رسالة مفتوحة إلى العميد محمد أحمد الريح
عزيزي محمد أحمد الريح:
|
عبدالوهاب الأفندي |
نبهني بعض كرام الإخوة إلى تعليق لك نشر على موقع "سودانيزأونلاين" في وقت سابق من الشهر الحالي يفيض بالقذف والإسفاف في حق شخصي غير الضعيف، ثم تبلغ بك الصفاقة أن تطالبني بالاعتذار بعد كيل كل هذه الشتائم. وحتى لو كانت دعاواك في حقي صحيحة –وهي بالقطع ليست كذلك- فإنني ما كنت لأقبل الاعتذار "رجالة ساكت كده"، ولطلبت منك أن تطالعني. فكيف تتهمني بالنفاق والاسفاف والكذب وتفتري في حقي الأكاذيب ثم تطالبني بالاعتذر ؟ فلدي نقائص كثيرة ليس من بينها بحمد الله النفاق، لأنني أرجو أن أكون ممن لا يخشون إلا الله تعالى. ولو كنت أرضى الدنية في ديني أو دنياي لكان لي شأن آخر.
وكنت قد اطلعت على مقالة لك سابقة تتهجم فيها بنفس الألفاظ على شخصي والصديق الذي أعتز بصداقته أحمد كمال الدين، وقد أعرضت عنها عملاً بالنصيحة القرآنية، واحتراماً لمعاناتك التي أتعاطف معها. وقد رأيت أنك واصلت التهجم في حق الأخ كمال رغم أنه بين لك في حينها بأنه بريء مما نسبته إليه. وعليه فإن تكرار هذه المهاترات والأكاذيب على الملأ يفرض تصحيح الأمور.
أولاً: أود أن أؤكد لك أنني لم أتناول قضيتك في كتابي المذكور، لا تلميحاً ولا تصريحاً، فليس لدي إمكانية للتأكد من صحة اتهاماتك، كونها تتعلق بفترة اعتقالك، وبالقطع ليس لدي القدرة على الجزم بكذبها.
ثانياً: ولكنني أستطيع بالقطع أن أجزم بكذب معظم ما أوردته في حقي من ادعاءات بغير علم، حيث ذكرت مثلاً أنني كنت مسؤولاً عن السفارة، وهو كذب صراح، فأنا لم أكن مسؤولاً سوى عن المكتب الإعلامي، وكان في السفارة دائماً سفير أو قائم بالأعمال، لم يكن لدي الوقت ولا الرغبة في التدخل في أعمالهم، وكلهم يشهدون بذلك. وقد أضفت كذلك أنني كنت أتحكم في السفارات في كل أوروبا، وهو أيضاً كذب صراح وافتراء بغير علم منك.
ثالثاً: أضفت في حقي فرية أخرى أيضاً بغير علم، وهي أنني كنت أتحكم في ميزانية ضخمة وأقدم منها الرشى للإعلاميين. وهذا افتراء في حقي وفي حق الإعلاميين الذين تعاملت معهم. فأنا أولاً لم أكن أتحكم في ميزانية ذات بال، بل أحياناً كانت تمر ستة أشهر دون أن نتلقى مرتباتنا. وأنا لا أتعامل مع المرتزقة من أي نوع، ولم أدفع في حياتي مليماً لصحفي أو غيره حتى أؤثر على رأيه، لأنني لا أتعامل إلا مع الصحفيين الشرفاء، كوني كنت من أبناء المهنة، بل إنني أرفض الكتابة في الصحف المشبوهة.
رابعاً: زعمت أنني اتهمتك شخصياً بالكذب وتناولتك بالتجريح، وهذا لم يحدث إطلاقاً، فأنا لم يحدث قط أن تطرقت إلى قضيتك في تعليقاتي لأسباب شخصية، كون بعض المتهمين معك كانوا من أقرب المقربين إلى. أما إذا كنت تشير إلى مكاتباتنا الرسمية مع الجهات الحقوقية وغيرها، فإن هذه أمور روتينية ننقل فيها شكاوي هذه الجهات إلى الجهات المختصة ثم نورد ردهم عليها. ولعلك تعرف أن هذا من أبسط قواعد العدالة. فإذا كنت تتهم آخرين بأمور –حتى لو أخذتهم إلى المحكمة وأتمنى أن يحدث ذلك- فإن القاضي لا بد أن يستمع إلى أقوالهم، ثم يحكم بينهم على أساسها.
خامساً: وقعت في الإسفاف الذي وقع فيه بعض سفهاء النظام، حيث يبدو أنك تشاركهم تقديس الدولار وعبادته، وتكرر مقولاتهم بأننا نسكت عن الحق طمعاً في الدورلارات. ويبدو أن الساحة السياسية بحكومتها ومعارضتها قد بلغ بها الانحطاط مداه، فأصبح حب الدولار يقتليهم بحيث أنهم لا يفسرون تصرفات غيرهم إلا بما توحي به إليه نفوسهم المريضة، وكما قيل: كما تكونوا يولى عليكم.
سادساً: يبدو أنك وكثيرون غيركم لم تفهموا حقيقة مراجعاتي النقدية، فهي لم تبدأ اليوم، ولا تهدف لإرضاء المعارضين أو التقرب من هذه الجهة أو تلك، بل بالعكس، لو أن الحكومة أخذت بها لكان وضعها أحسن.
سابعاً: ليس لدي ما أعتذر عنه لك أو لغيرك من معارضي النظام. أولاً، لأن تسعين في المائة ممن كانوا ينازلوننا في السابق –ومنهم بعض أصدقائنا المشتركين- هم الآن في أحضان النظام. وثانياً، لأنهم كانوا حتى في تلك الأيام مرتمين في أحضان أنظمة قمعية دكتاتورية معروفة سجلها في المجال الحقوقي أسوأ بكثير من سجل الحكومة السودانية. وثالثاً، إذا كان المعارضون وهم خارج السلطة من أمثالك يمارسون مثل هذا العنف اللفظي والافتراء الجزافي، فما ذا كنتم تفعلون لو حكمتم؟ نحمد الله أن ذلك لم يحدث، ونرجو أن تظلوا بعيدين عن كل سلطة تسمح لكم بالعدوان على الأبرياء بغير بينة كما تفعلون الآن. ورابعاً: إن المعارضة، خاصة أجنحتها المسلحة، لم تكن تقل سوءاً في ممارساتها عن الحكومة من ناحية ممارسة التعذيب وقتل الأبرياء، وخامساً: لقد كنا والمعارضة في منازلة مفتوحة، هي في حالتي كانت مقارعة بالحجة. ومطالبتي بالاعتذار عما حققناه من نجاح في تفنيد دعاوى المعارضين هو أشبه بمطالبة الفريق الفائز بالاعتذار للفريق المهزوم بعد نهاية المباراة.
ثامناً: إنني كما قال جورج غالاواي قد يكون لدي ما أندم عليه، ولكن ليس في تاريخي ما أخجل منه. فقد كنت أتصرف وفقاً لقناعاتي وما أملاه علي ضميري، وهو عين ما أفعله اليوم، ولله الفضل والمنة في ذلك كله. ولهذا فأنا أقبل أي تضحية تفرضها علي قناعاتي، مهما كانت.
أخيراً: إنني أعتبر ما أوردته من افتراءات في حقي، خاصة فيما يتعلق بأنني كنت أتصرف في الملايين وأهيمن على كل أوروبا، وأتصرف في كل إعلام الدنيا، وسام استحقاق في حقي. فقد كنت أتحرك من مكتب صغير ليس فيه سوى سكرتيرة واحدة وكان لدي في بعض الأحيان مساعد واحد. فإذا كان المعارضون تخيلوا أنهم كانوا يواجهون في شخصي جيشاً كاملاً، فإن هذا شرف لي وشهادة بالكفاءة والأداء العالي بإمكانات تكاد تكون معدومة، وهو لا بد أن يكون مصدر فخر، فنحن بحمدالله إذا كنا في أي موقع عرف القاصي والداني مكاننا.
وعليه أرجوك لو سمحت أن تكف عن التعرض لشخصي بمثل هذه الألفاظ الأسباب المستهجنة، فليس بيني وبينك خلاف وثأر، وأنا لم أرض يوماً الممارسات المذكورة، ولو رضيتها لم أخجل أن أقول ذلك. وليس من مصلحتك أن تصطنع لنفسك أعداء من دون ضرورة.
مع تحياتي وشكري
أخوك عبدالوهاب الأفندي
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة