|
|
Last Updated: Jul 11th, 2011 - 15:37:55 |
السقوط الأخير للرأسمالية ...إستدعاء الاقتصاد الأشتراكي
خالد عثمان
البداية:-
في يوليو من العام 1944 والحرب العالمية الثانية لم تضع أوزارها بعد، أجتمع 730 مندوبا يمثلون دول الحلفاء ال 44 في بريتون وودس (Bretton Woods) بولاية نيوهامشاير الأمريكية بغرض إعادة بناء النظام الإقتصادي العالمي. وتوصل هذا المؤتمر الإقتصادي العالمي الي أول نظام عالمي يحكم قواعد التعامل التجاري والمالي بين الدول الصناعية المستقلة، ويعتبر نظام "بريتون وودس" أول مثال لنظام مالي تم التفاوض عليه.
وفي "بريتون وودس" تمت ولادة البنك الدولي (IBRD) وصندوق النقد الدولي (IMF) ، وباشرت هذه المؤسسات نشاطها في عام 1945 بعد المصادقة على إتفاقية "بريتون وودس"، والتي أقرت إيضا أول سياسة مالية 1 والزمت الدول بتبني سعر صرف محدد لعملاتها مقابل الذهب وإعطاء صندوق النقدالدولي سلطة مراقبة ومعالجة أي تجاوزات.
أول سقوط :-
أنهار نظام "بريتون وودس" في العام 1971 بعد قيام الولايات المتحدة الامريكية بتجميد التحويل من الدولار الي الذهب. وأصبح بعدها الدولار الأمريكي عملة الاحتياط النقدي للدول التي وقعت على إتفاقية "بريتون وودس"، وكان هذا أول مسمار في نعش النظام الرأسمالي إذ تخلى الرئيس الامريكي نيكسون من التزام الولايات المتحدة بتقديم أونصة من الذهب مقابل كل 35 دولار أمريكي، والفاجعة الأكبر كانت هي تبني العالم للدولار الأمريكي كمستودع للقيمة بعد أن أصبح أصبح بدون غطاء ذهبي. وكانت الخيارات آنذاك محدودة أمام نيكسون فاما معالجة وضع الدولار حسب بريتون وودس ( إضعافه ) بسبب الإنفاق العسكري الخارجي في فيتنام وغيرها أو مواجهة الكساد.
السقوط الثاني:-
بعد كشف الغطاء عن الدولار تم التخلي عن سياسة العملة ذات القيمة المحددة في عدد من الدول وتم
إيضا رفع الحظر على حركة رؤوس الأموال تحت ضغط من الأسواق العالمية التي أرغمت الدول على التخلي عن الضوابط الوطنية في الثمانانيات من القرن الماضي.. وفي العام 1987 نشب خلاف بين الولايات المتحدة الامريكية والمانيا حول سياسات سعر الفائدة مما أدى الي إنهيار الأسهم ، وحتى لايكون الإنهيار عالميا ضخ المصرف الاحتياطي الامريكي مبالغ ضخمة في النظام المالي العالمي مما أدى الي نشوء الفقاعات المالية والتي أسهمت في عدد من الانهيارات الضخمة مثل ما حدث في اليابان في عقد التسعينات ثم تلى ذلك الانهيار المكسكي 1994 والعجز الروسي في العام 1998 .
السقوط الأخير :
القرار الاحادي لنكسون بالتخلي عن الذهب كغطاء بالاضافة الي سيطرة الاسواق المالية العالمة على الاقتصاد ساهم بدون شك في تضخيم تناقضات النظام الرأسمالي. لقد سيطرت الأسواق المالية بصورة مطلقة لم يكن يحلم بها آدم سميث ، وانتجت عددا ضخما من المشتقات والمنتجات المالية لايعرف بعض مسمياتها حتى العاملين في هذه المجال ، يخصنا فيها لغرض هذه المقال مايسمى بال (Subprime Mortgage ) أو ما يعرف بمشتق الرهن العقاري ، حيث تم إقتراض أموال ضخمة لشراء منازل بغرض السكن في الولايات المتحدة الامريكية ، وقامت المصارف الأمريكية بتحويل تلك الديون الي سندات تم بيعها في سوق الأسهم، وعندما عجز الملاك المفترضين عن السداد، إنهارت البنوك وإنهارت معها الأسهم في غياب الدولة والتشريعات.
أذا خسر المستثمرون المليارت من الدولارات في سوق الأسهم ، يكون السؤال المشروع من الرابح ؟، لقد ضخت دول الخليج والدول البترولية مليارات الدولارات في الاقتصاد الأمريكي مقابل أسهم وسندات و ذهبت الدولارات الحرة لتمويل عمليات الجيش الامريكي التي يديرها المقاولون من المحافظون الجدد والذي يعملون بإشراف ديك تشيني وجورج سوروس، وبقيت القيمة الاسمية الوهمية للأسهم .
إستدعاء الاقتصاد الإشتراكي :-
بتدخل الدول الرأسمالية في عمليات الإنقاذ نكون الرأسمالية قد خسرت كل اطروحاتها ، فالمحاولات الجنونية البائسة لإنقاذها لن تجدي إذ يسير العالم نحو كساد تضخمي قاسي ، ويمكن ان نقول ان الإقتصاد الذي يحكم العالم هو الاقتصاد الاشتراكي بعد الموافقة المشروطة لحزمة الدعم الامريكية من مجلسي الشوخ والنواب الامريكيين.
ان عمليات انقاذ الاقتصاد العالمي لم تعد في يد الولايات المتحدة الامريكية وحدها ولابد من إشراك الصين وروسيا في وضع أسس إقتصادية جديدة ولابد من إستدعاء بعض أدوات الإقتصاد الاسلامي بعيدا عن المرابحات والمضاربات الربوية المشبوهة وجعلها أكثر ملائمة ، فالزكاة مثلا يمكن ان تستخدم بفاعلية في السياسات الإقتصادية 2 والمالية ، والزكاة يمكن ان تحدد حجم المعروض من المال ويمكنها ان تشكل مكونا كبيرا من الدخل القومي اذا تمت جبايتها بعدالة وتم توزيعها شفافية ، فلا يعقل ان تحتفظ الدول الاسلامية بسجناء معسرين وتفيض ميزانياتها بمليارات الدولارت.
وكما قال القادة الاوربيون فأن الخطر لم يتم تجاوزه بعد ، ولابد من توخي الحذر والاسبايع القادمه ستشهد المزيد من الانهيارت والسقوط فالعالم قد دخل مرحلة الكساد وبالتالي ستتناقص الثروات وستهبط أسعار النفط وستواجه منظمة الدول المصدرة للنفط مصيرا مظلما بعد تدني الطلب العالمي للنفط . ولابد من إتخاذ إجراءات ضرورية لتحفيز عمليات الانتاج الحقيقي وتوليد الطاقة الكهربائية من المفاعل النووية ومصادر الطاقة المتجددة وقبل كل شيء الإبتعاد عن المضاربة في الدولار الأمريكي الذي يطبع في واشنطن بدون سند فعلي.
النتيجة الإيجابية الوحيدة لهذه الأزمة الكارثة هو عدم وجود إي إحتملات لقيام الحرب الامريكية الايرانية وضمان أمن النفط وإبتعاد المضاربين عن سوقه ، فالفائض في السوق اليوم 2 مليار برميل ولن يرتفع سعره حتى بعد تخفيض الانتاج بمليار ونصف ، وعلى الاوبك تقديم أسعار عادلة ومستقرة ويكفيها ما جنت، فالسعر المتوقع للبرميل سيكون بين 50 و60 دولار مع إنخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي ستُُجبر الدول النفطية البحث عن بدائل إقتصادية وعلى العاملين في تلك الدول البحث عن وظائف أو إستثمارات في بلدانهم الاصلية.
أخيرا :
بالنسبة للمهاجرين في دول العالم الأول يجب دراسة خيارات الاستثمارات التي تقدمها صناديق المعاشات ومراقبة حركة الاسهم ويفضل الاستثمار في النقد والبضائع الرأسمالية (الاصول) ، للمغتربين يمكن شراء المنازل المرهونة في الولايات الامريكية إذ تعرض الآن بأسعار مغرية للغاية.
............................................................................................................
1- السياسة المالية (Monetary policy): هي العملية التي من خلالها تدير الحكومات عبر المصارف المركزية والسلطات المالية حجم الأموال المعروضة لتحقيق أهداف محددة، وغالبا ما يكون الهدف تحقيق النمو الإقتصادي مع الإحتفاظ ببئية ذات أسعار مستقرة، ويشمل ذلك تحقيق أعلى معدلات التوظيف استقرار أسعار الفائدة على المدى الطويل.
2- السياسة الإقتصادية (Fiscal policy): هي السياسة الحكومية لإدارة الاقتصاد بالتحكم في الضرائب والإنفاق، لأن التغيير في مستوى وتركيبة الضرائب والإنفاق يؤثر مباشرة في متغيرات الإقتصاد الأخرى.
© Copyright by SudaneseOnline.com
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة
الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة
عن رأي الموقع