قراءة متأنية فى تزوير انتخابات اتحاد طلاب جامعة كردفان
* محمد عبد الرحمن الناير (بوتشه)
مدخل :
جامعة كردفان واحدة من الجامعات السودانية التى ظل اتحاد طلابها حكراً على التنظيمات الوطنية الديمقراطية خلال السنوات الماضية , رغم الحشود الامنية والمادية , والترغيب والترهيب من قبل المؤتمر الوطنى وجماعة الاسلام السياسى التى لم تذق طعم الفوز فى معظم الجامعات الكبيرة ذات الوزن فى الشارع السودانى , وظلت قائمة التحالف الطلابى تظفر بمقاعد المجلس الاربعينى طيلة السنوات الاخيرة , مما يوضح فشل المؤتمر الوطنى فى ادارة الصراع وعدم امتلاكه للبرنامج السياسى المقنع لشريحة الطلاب فى تلك الجامعات , رغم امتلاكه السلطة والسلطان مما يدل على حتمية سقوطه فى الانتخابات القومية القادمة , واكبر دليل على ذلك سحقه فى اى انتخابات حرة نزيهة مثل جامعات : الخرطوم – الجزيرة – جوبا – وغيرها من الجامعات فى الولايات النائية – عدا فوزه بمقاعد اتحاد النيلين والاسلامية والسودان , وجميعها شهد الجميع بعدم نزاهتها وتدخل الاجهزة الامنية واعتقال كوادر التنظيمات السياسية المؤثرة مما ترجح كفتهم بهذه الافعال الجبانة .
بدأت انتخابات طلاب جامعة كردفان يوم 16 فبراير 2008 م بنشر الكشوفات الاولية للناخبين , وتقديم الطعون يوم 17 فبراير من نفس الشهر , وكان يوم الخميس 21 فبراير يوم الاقتراع وفرز النتائج , مع العلم بأن عدد الطلاب الذين يحق لهم التصويت بلغ 8118 طالب وطالبة , وكان عدد الطلاب الذين صوتوا فعلا 5700 طالب وطالبة , وكانت النتيجة التى اعلنها مدير جامعة كردفان على حسب ترتيب القوائم المتنافسة كالاتى :
1/ قائمة المؤتمر الوطنى 3148 صوتا .
2/ قائمة التحالف الطلابى 1989 صوتا .
3/ قائمة الاصلاح 284 صوتا .
4/ قائمة التحالف العريض 89 صوتا .
5/ التالف من بطاقات الانتخابات بلغ حوالى 190 صوتا .
وعند الرجوع الى حيثيات الانتخابات وما شابها من احداث , يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن العملية الانتخابية حدثت بها اجراءات وتجاوزات ترقى الى مرتبة التزوير , وللعلم بأن التزوير يمكن ان يحدث فى جزيئات صغيرة ترى للانسان العادى عديمة الجدوى ولكنها فى الحقيقة بالغة الخطورة وهذا ما حدث بالضبط .
وللتوضيح اكثر واثبات حقيقة التزوير الذى حدث لابد من الوقوف على الحقائق التالية :
اولا :
صاحبت العملية الانتخابية حشودا امنية وشرطية لم يسبق لها مثيل فى جامعة كردفان مما يدلل على ان هنالك شيىء ما سيحدث او وشيك الحدوث , وادى ذلك الى ارهاب كثير من الطلاب وخاصة الطلاب الجدد (البرالمة) وعزوفهم رهبة عن الانتخابات وضياع حقوقهم الدستورية المتمثلة فى المساهمة والمشاركة فى انتخابات منبرهم النقابى.
ثانيا :
لجنة الانتخابات واللائحة الانتخابية تشير الى تواجد 7 افراد (3 ضباط و4 مراقبين) فقط بكل مركز من مراكز الاقتراع بمجمعات الجامعة المختلفة . الا ان لجنة الانتخابات اثناء طوافها بمراكز الاقتراع وجدت اكثر من العدد المسموح به بالزى المدنى , وعندما سألت القائمين بحراسة المراكز عن هوية هؤلاء ذكروا بانهم جهات امنية , فقامت بطردهم وسرعان ما عادوا ادراجهم بعد ذهاب ممثلو لجنة الانتخابات . والسؤال الموضوعى والمنطقى ماذا يفعل هؤلاء داخل مراكز الاقتراع ؟ ومن الذى سمح لهم بالدخول ؟.
ثالثا :
تمنع لائحة الانتخابات اقامة اى دعاية انتخابية او مخاطبات اثناء سير الانتخابات لاى من القوائم المتنافسة او غيرها , لانها تؤثر على سير العملية الانتخابية . الا ان قائمة المؤتمر الوطنى كسرت هذه اللائحة فى تحدى صريح وقفز فوق اللوائح والقوانين واقامت مخاطبة تخللتها التهليلات والتكبيرات بقيادة ربانهم الكبير مدير جهاز الامن السابق / نافع على نافع , مما اثر فى جو الانتخابات المتوتر اصلا بالتواجد الكثيف للقوات الامنية والشرطية بفناء الجامعة .
رابعا :
فى ظل تواجد ما يسمى بالجهات الامنية (القمعية) داخل مراكز الاقتراع دعت لجنة الانتخابات الى اجتماع عاجل للنظر فى هذا الامر الساعة الحادية عشرة ليلا واستمر الاجتماع الى الساعة الثالثة والنصف صباحا , وطوال فترة الاجتماع لم تعلم او تدرى لجنة الانتخابات ما يجرى ويدور داخل مراكز الاقتراع فى ظل تواجد القوات الامنية بداخلها.
خامسا :
تم تقديم شكاوى وطعون الى لجنة الانتخابات عن تزوير بطاقات انتخابية من المركز رقم 18 (كلية التربية) , والمركز رقم 15 (كلية الطب) , ولم تتمكن لجنة الانتخابات من النظر فى هذه الطعون لان القوات الامنية قامت بضربهم امام مرأى ومسمع طلاب الجامعة , لكسر هيبتهم وازلالهم امام طلابهم , فضربت رئيس لجنة الانتخابات الاستاذ/ عبد الماجد عبد الله ابوريد ومنعته من التواجد بالجامعة وحتى مقابلة نائب مدير الجامعة وكذلك فعلت برئيس الاتحاد الاستاذ / احمد زكريا . وظلت تطارد كوادر التنظيمات السياسية داخل احياء وازقة مدينة الابيض , ولا تزال تلاحق رئيس لجنة الانتخابات بالمكالمات التيلفونية وتهدده بالاعتقال والضرب والقتل اذا لم يوقع على نتيجة الانتخابات , ولكن شموخه وكبريائه ومحافظته على حقوق طلابه التى كلفوه بها طيلة الدورة السابقة منعته بان يرضخ لهؤلاء( الجلادين) , فله كل الانحناء والتجلى على وقفته الشجاعة ومواقفه الوطنية الراسخة التى سوف يحفظها له التاريخ.
كما قامت الاجهزة الامنية باعتقال اعضاء لجنة الانتخابات :
1/ ياسر محمد صائب
2/ بدر الدين محمد على
3/ محمد سعيد
وعدد غير معلوم من كوادر القوى السياسية وطلاب الجامعة, وقامت بضرب الطلاب داخل المجمعات السكنية واحراق ممتلكاتهم , وحتى داخليات الطالبات لم تناى عن بطش اولئك (المجرمين) حيث تم ضربهن ضربا مبرحا , وسرقت ممتلكاتهن من حلى ومجوهرات وحتى الموبايلات لم تسلم من هؤلاء العصابة الاجرامية - غير آبهين لحرمة الطالبات وسكنهن ولا الى عاداتنا وتقاليدنا السودانية الاصيلة التى تابى دخول الرجال الى حجرات النساء , ومن المؤسف حقا بأن هنالك طالبة حامل فى شهورها الاخيرة (طبعا متزوجة) تم ضربها حتى اجهضت , ولنا ان نتساءل مجددا كما تساءل الاستاذ الاديب / الطيب صالح من قبل : من اين أتى هؤلاء ....؟!
سادسا :
فى ظل تلك المعطيات كان على لجنة الانتخابات لابد من النظر فى الطعون المقدمة قبل اعلان النتيجة وهذا ما حدث بالضبط , الا ان قوات الامن حالت دون اجتماع اللجنة للبت فى هذه الطعون وانصاف مقدميها بقبولها او رفضها , وحينئذ فاءن النتيجة التى تم اعلانها دون النظر فى الطعون المقدمة تعتبر خاطئة ومجحفة فى حق الطلاب ولا يمكن الاعتداد بها اصلا .
سابعا :
السيد( المحترم جدا ) مدير جامعة كردفان قام باعتماد وتوقيع واعلان نتيجة الانتخابات متجاوزا لوائح الانتخابات ودستور اتحاد طلاب جامعة كردفان , حيث تعطى المادة 29/5 من الدستور لجنة الانتخابات الحق فى اعلان نتيجة الانتخابات والتوقيع والمصادقة عليها . كما تشير المادة 29/6 من الدستور المذكور ايداع لجنة الانتخابات كافة الاوراق والوثائق لدى عمادة شؤون الطلاب , وهذا لم يحدث حتى اللحظة مما يدل على ان العملية الانتخابية لم تكتمل بعد وان نتيجة الانتخابات لم تعلن بعد .
فى ظل عدم النظر فى الطعون المقدمة , وعدم توقيع لجنة الانتخابات على النتيجة وعدم تسليمها ارشيف ووثائق العملية الانتخابية الى عمادة شؤون الطلاب ايذانا بانتهاء العملية الانتخابية , فان النتيجة المنطقية لكل ذى بصر وبصيرة ان النتيجة التى اعلنها مدير جامعة كردفان غير قانونية ولا تستند على اى حجج او دفوعات قانونية او دستورية او اخلاقية حتى , ولا تمت الى الديمقراطية والنزاهة بصلة , ولجنة الانتخابات هى الجهة الوحيدة المنوط بها النظر فى الطعون المقدمة ومن ثم المصادقة على النتيجة واعلانها على الملأ .
كان على السيد مدير جامعة كردفان ان يحترم شخصه ودرجته العلمية المرموقة ولا يقع فى هذا الفخ أمام طلابه وأمام الناس أجمعين ويسىء الى تاريخه العلمى والاكاديمى ( السيىء اصلا) بهذه الافعال الصبيانية التى هى اقرب الى افعال قطاع الطرق والهمباته واسلوب الغابة .
وبناء على ذلك فاءن الاتحاد الذى تم تشكيله استنادا على نتيجة مدير الجامعة ليس به شىء من الشرعية والدستورية , انما يستمد شرعيته ودستوريته من بطش افراد جهاز الامن عبر تزويره ارادة الطلاب رغم انفهم , معتمدا على القوة والجبروت التى لازمت المؤتمر الوطنى منذ مجيئه الى السلطة عبر فوهة البندقية والدبابة وظل هكذا يحكم الى حين اشعار آخر......
من خلال المشاهدت للاحداث التى لازمت معظم الاتحادات الطلابية ان المؤتمر الوطنى يسعى وبشتى السبل للامساك بزمام كل الاتحادات الطلابية بالجامعات السودانية , والتى يفشل فيها يسعى الى تعطيلها واحداث فوضى تؤدى الى اغلاق الجامعات المعنية وتجميد اتحاداتها, لانه يقرا جيدا بان فشله فى الاتحادات الطلابية يعنى فشله فى انتخابات رئاسة الجمهورية التى (من المتوقع)ان تكون فى نهاية العام الحالى 2008 م , فضلا مما تسببه الاتحادات التى لم يفوز بها من ازعاج غير مرغوب فيه . لان الجامعات ربما تكون هى المكان الوحيد فى بلادنا يتمتع (بهامش) من الحرية , فضلا عن الصلة المباشرة و اللصيقة بين الطلاب و الشارع السودانى . او فى حالة عدم فوزه بمقاعد الاتحادات الطلابية المؤثرة وعدم اغلاق الجامعات وتجميد اتحاداتها , فاءنه من المرجح جدا ان يتجه الى تزوير انتخابات ( رئاسة الجمهورية ) كما فعل من قبل فى الاتحادات الطلابية والانتخابات الديكورية التى حدثت فى عهده . وقد يقول قائل بأن المجتمع الدولى هو المراقب لهذه الانتخابات والضامن لنزاهتها وحيدتها , ولكننا نقول بأن المجتمع الدولى نفسه مشكوك فى نزاهته وحيدته , فهو يبحث عن مصالحه وعمن يحققها له , ودوره فى دارفور التى قتل فيها مئات الآلاف وشرد الملايين واحرقت مئات القرى وهو يتفرج واكتفى باخراج البيانات والادانات التى لم تغنى او تسمن من جوع , بيانات كرتونية هزيلة لم تسوى الورق والمداد الذى كتبت به , و اقل ما توصف به كانت يجب أن لا تخرج ابداً , و هذا وحده دليل كافى وموضوعى على عدم نزاهته وحيدته ونعته بالعجز والتواطوء – فى ظل حقيقة لا جدال فيها ان المؤتمر الوطنى هو التنظيم الوحيد الذى يريده المجتمع الدولى (امريكا) ان يحكم السودان لان ما حققه لها لم تستطيع تحقيقه فى ظل حكومة ديمقراطية اتت عبر صناديق الاقتراع فى انتخابات حرة نزيهة معبرة عن راى وارادة وتطلعات الشعب .
خاتمة :
فى حالة اقدام المؤتمر الوطنى والذين يتحالفون معه على تزوير الانتخابات العامة (المفترضة) فاءن ما يحدث بوطننا اكبر بكثير مما حدث بالجارة كينيا فى ظل توفر السلاح وارتداد الوطن باسره الى عصور ما قبل التاريخ (تكوين الدولة), واضحى الانتماء الى الجهة او القبيلة اقوى من الانتماء للدولة والوطن , وقابلية الشعب السودانى للموت فى اى لحظة ولاى سبب من الاسباب مهما صغر , وذلك نتاج اليأس والقنوط والاحباط , وتفضيله الموت على الحياة فى ظل حكم المؤتمر الوطنى الذى اذاقه الثبور وعظائم الامور, وتحويله البلاد بأسرها الى كانتونات وبيوت اشباح . وشعب مشرد فى فجاج الدنيا – وغالبيته العظمى التى لم تستطيع الفرار من (وطن الجحيم) ولم تدركها المنية ظلت جائعة متسولة اقصى احلامها الحصول على رغيفة جافة لسد رمق الجوع فى ظل الارتفاع الخرافى فى اسعار الخبز وضروريات الحياة بمتوالية هندسية كل شهر ان لم نقل كل يوم , وكف الشعب من السؤال عن التعليم – العلاج – الصحة وال........و.ال...........وال................... الخ التى اصبحت اضغاث احلام عنده .
وهذه يعنى ذهاب الوطن باكمله الى الجحيم , وحينذاك يقال : بأنه كان هنالك فى تلك البقعة من الارض وطن يقال له السودان ....
وكفى الله بلادنا شرور المؤتمر الوطنى
ودمتم
* السكرتير الاعلامى لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم
الاول من مارس 2008 م
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة