سودانية قبيلة الهوسا ليست مِـنـَّـة ً من أحد
درج المسؤولون السودانيون ومنذ أمد طويل فى وسائل الأعلام المختلفة داخل وخارج السودان على وصف قبيلة الهوسا بأنها وافدة من غرب أفريقيا ، إلى هنا ليس هناك خلاف فالكل يعلم عن أصوله المهاجرة أو الوافدة أو ( المدفونه تحت التراب ) فى كل أنحاء المعمورة ويعتز بها وليس هناك عيب أو وصمة عار حتى يقذفها المسؤولون السودانيون يمنة ويسرة بل هو دليل عافية وثراء حقيقي لو يعلمون ، ونفس هذه اللفظة يطلقها ( الخلايجة ) على كل من أتى إلى بلادهم عاملاً كان أو مقيماً أو عابراً بالمطار ، ولكن مصيبة هذا الوطن هو فى أن البعض يعتقد أنه أكثر سودانية ً أو أصالة ً ووطنية من غيره من القبائل ومن ثم يبدأ فى توزيع الألقاب والجنسيات والنياشين ويصنف من يدخل النار ومن يدخل الجنة ويحدد ( لله كدا ) أن هؤلاء سودانيون وهؤلاء جاؤوا من ( السما الأحمر ) !! فى محاولة بغيضة لمزيد ٍ من طمس الحقائق التاريخية المطموسة أصلاً فى السودان .
والغريب أن كلمتي القبائل أو المجموعات الوافدة هذه لا تسمعها من أحد حين يتعلق الأمر بالشناقيط مثلاً أو البصالوة ( البصاولة ) فى حلفا الجديدة أو الهنود أو أكراد السودان ويهوده وأغاريقه أوالذين وفدوا من مدينة حلب ولا حتى من لهم عرق فى فترة غزو الأتراك والمصريين للسودان وغيرهم الكثير الكثير ، ولكننا نسمعها فقط عندما يتعلق الأمر بغرب أفريقيا أو الهوسا ( الفلاتة ) .
رئيس الجمهورية الذى تحدث لصحيفة الأيام نهاية أغسطس الماضى وذكر بالحرف الواحد حسب ما جاء فى الصحيفة الآتى ( ليست هناك قبيلة سودانية إسمها الهوسا ، والهوسا أجانب فى السودان ) طبعاً مثل هذا الكلام مردود ويعلم البشير قبل غيره أن هجرة الهوسا للسودان قديمة قدم ما يُعرف بالسودان الجغرافي سابقاً ، وهم منتشرون فى عدد ٍ من دول القارة الأفريقية وكذلك فى الكثير من الدول العربية ، ولكن البشير وبعض حاشيته وبعض الساسة يريدون القفز فوق الحقائق والتاريخ حتى وإن أدى ذلك إلى تمزيق النسيج الإجتماعي الممزق أصلاً أو فناء السودان بأكمله بل ومحوه من الوجود .
فهذا التصريح الخطير من البشير الذى أدى لمقتل وجرح العشرات من المواطنين وقوات الشرطة فى كل ٍ من القضارف وكسلا ثم تراجع كعادته عنه مُـقسماً للهوسا أنه لم يقل ذلك وأن ما قاله قد حُرف أو أُخِذ من سياقه وأكد لهم بأنهم سودانيون لهم إسهاماتهم ككل القبائل ومكونات المجتمع السوداني ، وحقيقة الأمر أن الهوسا لا ينتظرون أحداً ليبصم على سودانيتهم ولن يستطيع أحدٌ أن يسلبها منهم وإن تعلق بأستار الكعبة ، فهم سودانيون ولا يجرؤ أحدا أن يزايد على وطنيتهم أو يشكك فى ولائهم وحبهم لهذا الوطن ، وكغيرهم من بقية القبائل لهم حقوق كفلها لهم الدستور السوداني والمواثيق الدولية ، لذا يجب أن تتوقف وسائل الإعلام الرسمية عن مثل هذه التصريحات الغير مسؤولة والمثيرة للكراهية والعنصرية والإقصاء وأن يبتعد هؤلاء وهؤلاء بسرطاناتهم السياسية التى تدعو إلى الفتن والتعصب والإنقسام عن قبيلة الهوسا ولا يزجوا بهم فى صراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل وخاصة أن لعبة الإنتخابات على الأبواب .
وجود الهوسا فى السودان سابق بعقود وفود قبائل مثل الرشايدة والزبيدية الذين أصبحوا بين عشية وضحاها أسوداً حرة ومفترسة ( وتاكل الجمر ) بل أضحوا أكثر سودانية ً من قبائل كثيرة وإستطاعوا أن ينالوا ما لم ينله حتى أولئك الذين يصنفون الناس على هواهم فى إتفاقية سرية دُفعت بموجبها لذاك التنظيم المسمى ( بالأسود الحرة ) تعويضات خيالية مع أن المعروف عنهم التهريب والتهرب من دفع الضرائب الذى بدوره يؤدى إلى تدمير إقتصاد السودان على المدى الطويل وشرق البلاد على المدى القصير ، ولكنهم عندما رفعوا السلاح بمساعدة إرتيريا لم يقل لهم أحد أنهم غير سودانيين أو أنهم وافدون أو عنصريون أو جهويون أو حتى قطاع طرق ومجرمون ، وأبلغ الرشايدة عن ثورتهم الميمونة تلك كل من الكويت والسعودية والإمارات وليبيا ولم تستطع هذه الحكومة أن ( تتشطر عليهم كما تتشطر) على خلق الله الآن بل إستجابت لمطالبهم وكرمتهم ( ومسحت خشومهم ) بالتعويضات السخية وطلبت منهم ألا يُخبروا بقية القبائل فى المنطقة بما نالوه حتى لا يثير ذلك الأمر ثائرة القبائل الأخرى ومن ثم وقـّع الموقعون وكُتب على بعض بنود تلك الإتفاقية ( سري للغاية ) وتم تعيين كبيرهم الذى علمهم رفع السلاح من المقربين فى القصر، والمفارقة العجيبة أن الهوسا مسالمون لدرجة لا تطاق ويدعمون الإقتصاد المحلي والقومي بالعمل الجاد والدؤوب والمثمر وبالصدق والأمانة والإخلاص والتجرد ولعمرى هذه هي السودانية الحقة إن كان هناك معيار حقيقي للمواطنة فى السودان ، وللهوسا وجود فى كل مرافق الدولة منذ القدم على الصعيدين الرسمي والشعبي هذا ناهيك عن قتالهم مع الإمام المهدي ضد الإنجليز، فهناك ضباط كبار فى الجيش والشرطة وأساتذة فى الجامعات وأطباء ومحامون وكتاب وفنانون ومغنون وعازفون وغير ذلك فى مختلف أوجه الحياة أثـَّروا وتأثـّروا كغيرهم من القبائل السودانية وإنصهروا وتصاهروا معهم ولهم نسب وعِـرق فى الكثير من القبائل السودانية الأخرى وهذا شىء طبيعي بل هو سنة من سنن الكون ، لذا أرحموا هذا الوطن .. أرحموه قاتلكم الله .
عبدالماجد موسى / بريطانيا
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة