مفاصلة
طيران منخفض.. يعطل صحيفة ألوان
أبوذر على الأمين ياسين
فاجعتنا (اس أم سي) بخبر غاية في الدهشة، ان مدير جهاز الأمن والمخابرات (أوقف) صحيفة ألوان عن الصدور. لكن الخبر لم ينتهي هنا كما أن هذا ليس الفاجع فيه، بل الفاجع حقاً هو أن مدير جهاز الأمن " أمر بالحجز على ممتلكات الشركة" أما الأفجع كان هو تحديداً أن "نفذت مجموعة منتمية الى الجهاز القرار فوراً ... والزمت الزملاء الصحافيين بحمل أمتعتهم الشخصية ومغادرة المبنى" أما المدهش بعد كل هذه الفواجع هو تدوين جهاز الأمن اتهامات بنيابة أمن الدولة في مواجهة رئيس تحرير ألوان حسين خوجلي وشركة ألوان للطباعة والنشر.
قد يصيبك الارتباك وأنت تقف على قانون ينفذ العقاب ثم بعد ذلك يفتح البلاغ بالنيابة المختصة، وقد تحاصرك الأسئلة أين العدالة التي تعطي جهة حق المعاقبة أولاً ثم المحاكمة بعد ذلك؟، وقد تبحث عن روح أو بعد أو اشارة لعدالة أو ديمقراطية قد يكون يوماً مصدرها هؤلاء الذين يدرون هذه الاجهزة بهذه القوانيين التي هي سارية رغم مخالفتها المفضوحة للدستور الساري هو الآخر؟. وهل يمكن أن يكون هؤلاء يوماً ديمقراطين حريصين على حقوق الآخرين وحارسين لأمنهم؟.
المواد القانونية التي دعمت وبررت لتقديم العقاب على المحاكمة هي حسب المصدر السابق المادة (16ج) و (8ب د) من قانون الأمن الوطني لسنة 1999م تعديل 2004م، أما سبب كل هذه الاجراءات ضد صحيفة ألوان هو "... إفشاء معلومات عسكرية ضارة بأمن البلاد ومكتسباتها".
ولما كان قانون الأمن الوطني في واد والدستور في واد آخر، يمكن أن نشبه المادة (16ج) بطائرة (أف 16) التي لها إمكانات تكشف كل الخبايا (الضارة بأمن البلاد ومكتسباتها)، ولها من القدرات ما يمكنها وحدها ومباشرة ليس بالردع بل والتدميرهم الآني والمباشر للأهداف أنى كانت أوحلت. أي لها نفس قدرات وفاعلية المادة (16ج) في الايقاف والمصادرة ردعاً. ونتسأل كيف تسنى لقوات خليل ابراهيم الدخول الى عمق أمدرمان؟، أليس في هذا نزير بأن أمن الدولة ومكتسباتها (في السهلة)، خاصة وأن أجهزة الأمن ذاتها هي من أطلق التحذبر وقبل ثلاث أيام بأن مجموعة خليل تخطط للقيام بعملية تخريبية بالخرطوم؟!. وأقام ووزع نقاط التفتيش و القوات على الطرقات؟!. ثم بعد كل هذا ورغماً عنه حضرت قوات خليل (في وضح النهار) وفعلت ما فعلت (حتى الآن لا نعرف ماذا فعلت – نرجو أن لا يكون ذلك ضار بأمن الدولة ومكتسابتها- فالحروب لها آثار وخسائر يتم حصرها ونشرها على أجهزة الاعلام كافة). ولكن اليس في ذلك مدعاة لتوقيف ومصادرة جهاز الأمن ذاته ومحاسبته على كل ذلك؟!، بدلاً من الاستعراض الكبير بدحر الغزوة التي كانوا على علم أتم بها؟!. أم أن الوان وحسين خوجلي مقابل مريح لجهاز الأمن ليداري عجزة واخفاقه ليس في ما حدث بل في القبض على خليل، ليكون حسين خوجلي هو المقابل (غير الموضوعي) لخليل، وتكون ممتلكات شركة ألوان هي المقابل (الموضوعي) لقوات خليل وعتاده!!!.
بالمقابل يمكن ان نشبه المادة (8 ب د ) بالمدرعة (الدبابة) (8 ب د) كون أمكاناتها تتيح لها تدمير كل شئ (مصادرة) بما في ذلك ممتلكات شركة ألوان جملة واحدة. ولكن لا يجوز السؤال بالطبع عن غياب الدبابات أو قلتها في عملية دحر الغزاة في امدرمان أو خارجها!!؟. فالمواد القانونية مصممة على ذات طريقة وفاعلية الاسلحة العسكرية الفتاكة التي لا تنتظر فصل أو حكم قضائي مؤسس على العدل وحفظ الحقوق في الدفاع، بل هي أدوات الردع المباشر والناجز، وإن كان من عدالة أو محاكمة فستكون جثتك و آثار ومخلفات دمار ممتلكاتك هي المعروضات التي ستقدم للمحكمة التي نفذت ارادتها فيك قبل القاضي والمحكمة ثم أتت بك له، ليفصل في الامر.
الغريب أن نيفاشا ودستورها حصرت دور ونشاط جهاز الامن في الرصد ورفع التقارير. ولكن جهاز الأمن وبحسب حادثة ألوان الاخيرة غير خاضع للدستور ولا علاقة له بنيفاشا!. والبعض ما يزال يرجو (ويتمنى) أن يكون جهاز الأمن كما وصفته وحددته نيفاشا. بل مضى جاهز الأمن أبعد من ذلك ليكون قوة ضاربة يتم استعراضها (من مدني الى الخرطوم)، لتكون هي وليس القوات المسلحة هي سيدة المشهد ورادعة الغزاة!!. فالأمن الآن لا يقف عند حدود قوانين 1999م المعدلة 2004م، بل هو الآن البديل الحيوي للقوات المسلحة التي لم يعد لها وجود أو دور بل هي إما في اجازة أو تم إلقاءها ونحن لا نعلم، ولكنا لم نرى لها أثر أو دور في غزوة أمدرمان الاخيرة.
المرجو اذا من ايقاف الوان ومصادرة ممتلكات شركة ألوان هو أن تظل صورة غزوة أمدرمان كما عرضها التلفزيون القومي والاذاعة وقناة الشروق. غزاة قدموا إلى أمدرمان بسلاح كثير وخطير (فقط) ليسلموه لقوات الأمن وتأسر مسلميه وتقتل بعضهم وتحرق بعض سياراتهم وعتادهم الحربي ثم تقيم معرضاً لأثار العدوان التي اقتنمتها ولو كانت محروقة!!!. ولكن ماذا فعل هؤلاء؟، وماذا اصابوا؟ وما هو حجم ونوع الخسائر؟ وكم فقدنا من شهيد او قتيل؟. كل ذلك من المحرمات التي تجعلك تحت طائلة (الاف 16) أو المدرعة (8 ب د)، أو الاثنين معاً!!.
أمن البلاد ومكتسباتها إذن هو مايفعله جهاز الأمن ومايراه، ولو كان فيه تعدي على الحقوق الاساسية أو الصحفية!!. كما أن مصادر المعلومة هي جهاز الأمن فقد واضعف الايمان اس أم سي. أما قانون الصحافة، ومجلس الصحافة، نيابة الصحافة، واتحاد الصحفيين، فهي اجهزة (مساعد ياي) لا قيمة لها عندما يعلن جهاز أمن الدولة الحرب، أو يتصدى لغزاة هو على علم بهم قبل أيام، و يحسب دخولهم المدينة أنتصار، لكنه بالطبع أنتصار لجهاز الأمن وقواته الضاربة. والأهم من كل ذلك على الصحف والصحفيين وشركات النشر عدم ممارسة (الطيران المنخفض)، لأن ذلك قد يجعلك تقف وعلى المحك أمام معلومات تضر بأمن البلاد ومكتسباتها. والأكيد الأكيد أن حسين خوجلي وشركة ألوان وصحيفة ألوان لا يجيدون (الطيران المنخفض). أما نحن فما يزال يحرينا ويجبرنا عدم علمنا بأي شئ، وعلمنا بكل شئ لان الحالين يضعانك أمام أمن البلاد ومتكسباتها متهم يتم عقابه بأقصى عقوبة، ثم يحمل الى قاضي!!، ولكن ماذا يفعل ذلك القاضي لا يهم وليس بضروري!!. ولكن أسمحوا لي بسؤال. ما هي مكتسبات الدولة الخطيرة هذه؟، وأين هو أمنها الذي أقتحمته قوات العدل المساواة في رابعة النهار؟. الذي استطيع تأكيده لكم أننا لن ننهار؟، لكن جهاز الأمن منهار، ويبحث عن اكباش فداء بين الصحف والصحفيين. ذلك هو أمن الدولة، أما مكتسباتها، فهي مهارة جهاز الأمن في ردع الصحفيين وتكمييم افواهم واقلامهم.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة