نجح أوباما فعلى مسلمي أمريكا انتخاب جون مكين
[email protected] شهاب طه
(د. شهاب فتح الرحمن محمد طه)
المسلمون الأمريكان و أوباما مواجهين اليوم بحرج سياسي كبير. لأن باراك حسين أوباما، مرشح الحزب ألديمقراطيي للرئاسة الأمريكية، لن يستطيع زيارة أي مسجد أو مخاطبة أي تجمع إسلامي فيه مؤيديه أو من يرغب في استقطابهم، و السبب معروف! ففي مدينة ديترويت، حيث اكبر تجمع للمسلمين العرب في أمريكا، منع منظمي حملة أوباما الانتخابية السيدة المحامية هبة عارف و الآنسة المثقفة شيماء عبد الفضيل وهما مسلمتين ترتديان الحجاب من الصعود إلي المنصة و الجلوس خلف أوباما و ذلك خوفاً من الإعلام المتربص، فاحتجت كل المنظمات الإسلامية مما اضطر أوباما للاعتذار الشخصي و المباشر للفتاتين و للتجمع الإسلامي و ارجع الخطاء لمسئولي حملته الانتخابية و لا أعتقد أن منظمي الحملة أو أوباما نفسه كانوا على مخطئين.
حدث في الانتخابات الأمريكية لعام 2000، أن غير المسلمون الأمريكان رحلهم و صوتوا لصالح الحزب الجمهوري اليميني المتطرف جورج بوش بسبب شطحة الحزب الديمقراطي الحليف و اختياره لليهودي الإسرائيلي جو ليبرمان ليكون المرشح لمنصب نائب الرئيس، و أضطر المسلمون لذلك رغم أن الحرب علي الديانة الإسلامية هي علي رأس الأجندة السياسية و العسكرية للحزب الجمهوري و يظهر ذلك جلياً في فعليات الانتخابات الحاضرة، 2008، حيث أعلنها صراحة القس رود بارسلي و هو الملهم الروحي للسيناتور جون مكين، مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة الأمريكية، و قال أن أمريكا ما كانت و لن تكون إلا للقيام بالدور الذي من أجله أوجدت و هو القضاء علي الإسلام عقيدة و معتقدين و أن تلك هي المهمة التي من أجلها أوجد الرب أمريكا، و أعلن أن الإسلام عقيدة زائفة و الذين يعتقدونها هم الخطر الحقيق علي البشرية و علي السلام العالمي. رصدت مجلة مذُر جونز تلك المحاضرة العنصرية و المترعة بالكره للإسلام و المسلمين و التي ألقاها القس رود بارسلي في العام 2005 و عندما تقدم القس بارسلي لتزكية جون مكين كمرشح للرئاسة الأمريكية توقع بعض المحللون السياسيون في الحزب الديمقراطي أن يقول جون مكين شيئاً ما في هذا الشأن! كان من المفترض أن يتبرأ مكين من تلك التزكية و لكنه آثر الصمت كدلالة علي القبول بما قاله القس بارسلي. (راجع الموقع)
http://www.motherjones.com/washington_dispatch/2008/03/john-mccain-rod-parsley-spiritual-guide.html
المرشح الرئاسي جون مكين رفض حتى مجرد التعليق الإيجابي علي القول السلبي للقس رود بارسلي بل حرص على رفقته و إظهاره معه في تظاهرات حملته الانتخابية. حقيقة تلك هي ازدواجية المعايير و تقنية الكيل بالمكيالين التي يمارسها الحزب الجمهوري في مجمل سياساته. فالقس بارسلي لا يختلف كثيرًا عن القس جيرمايا رايت، الملهم الروحي لبارك أوباما و الذي خاطب الحضور في الكنيسة التي ينتمي لها باراك أوباما و أطلق العبارات العنصرية ليعبر عن احتجاجه على شكل المنظومة الاجتماعية و السياسية للأمة الأمريكية فخرجت جحافل الساسة الجمهوريين تكيل اللوم لبارك أوباما و تحمله مسئولية ما قاله القس رايت فاضطر أوباما، و بفعل الضغوط المجحفة، للاعتذار و التبرؤ من ملهمه الروحي، في الوقت الذي يتقاضون فيه النظر عن أقوال القس بارسلي.
و لم يتوانى الرئيس الأمريكي جورج بوش في انتهاز فرصة مشاركته احتفالات إسرائيل بالعيد الستين لميلادها لينال من بارك أوباما بإلباسه قناعاً زائفا و اتهامه مسبقاً و شرع في تخويف الإسرائيليين بأن أوباما في حالة فوزه بالرئاسة الأمريكية سيفاوض إيران و حماس و سيكون خطراً كبيرا علي إسرائيل. و ذلك الخطاب أعتبره الديمقراطيون ليس إلا تصفية حسابات و نشر الغسيل القذر للسياسة الأمريكية خارج الأراضي الأمريكية بطريقة غير مسبوقة و لم يحدث أن فعلها أي رئيس قبله، و ذلك الخطاب لم يكن إلا إضافة متواصلة لما أطلقه عضو الكونغرس عن ولاية أياوا، المتطرف الجمهوري ستيف كنغ و الذي قال في مارس 2008 أن فوز بركات (باراك) حسين أوباما، المسلم، سيكون بمثابة إعلان لفوز القاعدة علي أمريكا في سجال الحرب علي الإرهاب، و أن الملايين في العالم الإسلامي، و خاصة في إيران و فلسطين، سيرقصون في الشوارع فرحاً لفوز حسين بأعداد أكبر و أكثر مما رقصوا في أعقاب ضربات الحادي عشر من سبتمبر.
أن الحنكة السياسية تتوجب علي مسلمي أمريكا التصويت لصالح الجمهوري جون مكين و ذلك لإدراك المصالح الإسلامية، لآن فوز أوباما بمنصب الرئيس لا يعني أي شيء. لن يستطيع أي فرد أو أي توجه سياسي إحداث أي تغييرات جذرية في السياسات الأمريكية، و ذلك لأن الحياة السياسية الأمريكية فقدت الإحساس و التفاعل مع اللمسة الإنسانية و أصبحت ماكينة كبيرة تعمل بآلية أوتوماتيكية لديمومة دورانها و أنجاز مصالحها المتشابكة، و في حالة ارتفاع الحرارة في محركاتها تقوم أجهزتها المبرمجة بفتح الثيرموستات و تشغيل مراوح التبريد، دون أن يكون للإنسان دور في تلك العملية. تلك أضغاث أحلام أن يأتي اليوم الذي يكون بمقدور أي رئيس، و مهما بلغ من الإنسانية و الطيبة و المحبة للسلام، أن يعمل على سحب كل الجيوش الأمريكية و القواعد العسكرية و الأساطيل الحربية و إعادتها لداخل الأراضي الأمريكية ثم الانكماش داخل الولايات الخمسين ولاية و التمتع بنعيمها و خيراتها المهولة و تترك البشرية لتصلح أحولها و لتعيش حياتها. لن يحدث ذلك التغيير و الانكماش من خلال رئيس أو انتخابات و لكنه ممكناً بالضرب علي الحديد الساخن لإفاقة الشعب الأمريكي النائم في العسل و تلقينه الدروس حتى يعي المسئولية الأخلاقية الملقاة على عاتق الأمة الأمريكية تجاه هذا العالم و لعب الدور المناط بها في حفظ أمنه و استقراره و ليس التفتق العبقري في صناعات الحروب، و ستتوافر تتلك الدروس بانتخاب جورج بوش لفترة رئاسية ثالثة و هي التي سيتولى انجازها العجوز المختل جون مكين. جون مكين بكل المقاييس الأمريكية هو بطل ناضل و حارب من أجل أمته و لكن ذلك لا يؤهله ليكون رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، فالرجل كان أسير حرب في فيتنام في الفترة من أكتوبر 1967 و حتى سنة 1973، و لكم أن تتخيلوا مفاعيل التعذيب الفيتنامي الشهير و تأثيراتها على عقلية الرجل صاحب المقولة الهزلية و المضحكة و أن أمريكا ستبقي في العراق مائة عام! كان سيكون كلاماً منطقياً و مقبولاً لو أن الوجود الأمريكي في العراق كان أو سيكون نزهة أو عطلة تاريخية كما في ضواحي سويسرا أو سواحل أستراليا و جزر الكاريبي و المنتجعات اللاتينية.
كل المتعاطفين مع أوباما عليهم التسليم بأنه، و حتى اليوم، قد أنجز نجاحات غير مسبوقة و لنا ينالها لو أصبح رئيساً لأن الماكينة الأمريكية الضخمة لن تسمح له بأي حراك إيجابي و سيكون ممسكاً بدركسون حالج (مقود السيارة غير الموصول بهيكلها)، و الأفضل له أن يكتفي بما كسب و أن يخرج من المسرح لأنه لن يربح المليون.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة