخارج لجذب المستثمرين بالتفاصيل وتفاصيل التفاصيل حول المشروعات الزراعية وطبيعة الارض وانتاجية الفدان وسبل الري ومصادر الطاقة.. يوفرون البنية التحتية لرجال الاعمال الاجانب ويحرمون المواطن من ابسط وسائل الانتاج والتسويق من خلال فرض الرسوم والجبايات على منتجاتهم التي يسعون لبيعها خارج الولاية .. ونفس الشي للسلع القادمة اليهم ليعاني الانسان من ارتفاع سعر منتجاته وضعف تنافسيتها في الاسواق وارتفاع سعر متطلباته التي يجلبها من خارج الولاية لتضعف قدراته الشرائية .. ومن ثم يقولون لنا ان المنطقة مهجورة!!.. يضغطون على انسان الشمال كي يهاجر عبر اغراق الارض والزرع والضرع ويشجعون (السودانيون الجدد) على القدوم بالملايين وضمان الاقامة الدائمة وزراعة ملايين الافدنة والحصول على الجنسية.. لذلك كتبت مقالا يوم الخميس مقال بصفحة بانوراما الشمال بصحيفة الخرطوم تذكيرا لسعادة الوالي ان (الاقربون اولى بالمعروف) وفيما يلي نص المقال:
الأقربون أولى بالمعروف يا والي الشمالية!!
والي الشمالية السيد عادل عوض بحاجة إلى تغيير سياساته المثيرة للجدل إذا كان حقاً يهدف إلى رخاء إنسان الشمال، وهو بحاجة إلى إعادة فتح نوافذ الحوار التي أغلقها في وجه مواطنيه والجلوس معهم والتوقيع على بروتوكولات للإخاء والصداقة وبناء الثقة قبل التوقيع على بروتوكولات التوأمة والتكامل والاستثمارات مع محافظات القاهرة وأسوان والإسكندرية وإبرام عقود الاستثمار مع رجال الأعمال ودعوتهم الى رسم خارطة طريقة لاستثماراتهم في الولاية.
وخير للإخوة الأعزاء في محافظات مصر المختلفة الدخول في علاقة طويلة الأمد وممتدة لتحقيق المصالح المشتركة مع أشقاءهم شعب جنوب الوادي، عوضاً عن الدخول في اتفاقيات لا تجد السند من المواطنين ويتضجر منها اشقائهم الذين يشكون لطوب الأرض سياسات الوالي في تغييب دورهم في هكذا اتفاقيات استراتيجية.
ولا بأس من تذكير سعادته )فالذكرى تنفع المؤمنين(، انه يرعى مصالح مجموعة من البشر من حقها المشاركة والنقاش ومعرفة ما يدور في ذهنه وذهن قياداته ولها حق إبداء الرأي والتعبير والإسهام في صياغة مستقبلهم، لأنهم ببساطة ليسوا قطيعا من الماشية تدار أمورهم كيفما اتفق!!.. فالبروتوكولات التي يوقعها سعادته لاتعبر عنهم وتقفز فوق قضاياهم الانية والمصيرية ولم نسمع عن مناقشات حولها على مستوى المجلس التشريعي للولاية ولا غيره.
المطلوب من سعادة الوالي صياغة عقد اجتماعي جديد ينظم العلاقة بينه راعيا للمصالح وبين رعيته المتطلعة لأبسط ما يحتاجه الإنسان من مأكل ومشرب ومسكن وأرض يعيش عليها ومن الافراط لاحقاً والحديث عن (ترف) التنمية!!. فليس من المنطق أن يترك الوالي مواطنيه أسرى لـ(لغز السدود) والهواجس والضبابية والمستقبل المجهول والنزاع والاحتراب الداخلي ويجوب الدنيا مفاوضاً بشأن تنمية لا يعرف أهل الشمال مبتغاها الحقيقي ولا منتهاها المأمول. وإذا كانت التنمية للإنسان ويصنعها الإنسان فليعيد الوالي مواطنيه إلى قلب الحدث التنموي المرتقب حتى يجد منهم السند بدلاً عن المعارضة والتأفف. وأرجو من السيد الوالي وسدنته مراعاة الله في حق مواطنيهم والتسليم بطبيعة الخوف البشري من ظلام المجهول والذي لا يبدده سوى نور المعرفة والمعلومة التي يحجرونها عليه، وبما انه ومؤيديه يركضون واثقي الخطى خلف المشروعات الاستثمارية وخلف رجال الأعمال وإغرائهم بالمزايا الخرافية فالأمل أن يقوموا بطمأنة المواطن بجدوى ذلك الركض والتعبئة التنموية. وحتى لا نكون مثل شعوب (البوربون) فعلينا استذكار نتائج التجارب السابقة ومراعاة أن لا جدوى من العلاقات غير المتكافئة بين الشعوب تماما كالعلاقة بين أمريكا وأوروبا من جهة والعالم الثالث من جهة اخرى حيث تتدفق المصالح في اتجاه واحد (الأقوى) في نظام عالمي يزيد الغني غنى ويزيد الفقير فقراً.
ولو أردنا علاقة تكاملية صحيحة مع الشقيقة مصر فعلينا إعداد القاعدة الاقتصادية والبشرية والتقنية واعادة بناء المجتمع وزيادة وعيه حتى تضيق الفجوة وتقترب العلاقة من مستوى الندية بين الشعبين. وقبل ذلك علينا إدارة حوار داخلي عميق وبناء حتى يعرف المواطن في الشمال وغير الشمال مضمون اتفاقيات الحريات الأربعة وما قد يترتب عليها، وجدوى الاستثمار الأجنبي مقابل الامتيازات السخية وأهداف السدود وعلاقتها بهذا الحراك في العلاقات المصرية السودانية الذي نشهده على الساحة، فضلاً عن المردود الاقتصادي والاجتماعي والجيو سياسي لكل علاقاتنا الخارجية.
يبدو ان على السيد عادل عوض قبل كل ذلك مراجعة النفس ازاء الفتور الذي يقابل به اينما حل في الشمال النوبي: في اردوان وصاي وفريق واخير (بنا) حيث دارت مواجهة ضارية بين انصاره وانصار نظيره السابق وفقا لما نشرته وسائل الاعلام. ومن الضروري الوقوف على أسباب الحرائق الغريبة التي تندلع من قرية الى قرية لتلتهم الأخضر واليابس وتقضي على اشجار النخيل رمز صمود الانسان النوبي عبر التاريخ كما حدث في صاي والبرقيق وغيرها من المناطق!!.
وثمة مفارقة غريبة في قضية التنمية وبروتوكولات التكامل التي تزخر بها حقيبة الوالي في حله وترحاله ، وهي انها تأتي في وقت ما زالت فيه الولاية تحبو اقتصادياً وتعيش على الرسوم والجبايات المفروضة على كاهل المواطن، وتشمل الرسوم على المنتجات المتجهة الى الولاية(السكر والدقيق، والمياه الغازية وغيرها) وتلك التي تتدفق منها وتشمل المحاصيل الزراعية المتوجهة من الولاية الى اسواق اخرى.
ويتساءل المواطنون لماذا يضن سعادة الوالي على مواطنيه الغاء تلك الجبايات على الرغم من القرار وزير المالية الاتحادي، ويفيض كرماً وسخاءً تجاه المستثمرين من خلال البروتوكولات واتفاقيات التوامة التي تشمل منح الاراضي المجانية والاعفاءات الضريبية وانفاق البلايين من الدولار لتجهيز البنى التحتية من طرق وطاقة تسهل استثماراتهم.. وهي عوامل لو توفرت للمزارع القابض على جمر الصبر سنين عددا لاحال ارض الشمال خضرة ونضرة ولانداحت التنمية الحقيقية لتعم كل مكان وبلا اغراق!!.
سعادة الوالي: ان ترتيب البيت (الشمالي) أولى من كل تلك البروتوكولات وأهم من بشريات التكامل والامن الغذائي .. لكننا نعلم في ذات الوقت ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ولذلك فما لم يعد اهل الشمال أنفسهم النظر في اسلوب تعاطيهم مع التحديات القائمة فلن يتغير الوالي او سياساته لنجد انفسنا ذات يوم امام طوفان بشري من الخارج اخطر من طوفان المياه خلف السدود، والله من وراء القصد.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة