لماذا لا تسكن الحرب هناك ..؟!!
الصادق الرزيقي
على غير ما يتمناه أهل السلطان من طرفي الاتفاق، تجددت المعارك والاشتباكات مرة أخرى بين المسيرية والجيش الشعبي الذي لم يزل محتلاً ومقيماً في أرض هذه القبيلة العظيمة بمجاهداتها وتضحياتها لصالح السودان كله، وظلت على صبرها وإصطبارها تحت تخدير أحاديث السياسيين وهم يحرثون في البحر بحثاً عن سلام مفقود..!!
الجيش الشعبي الذي يمارس كل صنوف التقتيل والترويع ضد المسيرية، لم ينسحب بعيداً عن حدود ١/١/٦٥٩١م، ولم يتراجع فرسخاً واحداً بعيداً عن مضارب ومسارات المسيرية، ولم يخفض بنادقه المصوَّبة إلى صدور الرعاة، ولم يتوقف عن ترصده له ولم يتوقف خط إمداده وتشوينه واستعداده لاصطياد صغار الرعاة وأبقارهم.
ولطالما كظم المسيرية الغيظ وتحلوا بالصبر وضبط النفس، فالرعاة هم فقط الآن في مواجهة الجيش الشعبي، وليست القبيلة كلها التي تتمدد في أهم مناطق التماس بين الشمال والجنوب. فكيف سيكون الحال بعد هذا والدم غالٍ غالٍ، إذا فتحت فوهات الجحيم على الجيش الشعبي من كل المسيرية وعموم البقارة الذين لا يرون في هذا العدو الغاشم إلا طلائع معركة جديدة وطويلة تريد قهرهم والتهام أرضهم وإجبارهم على الخنوع. ويا للمحال إن كان هذا ما يريده الجيش الشعبي والحركة التي لم تترك للجياع في الجنوب إلا.. الذباب!!
والآن يجب أن تعترف الحكومة أن اللجنة المشتركة التي كُوِّنت لمعالجة الأوضاع المتوترة في المنطقة لم تستطع نزع فتيل الأزمة ولا وقف تدهورها، وأنه لا توجد مصداقية للحركة الشعبية ولا قياداتها التي تدعي أنها أمرت جيشها بالانسحاب بعيداً عن الحدود بين الشمال والجنوب.
خطورة هذا الوضع الذي وصل لمرحلة السيولة الكاملة، أنه سيكون له ما بعده، ما لم يتم التوصل لحل شامل وكامل في المنطقة كلها، خاصة وجود عناصر من الجيش الشعبي في مناطق الشمال وبعضهم من أبناء المنطقة من الذين خدعتهم الحركة وأوهمتهم بالسراب الكاذب.
يترافق التصعيد الجديد في مناطق المسيرية، مع تعاون آخر للحركة وجيشها مع حركات دارفور المسلحة التي تتواجد قواتها الآن في المنطقة، لمحاصرة مقاتلي ومجاهدي المسيرية وقفل الطرق وتخذيل الأهالي أو ترهيبهم ، وإذا انشغل الناس بحركات دارفور المتواجدة في المنطقة وتم تشتيت الجهود، فإن الجيش الشعبي سيجد فرصة للتوغل أكثر شمالاً، وإقرار الواقع الذي يريده في المنطقة. وكل هذا مقدمة لما هو آتٍ في المرحلة المقبلة من ترسيم الحدود ومعالم حسم مسألة أبيي..
على الجميع الانتباه لما يجري هناك بعيداً عن التقارير الرسمية الحكومية التي تريد تجميل وجه الصاحب الذي لا يفعل إلا قبحاً.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة