بسم الله الرحمن الرحيم 00
حل الأزمة الدارفورية لا يحتاج الى مبادرات وهمية تخديرية !! ؟ 00
عبدالغني بريش اللايمى 000 الولايات المتحدة الأمريكية 00
كالعادة تطالعنا وسائل الاعلام السودانية هذه الأيام بخبر مفاده ان ديناصورات السودان وأصنامه من بعض رؤساء الاحزاب والتنظيمات السياسية وبإلحاح من ديكتاتور البلاد عمر البشير اطلقوا مبادرة سياسية بشأن أزمة دارفور سميت " بمبادرة أهل السودان " وذلك بعد ان بعثت بعض الدول الغربية ذات الوزن الدولي والعالمي رسائل واضحة وقوية ضد نظام الخرطوم طالبة منه تغيير سلوكه تجاه مواطنييه وحل أزمة دارفور والآ فإن تلك الدول ستزيل كل العقبات أمام المدعي العام الدولي الخاص بالتحقيق في جرائم دارفور السيد لويس مورينو اوكامبو وقضاة محكمة الجنائية الدولية بلاهاي لاستصدار مذكرة اعتقال ضد عمر البشير رئيس النظام في الخرطوم ؛؛؛؛ وتؤكد كل المؤشرات القادمة من السودان أن تلك الديناصورات السودانية تسترت وراء لافتات مبادرة أهل السودان والتي تستهدف بالدرجة الأولى منح غطاء قومي وأخلاقي زائف لإنقاذ عمر البشير من ورطته التي يواجهها مع المحقق العام الدولي السيد لويس مورينو اوكامبو 0
ومن المثير للسخرية أن تلك التنظيمات السياسية العقيمة والتي فشلت في إحراز أي إنجاز في تاريخها في قضايا الشعوب السودانية لعقود من الزمان ، يجري استخدامها الآن من قبل حزب المؤتمر الوطني الحاكم كمنصة وبارجة لإطلاق مبادرات وهمية خبيثة لإنقاذ عمر البشير الذي يواجه تهما بارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب والابادة الجماعية والتطهير العرقي في دارفور ضد إثنيات معينة 0
ولا يخلو من دلالة في هذا الصدد أن يطرح هذه المبادرة حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان منذ عام 1989 القرن الماضي ويواجه اليوم تهديدا دوليا واقليميا لإزاحته والإتيان بنظام ديمقراطي مقبول شعبيا - وهذا الامر طبعا يزعجه ويسبب له صداع مزمن - ولذلك يحاول بكل الطرق والوسائل وضع العوائق امام كل من يحاول زعزعته 00 وعليه ليس غريبا ان يأتي ولو بمبادرات وهمية لإنقاذ نفسه من السقوط الفظيع 0
وعلى حين يروج أصحاب هذه المبادرة على أنها تستهدف حل أزمة دارفور ، وحماية الدارفوريين وإشاعة قيم السلام ، وتحقيق الأمن والاستقرار في الاقليم ، الآ ان الحقيقة من وراء هذه المبادرة هي تحصين النظام الحاكم وسياساته دون مناقشة الأسباب الاساسية التي أدت الى نشوء هذه الأزمة الانسانية الاخلاقية المحرجة أصلاً 0
ومن ثم لم يكن غريبا أن مبادرة أهل السودان رغم ادعائها الالتزام بحل الأزمة الدارفورية والقضايا ذات الصلة ، بوصفها مشكلة سياسية أساسية في السودان ، لم ينضم إليها أصحاب القضية المعنيين من أهل دارفور ، بل نظمها النظام الحاكم ومن تبعه من أهل الظلام من جهلاء السودان 00 وهم أنفسهم لم يلتزموا بها حتى لو تم تبنيها في أسوأ الحالات ، وذلك لان التاريخ القريب يحكي لنا بربرية النظام وعدم التزامه بالعهود والمواثيق دولية كانت او داخلية ؛؛ ومن ثم فقد استدعت هذه المبادرة كافة التعبيرات الإنشائية غير المنضبطة والمطاطية ، التي يحفل بها العمل السياسي السوداني ، والذي اعتاد النظام توظيفه دوما لشق صفوف معارضييه وتقديم بعض الحلول الهشة لقضايا مصيرية وتاريخية هامة 00 (أبوجا وأسمرا) مثالين نموذجيين 0
كنت أتمنى لو ان الذين أطلقوا تلك المبادرة المشبوهة ومن تبعهم إلى يوم الهلاك العظيم كانوا عندهم العزيمة والإصرار على الإتيان بهذه المبادرة قبل فوات الآوان - أي قبل التطورات المأساوية والمجازر الفظيعة التي شهدها اقليم دارفور ،، وقبل التلفيق والتخطيط لارتكاب أفظع الجرائم الإنسانية في دارفور من قبل حكومة عمر البشير ؛؛ وقبل تضييع الجهد والوقت وتسخير كل مرافق الدولة في المغالطات وتغطية الفضائح التي يندي لها جبين الإنسانية ،، وأتمنى لو كان الذين أطلقوا هذه المبادرة المبتورة استخدموا الأموال المخصصة لها في الإصلاحات ومحاربة الفساد الإدراي المتفشي في وزارات الحكومة المختلفة ، أو خصصوا تلك الأموال في إنقاذ أطفال دارفور ومرضى المعسكرات والنازحين السودانيين داخل اراضي بلادهم ! ! 0
الرئيس عمر البشير لا يدرك كأشياء كثيرة لا يدركها - أن اللعبة السياسية القذرة التي يمارسها الآن بإسم أهل السودان مكشوفة ومعروفة للدان والقاص - وكون بعض القيادات السودانية المهزومة والضعيفة قبلت بهذه المبادرة واصطفوا وراءه - لايعني اعفاءه من الجرائم التي ارتكبها مباشرة أو عن طريق وزراء ومسؤوليين في حكومته منذ اندلاع الحرب الدارفورية 0
ان ما تسمى بمبادرة أهل السودان لحل الأزمة الدارفورية هي ككل المبادرات الكثيرة الفاشلة التي اطلقها كل من الصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني وغيرهم في فترات تاريخية مختلفة بخصوص بعض القضايا السودانية ، والتي بقيت حبراً على ورق حتى اللحظة 00 ووجه الشبه بين هذه المبادرة والمبادرات الأخرى هو انها انطلقت من جهات يلفها الوهن والضعف والغباء السياسي ، وهي عاجزة تماما ولعقود طويلة عن فرض الحلول - او اتخاذ المواقف والقرارات الحازمة تجاه قضايا اساسية بعينها 00 فعندما يدخل السودانيين اطرافاً في الصراع الدارفوري ويناصرون فريقاً على حساب آخر ، هنا تسقط قدرتهم على تقديم الحلول الوسطية والوفاقية ، وبدأ ذلك جلياً في التعامل الحكومي مع الأزمة الدارفورية منذ اندلاعها في عام 2003 حتى الوقت الراهن 00 فلا يمكن للرئيس البشير المتهم بالجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب والابادة الجماعية في دارفور ان يطلق مبادرة بشأنه ؛؛ ثم يقدم نفسه على انه وسيطاً نزيهاً !! كذلك لا يمكن للصادق المهدي رئيس حزب الأزمة الذي ساهم في خناق الشعب الدارفوري واعتبر بعض الحركات الدارفورية المسلحة في وقت سابق من عام 2008 حركات ارهابية ومرتزقة تشاديين ؛؛ ثم يسعى لإنجاز تسوية بين الحكومة وأهل دارفور !! ؟ 0
وعندما تكون الحكومة السودانية عمقاً استراتيجياً للجنجويد ومليشيات الدفاع الشعبي التي تمارس القتل العشوائي في مواجهة الحركات الدارفورية المسلحة والمدنيين ، تسقط مصداقيتها ونزاهتها تجاه أهل دارفور !! ، فمن ينعت قادة الحركات الدارفورية بالارهابيين وبالنهب المسلح وبالمرتزقة ويطالب بسفك دماء أسرهم وقتل اطفالهم وحرق بيوتهم لا يمكن ان يكون وسيطا نزيها !! 0
إن حل الأزمة الدارفورية لن يكن وفقاً لمبادرات مبعثرة هنا وهناك كالتي طرحتها الحكومة اليوم ،، ولن يكن وفقاً لمعادلة الرئيس عمر البشير القائلة بوضع الحركات المسلحة سلاحها والدخول في مفاوضات مباشرة غير مشروطة مع النظام الخرطومي المراوغ ، انما يكمن الحل في اقتناع الجلابة في الخرطوم بأن الخروج من هذه الأزمة الملتهبة يكون بتلبيتهم لمطالب أهل دارفور العادلة والمشروعة دون تردد ، وطبعا هذه الخطوة لن تكن مقبولة لديهم لانها تستدعي ذهاب النظام واسترداد كل الحقوق المنهوبة والمسروقة لأهلها 0
ان رد الحقوق الى أهلها وأصحابها الحقيقيين لا يحتاج الى مبادارات ولقاءات واجتماعات ومؤتمرات 00 الخ ، وهذا الكلام واضح جدا وذلك في قال الله تعالى : { إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا } النساء ( 58) 00 لكن ان يضيع النظام الحاكم في السودان كل الوقت في طرح مبادرات وهمية تخديرية كل ما وجد نفسه في ورطة ما - هذا ما يرفضه أهل دارفور جميعا بكل أطيافه الإجتماعية والسياسية المختلفة 00 وهنا نتساءل كما يتساءل كل أهل دارفور - هل بناء المدارس والمستشفيات والطرق والكباري والشوارع وتوفير الأمن والاستقرار في ذلك الاقليم يحتاج إلى مبادرة ؟؟ وهل وقف استهداف النظام للمدنيين واللأجئين في معسكراتهم يحتاج الى مبادرة ؟؟ وهل وووووووووو يحتاج الى مبادرات ؟ لا ثم ألف لا - بل كل ما يحتاج اليه الوضع هناك هو قرارات جريئة وشجاعة من النظام الحاكم 00 وهو يستطيع بجرة قلم ان يوقف ما يجري في اقليم دارفور !! فلماذا يصر النظام على تقديم مبادرات لا تقدم شيئا جديدا ؟؟ 0
مبادرة ما تسمى بأهل السودان ما هي سوى حشداً من الغوغائية نظمته حكومة الإنقاذ من أجل إنقاذ الرئيس البشير من التهم الموجه إليه من قبل المدعي العام لويس مورينو اوكامبو ؛؛ وما لا تدرييه الحكومة هو ان الذين احتشدتهم ليس بمقدورهم ان ينقذوا البشير من قرارات صادرة من مؤسسات دولية 00 فلماذا لا يقتنع النظام بان نهايته قد اقتربت ويوقف مهزلة ما تسمى بمبادرة أهل السودان الذين هم بريئين منها ويرحل من على وجوه السودانيين ؟ 0
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة