ملحمة دروتي (1) حلقات في الذكرى 97 لاستشهاد السلطان تاج الدين
حتى اول اكتوبر عام 1910 افرنيج كانت المملكات الصغيرة المرصوصة على تخوم الحدود الغربية ما بات يعرف فيما بعد بالحدود السودانية التشادية قد سقطت . مملكة (دارسلا) ومملكة (دار تاما) ، ومملكة ( دار قمر) ، و(الداجو) و(التبستي) ، وهي من اصغر المماليك في جملة الست عشر مملكة امتدت من (سونيكا) في غانا غربا حتى (سنار) في السودان شرقا مرورا بتمبكتو وكانم برنو ودار وداي والفور . ويتخاصم الفور والوداي ويتقاسمان احياننا النفوذ على الممالك الست الصغيرة بينهما بالاضافة الى سلطنة المساليت .
حينما يحل الذكرى المئة على معركة دورتي الشهيرة في اكتوبر 2010 افرنجي ، وذكرى رحيل قائدها السلطان تاج الدين تكون الاجيال السودانية اليوم قد عبرت الى مصاف التحرر بالكامل ، وتم تخليص البلاد من رواسب الاستعمار وبقايا الاحتلال .
على مشارف ثلاثة اعوام من الذكرى المئة للملحمة العظيمة نبدا نقتص الاثر نحو الدوافع التي قادت الى دورتي و التداعيات التي انتهت اليها .
بصفتها المعركة الفاصلة بين الفرنساويين والسودانين على حدود السودان الغربي فقد شكلت دروتي قمة الهرم لسلسلة معارك ومناوشات صغيرة بين الجيشين ، اذ سبقتها (كرندق ) و(دار جيل ) كاهم المعارك الصغيرة والملاحم بامتداد الاقليم الغربي .
المحور الاساسي في هذه المعركة هي شخصية تاج الدين ، الملك السلطان ، والي امر الامة . وامام المصلين والمحارب الافريقي الذي كان هو القائد المعركة :
كان السلطان يقود طلائعنا
نحو الكفار
وكان هنالك بحر الدين
وأشار إلينا تاج الدين
وأطل بعينيه كالحالم . .
فى قلب السهل الممتد
ثم تنهد :
" الحرب الملعونة
" يا ويل الحرب الملعونة
" أكلت حتى الشوك المسود
لم تبق جدارا لم ينهد
" ومضى السلطان يقول لنا
ولبحر الدين :
ـ هذا زمن الشدة يا إخوانى
هذا زمن الأحزان
سيموت كثير منا
وستشهد هذى الوديان
حزنا لم تشهده من قبل ولا من بعد
وكانت المقاومات تقوم وتنكسر امام جيوش الامبراطورية الفرنسية الزاحفة من الغرب ، بينما سقطت وداي وتبستي كان المساليت يدخلون في معارك منتصرة مع الفرنساوين بين الحين والاخر. قاد بحر الدين اندوكا المعارك الاولى في وادي كجا في معركة (قريندق) وقتل قائدها الفرنسي ليوتنان نيجشوف . وكان الفرنساويون مسلحين باسلحة حديثة ومتطورة ، لكن انتصر اصحاب الارض باسلحتهم الخفيفة في هذه المعركة و غنم مسلحو المساليت الاسلحة والزخائر استعدادا للقائهم في (بير طويل) المعركة الثانية في حدود جوليه 1910م ، وكانوا قد اضافوا جيوشهم وعتادهم ، وكانت بيرطويل اكبر من سابقتها فقد ارسل الكلونيل مول ضابطا اعلى من رتبة ليتونان لهذه المعركة ، وانتخب الكابتن فينشك دولاغير وهو من قادة الكتائب السنغالية وحارب في افريقيا الاستوائية ، لكن بير طويل لم تكن لصالحهم ايضا فقد انتصر الجيش السوداني نصرا معززا اضاف جملة معنويات اليهم فقد قتل الكابتن ورفقاه .
الجمعية الوطنية الفرنسية عقدت جلسة طارئة لمناقشة الاوضاع في افريقيا الاستوائية وانتزعت المناطق على الحدود السودانية مساحة واسعة من نقاشات الجمعية . وخاصة ان صحيفة التايمز اللندنية قد علقت فيما تشبه الشماتة باللامبراطورية الفرنساوية عند هزيمتها على ايدي جنود من الاهالي المتخلفين في ادغال افريقيا – بوصفها - وذلك اشارة الى بيرطويل . ولعلى ذلك ردا لما تناولتها صحيفة الليمون البارسية في الثاني من سبتمبر 1898 ف عقب معركة كرري على مشارف النيل شمال ام درمان على انها مزبحة بشرية لكنها لم تكن نصر على جيوش نظامية ، ثم مقاومات الافارقة في معارك 1904 فحول نهر الاورانج بين الانكليز والبوير في جنوب افريقيا.
فقد كانت الامبراطوريتان في افريقيا تتبادلان الشتائم وتتقاسمان النفوذ وتتنافسان بطريقة يقربهما الى الاعداء من الاصدقاء .
قررت الادارة الفرنسية في تشاد والتي كانت تحت رئاسة جنرال في فورت لامي ان يتحرك الكلونيل مول نفسه قائد منطقة ابشي الى دورتيي لتاديب المساليت ومعاقبة سلطانهم واخضاع دار المساليت للنفوذ الفرنسي، وبالاضافة لتلك كانت هناك اهداف اخرى :
الاول : ثمة مخاوف ظلت تتملك الفرنسيين من ان بعض السلاطيين وخاصة دود بنجي قد يكون وجد ماوى عند سلطان المساليت تاج الدين وبالتالي ان دار جيل قد تتحول الى ماوى للفاريين سرعان ما يقوى نفوذهم ويعودون للمقاومة في ابشي .
والثاني هو وقف زحف غريمتها انكلترا نحو الغرب وخاصة ان اقليم دارفور منطقة لا تزال تتمتع بسيادة وطنية قابل للاجتياح.
وقتما بدا يتحرك فيه الكلونيل مول نحو عقر دار مساليت كان قد تسلم رسالة صغيرة من السلطان ادريس ابكر ابو حراب سلطان دار قمر في كلبوس الذي اطاح الفور بعرشه وانضم الى نادي السلاطين مقلوعي العروش قبل بدعة اشهر . يقول ادريس في رسالته انه( يرحب به ويرجوه زيارتهم في كلبوس) .
فيما قيل ان سلطان القمر كان قد اعدد خطة سرية لمحاربة الكفار اسوة بنظيره تاج الدين كما تقول رويات القمر ورغب في استدراج مول الى واديه ، وما رسالته الا لخدعة ، كان ابن عمه المحارب احمد بيضة الذي اختلف معه قبل الاشهر الست وخرج مغاضبا الى الفاشر ، نصحه بالانضمام الى سلطان دار مساليت ومشاركته الجهاد وليس دعوة الكفار الى الديار ، لكن لم يذهب السلطان ادريس الى دارمساليت ، بل ذهب ابوه عبد الرحمن ادرقي وهو ابن عمهما الى دار مساليت للمشاركة.
كان مول مزودا باسلحة اتومتكية حديثة ، و كتائب اضافية سنغالية جيدة التدريب وذلك فقد ساور الفرنسويين فكرة ان هؤلاء الافارقة يمكن هزيمتهم بافارقة مثلهم .كما انه بجانب تزوده بمعلومات كافية في تقرير( السافريك) كاحدث الاسلحة كان الكلونيل متجاهل الى درجة الازدراء قوة المساليت الحقيقية . كما ان لديه من المعلومات حول صمود المساليت واستبسالهم في القتال . ليس من المؤكد ان لدى الفرنسيين اي معلومات متكاملة حول شخصية تاج الدين واي نوع من الرجال هو ،وخاصة انه الملك والقائد .وكان من الممكن لولا الاستهتار ان يكونوا قد توصلوا الى ما يشبه الهدنة التي تضمن تجنب اراقة الدماء .
اذن ليس متجنبا تلك المعركة سوف يقف الجمعان على مشارف دورتي لحضور المعركة المصيرية . وكان تاج الدين كعادته يلقي خطاب في جنوده قبل اي لقاء مع العدو مذكرا اياهم بالشهامة والاستشهاد في سبيل الله والتضحية من اجل البلاد. هم على صحوات جيادهم مقبلون عليه ايضا في استغراق ونشوة الفارس للمقلاقاة ، وكأن الحديث مصوبا لاندوكا شقيقه الاصغر و قائد الميمنة ،ويكون هو ممسكا بحربته بكلتا يديه عنوانا لحسن الصمود وجمال الثبات .
قبل المعركة
واتاح بكلتا كفيه فوق الحربة
ورنا فى استغراق
نحو وجوه الفرسان
كان الجو ثقيلا ، مسقوفا بالرهبة
وبحار من عرق تجرى فوق الأذقان
وسيفهم المسلولة تأكلها الرغبة
والخيل سنابكها تتوقد كالنيران
ومضى السلطان يقول لنا
ولبحر الدين :
ـ هذا زمن الشدة يا أخوانى
فسيوف الفرسان المقبوضة بالأيدى
تغدو حطبا ما لم نقبضها بالإيمان
والسيف القاطع فى كف الفارس
كالفارس يحلم بلقاء الفرسان
ظلال اغاني ابن اختهم الشاعر الفايتوري يتردد اصداءه على مر الزمان ، وليس هناك ما هو اصدق وصف من هذا التعبير السلس الدقيق ، والفيتوري يقرب الصورة اكثر للنظارة ولا يفوت ان يذكر خلجات النفس في تصويره . وعادة ان خطاب القائد قبل اللقاء يكون خطاب مزيج من التعبئة وتذكير بالمصير اذ ان المعارك هي لحظات فواصل بين الانسان وروحه لا يدري احد من الناس عاقبته بعدها .و يكون تاج الدين في خطابه من على صهوة حصانه كالبيرق ، ولكن حين ينوي الدنؤ اليهم والى عقولهم يقترب اكثر ويترجل من ظهر حصانه الذي يشبه الطود العظيم في حماس.
وترجل تاج الدين
جبل يترجل مزهوا من فوق جبل
وترجل بحر الدين
وحواليه عشرة آلآف رجل
سجدوا فوق رمال " دروتى " لله معه
وأطلت كل عيون الطير المندفعة
فى هجرتها من أقصى الغرب لتاج الدين
فعلى أفق الوادى الغائم
تمتد رؤوس وعمائم
وبيارق يشبهن حمائم
. . ثم ارتجفت أفواج الطير
وراء السحب المرتفعة
مع اننا لم نجد في اثارنا المكتوبة نص خطاب السلطان ، لكن في تراثنا المحكي جملة من المفردات التي قالها في هذه المعركة . كما صاغها قريحة الشاعر محمد مفتاح الفيتوري مصورا تلك اللحظات المهمة . وان تكن بين ايدينا كتاب متسلسل لمئة خطيب سوداني في القرن العشرين يكون تاج الدين ضمن اوائل هؤلاء ، اذ كيف تمكن ان يدفع اؤلائك الشجعان الى القتال بكل تلك الحماس في معركة غير متكافئة جدا بين الطرفين . لكن لثبات الملك ابدا كما هو معهود في هذا الاقليم دور في النصر . وذلك ميراث منذ عهد السلطان الشهيد ابراهيم قرض 1974 ف في مناوشي امام جيش الغزاة تحت قيادة تاجر الرقيق الزبير باشا رحمة .
صلاة مودع
قبل المعركة عمد تاج الدين الى الصلاة مؤما جيشه والعدو لم يكن ببعيد . وقيل انه صلى ركعتين الى الرب داعيا ومتضرعا النصر والجيش يؤمنون ، وهي مسالة غاية في حساسية من ناحية انها خطرة ، ولكن تاج الدين بجانب انه سياسي وقائد كان متفقها في الدين وعادة المسلمين يصلون الفرائض عند ملاقاة العدو بصيغة تختلف عما لو كانت الصلاة في الحالة العادية، وبالقران الكريم ايات توضح كيفية تلك الصلوات اثناء القتال . بيد ان صلاة تاج الدين لم تكن صلاة فريضة في ذلك السهل الممتد بل صلاة تضرع ودعاء لله بالعون ، بجانب انه كان يعد تحديا للعدو كقوله انني اقاتل من اجل الحق وانت معتدي فقط وظالم ، و لم تكن تحصل كثيرا الصلوات من اجل التضرع في المعارك لكن عادة ملوك اقليم دارفور يفعلون . بصفتهم قادة لجيوشهم في المعارك .
ـ يا تاج الدين
الأعداء أمامك . . فارجع
لهب . . وقذائف حمر . .
وخوذات تلمع
والحربة مهما طالت
لن تهزم مدفع
لن تهزمهم يا تاج الدين
بسلاح كزمانك مسكين
وكعاصفة سوداء تلفت تاج الدين
فى سخط الجبارين تلفت تاج الدين
وأطل على وجه القائل
كانت شفتاه رعودا وزلازل
كانت كلمات السلطان
سلاسل
ـ ياويلك لو لم تك ضيفى يا عبدالله
ما أقبح ما حركت به شفتيك
ما أبشع ما منيت به عينيك
عار ما قلت . .
وعار أن نستمع إليك
فاثن زمام جوادك
وخذ الدرب الآخر
يا بحر الدين أعده للدرب الآخر
كانت الجيوش الفرنسية منظمة ، ومرتبة في دورتي لعلمهم ان المساليت اقوياء بحكم انهم انتصروا عليهم في معركتين سابقتين ، فالجيوش الفرنسية مسلحة بالمدافع الثقيلة والاسلحة الرشاشة ،في تقرير (البندقية) وبنادق (تبسيك ابخمسة) وهي تلك النوعية من الاسلحة كانت متوفرة فقط للانكليز والفرنسسين في افريقيا . اما جيش تاج الدين في قد كان متسلح بالحراب والسيوف و مقسم الى كتيبة فرسان وكتيبة من رجالة حملة الرماح .
وللمساليت كتيبة يندر توفرها في جيوش القبائل الاخرى في افريقيا هي محاربي السفاريك ، والمفردة سفروك ، كما ورد في وصف تقرير استخبارات فرنسا وقتها عن حالة تسلح المساليت ان السفروك عبارة عن لوح من الخشب المنحوت ، يحمل الرجل منها اربعة ، واحدة في يمناه واثنين تحت ابطه الايسر وواحدة في يده اليسرى . وطريقة استخدامه انه يقذفها فيسير مندفعا بقوة في زاويا مستقيمة في الفضاء ولا يخطئ الهدف اي يكن . وكان تلك هي اسؤ الاسلحة التي يقدر ان الفرنساويين كانوا يخشونها ، اذ تصيب الرؤوس فتخترقها . بجانب ان للمساليت كتيبة مسلحة بالبنادق الاتومتكية من اسلحة الكرنبل.
ربما بعد الصلاة ، ولعلى ذلك كان قبل ان ينهي خطابه وليس بين يدينا ما يشير الى ايهما كان اول الخطاب ام الصلاة وقصيدة الفيتوري رغم انها تشير الى ان الخطاب كان قبل اللقاء لكن المنطق يقر العكس .
مهما يكن فقد حدث امر مهم قبل اللقاء، وصل احد عيون السلطان المراقب للعدو ، وقد راى خلف الشجيرات ارتال العدو تتقدم ولاحظ كل التسليح وجاء ينقل اليه معلومات عن الجيش الغازي وتسليحهم ، لكن كانت روايته بصورة تلقي الرعب في قلوب المقاتليين . ونصح العين -ولعلى اسمعه عبد الله- السلطان للعدول عن ملاقاة العدو اذ ان الدخول في معركة هكذا تكون نتيجتها الفشل بلا شك. لكن السلطان انتهره بشده وقال له موبخا (لولا انك اتيتني ضيفا ، ولولا انني اتيت لقتال قوم اخريين لقتلتك , عليك ان تعود من حيث اتيت) .
المعركة
وتدفقت الرايات
وغطى الأفق صهيل الخيل
و " دروتى " العطشى ما زالت
تحلم بمجىئء السيل
وتحدر من خلف الوديان المحجوبة
علم قانٍ . . ومدافع سبع منصوبة
وحرائق وضجيج شياطين
هاهم قدموا يا تاج الدين
فانشر دقات طبولك ملء الغايب
حاربهم بالظفر ، وبالناب
طوبى للفلرس
إن الموت اليوم شرف
داسوا عزة أرضك
هتكوا حرمة عرضك
عاثوا ملء بلادك غازين
غرباء الأوجه سفاكين
فاضرب . . اضرب . . يا تاج الدين
اضرب . . اضرب .. اضرب . .
دورتي سهل ممتد وهي منطقة للمعركة اختارها المساليت من الناحية الاستراتيجية تساعدهم ،وانه جدير بالاجيال السودانية زيارة تلك المنطقة وانه جدير بها ان تكون مكان اثري مهم الى جانب مواضع اخرى قاتل فيه اجدادنا ضد الاستعمار والاحتلال ببسالة وشموخ الى جانب : بارا ، سنار ،غندوكر ، منواشي ، والجزيرة ابا ، وشيكان ، وسواكن ، وكورتي، وتلشي ، وطوكر ، قدير ، والنخيلة ، وكرري ، وام دبيكرات ، و الشكابة ، وكادقلي ، و السوباط ، وسيلي ، جبل الحلة ، برنجية ، كرندق ، و دورتي ، الدلنج ، وجوخانة الزرقة .
استثننينا من تلك المعارك ، القلابات ، وتوشكي ، ونييرا . وذلك لان جيوشنا كانت في واقع اقرب الى غزو قوم اخرين . وانه بقدر مقتنا الابدي للغزو وانتهاك ارض الاخر يجب ان نرفضه للاخر وننصفه . كما ان هناك الكثير من المعارك الظافرة لكن في سياق الحروبات الداخلية التي تحكي عن تاريخ عاصف بالانتهاكات ضد بعضنا البعض والتي يجب مراجعتها بطريقة جيدة و لا يجد الانسان السوداني نفسه متشرفا ببعض منها لعصفه بالانسان في بلاده.
يجدر الاشارة الى ان العدو خلال هذه الحروبات كانت هي الترك والانكليز بالتعاون مع مصر في عهديين . والفرنساويين والطليان .
تضمن معارك ظافرة في الفاشر والابيض وام درمان وعطبرة ضد قوى الاحتلال . وان هناك معارك لم يكسبها السودانيون لكنهم حققوا بسالة نادرة وتضحية جسيمة فيها .
لكن سهل دورتي التي ارتوت بالدماء الذكية وقتها كانت ضمن المعارك التي ظفر فيها السودانيون ببسالة وضحو فيها بالغالي ضد الغزاة .
جولة اولى المعركة
ـ يامولاى السلطان
سلام الله عليك
قتلى أعداؤك مطروحون
لدى قدميك
أسرى مغلولون وخدام بين يديك
أكلت نيران مدافعهم نيرانك أنت
بالسيف وبالحربة
وبإيمانك قاتلت
يا فارس تسحق اعداءك
أنى قبلت
حين استبقوا نحوك
باسم بلادك ناديت
" لن يحجبنى عن حبك شىء "
" إنك ملء دماى وعينى "
" يا دار مساليت أنا حى "
لم تدر غير جولة اولى حتى انكشفت حالة العدو وقيل ان الجيش الفرنسي كان مسكوننا بالرعب من لقاء المساليت منذ البداية ، وان السنغاليين الجنود لم يتمكنوا من الصمود امام المد الباسل الذي اجتاح صفوفهم فبعثرها . وكانت خطة القتال بسيطة ومحكمة تعمد على الشجاعة في المقام الاول . هو ان يلقى فرسان المساليت بانفسهم بكل ثقلهم في قلب المعركة في هجوم لا تراجع منه وبذلك يشل حركة العدو الذي يعتمد على السلاح الثقيل في حرب تقليدية تقوم على القصف المكثف لتحطيم قوة العدو ثم الزحف عليه بالاسلحة الرشاشة لابادته . لكنهم بوغيتوا بهجوم جيوش تاج الدين الكاسح ، هجوم لا رد منها .
وتلك الصيغة استخدمها السودانيون في معركة كرري ، باختلاف اوزان الحالة ومسافة وكمية المتحاربين .
كان لدى تاج الدين فكرة يتملكه هو ملاقاة الكلونيل مول بشخصة . وقتله يحسم المعركة . ولان مول لا يزال يامل في كسب المعركة ويحالو ان يعيد ترتيب صفوفه للقتال ويتقدم من جديد .
وبحكم ان الخواجات يشبهون بعضهم فقد كان من الصعب العثور على الكلونيل وهو في قلب حراسه المتوجين بالقوزات الحمراء ومدججين بالبنادق . وقيل انه من شدة حرصهم عليه احاطوه بسرية مقاتلة ومن ملابسه وتشددهم عليه تنبه السلطان انه هناك فتقدم تاج الدين صوبه بسيفه شاقا الصفوف حتى لاقاه وجها لوجه.
غدا نواصل انتظرونا
منعم سليمان
مركز دراسات السودان العاصر
__________________________________________________
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة