بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة الصادق
توفيق عبدا لرحيم منصور (أبو مي)
http://www.tewfikmansour.net
كلمة الصادق المهدي في (مبادرة أهل السودان) .. حوت فأبدعت .. ولا شك أنها نفذت لقلوب الكثيرين في سهولة ويسر .. كانت كلمة .. أو سمها إن شئت محاضرة .. أو وعظاً أو إرشادا أو تعريفاً أو توجيهاً أو ناقوساً يزمجر في أذنٍ مسؤولة محذراً مما هو لا محالة آتٍ .. .. كانت مُهندَسَة ومنسقة .. وأتت على طراز السهل المستحيل، لغوياً وأدبياً وعلمياً .. كانت قمة في البلاغة الرفيعة .. أتت ملحنة موسيقياً .. سلسة في أسلوبها .. مهذبة .. ناعمة الطرح في قسوة أبوية .. وزاد من روعتها الأداء، وهيبة وصدق ووقار الشخصية، فتحولت لسيمفونية سياسية تصالحية وأدبية ..
لعمري أنها كلمة لمست شغاف لب الحقائق ..استمع لها جميع من بالقاعة بشغف ولهفة عكسته كاميرات التلفزة .. ويبدو لي بأن هناك من تعجب لمثل ذلك (الرص) الجميل للأحرف، وصياغة الخطاب، بلغةٍ وأسلوبٍ غابا عنا منذ زمن بعيد .. فهناك من استمتع بكيفية طرح المشكل، وتحديد وتعديد المقترحات .. وهناك من استمتع بالشعر والأمثال والحِكَم والاستشهاد بالآيات الكريمة في سياقِ صدقٍ وتحذير وتفكر .. وهناك من ابتسم أو ضحك إعجاباً بجرأة الكلمات التي يظن بأنها أتت مجلجلة وبكل شجاعة في داخل عرين الليث !..
صفق الجميع للكلمة .. مقاطعة وختاماً .. ليس لأنه الصادق فحسب، ولكن لصدق الكلمات وروعتها بداية .. انبهر البعض .. ابتسم البعض، استغرب البعض، ويقيني حسب متابعتي فقد انجذب الجميع للكلمة (صاحب الرأي والرأي الآخر) .. الأمريكي والعربي، والأفريقي والسوداني، وبقية أجناس العالم .. كلهم استمعوا واستمتعوا بالكلمة في احترام وتركيزٍ تام، وتمنوا في ظني أن لا يتوقف الصادق أبداً .. إلتَفَت البعض لمن حوله أو خلفه خلسة ومعجباً ومعلقاً على بعض درر الكلمة وتلميحاتها ففاتته بعض الأسطر الأجمل مما سبق .. فقد كانت كل جملة لاحقة أروع مما قبلها ..
عكست الكلمة صورة حية لأهل السودان، ومشاكل السودان، وأهمية الحلول السريعة والناجعة، وأهمية اجتماع الرأي والفكر والنيات الحسنة لأجل الوصول لمبتغانا وتأمين مستقبل بلادنا .. و .. و .. و(نصف رأيك عند أخيك) !. كذلك تطرقت الكلمة لمن ابتعد عن هذا (البرلمان الشعبي) !.. وطيبت بخاطرهم .. ولامتهم عشماً، ونصحتهم بأهمية اللحاق بالركب الذي يشكل (تجسيد التسامح المعهود لأهل السودان) .. فمشاكلنا المستعصية تتطلب القفز فوق الحواجز والضغائن ..
كلمة الصادق لا شك كانت تسامحية، أخوية، سياسية، تفاوضية، سلمية، تحذيرية، دبلوماسية وتاريخية .. أنظروا ما بين السطور وما تحتها، فستجدون بها (المنجيات السبع) وأركاناً أخرى هامة ربما غيبها عن البعض إعجابهم بطلاوة السياق أو ب(كاريزمية) صاحبها .. ولعمري فإن مثل هذه الكلمة في دول أخرى، إنما تخصص لها جلسات بعد تلاوتها لمناقشتها والغوص في مؤشراتها المفيدة، وربما لتضمين بعض أسطرها ومفرداتها في مناهج التدريس المختلفة ..
هذا ولفرط إعجابي وتأثري بالكلمة فقد هرعت في اليوم التالي لموقع حزب الأمة الاليكتروني لأستمتع بها مرة أخرى على الأقل أدبياً، ولكي أتعمق في معانيها ومراميها، ففوجئت بأنها لم تُحمّل على الموقع الإليكتروني للحزب، فأصابني الإحباط الذي (يتاورني) دوماً كلما تعاملت مع معظم مواقعنا الإليكترونية التي تعاني من (ضعف المحتوى) وسرعة المواكبة للعاجل من المعلومات .. وعليه فقد شعرت بأن الموقع لا يرتقي لمستوى الكلمة وصاحبها وإن كان به الكثير من الاجتهاد .. وأقوووول إن مثل هذه الكلمة ومناسبتها وما تحتويه من أدب رفيع وأريحية مثلى ومعاني شتى كان الأوجب أن تُحمَّل بالموقع لحظة إلقائها، أو بعد ذلك بثوانٍ معدودة، وإن لم تكن السرعة مطلوبة لكلمة هامة لرب الموقع الإليكتروني فمتى تكون؟!..
ختاما أقول بان من لم يستمع لتلك الكلمة المتميزة، كما عودنا الصادق دوما، فقد فاته الكثير، ومن لم يعمل بهديها فقد افقدنا نحن كشعبٍ مغلوبٍ على أمره أيضا الكثير، ومن لم يفهم أو يتعمق في أبعادها فانه لا شك مصاب بقصر نظر سياسي وتنموي وفني وإداري .. ولله درك يا إمام، وليدفع الله مساعيك الخيرة دوماً إلى الأمام ..
الرباط / المملكة المغربية في 17 / 10 / 2008
توفيق منصور
http://www.tewfikmansour.net
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة