صوت من لا صوت له وطن من لا وطن له
الصفحة الرئيسية  English
المنبر العام
اخر الاخبار
اخبار الجاليات
اخبار رياضية و فنية
تقارير
حـــوار
أعلن معنا
بيانات صحفية
 
مقالات و تحليلات
بريـد القــراء
ترجمات
قصة و شعر
البوم صور
دليل الخريجين
  أغانى سودانية
صور مختارة
  منتدى الانترنت
  دليل الأصدقاء
  اجتماعيات
  نادى القلم السودانى
  الارشيف و المكتبات
  الجرائد العربية
  مواقع سودانية
  مواضيع توثيقية
  ارشيف الاخبار 2006
  ارشيف بيانات 2006
  ارشيف مقالات 2006
  ارشيف اخبار 2005
  ارشيف بيانات 2005
  ارشيف مقالات 2005
  ارشيف الاخبار 2004
  Sudanese News
  Sudanese Music
  اتصل بنا
ابحث

مقالات و تحليلات English Page Last Updated: Jul 11th, 2011 - 15:37:55


علي إسماعيل العتباني: حسن مكي في ثوبٍ جديد (2/2)/رفيق دفلا كركي
Jan 25, 2008, 09:30

سودانيزاونلاين.كوم Sudaneseonline.com

ارسل الموضوع لصديق
 نسخة سهلة الطبع

علي إسماعيل العتباني: حسن مكي في ثوبٍ جديد (2/2)

 

رفيق دفلا كركي

 

[email protected]

 

مواصلة لما بدأنا بالتعليق عليه في الحلقة الماضية؛ فهذا هو الجزء الأخير متضمناً في نهايته النص الكامل موضوع التعليق، وكما أرفقنا بقية مقال العتباني كما ورد مع وضع الخطوط تحت الفقرات التي نشجع القراء لقراءتها بتمعن وتفكير للتأمل والإستنتاج. كذلك أبدينا بعض الملاحظات بين قوسين لشد إنتباه القارئ لما قاله العتباني، وليس بالضرورة توافق رأينا مع اراء القراء لأن إختلاف الرأي لا يفسد للود قضية وإنما يثري روح البحث عن الحقائق لإزالة الضباب الذي يخفي الواقع والوقائع.

 

يتساءل العتباني قولاً: "أليس ثلث سكان كينيا وساحلها وشمالها الشرقي من المسلمين.."؟ هذا الحديث الإحصائي والجغرافي غيرعلمي فهو بكل المقاييس مخبول ومخلول. إذ يتساءل القارئ ما هو العدد الكلي لسكان كينيا وكم عدد المسلمين التي بُني عليها العتباني هذا "الثلث" وما هي مناطق تمركز المسلمين وما هو عددهم فيها وما هي الاسباب الرئيسة لوجودهم بكثافة عالية بتلك المناطق؟ فعلة الخبل والخلل فيه أن الحقائق الإحصائيَّة تقول يبلغ سكان كينيا الكلي 36,391,000 نسمة تقريباً. (21) وان تمركز المسلمين في السواحل الشرقيَّة والشِّماليَّة من البلاد يرجع أحد أسبابه لعامل تجاري إقتصادي محض إمتدت جذوره إلى ما قبل الإسلام وبعده خاصة بعد إصطياد والإتجار بالرقيق في مداخل وعلى طول هذه السواحل. أما التركيبة الدينيَّة لأهل كينيا فهي كالآتي: 78% مسيحيين (28,384,980 نسمة منهم 45% بروتستانت و33% كاثوليك)، 10% مسلمين (3,639,100 نسمة) و12% (4,366,920 نسمة) أصحاب المعتقدات الأفريقيَّة النبيلة. أما سكان كينيا من الأصول غير أفريقية (آسيويين، أوروبيين وعرب) يبلغ 1% فقط، وهذا يعني بالحساب البسيط أن تعدادهم هو 363,910 فرداً! وإذا ما خلافنا علم الحساب البسيط وقانون الطبيعة واضفنا رقم الأصول غير الأفريقيَّة بإعتبارهم مسلمين إلى عدد المسلمين بهدف تضخيم الرقم لصالح الإسلام لبلغ تعدادهم 4,003,010 مسلم أي 11% وهذا أقل بكثير من الثُلث (12,130,333 نسمة) الذي ذكره العتباني. الآن من أين أتى العتباني بهذه الفكرة البليدة ليقول ان ثلث سكان كينيا مسلمين؟ سر "الثُلث" السكاني عند الكتبة والكتاب الإنقاذين أو من يميل إليهم يدعو للحيرة والإستغراب، ويدعونا للقول بالتأكيد أن كُتاب كثر من أهل الإنقاذ إستأثروا الإسترزاق من الكتابة وأنهم لمولعون بتضخيم وتفخيم الأرقام وأنهم بعد كل ذلك ليلوون عنق الحقائق ويزورون كل شيئ ودون توثيق لما يكتبون فتتغلَّب على كتاباتهم عدم المصداقيَّة.  لقد وقع – للأسف الشديد - الباحث والكاتب المعروف الدكتور عبد الله علي إبراهيم في نفس الخطأ، ربما على عجلٍ أو بدون قصدٍ، عندما ذكر من غير إستبيان عددي أو إحصائي في إحدى مقالاته أن عدد المسلمين بلغ "ثُلث" سكان أثيوبيا في العام 1876م عندما أصدر ملك الحبشة يوحنا المشهور ﺒ "ملك الحبوش" فورمان لمجلس الكنيسة يقضي بتنصير جميع هؤلاء المسلمين أو عليهم أن يخرجوا من الحبشة بحثاً عن وطنٍ آخر لهم. (22)  

 

هل العداء بين الافريقانيَّة والإسلام متأصل؟

 

ويستفسر أيضاً كجهلاء القوم: "وهل هناك اصلاً عداء بين الافريقانية والإسلام.." لقد أوضحنا كيف تصارع عيدي أمين، وأمثاله كُثر، بين ممارسة شرائع الإسلام والإلتزام بها وبين الأفريقانيَّة، وعليه فالإجابة على تساؤل العتباني هي: نعم أن العداء بين الأفريقانيَّة والإسلام متأصلة. الإجابة هذه مسنودة بحقيقة أن العادات والتقاليد الأفريقانيَّة أو الأفريقيَّة مخالفة تماماً ولا تتماشى مع تعاليم الإسلام وإلا ما كان هناك داعى لنشر هذه التعاليم بين الأفارقة! بمعنى أوضح: إن تعاليم الإسلام نقيضة العادات والتقاليد الأفريقيَّة والتي جاء الإسلام وحاربها وحرمها لأنها غير بسلوك المسلم، وبالتالي ليس هناك تسامح بين عناصر النقيضين الكثيرة. ولنا في الافريقانيَّة ثلاثة من الأمثال الآتية:

(1) كان التوارث لجهة الأم حيث كان الفرد يرث خاله لأسباب موضوعيَّة منطقيَّة ولكن جاء الإسلام وغيَّر ذلك الإرث ليكون التوارث لجهة الأب ﴿الآيات 7 – 12 من سورة النساء﴾.

(2) [لم يكن] تعدد الزوجات [غير] مباحاً، جاء الإسلام ليضع له سقفاً أعلى وهو أربعة، كما وأضاف ﴿أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا﴾ (النسآء 4/3).

(3) شرب الخمر المخمور ليس فيه حرج عند الأفارقة ولكن حرَّمه الإسلام، وإن عدم الزواج من الأقربين (بنات الأعمام وبنات العمات، بنات الخالات وبنات الخال...) غير مسموح به عند الأفارقة ولكن جاء الإسلام وأباحه بل شجع عليه بل في كثير من الأحيان تُجبر الفتاة على زواج قريبها على الرغم من أن العلم أثبت مضار التزاوج من الأقارب.

قد يظهر واحد من العلامة في الأفق ليقول إن هذه عادة عربيَّة أو عروبية قبل الإسلام حيث كان نظم الشعر في العشيقات من بنات الأعمام مفخرة وإظهار الرجولة، الفحولة والشجاعة وغيرها. وقد كان من مفاخرهم ما قاله عنترة بن شداد الحبشي من أمه زبيدة في إبنة عمه مالك معلقة عظيمة تم تخليدها ضمن الشعر "الجاهلي". فعنترة كان شجاعاً مغواراً ومدافعاً عن عشيرته التي تنكرت إنتماءه إليها بحكم إنتمائه العرقي لأفريقيا إلا أن شعره وبسالته دفعت بالقبيلة للإعتراف به عضواً فيها ومنها. فلو أن "العرب السُّودانيين" قعدوا في وعلى الأرض وإعترفوا بسُّوداناويتهم الأفروعربيَّة بإعتدال لتقدَّم الوطن ولكن تعنصرهم للعروبة ونبذ الدم والسحنة الأفريقيَّة فيه إجحاف بالغ ولواح للبشر. على اية حال، بارك الله في عنترة وتلك المنظومة الشعرية التي تركها حكاية عنه وعن زبيدة وتأريخهما الناسع في عالمٍ وصف على لسان أهله "بالعصر الجاهلي".

مهما يكن من الأمر، فقد كانت وما تزال هناك "حرب" لا هوادة فيها - بصورة أو أخرى - من المسلمين والإسلام ضد كل ما هو أفريقي/أفريقاني أو غير إسلاموعروبي. يجدر بنا أن نذكر أن ما صغناه أعلاه ليس تأييداً مطلقاً للتقاليد ورفضاً للتعاليم الإسلاميَّة لأن في هذه التعاليم منافع كثيرة رغم التضاد. وإنه لصحيح أيضاً أن التعاليم الإسلاميَّة عالجت وتعالج قضايا مهمة وجوهريَّة ذات صلة مباشرة بحياة الإنسان إلا أن تدخل الفكر الخرب ممن يدَّعون التدين قد شوه جوهر القيم الدينيَّة الإسلاميَّة. ما كنا لنذكر ما ذكرناه لو لا إصرار العتباني وغيره في طمس وتحريف ولي عنق الحقائق. وعلى كل لا يسعنا هذا إلا أن نقول أن تناوله للمقالة فيه كثيرٌ من الإطراء والثغرات التي تناقض ما يحاول توصيله للنَّاس وبالتالي تحامل هو على الإسلام بطريقة مباشرة وغير مباشرة.

وذهب العتباني يقول "..خصوصاً وأن الاسلام قد حلّ في افريقيا قبل اربعة عشر قرناً.."؟ نرد بأن "حلول" الإسلام في أفريقيا لم يكن بتلك السهولة التي يتصورها العتباني لقرائه وإنما "حلَّ" بشق الأنفس. فمن منا لم يدرس تأريخ دخول الإسلام إلى مصر ومن ثَّم إلى السُّودان حيث كانت بهما ممالك مسيحيَّة وغيرها؟ من منا لم يسمع بالفتوحات الإسلاميَّة - الصغرى والكبرى – التي فيها هدمت صوامع وبيوت تذكر فيها إسم الله كثيراً حينما كانت المسيحيَّة هي الديانة الغالبة في مصر والسُّودان؟ كان دخول جيوش عمرو بن العاص في عهد الخليفة عمر بن الخطاب (ض) مصرَ، ثُّم كان دخول جيش عبد الله بن أبي سرح في السُّودان الشِّمالي وما تبع ذلك من معاهدات غير طيبة ليس لنا متسع من الوقت للخوض فيها...فالدخول ليس بالحلول يا العتباني!!! إذن دخول الإسلام إلى أفريقيا بالقوة قبل أربعة عشر قرناً ليس ترخيص وإشارة مرور خضراء للعتباني بأن يتفوه أنه لم يكن هناك عداء أو خصومة متأصلة بين الأفريقانيَّة والإسلام فقوله ذاك إفك وبهتان. فالفتوحات الإسلاميَّة في افريقيا خاصة في مصر والسُّودان تمت أولاً بالترهيب على حد السيف والعتاد والخيل المسومة، قال تعالى ﴿وأعدوا لهم ما إستطعتم من القوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوي وعدوكم﴾ في شكل هذه الفتوحات وغيرها من طرق الإستقطابات الدينيَّة المختلفة وهذه معطيات تأريخية مؤلمة يجب أن نعترف بها قبل الخوض في الممنوع من الصرف.

 

يقول العتباني في سلسلة شطحاته غير المسؤولة: "وأهل افريقيا سواء أكانوا زنوجاً أو عرباً ليس بينهم وبين الاسلام سوى المحبة.. "فنصارى اثيوبيا هم الذين استضافوا الإسلام.."

الجزء الأول من الجملة قولٌ مردود وغير صحيح. فالأحرى بالعتباني أن يقول ليس بين مسلمي أفريقيا سواء أكانوا زنوجاً أو عرباً – إن اراد التفريق بين المسلمين - سوي المحبة في الإسلام. لأن الجملة كما وردت تمثِّل قضيتان مهمتان وغير متجانستان، القضية الأولى ضمنيَّة لغويَّة حيث قصد الكاتب الجزئية فجمع وهذا خطأ فاضح. أما القضية الثانية فهي الفرضيَّة الضمنية المضللة والكاذبة بأن "كل" أهل أفريقيا يحبون الإسلام وهذا  بالطبع لا يمثل الواقع بشيئ لأن هناك صراع بين الأديان السماوية (الإسلام والمسيحيَّة) والمعتقدات الأفريقيَّة، وبل تطورت هذه النزاعات مستخدمة تلك الأديان وتباين مكونات أفريقيا البشريَّة المتعددة الأعراق والألوان للإستحواذ على الموارد، فالحروب الأهليَّة بين جَّنوب وشمال السُّودان بل إن الإحترب بين كل السُّودانيين خير مثال لما ذكرناه ويسوقه الكثير من الكُتَّاب في هذا شأن تصدعات الوطن.

أما الجزء الثاني من قول العتباني فيدعو للتأسى نسبة لما به من تقليم الحقيقة وتقزيمها ثُمَّ بترها إلى جزئين غير متساويين خاصة عندما يكون الخداع فيه أكبر من الحق والحقيقة. فالحديث الذي صاغه العتباني حقيقته جزئية والتي توحي بإستضافة نصارى أثيوبيا (في عهد النجاشي) لمجموعة محددة من أوائل المسلمين عندما أمرهم الرسول (ص) بالهجرة خوفاً عليهم من بطش وشر قريش الذين كذَّبوا الدعوة، وليس نشراً أو بمعنى إستضافتهم للإسلام كما يصفها العتباني. ولو إفترضنا جدلاً أن الإستضافة هي للإسلام فهذا يعزز موقف نصارى أثيوبيا المتمثل في تسامحهم الأفريقي/الأفريقاني الأصيل بقبولهم للأغيار حتى لو إختلفوا معهم دينيَّاً وعرقيَّاً او ثقافيَّاً.  وهذا بالطبع عكس ما كان سيكون عليه مصير النصارى وأصحاب الديانات والمعتقدات المحليَّة النبيلة الأخرى إن هم طلبوا الحماية "الجسدية" من مسلمي اليوم ضد بطش أيِّ كائنٍ من كان. لماذا نذهب بعيداً والسُّودان هو الأمثل للتدليل على عمق كراهية وعداء بعض مسلمي السُّودان، ليس فقط على أهل الكتاب، بل على المسلمين مثلهم لأنهم يخالفونهم الرأي؟ فلقد قتلت وسجنت وكما أخرجت حكومة الإنقاذ الإسلاميَّة التي يتباهى بها العتباني الملايين من السُّودانيين (مسلمين وكتابيين وغيرهم) من ديارهم بغير حق فإستضافتهم كل دول العالم "النصارانيَّة" و"اليهوديَّة" والتي يرى مسلمو الإنقاذ أنها مصدر مشاكل السُّودان. لماذا بالله يا العتباني أن تكون الإستضافة دائماً من النصارى واليهود؟ أذهب إلى مدينة نيويورك الأمريكيَّة وتعال أخبارنا عن حال المسلمين والعرب فيها فربما ستجد أن عدداً غير قليل منهم يعملون في المحلات أو الشركات اليهوديَّة، وبعد هذا كله يتبجح العتباني بالسيئ من القول! هل فكَّر العتباني لماذا إستأثر اللاجئون من دار فور – وهم أهل إسلام لا يشق لهم غبار – الذهاب بشق الأنفس اللجوء إلى إسرائيل في الوقت الذي يخرج منها الآلاف من المواطنيين الفلسطينين لما أقترف في حقهم؟! يعني الناس في بلدانها تعاني لدرجة الهروب!  ما يتأسى له الفؤاد ويُحزن له أن عدد غير قليل، ايضاً، من قادة المسلمين المتزمتين يسكنون اليوم او يرسلون اسرهم ليعيشوا وليستمتعوا بما تقدمه لهم الدول التي يصفونها "ببلاد الكفر" وعبدة الحيوانات. فكثير من أهل الإنقاذ يرسلون أبناءهم مثلاً إلى الصين وقد وصفوها يوماً بأرض الإلحاد والشيوعيَّة أما اليوم فقد أصبحت قبلتهم التي لا تضاهيها قبلة؛ وهم أيضاً يوفدون أنفسهم وأهليهم إلى بريطانيا، أمريكا والهند ليتعلموا من علومها، وأكثرهم يتلقون فيها أحسن اسباب وفرص الحياة الكريمة من صحة وحرية كاملة في كل شيئ. على العتباني ذكر محاسن النَّاس وأعطياتهم على المظلومين بدلاً من التطاول بالباطل والتقصير في إعطاء كل ذي حقٍ حقه بالعدل والإحسان.

 

نيجيريا والمزاج الإسلامي

يقول علي إسماعيل: "والآن ماذا عن أهل افريقيا وهم زنج مثل أهل الجَّنوب.. ماذا عن أهل نيجيريا والسنغال ومالي هل تعارضت القيم الإسلاميَّة هناك مع القيم الأفريقيَّة.. هل الرئيس النيجيري الآن يقبل أن يقال إن في السياسة النيجيرية مزاج إسلامي.."؟

نقول له: لماذا الخروج دائماً عن الموضوع ومحاولة ربك وخلط الأوراق؟ أهل الجنوب أفارقة، وكذلك أهل نيجيريا، السنغال ومالي، ماذا تريد بعد؟ لماذا محاولة التمييز والتفريق وتمثيل أهل الجنوب بأهل افريقيا وهم أصلاً أفارقة؟ لقد فسرت الماء بعد جهدٍ بالماء! نعم القيم الإسلاميَّة "تعارضت" مع القيم الأفريقيَّة وإلا إن شيئاً ما أصاب ما تنادي به القيم الإسلاميَّة أو ما تسميه أنت في مفهومك الخاص، وبالتالي فأنت تظن أن أتى على هذه التعاليم حينٌ من الدهر لتتوافق مع القيم الأفريقيَّة (لقد أوضحنا هذا الجانب وعالجناه سابقاً). على أية حال لو إفترضنا إن القيم الإسلاميَّة لم تتعارض مع القيم الأفريقيَّة في هذه الدول فإن هذا يعني أن تلك الدول وحكوماتها وضعت القيود الكفيلة بعدم المساس بالممارسة الدينيَّة للفرد (حرية التدين وممارسة الشعائر) وكذلك أقرَّت تلك الدول – بالقانون الوضعي - عدم تدخل الدين في ممارسة ما إتفقت عليه عادات وتقاليد وقيم أهل تلك البلدان. أو بمعنى آخر أن هذه الدول إرتضت بفصل الدين عن السياسة، وفصلت أمور الدنيا الحسيَّة عن الشؤن الغيبية الأخروية. وإنه لو حاولت هذه الدول تديين السياسة أو تسييس الدين سنرى التصادم العنيف بين القيم الإسلاميَّة والقيم الأفريقيَّة/الأفريقانيَّة. كادت قضية البيافرا (1967 – 1970م) في نيجيريا، مثلاً، أن تُقسِّم ذاك البلد إلى شطرين عندما أعلن الجنرال أوداميقوو أوجوكوو إستقلال البيافرا (المنطقة الجَّنوبيَّة الشرقيَّة) التي تقطنها قبيلته الإيبو (إيقبو) وهي منطقة غنية بمواردها الطبيعيَّة بما فيها البترول، أحد أسباب المشكلة، كما هو الحال في السُّودان. السبب الثاني أنه إختمرت في نيجيريا – مثل ما هو الوضع في السُّودان - قضية دينيَّة بين غالبية المسلمين في الشَّمال والمسيحيين في منطقة قبيلة الإيبو هذه. فهكذا كان التفاعل غير الحميد العواقب بين الدين واللهث وراء والطمع في الموارد، فما كان للرئيس يعقوب قاوون المسلم إلا أن يرد بعنف راح ضحيته مئات الآلاف من الأموات والملايين من اللاجئين. في تلك المطاحنة أوشك البيافراويون أن يلحقوا فوزاً على الحكومة لو لا تدخل بريطانيا (طمعاً في البترول وليس بسبب رسالة الكنيسة) وإستعانة نيجيريا بطائرات حربيَّة مصريَّة من طراس الميج، وكذلك مد السُّودان يد العون للحكومة المركزيَّة في حربها ضد البيافراويين. (23) فمصر والسُّودان ليست هناك علاقة مشتركة تربطهما بنيجيريا غير الدين الإسلامي وإن كانت علاقة نيجيريا بالسُّودان أقوي بكثير ومنذ زمن باكر عن تلك التي تربطها بمصر. أحد أسباب قوة هذه العلاقة السُّودانيَّة/النيجيريَّة هو وجود أعداد كبيرة وبكثافة عالية من السُّودانيين ذوي الأصول النيجيريَّة بل منحدرين مباشرة من نيجيريا. هذه الشريحة يشهد لها كل السُّودان بالدور الطليعي الإيجابي في بنائه وتقدمه أكثر من بعض السُّودانيين الذين ينادون أنفسهم "أولاد البلد"! إذن، للذين لا يعرفون، إن إهتمام نيجيريا بالتوسط في حل القضايا السُّودانيَّة (مشكلة الجَّنوب وحاليَّاً قضية دار فور) له علاقة بالإسلام والعنصر البشري في السُّودان إضافة لتجربتها في التعامل مع قضية إنفصال بيافرا ومقدرتها على المحافظة على وحدة نيجيريا بعيداً عن الأمزجة الدينيَّة المحمومة. ثُمَّ ما يدريك يا عتباني أن الرئيس النيجيري لن يقبل أن يقال إن في السياسة النيجيرية مزاج إسلامي..؟ أو من قال أنه لن يستأثر يوماً ما بهذا اللَّقب؟ هذا الخيار متوفر حسب "قناعاته الشخصيَّة". وهل أتاك، مثلاً، نبأ جعفر محمد نميري وحديثه مع الأخوان المسلمين في السُّودان عندما جاء النميري إلى حكم السُّودان وكانت توجهاته وقناعاته إشتراكيَّة شيوعيَّة ثم تغيرت تلك القناعات فأصبح بين ليلةً وضحاها إماماً للمسلمين؟ وما لبث أن أوعز له أخوانه بتطبيق الشريعة الإسلاميَّة على عموم أهل السُّودان دون مراعاة للقيم الافريقيَّة المحليَّة ولا الأديان التي يدين بها الأفارقة، وبذلك إنقلب المزاج من شيوعي إشتراكي إلى مزاج إسلامي خصماً على الموروث السُّوداني وربما على الدولة السُّودانيَّة نفسها فيما يبدو. في الحقيقة أدى إدخال الدين كممثل الشأن الأخروي في الأمور الدنيويَّة إلى الصدام والتصادم بين التيارين فأوجس النميري من أخوته خيفة بأن المُلك سينتزع منه، فتنكَّر عليهم الإمامة التي كتبها أو كتبها له أخوانه المسلمون عنها في كتابين عنوانهما "النهج الإسلامي لماذا؟" و"النهج الإسلامي كيف؟" مهما كان التعليل والكيفية فقد نُزع منه الملك بالفعل في ثورة شعبيَّة عارمة في السادس من أبريل من العام 1985م! ووالله ما زال السُّودان بلد العجائب، فبالامس القريب تراجع الدكتورالترابي عن مشروعه الإسلامي الحضاري مكتفيَّاً بالقول إن التجربة الإسلاميَّة في السُّودان فشلت وإنهم - كأخوان مسلمين - لنادمين على قلب النظام الديمقراطي القائم آنذاك. (24) هذا هو تقلُّب القلوب والوجوه لدى القادة الأفارقة عندما تضيق بهم الأمور يرجعون إلى الروحانيات فلا نستبعد أن يلجأ أيٌّ من قادة الدول التي ذكرها العتباني حاضراً أو مستقبلاً للدين بحثاً عن القوة الإلهيَّة عندما تصبح حركتهم إلى الأمام مستحيلة.

 

هل الأسلام دين غالبية الافارقة؟

يعتزم العتباني إصراراً وكاتبةً في صيغة إستفهام غريبة علينا: "أوليس الإسلام هو دين غالبية الافارقة من جنوب افريقيا إلى اثيوبيا إلى وسط القارة وغربها.."؟ مصدر الإستغراب هو أن الذي يبحث ويستوثق الحقائق يقف حائراً مهموماً بمثل هذه التصريحات الأقرب إلى "الإسقاطات" منها إلى الحقائق خاصة عندما تكون غير مسنودة بأية قرينة. فنحن نسأل إذن: ما هو الدليل الإحصائي الذي بنى عليها العتباني هذه المقولة الكذوبة والمضللة؟ يكفينا الجزم إن هذا لهو ميلٌ شديدُ الإنحدار للكتابة الخؤونة وبلا وازع وبدون تحري الحقائق كما أوضحنا سابقاً. كان على العتباني أن يبحث قليلاً خاصة عندما يتعلق الأمر بالأرقام أو المقارنة العددية أي الكميَّة. إن هو فعل ذلك ما كنا سطرنا خطاً واحداً وما كنا سنلومه إن أنشأ كلاماً إنشائياً بشرط أن يكون معقولاً وصحيحاً. على أية حال ما قاله على أن "الإسلام دين غالبية الافارقة من جنوب افريقيا إلى اثيوبيا إلى وسط القارة وغربها غير صحيح وغير سليم؛ فبحسب الإحصائيات المتوفرة لدينا من مصادر إسلاميَّة وغربيَّة (إستوثقنا من المصدرين حتى لا تكون هناك حجة بإنحيازنا لمصدرٍ على آخرٍ) إن نسبة المسلمين في أفريقيا كلها تبلغ 45.3 % من سكانها البالغ 680,000,000 مليون نسمة؛ وحسب نفس هذه المصادر فإن هذه النسبة تنقسم كالآتي: 30% في شمال أفريقيا ("السُّودان"، مصر، المغرب العربي، نيجيريا، مالي وتشاد) و15.3% في بقية بلدان أفريقيا الأخرى. أما غالبية سكان القارة (54.7%) غير مسلمين وتمركزهم في جنوب وجنوب غرب وبعض دول غرب أفريقيا. (25) على ضوء هذه الأرقام يصعب بل من العسير القول بأن الإسلام هو دين غالبية الأفارقة على الرغم من أن هذه المصادر توضح أن عدد المسلمين في زيادة وبنسبة أعلى من أية ديانة أخرى ومن المتوقع أن يتفوق عدد المسلمين في العقدين القادمين عالميًّاً أية ديانة إلا أن هناك خوفٌ في أوساط المسلمين أن هذا النمو يتعرض لظاهرة تدني خطيرة خاصة مع ظاهرة الخوف من الإسلام (الإسلامفوبيا) والتي عُقِد مؤتمراً إسلاميَّاً لمناقشتها لمدة يومين في إسطنبول بتركيا في الأسبوع الأول من ديسمبر من العم 2007م.(26) 

 

السُّودان والإحتفالات ... بمناسبة وبغير مناسبة

يبتهج العتباني بوهم إحتفال السُّودان بمناسبة دخول – لم يستعمل كلمة "حلول" أو "حلَّ" هذه المرة - الإسلام لأفريقيا بالقول: ألم يحتفل السُّودان قبل اقل من عام بمرور اربعة عشر قرناً لدخول الإسلام  افريقيا.."؟ إن إحتفال السُّودان بدخول الإسلام لأفريقيا ليس بذات أهمية، لأنه لو كان دخول الإسلام إلى أفريقيا أمراً مقدساً ومهماً تقام له الحوليِّات والإحتفالات لأقامته دول كثيرة في مقدمتها أثيوبيا لأن  نصاراها "إستضافوا الإسلام" - كما يزعم العتباني - قبل دخوله أية منطقة على الأرض وكذلك لكان الطبق المُعلى لذاك الإحتفاء من نصيب مصر أو "قاهرة المعز" التي تمثل الباب الأمامي الكبير الذي دخل منه الإسلام الى السُّودان لأن مصر هي التي دخلها الإسلام عنوة وهي التي تحتضن منارة الإسلام وصرحه: الأزهر. خوفنا أن يأتي أو أن "يخترع" العتباني تأريخاً من عنده يحدد فيه إحتفال "دخول العرب السُّودان" على نهج ما علموا به الأيفاع في المدارس: "تأريخ دخول العرب السُّودان" والذي حوروه الآن إلى "تأريخ دخول الناس السُّودان". يقولون هذا وكأنما السُّودان كان أرضاً خالية أو أن ما كان به وقتذاك من الإنس ليسوا أناساً بل جنأً كافراً: ولكن خيَّب الله ظنه لأن من الجن مؤمنين مسلمين إستمعوا قرآناً عجباً فيه هدىً لهم فآمنوا به فمنهم الصالحون ومنهم دون ذلك!

أيَّاً كان ما يعنيه العتباني بالإحتفاء فذلك الإبتهاج سقم وعلة والإحتفال قلة شُغل لأن هناك أمور دينيَّة إسلاميَّة أهم وأكبر يجب القيام بها. فحكومة السُّودان وفروعها دائماً في بحث عما يشد الإنتباه إليها من المحيطين العربي والإسلامي ليُقال إنها عربيَّة و"إسلاميَّة"، وذاك واحدٌ من تلك المناسبات الدينيَّة. لا غرابة فلقد إحتفل السُّودان العام الماضي بالخرطوم كعاصمةً للثقافة العربيَّة، (27) وكما ليس هناك أعجب بل أمرَّ وأكثر إهانة من أن يحجب ويحرم عمر البشير نفسه من حضور مباراة القمة السُّودانيَّة في الصيف من العام الماضي بحجة أنه لحزين ولا يطيق مشاهدة مباراة القمة السُّودانيَّة وأخوة عرب له في لبنان يموتون على يد الكيان الإسرائيلي. (28) أيها النَّاس، تلك هي لبنان وأولئك هم اللبنانيون الذين عارضوا بشدة "عضوية" أو إنضمام السُّودان لجامعة الدول العربيَّة لأن السُّودانيين – في إعتقادهم الحق- مشكوك في عروبتهم. (29) وها هم اللبنانيون لفي شقاق متين بينهم على إنتخاب رئيس لهم والسُّودان متفرجاً ساكناً عن مساعدة البلد "الشقيق". إننا لنتأسي حقاً بفقد أية نفس عربيَّة كانت أو غير ذلك أو إسلامية أو غيرها ولكن أن يتستر أي رئيس خلف السراب مغرضاً السياسة لشيئ عجيب. مصدر الإهانة فيما ذكرنا والأمرَّ من ذلك أن في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس حداده الأحادي على اللبنانيين، كانت – وما زالت - تصدر الأوامر من أجهزة النظام العليا بقتل شعب دار فور والتحرش في حق الجَّنوبيين، النُّوبة، أهالي الأنقاسنا، شرق السُّودان، بل والسُّودان كله بدون رأفة.

 

المسيحيَّة الغربيَّة في أفريقيا حديثة العهد...فريَّة عتبانيَّة

يقول العتباني في كتابه التعبان مقارناً بين مدة "دخول" الإسلام والمسيحيَّة إلى أفريقيا: "بينما لم تستكمل المسيحية (الغربية) قرنها الأول في السُّودان وافريقيا..." أولاً هذا تضليلٌ عريانٌ عقيمٌ، وإلا ما هو المقصود من مفردة المسيحيَّة "الغربيَّة"؟ هذه المترادفة تذكرنا بمفردات إستخدمها الدكتور حسن مكي محمد أحمد في مقالٍ نتنٍ له في ربيع العام الماضي. وإنا لنعلم بمقصد العتباني حيث يبحث عن مخارج بعد تسميم الأجواء بأن يقول إن العالم المسيحي منقسم إلى غربي وشرقي. فالحقيقة أن المسيحيَّة رسالة واحدة تدعو الى الرشد ولكن بعامل الزمن وتدخل الإنسان بتفسيراته إنقسم المسيحيُّون إلى أقسامٍ عدة (الكنيسة الكاثوليكيَّة، البروتستانتيًّة، الأرثودكسيَّة إلخ..وما تبع هذا الأقسام من فروعٍ كثيرة) كما هو الحال في الإسلام واليهوديَّة. وعلى الرغم من أن الإسلام خاتم الرسالات وأتمها لكن إنقسم المسلمون إلى شيعة وسنة، المذاهب الأربعة، الصوفيَّة وطرقها الكثيرة إلخ.. فاذا ما وإستوثقنا بوحدانيَّة المسيحيَّة نجد أنها "حلَّت" بأفريقيا على نحو أكثر من سبعة أو ثمانية قرون قبل ظهور الإسلام. جاء في أسفار الأصحاح الثامن أن أحد وزراء خزائن الكنداكة (ملكة الحبشة أي السُّودان)، (30) وهو أول سُّوداني يهودي، قد زار أورشليم (القدس) بغرض الحج ولكنه عاد إلى مروي (السُّودان) بعد أن إعتنق المسيحيَّة في العام 35م أو 36م وبذا كان أول مسيحي سُّوداني! (31) أما إذا سلمنا بإصرار العتباني على حداثة المسيحيَّة الغربيَّة كدلالة على طول أمد "حلول" المسيحيَّة "البريطانيَّة أو الأمريكيَّة" في أفريقيا والسُّودان وأنها لم تستكمل 100 عام فهذه فريَّة وكذب بوَّاح أيضاً ونشهد على كلامنا بما كتبه أخٌ للعتباني في الفكر والتفكير ألا وهو الدكتور عبد الوهاب الأفندي في جريدة سودانايل الإلكترونية على خلفية قضيَّة المعلمة البريطانيَّة التي سمحت لتلاميذها القُصُّر بتسمية دُمية دبٍ لهم ﺒ "محمَّد"؛ تلك القضيَّة التي قامت لها القيامة ولم تقعد، حيث كتب الأفندي قائلاً: لقد أُنشئت مدرسة الإتحاد التي كانت تعمل بها السيدة غيبونز – وهي من أقدم المدارس المسيحيَّة في السُّودان - بشراكة بين الجالية القبطيَّة والكنيسة الإنجيليَّة في الخرطوم لتعليم المسيحيين وذلك في العام 1902م إلا أن النُخبة السُّودانيَّة أصبحت تحرص منذ عقود علي إدخال أبنائها إلي هذه المدرسة، والمدارس الخاصة الأخري، مثل مدرسة الكمبوني الكاثوليكيَّة. إنتهى (32) وإنه قبل هذا التأريخ قد أسس الأسقف دانيال كمبوني إرساليَّة الأبيض في العام 1872م، وإرساليتين بجِّبال النُّوبة في كلٍ من الدلنج ومالبيس عامي 1874م و1876م؛ على التوالي. (33) إذن، المسيحيَّة "البريطانيَّة أو الأمريكيَّة" إستكملت 135 سنة بالتمام والكمال في سُّودان العتباني، وإلا فإن العتباني يرى أن سُّودانه بدأ في الوجود نهار الجمعة الموافق الثلاثين من يونيو عام 1989م. وقد سمعنا قولاً مفداه أن رئيس السُّودان أصدر مرسوماً رئاسيَّاً يقضي بجعل يوم السبت عطلة رسميَّة بالنسبة للعاملين بالدولة بالإضافة ليوم الجمعة لتصبح إجازة نهاية الأسبوع يومين على الطريقة "المسيحيَّة الغربيَّة". ويا للعجب، يُقال أن يوم السبت هو عطلة ويوم صلاة لليهود، فهل يدري العتباني بهذه الحقائق أم أنه جاهل بها؟ً على أية حال، يجد المرء بالفحص الموضوعي أن الحقيقتين التأريخيتين المذكورتين تخالفان وتدحضان زعم العتباني وتلاعبه بالكلمات أن المسيحيَّة "الغربيَّة" لم تكمل قرناً في القارة السوداء أو السُّودان وكما تسأل هتان الحقيقتان: بأي آلاء ربك تكذب على النَّاس يا عتباني؟

 

الديانات شرق أوسطية...ماذا يعني ذلك؟

يقول العتباني: "وعلى أيّ حال فإن الاسلام والمسيحية واليهودية كلها ديانات نزلت في الشرق الأوسط وكلها ديانات شرق أوسطية  بين مكة والقدس الشريف.. ولم تنزل  في واشنطن أو نيويورك أو لندن أو روما أو باريس.."؟ عجيب وغريب هذا العتباني وكتابه هذا! هل فكَّر العتباني مليَّاً قبل كتابة هذه الجملة؟ أم ظن أنه يُترك سدىً وأنه لن يقدر عليه أحد؟ وهل قدَّر ثم فكَّر وأعاد التفكير والتقدير وسأل نفسه مرة واحدة لماذا نزلت هذه الديانات في الشرق الأوسط؟ وهل إمتحن نفسه لماذا هو خصَّها ﺒ "ديانات شرق أوسطية" تحديداً بين مكة "المكرمة" والقدس الشريف؟ أيِّم الله لم يكلِّف العتباني عقله عناء التفكير او قد حاول محاولة بؤوسة للإستخفاف بعقول القراء. ففي أسباب نزول الديانات في الشرق الأوسط نقول - وقد قال وأسهب غيرنا من قبلُ في مقالاتٍ سابقة - أن أهل هذه المنطقة كانوا قوماً كفر ومشركين فاسدين فأنزل الله لهم الديانات لإصلاحهم ودعوتهم إلى عبادة الله الواحد ناهيَّاً إياهم عن المنكر والكفر والشرك بالله وفعل السيآت من الأعمال وظلم الناس وقتل الأنفس التي حرِّم الله دون وجه الحق أو ذنب: قال تعالى ﴿وإذا المؤودة سُئلت بأي ذنبٍ قُتلت﴾.  فأهل افريقيا قاموا على ما فطرهم الله عليه ولم يعبدوا أصناماً من صنع أيديهم كصواع ويغوث وغيرهما. وإنا لنتلو عليكم ما أنزل الله في أهل الشرق الأوسط، خاصة العرب. قال تعالي في الكتاب الكريم ﴿ وهذا كتابٌ مُصدقٌ لساناً عربيّاً لينذر الذين ظلموا﴾ (الاحقاف 46/12) وقوله ﴿ فإنما يسرناه بلسانك لتبشِّر به المتقين وتنذر به قوماً لِدا﴾ (مريم 19/97). أما أهل أفريقيا فلم يخُصَّهم الله برسولٍ قبل إبتعاث رسول الرحمة محمد (ص) للناس كافة. لا نبالغ ولا غلو فيما نذهب إليه إنْ قلنا إنَّ الأفارقة أو أي قوم لم يأتهم رسولٌ أو نبىٌّ، هم بلا شك، في تواصل مع ربهم ولم يدخل عليهم الإضطراب والتطرف إلا بعد دخول الأديان عليهم بعنف مبشريها. ففي الكتب السماويَّة التي نزلت في الشرق الاوسط قصصاً تسود منها الوجوه وتقشعر منها الجلود وتخشى منها القلوب من ما ذاقه الأنبياء والرسُل من ويل أُقترف ضدهم من قبل أهلهم في الشرق الأوسط حيث كانوا يذيقونهم سوء العذاب ويقتلونهم ويستحيون نساءهم. فهل أتاك أو سمعت "يا أيها" العتباني بقصة قوم لوط وما ذهبوا إليه من أقصى درجات الفحش إذ أنهم حاولوا ممارسة وإتيان الفاحشة مع  ضيوف نبي الله إبراهيم عليه السلام؟ وهل تعلم أن إبراهيم هاجر إلى إفريقيا، وإن أخوة يوسف عليه السلام سولت لهم أنفسهم بقتله فرموه في البئر إلى أن جاءت قافلة سيَّارة وإبتاعته في مصر الافريقيَّة ليمكنه الله فيها فيما بعد؟ وهل "تعلمت" أن موسى عليه السلام ولد بمصرَ ولما قوي عوده فيها هاجر إلى ديار بنى إسرائيل لكيما يهدى أهله الذين تفرَّقت بهم السُُّبل أسباطاً بعد قصة "العجل" المسحور الذي كان يخرج منه خوارٌ كاذبٌ؟ وهل تذكر أخيراً، أن الرسول (ص) امر بعضاً من المسلمين المؤمنين به بالهجرة لأفريقيا (اثيوبيا)؟ نعتقد يقيناً أن ما ذكر عالية هي أهم الأسباب التي أدت لنزول الديانات في الشرق الاوسط الذي ما زال بؤرة أو مصدر الصراعات الدينيَّة والعرقيَّة!

 

مهما يكن من الأمر، لا ريب في نزاهة تلك الأديان لكونها كلام الله وشرائعه، ولكن أن يأتي العتباني بهذا الفكر العنصري الديني البغيض لهو التدخل السافر في أمر حكمة الله وإختياره "أماكن" تنزيل رسلاته. وأما التخصيص ﺒ "وكلها ديانات شرق أوسطية  بين مكة والقدس الشريف.." فقولنا فيه أنه جاء إمعاناً وتثبيتاً لعنصرية تفكير العتباني بأن هذه الديانات خاصة فقط بالعنصر البشري في هذه المنطقة، وهذا الطرح في حد ذاته مجافي تماماً لعموميَّة الإسلام الذي جاء للناس كآفة مع تسلمنا بخصوصيَّة بعض الديانات الأخرى لأقوامٍ بعينها. عنصريَّة التفكير هذه تضع العتباني في خانة أعداء الدين والرسل ويظن أنه يحسن عملاً. فعدم نزول هذه الديانات في كلٍ من واشنطن أو نيويورك أو لندن أو روما أو باريس ليس بذي مغزى أو فائدة وإلا لماذا لم يقل العتباني أنها لم تنزل في بكين او طوكيو أو موسكو مثلاً؟ إن كتابات الإستهبال والخم كما نعتها الكاتب طالب تيه (34) لا تجدي يا أيها النَّاس لأن عمرها الإفتراضي قد إنتهي من غير رجعة والأفضل للعتباني والذين على شاكلته مراجعة مواقفهم خاصة مع عصر العولمة الذي ملَّك ويملِّك الحقائق للناس بسهولة وسرعة فائقة.

 

هل كل الانبياء ساميين؟!

يزيد العتباني من عنصريته لحد إحقام الأنبياء في صراعه النفسي بقوله: "كما ان الانبياء كلهم من الساميين وليسوا (خواجات).. وذلك يعني ان العقل (وسطي) وليس عرقياً.. وليس فيه الاستعلاء الأوروبي والأمريكي.."ما هذه الركاكة والهراء؟ لماذا لم يقل العتباني "كما إن كل الأنبياء ساميين" ويكون قد أرحنا من مشقة محاولة فهم كلامه الركيك"؟ على أية حال لا تجدي فصاحة قوله لغوياً ونحوياً ما دام نكهة العنصرية الفكريَّة والدينيَّة مختومة كالمسك في العبارة. وثُمَّ ما أهمية وفائدة أن كل الانبياء ساميين؟ وما هو فضلهم على الحاميين وغيرهم من الأقوام؟ ألم تكن الأَدِمة وهي السواد صفة من صفات بشرة آدم أبو البشر عليه السلام؟ هل أبناء آدم الساميين أفضل منه؟ وهل كان آدم ليفرق  بين أبنائه؟ أما كان الله بقادرٍ أن يجعل جميع الأنبياء حاميين أو سود، أو بيض أو صفر أو حمر؟ أو ما له القدرة أن يجعل بيت الرسالات في افريقيا، أوروبا، آسيا (ناقصاً الشرق الأوسط)، أستراليا أو نيوزيلاندا؟  كيف تحكم يا العتباني؟ وفوق كل هذا أولم يقل رسول الله (ص) في الحديث:لا فضلٌ لعربيٍ على أعجميٍ، ولا لأبيضٍ على أسودٍ ولا أحمرٍ على أصفرٍ إلا بالتقوى؟ والله "أتعبتنا" حقاً يا عتباني. ووالله لقد قلَّبنا القرآن والتوارة والإنجيل وأسفاره وأقوال الأنبياء وأولي العِلِم فلم نعثر على جنس إسمه "خواجات". لا إستغراب من إنفصام العقل (وسطي) العتباني من تقدم العقل الأوروبي والأمريكي في كل المجالات فأصبح يصفه بالإستعلاء، وكما لا تثريب على ما يسطر العتباني فقد قيل ويُقال في المثل السُّوداني: اللي ما بتحصلو جدعو!

 

العقل الوسطي والمزاج الوسطي

يصف العتباني مصدر مزاج العقل الوسطي بوسطية العالم الإسلامي بالقول: "وهذا العقل (الوسطي) يستمد مزاجه من وسطية العالم الإسلامي.. ووسطية تاريخه.. لأنه وسط العالم والأمم." لا ندري ماذا يقصد العتباني من هذه التعابير المتقطة والجُمل غير المفيدة. فقد عرفنا أن "أمة المسلمين أمةً وسطا" بما في الاسلام من التوسط في المعاملات والعبادات وغيرها من الأحكام، ولكنا لم نسمع قط وصفاً جغرافيَّاً يستحسن موقع "العالم الإسلامي" لأنه وسط العالم والأمم". وإذا كان الأمر كذلك أو كما أراده العتباني أن يكون، فلننتبه أن مشكلة العقل (الوسطي) هي أنه يستمد مزاجه من "وسط العالم" بدلاً من أن يستمده من كل العالم! فلنضرب مثلاً بالويات المتحدة - أكثر الدول تقدماً- تقع، إذا جاز لنا أن نقول، في الطرف الغربي من العالم ولكنها إحتضنت كل البشر من العالم وبالتالي جمعت كل العقول العالميَّة بما فيها "العقل الوسطي". إن هذا العتباني متربع في أفريقيا وعيونه ولسانه في الشرق الأوسط، حمانا الله من هذه الغوغائية فعقليته ما زالت "تركية ألبانية" وليست سُّودانيَّة (والله اعلم)!

والسَّلام.

 

(1) ملحق الجزء الثاني موضوع التعليق كما ورد في الموضوع الأصلي.

 

أليس ثلث سكان كينيا وساحلها وشمالها الشرقي من المسلمين...؟

وهل هناك اصلاً عداء بين الافريقانية والإسلام..خصوصاً وأن الاسلام قد حلّ في افريقيا قبل اربعة عشر قرناً..؟

وأهل افريقيا سواء أكانوا زنوجاً أو عرباً ليس بينهم وبين الاسلام سوى المحبة.. "فنصارى اثيوبيا هم الذين استضافوا الإسلام..

والآن ماذا عن أهل افريقيا وهم زنج مثل أهل الجَّنوب.. ماذا عن أهل نيجيريا والسنغال ومالي هل تعارضت القيم الإسلاميَّة هناك مع القيم الأفريقيَّة.. هل الرئيس النيجيري الآن يقبل أن يقال إن في السياسة النيجيرية مزاج إسلامي..؟ أوليس الإسلام هو دين غالبية الافارقة من جنوب افريقيا إلى اثيوبيا إلى وسط القارة وغربها..؟ ألم يحتفل السُّودان قبل اقل من عام بمرور اربعة عشر قرناً لدخول الإسلام  افريقيا..؟  بينما لم تستكمل المسيحية (الغربية) قرنها الأول في السُّودان وافريقيا. وعلى أيّ حال فإن الاسلام والمسيحية واليهودية كلها ديانات نزلت في الشرق الأوسط وكلها ديانات شرق أوسطية  بين مكة والقدس الشريف.. ولم تنزل  في واشنطن أو نيويورك أو لندن أو روما أو باريس..؟ كما ان الانبياء كلهم من الساميين وليسوا (خواجات).. وذلك يعني ان العقل (وسطي) وليس عرقياً.. وليس فيه الاستعلاء الأوروبي والأمريكي...وهذا العقل (الوسطي) يستمد مزاجه من وسطية العالم الإسلامي.. ووسطية تاريخه.. لأنه وسط العالم والأمم.

 

-------------------------------------------------------

(2) ملحق بالجزء الثاني من المقال والذي لم نعلق علىه بل أكتفينا بوضع الخطوط تحت ما يجب على القارئ التفكير فيه، وكما أبدينا ملاحظاتنا بالاحمر حتى لا يفوت على الناس الحقائق البديهة.

 

هجمة سلفاكير

 

ولذلك نقول إن (هجمة) النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجَّنوب على الثقافة الإسلاميَّة تظل هجمة على الشعب الذي يحكمه.. وهي (هجمة) على المسلمين الجَّنوبيين.. و(هجمة) على المسلمين الشماليين.. وهجمة على العقل الجَّنوبي المسلم.. وهجمة على العقل الشمالي المسلم.. لأنه يظل نائباً أول للرئيس لكل أهل السُّودان.. وربما يطمح أن يكون رئيساً لكل أهل السُّودان.

وعلى أية حال نقول لك إنك تسير وفق حسابات خاطئة.. ذلك أنه اصبح واضحاً أن بعض النخب التي تلتف حولك - وأنت رجل استخبارات يفترض ان تعلم ما يصلك منها بعد ليالي سمرها.. ويكفي ما قاله (دييد ديشان) وأنت تعلم من هو البروفيسور دييد ديشان الذي كان نائباً لرياك مشار في حركة استقلال جنوب السُّودان.. ودييد ديشان في حديثه الأخير وتعليقه على مجريات الأحوال في الجَّنوب، وفي اجابته عن لماذا لم ينخرط في الحركة السياسية الجَّنوبيَّة.. قال إن (الخمر) أصبح سيد الموقف في الجَّنوب.. وأنت يا سيادة النائب الأول تصرح في أمريكا ان اتفاقية السلام تترنح كالرجل الثمل.. وأنت تعلم أنه في (الوسط) ليس هناك سكر وترنح بأمر القانون.. وأن الليالي الحمراء ربما تمثل بعض الشلة التي تحيط بك، وتريد ان (تحيط) بك.. وها هي بعض رموز (الشلة) تقوم تضريباتهم وحساباتهم الخاطئة على أنهم يمكن ان يؤذوا الشمال ويمكن ان يركعوا الشمال.. ويمكن ان يعيدوا حكم (الديناصورات) إلى الشمال (من هم الديناصورات يا أهل الشمال، خلوا بالكم من العتباني هذا؟) أو إلى سدة الدولة المركزية. وها هم يصرحون  أنهم قد انتهوا من عمل دراسات لمد خطوط أنابيب إلى ممباسا في كينيا والى دوالا في الكمرون لنقل بترول الجَّنوب، ورسموا سيناريوهات الانفصال.. ونقول لك يا سيادة النائب الأول لرئيس الجمهورية ان هذا سيظل (كلاماً على الورق) ومزايدات خاوية تعكس حال بعض النخب التي من المفترض انها تدير عجلة الأمور السياسية في الجَّنوب.. وما أبعد الكلام على الورق عن الواقع المر.. واقع المعلومات الحقيقية والعلمية والشاملة.. فحتى لو افترضنا ان العالم كله اعترف بالجَّنوب وأن الانفصال قد وقع، فإن أي خط أنابيب جديد يوقع اتفاق بانشائه من جنوب السُّودان تجاه ممباسا أو دوالا لن يكتمل بناؤه إلا بعد (7 - 10) سنوات، خصوصاً وأنه سيكون  ضد (الطبوغرافيا) وضد طبيعة الاشياء)  وكلنا نعلم أن النيل يجري من منابعه إلى مصبه من الجَّنوب إلى الشمال.. وخط الأنابيب المقترح الذي صرح به السيد باقان أموم سيكون ضد خط تقسيم المياه وضد المرتفعات فهو يسير إلى أعلى.. وهذه تكلفة كبيرة وإلى آلاف الأميال.. ..(هل يعلم العتباني أن منابع نهري الفرات ودجلة بالعراق تقع في تركيا في الشمال ومصب النهرين في جنوب العراق ومع ذلك هناك خط أنابيب لنقل البترول من العراق إلى تركيا ضد الطبوغرافيا؟) وهذا يحتاج إذا كانت المسألة مع الأخوة الصينيين إلى سنوات خمس ، أما مع الشركات الغربية فليس أقل عن عشر سنوات.. فهل سيصبر أهل الجَّنوب عشر سنوات بينما جيش الحركة لم يستلم مرتباته في الأشهر الأربعة  الأخيرة. (أهل الجنوب صبروا على مصائب الدهر منذ أن خلقهم الله وإذا كان الأمر يتعلق بعشر سنوات أو عشرين سنة ومن بعدها تصلح الأمور فأهلاً وسهلاً بها لأن المستقبل للأجيال القادمة وليس لهذا الجيل أو ذاك القريب. رحل عن هذه الدنيا كثيرٌ من ثوار الجَّنوب دون يروا فيه الرفاهية التي كانوا يبغونها ولكن النضال مستمر حتى يتحقق ذلك، ليس للجَّنوبيين فقط بل لكل السُّودانيين.  وعن المرتبات، ألم يمكث عشرات الآلاف من المعلمين في الشمال دون صرف مرتباتهم. ألم تشهد مدينة كادقلي "الشمالية" - مجازاً - تظاهرات أدت لفقد أرواح بعض الطلاب وجرح الكثيرين؟ هل يريد العتباني إثارة حفيظة وحنق الجيش الشَّعبي الذي قدم التضحية بغالي عمره  في الأحراش أم ماذا؟ الجيش الشَّعبي وقيادته أكبر وأوعى من هذه المزايدات العتبانية).   

 

حرب جديدة

 

كما أن جنود الحركة قد سئموا الحرب ويريدون الاستقرار والأمن.. كما أن أي إنتهاك لإتفاقية السلام قد يولد حرباً جديدة في الجَّنوب.. سيقف فيها الكاثوليك ضد البروتستانت.. والبروتستانت ضد المسلمين والدينكا ضد النوير.. ويكفي الآن ما حدث في يامبيو وملكال.. والتوتر الحادث  بين الاستوائيين.. ثم ان تجربة مواجهة ولاية النيل الأبيض مع الرنك اثبتت خطأ حسابات الأمين العام للحركة باقان أموم و الذين يريدون التصعيد كافة .. لأن قفل المجرى النهري سيؤدي إلى تجويع الجَّنوب.. وفي الزمن السابق حينما كانت الحركة الشعبية تحاول قفل طريق النقل النهري، كانت الحكومة تنقل المؤن عن طريق القوافل وعن طريق القوات المسلحة وعن طريق الطائرات.. ولكن الآن كيف يمكن ان يعيش شعب الجَّنوب بدون تدفقات من واردات البترول....(شعب الجنوب لم يستفد من تدفقات البترول منذ 1999م ولكنه عايش وصابر ومرابط)... وفي دولة ستكون (معزولة) لأنها خرجت على القانون الدولي...(السُّودان معزول أو شبه معزول على الرغم من خروجه على القوانين الدولية – لا يسعنا المجال لذكرها، ويمكنا الإسهاب في الوقت المناسب وفي مناسبة أخرى).. فكيف ستستطيع ان تطعم «5» ملايين من البشر وأن تفتح المدارس.. ولا يغرنك ما يقال عن مساعدات غربية، فقد رأيت بنفسك المساعدات الغربية. فأين البلايين الأربعة التي وعدوا بها في أوسلو، والتي وعد بها المانحون، هل جاءوا بشئ.. والمانحون يريدون ان ينهبوا الجَّنوب مثل شركة «بلاك ووتر» التي طلبت «400» مليون دولار لتدريب جيش الحركة في الجَّنوب. (الأربعة بليون فعلاً كثيرة، نحن في إنتظار اﻟ 250 مليون دولار التي تبرعت بها جامعة الدول العربية أو العرب في إجتماعهم الأخير لمساعدة أهل دار فور.  فإذا أوفى العرب بذلك سيكون لنا رأي في الأربعة بلايين دولار الغربية لأن الإيفاء بتلك البلايين كان مشروط، ولكن حنشوف أخونا العرب حيعملوا لأخوانهم المسلمين في دار فور).

إذاً ، شعب الجَّنوب لا يستطيع ان يصمد مع الجوع ومع التطلعات.. وشعب الجَّنوب لا يمكن ان ينتظر الملح من «ممباسا» بينما كان يأتيه الملح والبضائع من الرنك و كوستي و نيالا وغيرها. (أهل الجنوب بالتأكيد سيصبروا إلى أن يأتيهم الملح من ممبسا. أما أن الملح والبضائع أتت لأهل الجنوب من نيالا إفتراء وكذب إلا إذا كان العتباني يعني مواطني جوبا، ملكال وواو فهذه المدن كانت تحت سيطرة حكومة الخرطوم وكانت مكتظة بالتجار الشماليين والجَّيش الشمالي لذلك كان الملح وكانت البضائع تأتيهم ولكن للأسف ليس من نيالا! بارك الله في خط شريان الحياة التي إختلقته أمريكا لمد بقية مناطق الجنوب، بما فيها التي تحت سيطرة الحكومة، بالمؤن.  أقرأ من فضلك كتاب منصور خالد بعنوان: السُّودان... أهوال الحرب وطموحات السلام..قصة بلدين لكيما تثقف نفسك عن وطنك)!!!!!!!!

 

إشعال الفتنة

 

ولذلك فإن الذين من حولك يا سيادة النائب الأول لرئيس الجمهورية يريدون إشعال (فتنة).. وبعض الذين من حولك ربما يكونون على علم بمن قتل قرنق، ولكنهم يريدون ان يصعدوا حرباً عنوانها من قتل قرنق.. في مواجهة يدخل فيها النسيج القبلي والتناقضات الكثيرة والكبيرة الموجودة في الجَّنوب.. ونخشى ان يصبح الجَّنوب مثل الكونغو أو دارفور.. ونخشى ان تتفتت الحركة الشعبية إلى أمراء حرب كل وراء راياته.. وربما بعضهم سيبيع راياته إلى الحكومة المركزية.. وبعضهم سيبيع راياته لمن يدفع أكثر.. ونخشى عليك يا سيادة النائب الأول أن تصدق فيك المقولة الشعبية (راح فيها)،  .. والآن بات كل العقلاء يعلمون ان الخطة «ب» اصبحت واضحة الملامح.. وحوارات السيد باقان أموم الأخيرة أبانت ملامحها أكثر.. ولكن على كل عقلاء الجَّنوب وشعب الجَّنوب معرفة الخطة التي وضعها الصهاينة (الصهاينة، الصهاينة، الصهاينة الصهاينة الصهاينة الصهاينة الصهاينة الصهاينة وووووووووووووووووووووواه الصهاينة الصهاينة الصهاينة الصهاينة الصهاينة الصهاينة الصهاينة.ألحقونا يا ناس، أنظروا إلى ملكنا العُريان....والله فترنا من تعليق الملابس القذرة على هذه الشماعة)  والتي تنبنى على محاولة السيطرة العسكرية على آبار النفط في الجَّنوب.

ومن المؤكد انها خطوة مؤذية (ألم تقل قبل هنيهة أن الحركة لن تؤذي الشمال؟ ما لك كيف لا تفكر؟) ، لأنها ستؤثر على عائدات البلاد وعلى علاقات السُّودان بالصين.. ولكن الضرر الأكبر سيعود على الجَّنوب لأنه سيصبح دون مورد وسيصبح محاصراً...(كلام فارغ ومفلس.. فلو لا موارد الجنوب لما كانت الصين، فإذا أصبح الجنوب دولة فستقول الصين مع السلامة يا الشمال....الدنيا مصالح....) ... وكما قلنا ستشتعل فيه الحروب الأهلية.. وصحيح أن الدولة المركزية ستتأثر، ولكن ليس كثيراً..

فالدولة المركزية يمكن ان تكتفي لإدارة شئونها بالبترول الداخلي..(دا الكلام! هذا يعني أن الدولة المركزية لا تستطيع أن تصدر النفط دون مصادر الجنوب البتروليَّة ...واه جنوباه، واه جنوباه.). كما أن الدولة لديها عائدات تركيز البترول، وهذه يمكن ان تسير الأمور إلى ثلاث سنوات (وماذا ستفعل الدولة بعد السنوات الثلاثة؟ ستأكل نفسها أم ستعلن حرب جديدة على دولة الجَّنوب لإسترداد البترول؟) وهي في الاساس محفوظة للأجيال القادمة.

ولكن ماذا عن الجَّنوب.. وعلى النائب الأول لرئيس الجمهورية ان يعرف ماذا تريد إسرائيل وأمريكا من السُّودان.. أمريكا وإسرائيل تريدان من السُّودان (التطبيع) ( حييييييييييي من إسرائيل وأمريكا. من الراغب في التطبيع؟ عطلة السبت خطوة أولى نحو التطبيع مع الغرب، حكِّم عقلك يا عتباني)، ولعلها ليست من اجندة الجَّنوب وليست أولوية للجنوب.. وتريد للسودان الشمالي التطبيع مع الكنيسة الانجيلكانية والبروتستانية وهي ليست اولوية في الجَّنوب.. وتريد امريكا استيراد البترول الافريقي لأنها تخشى من اندلاع الحرب في الشرق الاوسط.. والآن عائدات البترول الافريقي التي تمر عبر المحيط الأطلسي لأمريكا أكبر من عائدات البترول التي تأتيها من الشرق الأوسط.(غير صحيح ...غير صحيح ..غير صحيح..كذب). فأمريكا تحتاج إلى «15» مليون برميل يومياً من البترول..(من قال ليك هذا الكلام؟).. والآن من بترول انجولا وخليج غينيا ونيجيريا والقابون والكمرون تحصل امريكا على «5» ملايين برميل يومياً، (مرة ثانية رجعنا إلى "الثلث" أي أن أمريكا تستورد (3/1) 33.3% يعني بحساب التلميذ 5 مقسومة على 15 من أفريقيا. إذا كان الأمر كذلك ما كان لها ان تخوض ما هي فيه في الشرق الأوسط)  وتريد ان تضيف إليها مليوناً آخر.. وهذا صراع (امريكي - صيني).. الجَّنوب والشمال ليسا طرفاً فيه.. وعلى الجَّنوب والشمال وعلى الدولة المركزية أن تبحث عن مصالحها في ظل هذه الصراعات. (كيف الكلام دا تاني يا عتباني؟ فلقد أدخلت الصين وأمريكا وإسرائيل في المومعة. أثبت في رأي حتى يصدقك قراؤك. آه...لقد نسيت أنا وأنساني الشيطان أنك رئيس ومحرر وصاحب جريدة الرأييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي العام).  

 

الحب والشراكة

 

ونقول للسيد النائب الأول للرئيس سلفا كير إن الحركة الشعبية احوج ما تكون في هذه الفترة إلى نشر ثقافة الحب والتسامح والشراكة وثقافة الالتقاء.. وليس ثقافة وقيم اللا شرعية.. ذلك أن نشر ثقافة الفوضى وتحدي المواثيق والاتفاقات والقانون والاستخفاف بالدولة المركزية سيقود إلى الفعل ورد الفعل، وقد وضح ذلك في خطاب الرئيس البشير حينما ذكر بأن الجَّنوب بات يرفض السلطة المركزية للدولة.. والسلطة الضرائبية للدولة.. ولذلك وكما قال السيد الرئيس فإن الحركة الشعبية تقع  في فخ هوامها، حينما تتصور ان الدولة المركزية ضعيفة.. علماً بأن الدولة المركزية ربما تكون الآن داخل الجَّنوب أقوى من الحركة الشعبية..  فالحركة الشعبية أصبحت معزولة داخل شعبها.. ويشاع عنها الفساد والقبلية.. وبعض قياداتها اصبحوا معزولين بعدما اصبحوا سفراء للامسؤولية وللتصريحات التي لا تجلب إلاّ الخوار والخراب للجنوب.. وليعلم السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية ان في الجَّنوب عقلاء وحكماء، فليجلس إليهم حتى يعرف المزاج الجَّنوبي.. وستجد نفس الشعور.

ونقول للسيد سلفا كير، هل إعادة المعارضة إلى السلطة ستحل مشكلة الجَّنوب.. ولماذا اللهجة الاعتذارية عن ذلك.. ولماذا يريد القائد سلفا كير إدخال شعب الجَّنوب في مجازفة ومغامرة، وامعاء الجَّنوب وشرايينه تعتمد على ما تضخه الحكومة المركزية.

لماذا يريد ان يخرج الحكومة المركزية عن طورها لتبدأ رحلة البحث عن بديل له. (دا كلام خطير يا عتباني يا أخوي!!! خلاص فكرت في التخلص من سلفاكير!!!!كفانا بالله الإغتيالات فهي ليست من شيمة الشعب السُّوداني الاصيل)

وليعلم الرئيس سلفا كير ان النخبة الجَّنوبيَّة الحاكمة الآن باتت أبعد ما تكون عن قضايا وهموم الجَّنوب.. ولذا من مصلحته تأكيد مناخ السلام القائم وتعزيزه وتقويته والبناء عليه.. وهو مناخ يتطلب الاستقرار والتعاون وحسن الخلق والمعاملة الطيبة والحوار والايمان بالعيش المشترك والتعايش السلمي. واذا كانت بعض النخب التي حوله باتت تسبب له المشاكل، فلماذا لا يعطيها بعض المراكز....هذا الكلام مناقض تماماً للجملة عالية والتي تقول: هل إعادة المعارضة إلى السلطة ستحل مشكلة الجَّنوب....) . واذا كان السيد باقان أموم ومن معه مهمين لأمريكا ولسلامة الجَّنوب، فلماذا لا يحل لهم مشكلاتهم، ولماذا يجعلهم يعيشون في فراغ يدفعهم للتخبط والتخريب والتدمير.

 

النخب والخراب

 

ونقول للسيد رئيس حكومة الجَّنوب إن النخبة الجَّنوبيَّة الساعية الى الخراب، نخبة منشقة على نفسها، ولا يوجد ما يجمع بينها إلا ثقافة الكراهية.. وهي نخبة مراوغة مبهورة وميالة إلى المراوغة.. ضعيفة في حساباتها.. خائبة في مآلاتها.. وباتت تصرفاتها مطبوعة باللا مسؤولية.. ولا تمانع ابداً في قبر عملية السلام والعودة إلى فنادق نيروبي ولندن بعد ان تضخمت وانتفخت حساباتهم، ولكنك انت يا سعادة النائب الأول لرئيس الجمهورية الوحيد الباقي من الستة الذين اشعلوا ثورة الجَّنوب.. وأنت الوحيد الذي عشت في غابات واحراش الجَّنوب.. وأنت الوحيد الذي تعلم جيداً ماذا تعني الحرب.. وأنت الجَّنوب، ولذلك أصبحت سيد هذه المرحلة في الجَّنوب.

ولذلك تترتب عليك مسؤوليات جسيمة.. ولهذا نحن نسألك.. لماذا تظل بعض النخب من الذين حولك متعنتين ورافضين للموضوعية ويريدون الدفع بسياسات فرض الأمر الواقع والابتزاز.. ولماذا تظل القضايا مثار النقاش خارج نطاق الجَّنوب وشعبه الذي يبقى خارج دائرة السلطة والحكومة المركزية. ألا يرى أن بعض النخب من حوله تقوم بمحاولات تقويض منهجي لاتفاقية السلام وفرص الوحدة.. وأنها باتت تدين الآن بالولاء الاعمى للسياسات الامريكية، بل للخطوط المرفوضة من الشعب الامريكي في السياسة الامريكية للخط الموالي لإسرائيل والذي يريد تقويض أهل الانقاذ.. والخط المشبع بتغلغلات المعارضة الشمالية في الحركة الشعبية.. وهو تغلغل مادي وبشري ومنهجي في الرؤى والاهداف.

 

العجرفة والتطاول

 

ونسأل الرئيس سلفا كير لماذا العجرفة والتطاول على رئيس الجمهورية بتصريحاته غير اللائقة، ونحن قد سمعنا مراراً وتكراراً اشادات رئيس الجمهورية بأخيه سلفا كير.. وأين سيصرف الرئيس سلفا كير شيك التطاول على رئيسه.. ولماذا البكاء على المعارضة.

وهل يريد القائد سلفا كير من الدولة التي اتهمها بالتعريب والأسلمة وكأنهما جريمة.. هل يريد منها مثلاً عدم جمع الزكاة أو عدم تنظيم الحج والعمرة.. وكل الدول تفعل ذلك حتى العلمانية منها.. وياليته ذهب إلى الحج  ليرى كيف تنظم اندونيسيا  وروسيا والصين وماليزيا (أندونيسيا وماليزيا دولتان مسلمتان فوضعهما هنا للمقارنة غير صحيح وإلا أنت مشكوك في إسلامهما لأنهما غير "أوسطيتان". على أية حال كيف يعمل العقلاء واﻟ...أعرضوا عنهم وإتبعوا الهدى من ربكم!!!) حجيجها.

وقد تحدثنا على انه لا يمكن فصل الاسلام عن الشخصيَّة القوميَّة، وان اتفاقية السلام نفسها حسمت هذه القضية حينما جعلت (الشريعة) في الشمال اساس القانون.. فلماذا يريد السيد النائب الأول سلفا كير خرق اتفاقية السلام.. ألم يقرأ الاتفاقية. (سلفاكير وضع اللبنات الأساسية والمتينة للإتفاقية التي لم تعجبك.  كان عليك أن تسأل العارفين بالقراءة والفهم ليقرأوها لك باللغتين العربيَّة والإنجليزيَّة أو بأية رُطانة تفهم بها، بلاش تسأل إذا قرأها سلفاكير أم لا).

وعلى أية حال فإن السيناريوهات المتاحة للشمال والجَّنوب والحكومة المركزية، وهذا الحديث نوجهه للمؤتمر الوطني والحركة الشعبية وللنخب الجَّنوبيَّة، كما يلي:

 

سيناريوهات

 

السيناريو الأول: أن تكون هناك علاقات طبيعية منتجة، ولكن هذا السيناريو يعتمد على سلوك الحركة الشعبية.. وسلوك الحركة الشعبية الآن لا يبشر بأنه في الامكان المراهنة على تدعيم وإقامة علاقات طبيعية منتجة وزواج يقوم على المسؤولية تحسباً لمفاجآت الحركة الشعبية وانعدام الإرادة فيها بالدخول في شراكة حقيقية.. ومحاولاتها المتكررة لإرباك هذه الشراكة.

إذاً ما هو السيناريو الآخر.. ربما يكون السير في شراكة في إطار التحول الديمقراطي والمؤسسات للاعداد للاحصاء السكاني والانتخابات خصوصاً وان هناك حرية صحافة

وإذا كان هذا الحل الثاني في اطار التحول الديمقراطي غير ممكن، فان هناك حلاً ثالثاً في اطار الحل الممكن التوافقي.. فقط هذا الحل الممكن التوافقي يقوم على استمرار الشراكة في المرحلة الانتقالية التي حددتها الاتفاقية، وهذا يعني بالضرورة استمرار الوضع الراهن.. بمعنى ان الذين يسيطرون على الحكومة المركزية من احزاب الوحدة الوطنية سيظلون  مسيطرين إلى ان تقوم الانتخابات. وعلى نخب جنوب السُّودان ان تبقى وتخطط لاستدامة سيطرتها على الجَّنوب، ولها الحق المشروع في استعادة سيطرتها على الشمال متى ارادت.. وعليها بعد ذلك ان تبحث عن سلامها بمفهومها الخاص، وليس بالضرورة السلام الموائم للحكومة المركزية أو للشراكة. واستدامة السلام يتطلب من النخب الجَّنوبيَّة معرفة اسباب الحرب.. لأنه مازال هنالك عدد مقدر من اخواننا الجَّنوبيين مهمومين بما يسمونه بالسُّودان الجديد، وبعضهم مازالوا يجرون وراء سراب الانفصال، وبعضهم مع تجربة الحكم الذاتي التي تخول للجنوبيين ان يحكم الجَّنوبيون الجَّنوب دون المركز ويحددوا مصيرهم في استفتاء وقد منح لهم هذا الحق.   (كلام كله خارم بارم كما تقول العامية السُّودانيَّة).  إذاً، سيناريو الحل التوفيقي أو التوافقي في المرحلة الانتقالية الذي يجعل الحركة الشعبية في الجَّنوب، وأحزاب الوحدة الوطنية في الحكومة المركزية بالشمال هو حل لا نرضاه ولا نريده، ولكن اذا لم يكن هنالك بديل غيره فلم لا، حتى تحين الانتخابات ويتم الحسم ولا نرجع الى دائرة الحرب ومربع العنف وثقافة الكراهية.

 

هذا أو..

أما إذا عجزت الحركة الشعبية عن التوافق والتواؤم مع أي من هذه السيناريوهات الثلاثة، فلن يكون حينها غير ما ذكره السيد رئيس الجمهورية الذي أكد انهم ليسوا طلاب حرب بل دعاة سلام وحريصين عليه، كما انهم وقعوا على الاتفاقية ليس ضعفاً أو انكساراً بل كانوا في قمة انتصاراتهم.. ولذلك فان حكومته لن تشعل النار ولن تحارب في الجَّنوب، محدداً حدود العام 1965م مع الجَّنوب (هذا التأريخ خطأ جسيم خلي بالك لما تكتب) ، وحدود 1905م لابيي هي الخط الفاصل الذي تحرسه القوات المسلحة السُّودانيَّة وقوات الدفاع الشعبي، ومع توجيهه بفتح المعسكرات أكد على ان السلام يجب ان تحرسه القوة. ومن يبدأ الحرب فليتحمل مسؤوليتها.

 

 

هوامش وإحالات

 

21- 33.


© Copyright by SudaneseOnline.com


ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

أعلى الصفحة



الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات و تحليلات
  • تشارلز تيلور يكتب من لاهاي هاشم بانقا الريح*
  • تنامي ظاهرة اغتصاب الاطفال ...! بقلم / ايـليـــا أرومــي كــوكــو
  • مؤتمر تمويل التنمية/د. حسن بشير محمد نور - الخرطوم
  • بين مكي بلايل والعنصرية والحركة الشعبية /الطيب مصطفى
  • قالوا "تحت تحت" الميرغنى ماااااا "داير الوحدة"/عبد العزيز سليمان
  • الصراع الخفي بين إدارة السدود والمؤتمر الوطني (4-12) بقلم: محمد العامري
  • قواعد القانون الدولى المتعلق بحصانات رؤساء وقادة الدول/حماد وادى سند الكرتى
  • هل يصبح السيد مو ابراهيم حريرى السودان بقلم: المهندس /مطفى مكى
  • حسن ساتي و سيناريو الموت.. بقلم - ايـليـا أرومـي كـوكـو
  • الجدوي من تعديل حدود اقليم دارفور لصالح الشمالية/محمد ادم فاشر
  • صلاح قوش , اختراقات سياسية ودبلوماسية !!؟؟/حـــــــــاج علي
  • أبكيك حسن ساتي وأبكيك/جمال عنقرة
  • نظامنا التعليمي: الإستثمار في العقول أم في رأس المال؟!/مجتبى عرمان
  • صندوق إعادة بناء وتنمية شرق السودان .. إنعدام للشفافية وغياب للمحاسبة /محمد عبد الله سيد أحمد
  • )3 مفكرة القاهرة (/مصطفى عبد العزيز البطل
  • صاحب الإنتباهة ينفث حار أنفاسه علي باقان: الصادق حمدين
  • جامعة الخرطوم على موعد مع التاريخ/سليمان الأمين
  • ما المطلوب لإنجاح المبادرة القطرية !؟/ آدم خاطر
  • الجزء الخامس: لرواية للماضي ضحايا/ الأستاذ/ يعقوب آدم عبدالشافع
  • مبارك حسين والصادق الصديق الحلقة الأولى (1-3) /ثروت قاسم
  • ماذا كسبت دارفور من هذه الحرب اللعينة !!/آدم الهلباوى
  • الأجيال في السودان تصالح و وئام أم صراع و صدام؟؟؟ 1/2/الفاضل إحيمر/ أوتاوا
  • النمـرة غـلط !!/عبدالله علقم
  • العودة وحقها ومنظمة التحرير الفلسطينية بقلم نقولا ناصر*
  • المختصر الى الزواج المرتقب بين حركتى العدل والمساواة والحركة الشعبية لتحرير السودان /ادم على/هولندا
  • سوداني او امريكي؟ (1): واشنطن: محمد علي صالح
  • بحث في ظاهـرة الوقوقـة!/فيصل على سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر
  • سقوط المارد إلى الهاوية : الأزمة مستمرة : عزيز العرباوي-كاتب مغربي
  • قمة العشرين وترعة أبو عشرين ومقابر أخرى وسُخرية معاذ..!!/حـــــــــــاج علي
  • لهفي على جنوب السودان..!! مكي المغربي
  • تعليق على مقالات الدكتور امين حامد زين العابدين عن مشكلة ابيي/جبريل حسن احمد
  • طلاب دارفور... /خالد تارس
  • سوق المقل أ شهر أسواق الشايقية بقلم : محمدعثمان محمد.
  • الجزء الخامس لرواية: للماضي ضحايا الأستاذ/ يعقوب آدم عبدالشافع
  • صاحب الإنتباهة ينفث حار أنفاسه علي باقان أموم/ الصادق حمدين
  • رحم الله أمناء الأمة/محجوب التجاني
  • قصة قصيرة " قتل في الضاحية الغربية" بقلم: بقادى الحاج أحمد
  • وما أدراك ما الهرمجدون ؟! !/توفيق عبدا لرحيم منصور
  • الرائحة الكريهة للإستراتيجي بائتة وليست جديدة !!! /الأمين أوهاج – بورتسودان
  • المتسللون عبر الحدود والقادمون من الكهوف وتجار القوت ماشأنهم بطوكر /الامين أوهاج