|
|
Last Updated: Jul 11th, 2011 - 15:37:55 |
كوشيب في السجن وأين هارون والباقون
بقلم: سليمان ابوداؤد
علمتنا الوقائع بان أصحاب السلطة في أي مجتمع تحكمه أنظمة شمولية هم اناس فوق المحاسبة ولا يمكن أن يطبق عليهم القانون لأنهم يعتبرون أنفسهم غير خاضعين لإرادة القوانين التي يقومون هم بتشريعها وهذا ما تأكد لنا جليا من حديث وزير العدل السوداني سبدرات عندما صرح لوسائل الإعلام بان علي كوشيب رهن الاعتقال منذ زمن طويل وانه يخضع لاستجواب من السلطات المختصة وسيقدم للمحاكمة هو وآخرين من ضباط الجيش يجري التحقيق معهم حول جرائم حرب ارتكبوها في دارفور. لا ندري لماذا يعتقل كوشيب الآن وقد رفضت الحكومة من قبل توقيفه حيث قالت حينها بأنها أجرت معه تحقيق ولم تجد أدلة ضده تستدعي تقديمه للمحاكمة هو والوزير احمد هارون فما الجديد الذي دفع بها إلى اعتقاله هذه المرة هل ارتكب جرائم جديدة وجدت فيها دليل ضده يستدعي محاكمته أم تريد أن تثبت للمجتمع الدولي بان النظام القضائي السوداني جاد وقادر على معاقبة كل من يرتكب جرائم في حق الآخرين، للإجابة على هذا التساؤل لابد لنا أن نوضح بان كوشيب الذي وجه إليه مدعي محكمة الجنايات الدولية تهمة ارتكاب جرائم حرب كان جندي في الجيش السوداني يعمل تحت إمرة مرؤوسيه يقوم بتنفيذ أوامرهم وبعد تركه للجيش وانتقاله للدفاع الشعبي أيضا كان يقوم بتنفيذ أوامر قادته فإذن الذي يتحمل المسئولية في هذه الحالة هم قادته وليس هو سواء كانوا ضباط في الجيش أو في الدفاع الشعبي فليس من العدل معاقبته على جرائم لم يرتكبها بمحض إرادته، وان كان لابد من ذلك فيجب أن يقدم هولاء القادة للمحاكمة إذا أريد للعدالة أن تتحقق ثم أين المتهم الأول الذي ورد اسمه مع كوشيب واعني بذلك الوزير هارون لم نسمع بأي إجراء اتخذ ضده أليس هو المسئؤل عن تجهيز الدفاع الشعبي في الإقليم كما جاء في اتهام المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية أم لأنه وزير ومن الموتمر الوطني فهو فوق القانون لا يخضع للقوانين الوضعية، إن الإعلان عن اعتقال كوشيب يدل على أن الحكومة تتعامل مع المواطنين بازدواجية فهناك مواطنين من الدرجة الأولى وهم أعضاء الموتمر الوطني ومواطنين درجة ثانية هم البسطاء الذين تحتمي بهم الحكومة في أوقات الشدة وعندما تأتي أوقات الفرج تتخلى عنهم كما تخلت عن مواطني غرب كردفان الذين وقفوا معها وتصدوا للتمرد في الجنوب وعندما جاء السلام تخلت عنهم وتركتهم يواجهوا مصيرهم وهي تتفرج عليهم كأنها لا تعرفهم. فكوشيب وأمثاله استنجدت بهم الحكومة عندما انهزمت في دارفور أمام الحركات المسلحة التي شنت هجوم كاسح تمكنت فيه من تدمير سلاح الجو في مطار الفاشر وأسرت قائده وعندما جاء سلام ابوجا تركتهم يواجهوا مصيرهم كما فعلت من قبل مع إخوانهم في غرب كردفان وها هي اليوم تدفع بهم ككبش فداء ليصبحوا ضحية كما يقول المثل يفعلها الكبار ويعاقب عليها الصغار. فكان الأجدر بالحكومة أن تقيل الوزير هارون وتجرده من الحصانة كي تتيح للسلطات القضائية التحقيق معه حول ما نسب إليه من جرائم ولكن فعلت العكس حيث كافأته بنقله من وزارة الداخلية لتعينه وزير دولة للشئون الإنسانية أية إنسانية هذه التي توفر الحماية لشخص متهم في جرائم تمس الحق الإنساني، فهذا السلوك يدل على أن الحكومة غير راغبة في معاقبة أي عضو ينتمي إلى حزب الموتمر الوطني ، هدفها المماطلة لكسب الوقت والتزييف والضحك على الشعب السوداني وعلى المجتمع الدولي لان تصرفاتها الاستفزازية التي تقوم بها من خلال توفيرها الحماية لشخص تدور حوله الشبهات تثبت بما لا يدعوا مجال للشك بأنها حكومة مراوغة تجيد التلاعب بعقول الناس، إن إمعان الحكومة في هذا السلوك هو الذي دفع باكامبو إلى توجيه الاتهام إلى البشير بتهمة توفير الحماية للمجرمين واستخدامه لإمكانيات الدولة في حرب دارفور، فعندما توضع تحت تصرف شخص ما كل الإمكانيات المادية والبشرية للقيام بأعمال عسكرية دون ضوابط فماذا يعني ذلك أليس هذا استغلال للسلطة.
فمحاكمة كوشيب لا تجدي نفع لان الأمر اكبر من ذلك فان كانوا يريدون بذلك إنقاذ الرؤوس الكبيرة فالنتيجة ستكون عكس ما أرادوا فهذه المحاكمة ستكون دليل تتم بموجبه معاقبة الكبار الذين يريدون النجاة بأنفسهم فليس أمام الحكومة سوى خيارين إما أن تصر على موقفها الرافض لمحاكمة مواطنيها وإما أن تقبل بمبدأ المحاكمة وتتم محاكمة كل من توجه إليه تهمة مهما كبر أو صغر موقعه من السلطة بخلاف ذلك أية محاولة لمحاسبة أناس وترك آخرين ما هي إلا مقدمة لسقوط الكبار في يد العدالة التي ستطال الجميع إن عاجلا أم آجلا ، فالأفضل للذين وجهت إليهم تهم أن يسارعوا بتسليم أنفسهم قبل أن يتم تسليمهم فلا عاصم لهم من العدالة بعد اليوم وعليهم اخذ العبر من الذين سبقوهم أمثال ميلوسفيتش الرئيس الصربي الراحل وكارزيدتش الزعيم الصربي الذي توارى عن الأنظار لمدة ثلاثة عشر عاما وما صدام ببعيد عنهم الم يروا كيف وقع في يد العدالة، فالله يمهل ولا يهمل وان يعلموا بان الباطل لا يمكن أن ينتصر على الحق مهما كبر جبروت الحاكم وسلطانه. ليس من المقبول أخلاقيا أن يرضى شعب بان يكون رئيسه شخص متهم بتعطيل العدالة وتوفير الحماية للمجرمين ، فلو كنت في مكان هارون والبشير لقدمت استقالتي حتى وان كنت برئي لان الشخص الذي يتولى ولاية المجتمع يجب أن لا تحوم حوله أية شبهات فهذا ثامبو بيكي يستقيل لمجرد انه كذب على شعبه ولم يرتكب أي جريمة يعاقبه عليها القانون لان ضميره الإنساني أنبه فمتى تؤلم حكامنا ضمائرهم. لقد عجبت للذين يقولون بان البشير يمثل رمز السيادة الوطنية أي سيادة يتحدثون عنها هل الشعب هو الذي جاء بالبشير كي تعتبر محاكمته انتهاك لسيادة الوطن الم ينتهك البشير سيادة الشعب عندما انقلب على إرادته وأطاح بالحكومة التي جاء بها الشعب بمحض إرادته فإذا كان هناك انتهاك لسيادة البلاد فالبشير أول من انتهك هذه السيادة ويجب محاسبته على انتهاكه لحرية الشعب وسيادته على نفسه، فالحديث عن أن الرئيس يمثل سيادة الوطن إنما كلمة حق أريد بها باطل فالسيادة لا يمكن تجزئتها وعلينا أن لا ندافع عن شخص لا يحترم إرادة شعبه.
© Copyright by SudaneseOnline.com
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة
الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة
عن رأي الموقع