صوت من لا صوت له وطن من لا وطن له
الصفحة الرئيسية  English
المنبر العام
اخر الاخبار
اخبار الجاليات
اخبار رياضية و فنية
تقارير
حـــوار
أعلن معنا
بيانات صحفية
 
مقالات و تحليلات
بريـد القــراء
ترجمات
قصة و شعر
البوم صور
دليل الخريجين
  أغانى سودانية
صور مختارة
  منتدى الانترنت
  دليل الأصدقاء
  اجتماعيات
  نادى القلم السودانى
  الارشيف و المكتبات
  الجرائد العربية
  مواقع سودانية
  مواضيع توثيقية
  ارشيف الاخبار 2006
  ارشيف بيانات 2006
  ارشيف مقالات 2006
  ارشيف اخبار 2005
  ارشيف بيانات 2005
  ارشيف مقالات 2005
  ارشيف الاخبار 2004
  Sudanese News
  Sudanese Music
  اتصل بنا
ابحث

مقالات و تحليلات English Page Last Updated: Jul 11th, 2011 - 15:37:55


الستالينية وتجربة الحزب الشيوعي السوداني/بقلم: تاج السر عثمان
Jun 11, 2008, 18:55

سودانيزاونلاين.كوم Sudaneseonline.com

ارسل الموضوع لصديق
 نسخة سهلة الطبع

الستالينية وتجربة الحزب الشيوعي السوداني

بقلم: تاج السر عثمان

[email protected]

الخرطوم - بري

   أشار مشروع التقرير السياسي المقدم للمؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني الي جذور الستالينية في الفكر والممارسة، وانعكاسها السلبي علي تجربة الحزب الشيوعي دون اعتبار لخصوصية الواقع في أى بلد ، كما أشارت بعض بنود لائحة الحركة السودانية للتحرر الوطني في النصف الثاني من اربعينيات القرن الماضي(1948) الي: أن الاسس النظرية للحزب هي الماركسية اللينينية ، والاهداف العامة هي توحيد الطبقة العاملة السودانية والشعب السوداني ضد الاستعمار واقامة ديمقراطية شعبية تتدرج الي الاشتراكية فالشيوعية ، وأن قيادة  الحزب، وهي المركز الذي يقود الحزب ارتبط تاريخها وامتزج دمها بحب الحزب والاخلاص لقضيته وتخلصت الي ابعد الحدود من الرواسب الطبقية واصبحت ذات ايديولوجية بروليتارية ، وان الايديولوجية في الحزب تتمثل في هذه القيادة)(الفصل الرابع، بناء الحزب، ص5 ، صحيفة الميدان).

  أود في هذه الدراسة تسليط الضوء علي موقع الستالينية في تجربة الشيوعي السوداني، وتحديد اين تأثر الحزب بالستالينية، واستقلال تجربة الحزب عنها .بذهن مفتوح واستخلاص نتائج من الواقع ، لا من تصورات ذهنية مسبقة تجافي الواقع.

الستالينية : المفهوم والمصطلح:

ارتبطت الستالينية كمفهوم ومصطلح بالجمود في الماركسية وتخطي القوانين الموضوعية في التطور ، كما حدث في النموذج الاشتراكي الستاليني كنظام تسلطي بيروقراطي ، كما تشكلت النماذج الستالينية في الاتحاد السوفيتي وبلدان شرق اوربا في ظروف تاريخية معينة وبسمات معينة ، ويرى الاقتصادي المجرى سنتش : أن هناك ثلاثة عوامل وشروط أساسية ذات اهمية متساوية حددت النموذج الستاليني وهي:-

1 - الخصوصية التاريخية المحلية، أى التخلف النسبي لهذه البلدان ، مع تقاليد تاريخية معينة ، واضطلاعها بالمهمة التاريخية للتحديث.

2- الاوضاع الدولية : اى عزلها في الحرب الباردة والمواجهة مع القوى الغربية وتحالفها العسكري مع الاتحاد السوفيتي واعتمادها عليه والخطر الحقيقي لاندلاع حرب عالمية ثالثة ، وبيئة معادية سياسيا وايديولوجيا مع ما يقترن بها من مساع ومؤثرات تعمل علي تقويض الاستقرار ، وكلها تمخضت عن سياسة التكتل والتشديد على الجوانب العسكرية ، والاعتبارات الأمنية.

3- خصائص النظام، اى المهمات والقوانين الحقيقية المفترضة فرضا للتحول الاشتراكي المرتبط في الغالب بمفهوم الاشتراكية في بلدان منفردة).

أما السمات الأساسية للنموذج الستاليني فقد حددها سنتش في الآتي:-

1- سياسة العزلة أو المواجهة ازاء العالم الخارجي منحته عسكرة الاقتصاد والتنظيم شبه العسكري للحركات الاجتماعية.

2- الارادية والتعجيل المفروض فرضا في عملية التحول الاجتماعي لبناء الاشتراكية من الفوق عن طريق سلطة الدولة ، وعملية التحديث الاقتصادي بمحاولات ترمى الي اللحاق بالركب(بالدول الصناعية الرأسمالية) ، أساليب قسرية لتحقيق التراكم وانجاز التصنيع واستخدام الموارد استخداما افقيا .

3- سلطة ذات بناء هرمي احتكاري مع اندماج الدولة بالحزب الحاكم ، واخضاع المنظمات الاجتماعية الي هذا الأخير، قاصرا نشاطها على القيام بدور الحزام الناقل بين السلطة المركزية ورعاياها ، ومن ثم قهر المجتمع المدني بسلطة دولة متزايدة الاغتراب والتركيز).

هذه هى العوامل أو الشروط والسمات التي حددت النموذج الستاليني كنظام تسلطي بيروقراطي ، حيث يمكن القول ان ما انهار هو النموذج الستاليني للاشتراكية.

  ومن سمات الستالينية الجمود النظري والتبسيط المخل للماركسية كما جاء في مؤلف ستالين : المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية(1938)، والذي اختزل فيه تاريخ البشرية الغنى والخصب في خمس تشكيلات اجتماعية هي: الشيوعية البدائية ، الرق ، الاقطاع ، الرأسمالية، الاشتراكية .ونتيجة لهذا لاختزال فقدت الماركسية طابعها العلمي لتصبح فلسفة للتاريخ أو مخططا مسبقا يمكن علي أساسه مطابقة العصور التاريخية، في حين أن ماركس كان يعارض ذلك طيلة حياته ويصارع ضد ان يصبح تحليله لتطور الرأسمالية في اوربا تعميما على بلدان العالم ، وشدد علي الدراسة المستقلة لكل مجتمع، كما أشار الي نمط انتاج سادس اطلق عليه نمط الانتاج الآسيوي ، أشار ماركس في مقدمة مؤلفه: ( نقد الاقتصاد السياسي) الي أن( نمط الانتاج الآسيوي والقديم والاقطاعي والبورجوازي الحديث يمكن وصفها في خطوطها بأنها عصور متقدمة في التكوين الاقتصادي والاجتماعي).واشار ماركس الي خطأ تعميم اللوحة الخماسية للبلدان الاوربية علي البلدان غير الاوربية . وصيغة نمط الانتاج الآسيوي حسب ما أشار اليها ماركس في مؤلفه( مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي )، تعني : ظهور مجتمع طبقي في اطار اشكال ملكية الارض الجماعية ، علي أساس من مستوى للقوى المنتجة ما يزال بالغ التدنى ولكنه يسمح باقتطاع فائض انتاج ، أما السمات الأخرى( الاشغال الكبري، الرى ، الاستبداد، فهى ليست أساسية في هذا التعريف فتخص لانمط الانتاج نفسه، وانما بعض المجتمعات الآسيوية ( مصر القديمة، الهند،..). اذن نمط الانتاج الآسيوي شأنه شأن سائر انماط الانتاج لايشكل مرحلة الزامية في تطور المجتمعات كافة، وان التعميمات النظرية ليس لها من معنى أو قيمة ، الا اذا انبثقت عن دراسة الوقائع التي لايجوز لها بحال من الاحوال أن تلوى عنقها ، فجوهر الماركسية هو البحث الحر وبذهن مفتوح والدراسة الموضوعية لمعرفة خصائص وسمات كل بلد ، دونما مخطط مسبق للمجتمعات الاوربية أو غير الاوربية ، انطلاقا من روح الديالكتيك: التحليل الملموس للواقع الملموس.

  أما المؤرخ الفرنسي : جان اللينشتين في مؤلفه تاريخ الظاهرة الستالينية( دار ابن رشد 1975 )، فقد أشار الي تعريف الظاهرة الستالينية بأنها: لاترتبط بشخص ستالين ولم تختف معه وهى لاتقتصر على الاتحاد السوفيتي وان كان يمثل مركزها. كما نعنى كل الدول الاشتراكية التي كانت قائمة. وتمس المجال النظري والممارسة ، وكذلك المجالات السياسية والاقتصادية والايديولوجية. ولدت الظاهرة الستالينية في العشرينيات من القرن الماضي بعد موت لينين ، وبدأت تذوى بموت ستالين (1953)والمؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي (1956). أشار اللينشتين الي أن هناك عوامل ساعدت في تكوين الظاهرة الستالينية منها: تخلف الوضع الاقتصادي ، كانت نسبة الأمية عند قيام الثورة الروسية في العام 1917، 70%، اضافة الي الحروب والمجاعات والاوبئة.. الخ، اضافة لنفوذ الكهنة وعبادة الايقونات( الصور المقدسة للعذراء والقديسين)، وعبادة القيصر وكأنه اله ، انعدام الحريات الشخصية. يقول اللينشتين: ( ذلك كان ميراث الماضي ، ويمكن الغاؤه بواسطة مجموعة من القوانين، ولكن من الصعب انتزاعه من الروح الانسانية والممارسة اليومية)(ص16، المرجع السابق). كما تحول الالحاد الي سياسة رسمية للدولة وتحولت الماركسية الي فلسفة رسمية ، كانت تدرس بطريقة دوغمائية للسوفيت منذ نعومة اظافرهم، هذا اضافة لعبادة الفرد وتحول الماركسية من جوهرها النقدي الي نظرية جامدة.

  علي أن تفسير أسباب نفوذ الستالينية في الأحزاب الشيوعية فكان يرجع الي: الدفاع عن الدولة الاشتراكية الوحيدة، المجابهة مع الراسمالية، دور الاممية الثالثة( الكومنترن)، محاولة تعميم النمط السوفيتي علي البلدان الأخري دون مراعاة خصائصها المحلية.

تلك هي خصائص وسمات الستالينية.

اين موقع الستالينية في تجربة الحزب الشيوعي السوداني؟

  ونود هنا أن نفحص تجربة الحزب الشيوعي السوداني ، حتي نقف علي الأرض، وبطريقة ملموسة علي مدى تأثر هذه التجربة بالستالينية، وذلك انطلاقا من ضرورة الدراسة النقدية العميقة والتحليلية لتجربة الحزب الشيوعي السوداني واستنادا علي منهج الماركسية الديالكتيكي الذي ينظر للظواهر في نشؤؤها وتطورها وتجاوزها، وانطلاقا مما هو ايجابي ومستقل في تجربتنا السودانية لتجاوز الجمود الستاليني.

أولا: الفترة: (1946- 1956م).

1- معروف أنه عندما تأسست الحركة الوطنية للتحرر الوطني ( الحزب الشيوعي فيما بعد) في اغسطس 1946م، كان الشعاران المطروحين: وحدة وادي النيل تحت التاج المصري ، والسودان للسودانيين تحت التاج البريطاني . باستخدام المنهج الماركسي تمت دراسة الواقع ، وتوصلت الحركة السودانية الي الشعار البديل المناسب وهو: الجلاء وحق تقرير المصير ، والكفاح المشترك بين الشعبين المصري والسوداني ضد الاستعمار ، وكان هذا هو الشعار الذي التفت حوله الحركة الوطنية فيما بعد وكان استقلال السودان بعيدا عن الاحلاف العسكرية، كما لاينسي شعب السودان تضامن الاتحاد السوفيتي معه عام 1947 م عندما وقف في الجمعية العامة للامم المتحدة مطالبا باستقلال السودان.كما ناخذ في الاعتبار أن المنهج الذي ارساه الشهيد عبد الخالق محجوب كان ناقدا، وعلي سبيل المثال : انتقد الحزب الشيوعي صيغة النقل الاعمي لتجربة الكفاح المسلح علي نمط التجربة الصينية ، والتي طرحت عام 1952م، وقدر ايجابيا خصوصية نضال شعب السودان الديمقراطي الجماهيري الذي افضي الي الاستقلال عام 1956م  بدون الكفاح المسلح .

 كما انتقد الحزب الشيوعي موقفه الخاطئ من اتفاقية 1953م، وقدر دورها الايجابي من زاوية أنها كانت نتاج لنضال الشعب السوداني .

ولكن من اين جاء مدخل الستالينية للحزب الشيوعي السوداني؟.يقول الشهيد عبد الخالق محجوب في دفاعه أمام احدى محاكم نظام عبود(كم كنت سعيدا حينما عثرت على كتاب عند صديق ، كتاب بسيط في طباعته متواضعه اسمه( المشكلة الوطنية ومشكلة المستعمرات)، بقلم جوزيف ستالين، هنا لمحت الحل ووصلت الي رد حاسم لتساؤلي ، فعرفت كنه الاستعمار ، وانه لايعني فقط احتلال الجنود لبلادنا ، بل يعني سيطرة رأس المال الاجنبي على مقدرات وطننا ، وان هذا الاخطبوط من شأنه أن يحيط نفسه بطبقات من داخل البلاد بوساطة بنوكه وشركاته ، طبقات تشمل الاقطاعيين وكبار الرأسماليين ، وأن هذه المصالح هى التي تحرك تلك الطبقات وتقتلع جذورها من أرض الوطن(ثورة شعب، دار الفكر الاشتراكي، 1965م، ص 322).

  يواصل عبد الخالق ويقول: ( كانت تلك الافكار النيرة فاتحة لنافذة كبرى نطل بها علي العالم ونتبصر بها طريق حركتنا الوطنية ، وقد تداول هذا الكتاب وقتها عشرات من الطلبة ، كان يتطلع لايجاد حل لمشاكل الحركة الوطنية السودانية ويتلمس انجع الطرق لحرب المستعمرين وتحقيق الحرية والاستقلال).

  يواصل الاستاذ عبد الخالق ويقول) :ومنذ ذلك التاريخ وأنا اتطلع كل صباح لمعرفة المزيد من النظرية الماركسية اللينينية التي اتخذتها منهجا لحياتي محاولا تطبيقها على ظروف بلادنا وفق تقاليدنا السودانية ، وما تتطبه مصالح شعبنا الحقيقية)( ص، 322).

  اذن المدخل كان كتاب ستالين لايجاد حل لمشاكل الحركة الوطنية ، ولكن مؤلفات ستالين لم تكن نهاية المطاف ، وكما أشار عبد الخالق أنه كان يتطلع كل صباح لمعرفة المزيد من النظرية الماركسية ومحاولة تطبيقها على ظروف بلادنا وفق تقاليدنا السودانية، وكانت تلك خطوة هامة في تجاوز الجمود الستاليني. وفي تلك السنوات الباكرة من تأسيس الحركة الوطنية كان حسن الطاهر زروق يقول: ان شعب السودان سوف يشق طريقه الخاص للاشتراكية وان التجربة السوفيتية ليست ملزمة له، وأن نظام الحزب الواحد ليس هو الطريق الامثل اضافة الي حرية العقيدة والضمير.

ومن مدخل الاهتمام بالمسألة الوطنية والتنوع اللغوي في السودان نلاحظ ترجمة الاستاذ عبد الخالق محجوب لمقالة ستالين : الماركسية وعلم اللغات(1954)، ويواصل الشهيد عبد الخالق محجوب اهتمامه بهذا الموضوع حيث ورد في وثيقة (حول البرنامج) اخر كتابات عبد الخالق (1971)ما يلي بشأن المسألة القومية/ القبلية واللغات( بالنسبة للتجمعات القومية والقبلية الاكثر تخلفا وفيما يختص بالثورة الثقافية الديمقراطية . لابد من التشجيع الفعلي للنمو الحر لثقافات هذه المجموعات. أ- بعث لغات ولهجات هذه المجموعات وعمدت الدولة الوطية الديمقراطية بجدية الي تشذيب تلك الأدوات، والتوسل بها في التعليم ( ووفقا للتجارب التربوية في هذا المضمار) وفي النهضة الثقافية الشاملة.ب - ان تصبح هذه الثقافات جزءا من المكونات العضوية للثقافة السودانية).

كما نلاحظ ترجمة عبد الخالق لمؤلف الماركسي الممتاز بليخانوف ( تطور النظرة الواحدية للتاريخ)، من مدخل الدراسة العميقة لتطور المجتمع في المفهوم المادي للتاريخ، بعيدا عن الفهم الستاليني الجامد، مما يشير الي اتساع الافق لتجاوز الستالينية. 

  في اوائل الخمسينيات ، كون الحزب الشيوعي لجنة لدراسة مشكلة الجنوب ، ونتيجة لدراسة واقع المشكلة ، وبعيدا عن المنقول من الكتب الماركسية، توصل الحزب الي شعار الحكم الذاتي الاقليمي ، والاعتراف بالفوارق الثقافية بين الشمال والجنوب ، وحق الجنوبيين في استخدام لغاتهم المحلية في التعليم ، وقد طور الحزب ذلك لاحقا في عام 1994م،  بطرح حق تقرير المصير كحق ديمقراطي انساني ، وان نبذل اقصى الجهد لكيما يكون ذلك في اطار الوحدة الطوعية للسودان.

  أما علي مستوي تنظيم الحزب فقد بدأ الصراع ضد اسلوب عمل أول لجنة مركزية للحركة السودانية للتحرر الوطني كما جاء في كتاب عبد الخالق محجوب (لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني)، تلك القيادة التي لم تبرز وجه الحزب المستقل ، واختزلت التعليم الماركسي في بعض النصوص الجامدة – ولم تدرس أوضاع البلاد أو تحاول دراسة واقع البلاد من زاوية الماركسية ، ولم تتجه لبناء الحزب وسط الطبقة العاملة ، بل الأخطر من ذلك كله أن الحزب لم تتوطد فيه لائحة ، بل ظلت العلاقات بين أعضائه وهيئاته تسودها الاتجاهات الشخصية اكثر من الروابط التنظيمية، وهذا الصراع كان خطوة هامة في مواجهة الجمود الستاليني. أشار عبد الخالق الي أن الصراع والنقد بدأ يبرز ضد هذا الاتجاه، وتوصل الصراع والنقد عام 1947م الي حل المسائل التالية: بناء فروع وسط الطبقة العاملة وترقية كادر عمالي وسط القيادة، وضع لائحة للحزب، اصدار مجلة الكادر(الشيوعي فيما بعد)، اصدار منشورات مستقلة باسم الحزب، تصعيد النشاط السياسي الجماهيري المستقل ضد الاستعمار عام 1948م، حل مشكلة التحالف مع الرأسمالية الوطنية علي أساس التحالف والصراع، الدخول في جبهة الكفاح ضد الجمعية التشريعية وتصعيد النضال ضدها.

  وبعد معارك الجمعية التشريعية (1948) ، تواصل الصراع ضد اسلوب ومنهج عمل اللجنة المركزية بقيادة عوض عبد الرازق ، واستمر الصراع ضد هذه القيادة التي (امتزج دمها بحب الوطن)، والتي قيدت نشاط الحزب المستقل ، هذا اضافة لضيق العمل القيادي وغياب الديمقراطية في الحزب ككل، وكانت العلاقات بين اللجنة المركزية والمستويات التنظيمية الأولي تنحصر في اصدار القرارات وتنفيذها ، ولم يكن في الحسبان مناقشة قرارات ل.م ناهيك عن انتقادها( التجاني الطيب، مجلة الشيوعي، العدد 150). وكان من نتائج هذا الصراع أن انبثقت فكرة المؤتمر التداولي الذي انعقد عام 1949م، وجاء كشكل أرقي لتوسيع الديمقراطية ومشاركة الحزب ومحاسبة اللجنة المركزية عن أدائها. انجز المؤتمر التداولي تعديلات في لائحة الحزب لتتلائم مع تطور الحزب وجرى كفاح ضد الانحلال التنظيمي والعلاقات الفردية ليحل محلها الضبط التنظيمي والعلاقات المبدئية. كما عملت اللجنة المركزية لدعم الديمقراطية في الحزب فاجرت انتخابات القادة (بعد المؤتمر التداولي)، وعقد أول مؤتمر للحزب عام 1950م، كما تم نشر قرارات المؤتمر التداولي لأعضاء الحزب في مجلة الكادرلابداء الرأى حولها.

المؤتمر الأول اكتوبر 1950: طرحت اللجنة المركزية في ذلك المؤتمر قضايا سياسية وفكرية وتنظيمية أمام المؤتمر لاتخاذ قرارات بشأنها ، كانت تلك أول مرة يحدث فيها ذلك في تاريخ الحزب ، كما أجاز المؤتمر لائحة ساهمت في الاستقرار التنظيمي ، وكان من نتائج المؤتمر ايضا انتخاب اللجنة المركزية والتي قبل ذلك كانت عضويتها تكتسب بالتصعيد ( أى بقرار منها بضم اعضاء لها)، وتلك كانت ايضا خطوة حاسمة في الصراع ضد الستالينية والتي جوهرها مصادرة الديمقراطية في الحزب. كما أشار المؤتمر الي ضرورة ربط العمل الفكري بالعمل الجماهيري واستقلال الحزب في نشاطه بين الجماهير واعلان موقفه المستقل في كل المسائل من منابره المختلفة، أى رفض المؤتمر اتجاه عوض عبد الرازق الذي كان يقول بدراسة النظرية أولا ، ثم العمل الجماهيري ، علي أن يتواصل نشاط الحزب الشيوعي من داخل الأحزاب الاتحادية.

  بعد المؤتمر الأول وقع الصراع الداخلي ، وكان الرد بفتح المناقشة العامة علي صفحات مجلة الكادر(الشيوعي فيما بعد).طارحا على الأعضاء القضايا مدار الصراع. وكان اتجاه عوض عبد الرازق يرى أن وجود الطبقة العاملة الصناعية ضعيف في السودان ، وبالتالي لاداعي للتسرع بتكوين حزب شيوعي مستقل، وأن يتواصل نشاط الحزب من داخل الاحزاب الاتحادية، كما كان يرى ضرورة دراسة النظرية أولا قبل التوجه لبناء الحزب وسط العمال والمزارعين، ولاداعي لاغراق قيادة الحزب بكوادر عمالية مستواها النظري ضعيف.

  وانعقد المؤتمر الثاني في اكتوبر 1951م، وحسم المؤتمر الصراع الداخلي لمصلحة وجود الحزب المستقل ، وان النظرية ترشد الممارسة والممارسة تغني وتطور النظرية، واقر المؤتمر أول لائحة لتنظيم الحزب الداخلية وتحديد هويته كحزب لينيني ، وبعد المؤتمر وقع انقسام مجموعة عوض عبد الرازق ، وقررت اللجنة المركزية طرد المنشقين.

 واضح أن اتجاه مجموعة عوض عبد الرازق كان اتجاه عزلة وجمود( دراسة النظرية بمعزل عن الواقع ، اخفاء هوية الحزب ، العمل فقط من داخل الأحزاب الاتحادية..).

 هكذا من خلال صراع الأفكار، بدأت تكون هناك حيوية داخل الحزب ، ومن خلال الصراع ضد الجمود بدأت تتسع الديمقراطية داخل الحزب ( المجلة الداخلية، المؤتمرات ، الاجتماعات الموسعة، انتخاب اللجنة المركزية، فتح المناقشة العامة..حسم الصراع ديمقراطيا بالتصويت ، ولكن مجموعة عوض عبد الرازق لم تقبل رأى الأغلبية بروح ديمقراطية، ومواصلة الأقلية ابداء وجهة نظرها من داخل الحزب ، ولجأت الي التآمر والانقسام). 

 وفي عملية بناء الحزب ، كانت ابرز الخطوات هى التي جاءت في اجتماع اللجنة المركزية في مارس 1953م، الذي أشار الي ضرورة بناء الحزب كعملية ثابتة وفي كل الظروف مدها وجزرها ، كما طرح ضرورة بناء الحزب علي النطاق الوطني ليصبح حزبا شعبيا وتحويل الحزب الي قوى اجتماعية . وكذلك طرحت وثيقة خطتنا في الظروف، الصادرة في يناير 1954م، السؤال: كيف يتم تحويل الحزب الي قوة اجتماعية كبري؟.كما أشارت الي ضرورة تقوية الحزب سياسيا وفكريا وتنظيميا، كما أشارت الي أن عملية بناء الحزب تتم في كل الظروف جزرها ومدها.وتعميق جذور الحزب وسط الطبقة العاملة.

 كما أشارت وثائق تلك الفترة الي الاهتمام بالمرشحين وفترة الترشيح، والارتباط بالجماهير وفهم مشاكلها وقيادتها قيادة يومية، اضافة الي تأمين الحزب ومحاربة روح الغفلة ، وضرورة الاهتمام بالعمل الاصلاحي: الجمعيات التعاونية، محو الأمية، الأندية الرياضية والثقافية .. الخ. ولكن البدائية في عملية بناء الحزب حالت دون تنفيذ تلك الموجهات ، وكان من أهم أسباب ذلك الضعف النظري للقيادة ، وعدم وجود مفهوم نظري متكامل حول عملية بناء الحزب ، وكان تنظيم الحزب هشا رغم نجاح الحزب في استنهاض حركة جماهيرية واسعة ( بناء الحركة النقابية وحركة المزارعين، والحركة الطلابية، حركة الشباب والنساء،..الخ)، رغم الامكانيات الواسعة التي اتاحتها تجربة الجبهة المعادية للاستعمار ، التي لخص عبد الخالق تجربتها في كتاب لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي.

ثانيا: الفترة:1956- 1969م

   شهدت بداية هذه الفترة انعقاد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي ،والذي تم فيه نقد الجمود الستاليني وعبادة الفرد، كما أشار المؤتمر الي ضرورة تجاوز الستالينية. وبعد المؤتمر اصدر الشهيد عبد الخالق محجوب كتابه: آفاق جديدة، 1957م، انتقد عبد الخالق محجوب في هذا الكتاب أفكار ستالين القائلة بأن الثورة لن تنتصر في حركة التحرر الوطني ( الا اذا تم تسليط النيران على البورجوازية الوطنية المهادنة بكشف خيانتها للجماهير الكادحة من نفوذها). أشار عبد الخالق الي خطأ ستالين في تقسيم البورجوازية الوطنية الي كبيرة وصغيرة ، كما لم يشر الي البورجوازية المتوسطة التي تلعب دورا مهما في تاريخ الحركة الوطنية ، كما اشار عبد الخالق الي أن الشعب السوداني سيصل الي المجتمع الاشتراكي حتما بطريقه الخاص ووفق تقاليده لأن هذا هو منطق التاريخ )(ص، 86). كما أشار عبد الخالق الي أن( الاحساس الجديد هو مناقشة القيم السياسية في اسلوب خاص ، واعادة النظر فيها والاحتفاظ بكل ما هو حي وتقدمي ، ونبذ كلما ما هو ميت ومتأخر).

   كما أشار عبد الخالق الي أهمية القيادة الجماعية.

 يواصل عبد الخالق في اتجاه التحرر من الستالينية ويقول: ( ان التطورات الاشتراكية في بلادنا يمكن أن تحدث باتساع نطاق القوى الديمقراطية في حركة واسعة ومستمرة وطويلة الأمد، تحتل مركزها الجماهير العاملة السائرة نحو اليسار ، وبوجود هذه الحركة الواسعة يمكن أن تحرز أغلبية برلمانية من الكتلة اليسارية المؤلفة من الشيوعيين وذوى الميول اليسارية من الاشتراكيين والديمقراطيين). يواصل عبد الخالق ويقول: ( ولكن السير في هذا الطريق لايعتمد عليهم وحدهم ، ولكنه يعتمد علي مدى احترام الدستور المناسب لتطور بلادنا نحو الاشتراكية وتفتح السبيل أمام الجماهير التقدمية والعمالية والاشتراكية ليحرزوا نتيجة لنشاط متنوع ومتسع وطويل الأمد أغلبية برلمانية ، وبهذا يضع اليساريون والشيوعيون اهمية كبرى للنظام البرلماني في بلادنا( ص، 84-85).

 ولاشك أن المقالات التي نشرها عبد الخالق في كتابه آفاق جديدة وضعت المنهج للتحرر من الجمود الستاليني والاحكام التبسيطية للماركسية ، والاتجاه لدراسة الواقع واستنباط الحلول منه ، لا من المنقول من الكتب.

  صحيح أن الحلقات الأولي التي أسست الحزب الشيوعي السوداني، كانت مؤلفات ستالين والتي تعبر عن الجمود النظري متداولة فيما بينها، وحتي المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي في عام 1956م، كانت وثائق الحزب الشيوعي السوداني مثل دورات اللجنة المركزية مليئة بالنصوص من ستالين ، ماوتسي تونغ ، .. الخ، وكانت ترد في تلك الوثائق : النظرية الماركسية – اللينينية – الستالينية ، اضافة الي كثرة النصوص من مؤتمرات الحزب الشيوعي السوفيتي وكثرة الحديث عن علم الثورة الماركسي – اللينينيني – الستاليني.. وتعاليم الرفيق يوسف ستالين.

  وفي مجلة الشيوعي العدد(8) الصادر عام 1956م، أشار عبد الخالق الي ما يلي( ان الجمود تسرب الي حزبنا في الظروف التي اكتنفت دخول الماركسية الي بلادنا، فعقب الحرب العالمية الثانية تزايدت القوة الجاذبة في المعسكر الاشتراكي ، واصبحت شعوب المستعمرات والبلدان التابعة تؤيد تأييدا تاما وفعالا الاتحاد السوفيتي وتعطف عليه ، وبدخول الماركسية في بلادنا ، وفي وقت ليست فيه تيارات فكرية اصيلة مناوئة ، كان هناك اقبال على هذه الافكار وتقبل لها..).

 ويواصل عبد الخالق ويقول: ( ان الانتصارات الأولية جعلتنا نستند دائما الي النتائج العامة للنظرية الماركسية ، ونهمل جانب دراسة خصائص شعبنا وظروفه وأن نضع في الاعتبار التجربة السودانية الخاصة ، وبهذا ظهر وسطنا اتجاه لاهمال الدراسة الواقعية ، والاعتماد على النتائج الماركسية العامة ومحاولة تطبيقها بشكل اعمى ودون دراسة موضوعية علمية لما يجرى حولنا)( ص ، 46).

  اذن عبد الخالق وضع اللبنات الاولي لتجاوز الجمود الستاليني بالانطلاق من احتياجات الواقع لحل قضايا عملية ونظرية، وبعيدا عن النقل الاعمى لتجارب الآخرين، ونجد هذا المنهج واضحا في وثائق مثل (الماركسية وقضايا الثورة السودانية )، واصلاح الخطأ في العمل بين الجماهير)، ... الخ.

  ويذكر التيجاني الطيب في قضايا سودانية العدد الرابع، ابريل 1994م (وفي النشاط العملي أذكر أنه بيننا في السنوات الاولى ( من تأسيس الحزب) من يصر علي ضرورة صياغة تحليل طبقي للمجتمع السوداني ، فكان عبد الخالق يصر على أن هذا التحليل لن يتوفر الا بالمعرفة العميقة المباشرة للمجتمع ، والا تحولنا الي ناقلين للآخرين . وفي هذا الصدد كانت هناك محاولات لتصنيف المزارعين الي فقراء ومتوسطين وأغنياء وفق معطيات روسية أو مصرية ، ولكنه عارض وظل يطالب لأن نعرف (علي الأرض ) من هو المزارع الفقير حقيقة في مجال مشروع الجزيرة ، وبنفس الطريقة رفض تنزيل المراحل الخمس لتطور البشرية على المجتمع السوداني)( ص، 35).

  أى أن منهج عبد الخالق كان ينطلق من دراسة الواقع بذهن مفتوح، لا من المنقول من الكتب، مما يعني عمليا تجاوز الجمود الستاليني.

  خلال ديكتاتورية الفريق عبود(1958-1964م)، تمسك الحزب الشيوعي السوداني بموقفه المستقل والمستند علي دراسة الواقع حول طبيعة النظام، ورفض الحزب الشيوعي السوداني تقدير السوفيت لنظام عبود، باعتباره نظام وطني ، كما رفض الحزب الشيوعي السوداني اتجاه الحزب الشيوعي الصيني لفرض نموذجه في السودان، اى رفض النقل الاعمى لتجربة الصين باعتماد الكفاح المسلح الذي كانت تنادي به العناصر اليسارية التي انشقت من الحزب(مجموعة احمد شامى ويوسف عبد المجيد...). ونتيجة لدراسة الواقع توصل الحزب الشيوعي السوداني الي شعار الاضراب السياسي العام في اغسطس 1961م، وثابر الحزب علي هذا الشعار بتنشيط العمل الجماهيري ، حتى تمت الاطاحة بديكتاتورية عبود في ثورة اكتوبر 1964م.

 وفي الصراع ضد الجمود اليساري ، اسهم عبد الخالق محجوب في ترسيخ الديمقراطية وتنقية الحياة الداخلية للحزب، جاء في وثيقة اصلاح الخطأ في العمل بين الجماهير ( الحياة الداخلية في بعض منظمات الحزب لاتسير على أسس سليمة وخاصة في موضوع المركزية الديمقراطية ، اذ أن بعض الرفاق يدوسون علي هذا المبدأ الذي لن يستقيم الحزب الشيوعي بدون تطبيقه ، انهم يضعون السلطة التنظيمية محل الصراع الفكري والاقناع انهم لايحترمون رأي الأقلية ، انهم لايناقشون سياسة الحزب بقدر ما يصدرون الأوامر العسكرية ، ساعد على نمو هذا الاتجاه الضغط والاضطهاد التي يعيش فيها الحزب الشيوعي ، كان هذا الاتجاه خطير جدا وهو صادر عن عقلية فوضوية ، عقلية مغامرة لاعلاقة لها بالعقل الماركسي ، بالفعل في مديرية الخرطوم نتيجة لمسلك سكرتيرها التنظيمي الزميل جبارة ، ولقد انعزل الحزب في دوائر هامة بهذه المديرية، تساقطت عضويته وانفض الروح الثوري عند بعض من بقوا في صفوفه ، ان اساليب الزميل جبارة في القيادة وازاء الاعضاء خير مثال للاساليب الضارة ، فالرقابة على القرارات تعنى التحقيقات المستمرة ، وتعبئة الاعضاء حول خط بعينه تعنى التطبيقات العسكرية ، والاختلاف في الرأى يعنى العداوة والاحقاد والطرد من العضوية ، فاذا كان هذا هو المسلك من الاعضاء ، فما املنا في خلق صلات بالجماهير؟(ص، 38، طبعة دار عزة 2001).

  كما لخصت وثيقة الماركسية وقضايا الثورة السودانية تجربة الحياة الداخلية في فترة ديكتاتورية عبود على النحو التالى:- ( وبينما حياة حزبنا تتأثر بالاتجاهات اليسارية وتخلف الأداء والتنفيذ ، تعقم الحياة الداخلية وتعصف بالمركزية الديمقراطية ، خاصة وأن الديمقراطية بأسرها مصادرة من الحياة السياسية ، وقد ادى ضعف المركزية الديمقراطية في الحزب الشيوعي وعدم اشراك عضوية الحزب اشراكا نشطا في حياته الداخلية وفي حياة فروعه الي انكماش كبير في عضوية الحزب لدرجة عاقت قدرات الحزب الذاتية وهو يواجه مهام ثورة اكتوبر( طبعة دار الوسيلة، 1987).   

  كما رفض الحزب الشيوعي السوداني الانحراف اليميني عام 1966م، بحل الحزب الشيوعي ودمجه مع قوى اشتراكية سودانية اخرى، اى رفض النقل الاعمي لتجربة الحزب الشيوعي المصري، والذي حل نفسه عام 1966م، وذاب في تنظيم السلطة(الاتحاد الاشتراكي).

 وعلي خلاف رأى السوفيت والاحزاب الشيوعية العربية رفض الحزب الشيوعي السوداني قرار تقسيم فلسطين عام 1947 الذي باركه السوفيت ، وتمسك بصيغة( قيام الدولة العربية الديمقراطية فوق أرض فلسطين يصحح الوضع الشاذ الذي نشأ منذ عام 1948م. داخل هذه الدولة الفلسطينية العربية سيجد المواطنون الاصليون عربا وأقلية يهودية حقوقهم الكاملة، وبكامل حقوقها المشروعة في السيادة تصفى آثار الاضطهاد الصهيوني الاستعماري وفي مقدمتها مشكلة الاجئين العرب والهجرة اليهودية(الماركسية وقضايا الثورة السودانية، دار عزة، 2008، ص، 44).

 كانت وثيقة الماركسية وقضايا الثورة السودانية، الصادرة عن المؤتمر الرابع، اكتوبر 1967م نقطة تحول هامة في تجاوز الجمود الستاليني، أشارت الوثيقة الي أن الحزب الشيوعي يتحول الي قوة اجتماعية كبرى من خلال الآتي:-

-   التطبيق الخلاق والمستقل للماركسية واكتشاف الاشكال الملائمة للتنظيم ، وأن الحزب الشيوعي لكى يصبح حزبا فعلا حزبا جماهيريا ، لابد له أن يحتك بكل الآفاق وان يحس الشعب بوجوده في كافة المستويات .

-       لاينمو الحزب بشكل تنظيمي واحد ، فأشكال المدن تختلف عن اشكال القطاع التقليدي .

-   الدراسة التفصيلية والملموسة لكل الأقاليم السودانية ، تركيبها الاجتماعي والطبقي واقتصادياتها .. الخ، حتى يعمل الحزب وفق مرشد يحميه من تبديد الجهود ، واستغلال الكفاءات والكادر باقصي مستوى من الكفاءة والانجاز.

-       بناء التنظيمات الحديثة المختلفة للجماهير ، التي تلبي المستويات والاهتمامات المتباينة للجماهير.

-   كما أشارت وثيقة الماركسية وقضايا الثورة السودانية الي ضرورة حل التناقض الذي لازم حياة حزبنا : تطور عمله السياسي ونفوذه الادبي بين الجماهير ، وجمود وتأخر حركة بنائه اداة متصلة بكل آفاق الحياة في بلادنا.

-   كما حدد المؤتمر الرابع معالم الخط التنظيمي في المدن والمراكز الرئيسية في قطاع الزراعة الحديثة والقطاع التقليدي في الجنوب وفي الغرب ، وبناءا علي ذلك انجزت كل منطقة دراسة واقعها ووضعت دليلها وصاغت خطها التنظيمي مما جعلها بعد أن كشفت الحقائق الأساسية لواقعها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي أن تتوصل للأساليب الملائمة لعملها – اى تقدم الاجابة السليمة للاسئلة التي وضعها المؤتمر الرابع – وبعد الوضوح حول الخط السياسي بمن ننفذ هذا الخط؟ووسط من ؟وكيف ننفذه باسلم الطرق واكبرها عائدا وفائدة؟.

-   كان المؤتمر الرابع خطوة هامة في تجاوز الجمود والستالينية ، فقد رسمت وثيقة  الماركسية وقضايا الثورة السودانية منهجا علميا سليما في عملية بناء الحزب ، كما وضعت منهاجا للعمل النظري استرشادا بالماركسية كمنهج وليست عقيدة جامدة ، وخلافا للمؤتمر الثالث الذي عالج قضايا التكتيك ، عالج المؤتمر الرابع قضايا الاستراتيجية والتكتيك ، وتوصل الي أنه من المستحيل أن نرسم استراتيجيتنا اعتمادا على المنقول من الكتب أو النقل الاعمي لتجارب البلدان الاخرى ، كما وضعت الوثيقة منهاجا لدراسة الطبقات من الباطن ، ودراسة استراتيجية الثورة بناءا علي دراسة الطبقات في البلاد ، كما عالجت قضايا الخط التنظيمي وقضايا بناء الحزب على أساس العلم والتخطيط.

  كانت أزمة القيادة احد المشاكل الأساسية التي واجهت الحزب بعد المؤتمر الرابع والتي جاءت ضعيفة ومخيبة للامال ، ولم تكن في مستوى المهام السياسية والفكرية والتنظيمية التي طرحها المؤتمر الرابع. وصدرت دورة اللجنة المركزية في يونيو 1968، بعنوان( قضايا ما بعد المؤتمر)، والتي عالجت القضايا النظرية والتنظيمية والسياسية والقيادية. أشارت الوثيقة الي فرع الحزب ( وأن يعتبر عمليا لانظريا وحده وليس سواه هو القائد لكل نشاط يجرى حوله والمسئول عنه ، لقد عانينا من هذا كثيرا ، عانينا من الوصاية التي تفرض على فرع الحزب فتطبع الحزب بطابع واحد عقيم وتسلب عضوية الحزب من ارادتهم وتجعلهم متفرجين في كل ما يختص به من افكار جيدة ، وتجعلهم يحجمون عن اثراء الحزب بافكارهم وتجاربهم ، وهذا الاتجاه الذي يصادر الديمقراطية المركزية يخلق السلبية ويحد من طاقات الفرع).

 ومشكلة القيادة هي التي دفعت عبد الخالق الي تقديم وثيقة ( في سبيل تحسين العمل القيادي بعد عام من المؤتمر الرابع، مارس 1969). والتي جاء فيها ( أن اعضاء الحزب لم يعودوا يقنعون بالحلول السطحية والشعارات الانتهازية لحل مشاكل العمل الثوري وعلى رأسها تغيير مستوى قيادة الحزب)، كما أشارت الوثيقة الي ضرورة تطوير العمل النظري في الحزب تقول الوثيقة( ولهذا فان الحزب الشيوعي يفتح ميدانا جديدا لتطور النشاط القيادي في صفوفه وهو يتطلب نوعا جديدا من الكادر المثقف الذي يهئ ذاته وقدراته لخدمة الحزب الشيوعي في ميدان النعرفة ، انه ليس كادر العمل السياسي بالمفهوم الذي دخل به المثقفون في الماضي صفوف الحركة الشيوعية السودانية).

 كما أشارت الوثيقة الي خطورة التكتيك الانقلابي ( والعقلية الانقلابية)، التي كانت سائدة وسط بعض الكادر القيادي ، بقولها( التكتيك الانقلابي بديلا عن العمل الجماهيري يمثل في نهاية المطاف وسط قوى الجبهة الوطنية الديمقراطية مصالح البورجوازية والبورجوازية الصغيرة..).

 ثالثا: الفترة: 1969- 1991م.

  كان من اهم معالم تلك الفترة انقلاب 25 مايو1969م، والصراع الفكري الذي دار داخل الحزب الشيوعي حول طبيعة الانقلاب، وهل يبقي الحزب مستقلا ام يذوب داخل مؤسسات النظام، وقد تحدث كاتب هذه السطور عن ذلك بتفصيل في خمس حلقات نشرتها صحيفة الايام في الفترة:3/4- 14/4/2008م. وكان من اهم معالم تلك الفترة انعقاد المؤتمر التداولي في اغسطس 1970 والذي حسمت اغلبيته الصراع لمصلحة استقلال الحزب. كما طور الحزب افكاره حول الديمقراطيين الثوريين ورفض نظام الحزب الواحد والدولة البوليسية التي تصادر حقوق وحريات الجماهير باسم الاشتراكية والتقدمية. واختلفت وجهة نظر الحزب مع السوفيت الذي كانوا يرون في انقلاب 25/مايو/1969، نظام ديمقراطي ثوري، وبالتالي يجب دعمه.

 وبعد انقلاب 19/يوليو/1971، طور الحزب الشيوعي السوداني اطروحاته حول انظمة الديمقراطيين الثوريين حيث اشارت دورة اللجنة المركزية في يوليو 1977م الي أن الحزب الواحد المفروض بالقانون والانفراد بالسلطة يقودان الي مصادرة الحقوق الديمقراطية للجماهير ، غير أن لايمكن الوصول الي الاشتراكية الا عبر الديمقراطية . كما اشارت الدورة الي أن التكتيكات الانقلابية غير مقبولة ولابديل أمام الحزب الشيوعي غير النشاط الجماهيري. كما أشارت الدورة الي خلاف الحزب الشيوعي السوداني مع الحزب الشيوعي السوفيتي حول دور الديمقراطيين الثوريين في منطقة التحرر الوطني وتكتيكات الحزب الشيوعي السوداني منذ انقلاب 25/مايو/1969م، وقيادة الطبقة العاملة لمرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية.

 وعندما اندلعت الانتفاضة الشعبية في اثيوبيا عام 1974م ، ونتج عنها الانقلاب العسكري الذي اوصل نظام منقستو الماركسي للحكم، تمسك الحزب الشيوعي السوداني بالديمقراطية والتعددية في اثيويبا بديلا لنظام الحزب الواحد، والكف عن القمع والارهاب ، وتقرير المصير للشعب الاريتري بما في ذلك حق الشعب الاريتري في تكوين دولته المستقلة، وبدلا من صيغة السوفيت التي كانت ترى حق تقرير المصير في اطار اثيوبيا الموحدة( دورة ل.م، يوليو 1977م).

 وقبل ذلك كان عبد الخالق محجوب قد اصدر وثيقة حول البرنامج 1971م، والتي اثارت قضايا مازالت حية مثل: الموقف من رأس المال الاجنبي ، التنمية الاقتصادية ، الديمقراطية والاصلاح الزراعي ، البعث الثقافي الديمقراطي ، قضية المرأة ، مسألة التجمعات القبلية القومية في السودان، الدين والدولة وحرية العقيدة والضمير، جهاز الدولة والتطهير ، الديمقراطية ومسألة الادب والفن والبحث العلمي... الخ. وهي تعبير عن اجتهاد اصيل لمواجهة فضايا الثورة الديمقراطية التي برزت في تلك الفترة.

 رغم أن بعض جوانب الوثيقة شاخت وعفى عليها الزمن مثل : الاعتماد على العلاقات الاقتصادية مع المعسكر الاشتراكي ، والاستناد الي تجربة الاتحاد السوفيتي في بناء المجتمع الصناعي الزراعي.. الخ، الا أن القضايا النظرية التي اثارتها الوثيقة تحتاج فعلا الي دراسات نظرية وتعميق.

 علي أن القفزة الكبرى التي تمت في مضمار تجاوز الستالينية، كانت دورة اللجنة المركزية في اغسطس 1977م(الديمقراطية مفتاح الحل للازمة السياسية .. جبهة للديمقراطية وانقاذ الوطن)، والتي طرحت الوصول للنظام الوطني الديمقراطي بطريق جماهيري ديمقراطي تعددي. وواصلت دورة ديسمبر 1978م القضايا الفكرية والعملية التي اثيرت حول الديمقراطية وتولتها بالشرح والتوضيح.

  كما واصل الحزب الشيوعي النضال الجماهيري مع قوى المعارضة ، وطرح في دورة يناير 1974م، الاضراب السياسي العام كاداة للاطاحة بالنظام واصل توحيد قوى المعارضة حتى توحدت في 6/ابريل/1985م، في الانتفاضة الشعبية التي اطاحت بحكم الفرد واستعادة الديمقراطية.

  وفي 1986م ، اصدر الحزب الشيوعي برنامجه الانتخابي الذي اكد علي الحقوق والحريات الاساسية وتوفير احتياجات الناس الآساسية وتعزيز الديمقراطية وانقاذ الوطن.

 وبعد فشل التجارب الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي وبلدان شرق اوربا في اوائل التسعينيات من القرن الماضي فتح الحزب الشيوعي السوداني المناقشة العامة والتي اكدت حصيلتها السير في الطريق الديمقراطي التعددي للوصول للنظام الوطني الديمقراطي، ومواصلة الانعتاق النهائي من اسار الجمود والستالينية.

خاتمة:

نخلص من العرض السابق، أن تجربة الحزب الشيوعي السوداني كان لها استقلالها النسبي عن الجمود الستاليني، رغم التأثر بالجمود النظري والستالينية، ورغم سنوات الديكتاتورية والعمل السري الطويلة التي تركت بصماتها السالبة علي تجربة الحزب ، الا أن الحزب الشيوعي توصل الي المنهج السليم في التطبيق الخلاق والمستقل للماركسية حسب ظروف وخصائص السودان، وهذا مايجب تعميقه وتطويره لا التراجع عنه وتكرار الحديث عن الستالينية، لأن الاستمرار في هذا الطريق هو الذي يربطنا بشعب السودان ومعالجة المستجدات والمتغيرات في الواقع السوداني، باستخدام الماركسية كمرشد ومنهج وليست عقيدة جامدة.كما أنه من المهم التقويم الناقد للتجربة السابقة وحصر وانتقاد المواقف الخاطئة السابقة مثل: تأييد الحزب الشيوعي السوداني لغزو السوفيت لبلدان المجر وتشيكوسلوفاكيا وافغانستان، اضافة لتعطيل الديمقراطية في الحزب بعدم عقد المؤتمر لمدة 40 عاما، وقد جاء في التقرير السياسي نقدا واضحا وبعيدا عن التبرير من اللجنة المركزية لعدم عقد المؤتمر. المهم في الأمر تحديد اين وقعنا في الجمود الستاليني، وتحديد النقاط المظلمة في تاريخ الحزب ونقدها جماهيريا، واعلاء مبدأ النقد والنقد الذاتي كما جاء في مشروع التقرير السياسي. هذا المنهج هو الذي يحصن الحزب الشيوعي من التصفية تحت ستار الستالينية، وباعتبار أن جرثومة الاصولية الستالينية ذلك الداء العضال لاأمل في علاجه، والبديل هو تصفية الحزب الشيوعي وحله، كما عبر د.فاروق محمد ابراهيم والمرحوم الخاتم عدلان. كما أنه من المهم أن نشير الي خطورة أن يتحول دمغ الآخرين بالستالينية وفبركة التهم بالستالينية الي عامل سلبي ، يؤدي الي احجام البعض عن طرح ارائهم بحرية ومناقشتها ، وأن تتحول تهمة الستالينية الي مكارثية جديدة تسمم حياة الحزب الداخلية ، كما كان يحدث في فترة ستالين مثل الاتهام بالتروتسكية والتي ادت الي تصفية خيرة القيادات الشيوعية، عن طريق الفبركة والتشكيك والاستهداف الشخصي للرأى الآخر المعارض واختلاق التهم .. الخ. وبالتالي يؤدى ذلك الي تدمير الحزب بحجة محاربة الستالينية.كما أنه من الخطأ والتجنى اتهام كل من يدافع عن مبدأ المركزية الديمقراطية بالستالينية، علما أنه مهما اختلفت التسمية(ديمقراطية مركزية، ديمقراطية، ادارة ديمقراطية،...الخ)، فان المركزية الديمقراطية لاتعني سوى: البرنامج الواحد والنظام الداخلي الواحد والمركز الواحد ، وأن الهيئات القائدة تنشر تقارير دورية عن اعمالها ، وأن حرية ابداء الرأي والانتقاد والاقتراع في كل المسائل الحزبية مكفولة مع تشجيع الاعضاء عليها دون اكراه، وأن الهيئات من القمة للقاعدة تأتي بالانتخاب والتزام الاقلية برأى الاغلبية مع حقها في الاحتفاظ برأيها والدفاع عنه، وأن يكون الصراع مكشوفا وبعيدا عن التآمر والتكتلات ، وان القرارات لاتصدر من افراد بل تصدر عن هيئات... الخ.

 وبالتالى كما أشرنا سابقا ، أن المنهج السليم في تناول الستالينية بمعنى الجمود العقائدي والنظرة الاحادية الجانب ومصادرة الرأى الآخر هو التحليل الناقد للظروف والشروط التي نشأت فيها الستالينية والاسباب التي ادت الي تأثر الاحزاب الشيوعية بها حتى المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي واستمرار ذيولها حتي انهيار التجربة الاشتراكية في بداية التسعينيات من القرن الماضي.

  كما أنه من الخطورة أن تتحول الستالينية الي أداة لتبرير الأخطاء بدلا من تحديد المسئولين عنها ونقدها، والنظر في العوامل الخارجية مثل التأثر بالستالينية دون تناول العوامل الداخلية الذاتية التي قادت لتلك الاخطاء ، وهذا هو العذر الاقبح من الذنب. أى الا تتحول الستالينية الي وصفة جاهزة لمواجهة كل مشكلة بدلا من اعمال الذهن والفكر والدراسة الواقعية العميقة لها، وبالتالي تتحول الستالينية الي تفسير مريح، على طريقة( الله يلعن ابليس )، ( والله يجازى الكان السبب)، او الي (شماعة) نعلق عليها عليها كل اخطاءنا بدلا عن نقدها وتحليل الظروف والشروط التاريخية التي حدثت فيها.

اهم المصادر والمراجع:

أولا: وثائق الحزب الشيوعي السوداني

1-                            وثيقة سبيل السودان لتعزيز الديمقراطية والسلم، المؤتمر الثالث ، 1956.

2-                            الماركسية وقضايا الثورة السودانية، المؤتمر الرابع، اكتوبر 1967م

3-                            قرارات المؤتمر التداولي لكادر الحزب الشيوعي السوداني ، اغسطس 1970.

4-                             ثورة شعب، دار الفكر الاشتراكي، 1965م.

5-                            اليسار السوداني في عشرة اعوام (وثائق 1954/1963م)، اعداد محمد سليمان.

6-                            مجلة الشيوعي العدد 150.

7-                            اصلاح الخطأ في العمل بين الجماهير، دورة ل.م 1963م

8-                            قضايا ما بعد المؤتمر، دورة ل.م 1968

9-                            في سبيل تحسين العمل القيادي بعد عام من المؤتمر الرابع، دورة ل.م مارس 1969

10-                       مشروع التقرير السياسي المقدم للمؤتمر الخامس.

11- دورات اللجنة المركزية(يوليو 1977، اغسطس 1977م، ديسمبر 1978).

ثانيا: كتب:

1-                            جان اللينشتين: تاريخ الظاهرة الستالينية، دار ابن رشد 1975م.

2-                            عبد الخالق محجوب:

-                               لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني، دار الوسيلة 1987م.

-                               آفاق جديدة، 1957.

-                               حول البرنامج، طبعة دار عزة 2002م

3- تاج السر عثمان: تقويم نقدي لتجربة الحزب الشيوعي السوداني، دار عزة 2008م.

 

  


© Copyright by SudaneseOnline.com


ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

أعلى الصفحة



الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات و تحليلات
  • تشارلز تيلور يكتب من لاهاي هاشم بانقا الريح*
  • تنامي ظاهرة اغتصاب الاطفال ...! بقلم / ايـليـــا أرومــي كــوكــو
  • مؤتمر تمويل التنمية/د. حسن بشير محمد نور - الخرطوم
  • بين مكي بلايل والعنصرية والحركة الشعبية /الطيب مصطفى
  • قالوا "تحت تحت" الميرغنى ماااااا "داير الوحدة"/عبد العزيز سليمان
  • الصراع الخفي بين إدارة السدود والمؤتمر الوطني (4-12) بقلم: محمد العامري
  • قواعد القانون الدولى المتعلق بحصانات رؤساء وقادة الدول/حماد وادى سند الكرتى
  • هل يصبح السيد مو ابراهيم حريرى السودان بقلم: المهندس /مطفى مكى
  • حسن ساتي و سيناريو الموت.. بقلم - ايـليـا أرومـي كـوكـو
  • الجدوي من تعديل حدود اقليم دارفور لصالح الشمالية/محمد ادم فاشر
  • صلاح قوش , اختراقات سياسية ودبلوماسية !!؟؟/حـــــــــاج علي
  • أبكيك حسن ساتي وأبكيك/جمال عنقرة
  • نظامنا التعليمي: الإستثمار في العقول أم في رأس المال؟!/مجتبى عرمان
  • صندوق إعادة بناء وتنمية شرق السودان .. إنعدام للشفافية وغياب للمحاسبة /محمد عبد الله سيد أحمد
  • )3 مفكرة القاهرة (/مصطفى عبد العزيز البطل
  • صاحب الإنتباهة ينفث حار أنفاسه علي باقان: الصادق حمدين
  • جامعة الخرطوم على موعد مع التاريخ/سليمان الأمين
  • ما المطلوب لإنجاح المبادرة القطرية !؟/ آدم خاطر
  • الجزء الخامس: لرواية للماضي ضحايا/ الأستاذ/ يعقوب آدم عبدالشافع
  • مبارك حسين والصادق الصديق الحلقة الأولى (1-3) /ثروت قاسم
  • ماذا كسبت دارفور من هذه الحرب اللعينة !!/آدم الهلباوى
  • الأجيال في السودان تصالح و وئام أم صراع و صدام؟؟؟ 1/2/الفاضل إحيمر/ أوتاوا
  • النمـرة غـلط !!/عبدالله علقم
  • العودة وحقها ومنظمة التحرير الفلسطينية بقلم نقولا ناصر*
  • المختصر الى الزواج المرتقب بين حركتى العدل والمساواة والحركة الشعبية لتحرير السودان /ادم على/هولندا
  • سوداني او امريكي؟ (1): واشنطن: محمد علي صالح
  • بحث في ظاهـرة الوقوقـة!/فيصل على سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر
  • سقوط المارد إلى الهاوية : الأزمة مستمرة : عزيز العرباوي-كاتب مغربي
  • قمة العشرين وترعة أبو عشرين ومقابر أخرى وسُخرية معاذ..!!/حـــــــــــاج علي
  • لهفي على جنوب السودان..!! مكي المغربي
  • تعليق على مقالات الدكتور امين حامد زين العابدين عن مشكلة ابيي/جبريل حسن احمد
  • طلاب دارفور... /خالد تارس
  • سوق المقل أ شهر أسواق الشايقية بقلم : محمدعثمان محمد.
  • الجزء الخامس لرواية: للماضي ضحايا الأستاذ/ يعقوب آدم عبدالشافع
  • صاحب الإنتباهة ينفث حار أنفاسه علي باقان أموم/ الصادق حمدين
  • رحم الله أمناء الأمة/محجوب التجاني
  • قصة قصيرة " قتل في الضاحية الغربية" بقلم: بقادى الحاج أحمد
  • وما أدراك ما الهرمجدون ؟! !/توفيق عبدا لرحيم منصور
  • الرائحة الكريهة للإستراتيجي بائتة وليست جديدة !!! /الأمين أوهاج – بورتسودان
  • المتسللون عبر الحدود والقادمون من الكهوف وتجار القوت ماشأنهم بطوكر /الامين أوهاج