مصفاة لتكرير البترول في شارف لاستيعاب أبناء المهمشين ؟
آدم الهلباوى
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا كان لا بد مما ليس له بد ينبغي إقامة أو تشييد مصفاة لتكرير البترول في شارف بجنوب دارفور لاستيعاب أبناء المهمشين أسوة برصيفتها مصفاة الخرطوم ، وذلك لأن معظم البترول يستخرج من تلك المناطق المهمشة وما جاورها ، وحيث أن مصفاة الخرطوم سعتها الوظيفية 500 مهندس وفني ولا توجد نسبة _% مستوظف من أبناء الأماكن المهمشة المنتجة له ، حتى لا تكون لدينا ( كادونا ) أخرى تنتج البترول والأنابيب تمر عبر ديارها وأبناؤها لا يجدون من عائداته إلا ( اللظى ) أو تلك القطرات التي يجمعونها مما يتسرب منه فيحرقون كل عام مرة أو مرتين بفعل ما يتفجر من تلك الأنابيب فيكتوون بناريين نار الحرمان ونار الجوع والمرض والاشتعال وشقاوة الحال .
كم وددت أن يكون لمناطق الإنتاج نصيب مما ينتج من أراضيها قبل المركز لا بل كل أرض المليون ميل وان لا يكون ذلك حبرا على ورق ! ذلك لأن أهل الأرض والإنتاج أولى بالمعروف من غيرهم ، علما بان ما يريدونه فقط تنمية مناطقهم المهمشة بالخدمات الضرورية من تعليم وعلاج وكهرباء وفرص عمل .
وما هي إلا مطالب مشروعة تمثل الدافع الذي جعل من المهمشين في اروشا من حملة السلاح يلجأون إلى حمل السلاح مكرهين ليلفتوا أنظار أصحاب القرار ودعاة حقوق الإنسان ، حيث أنها مطالب عادلة يدركها كل عاقل من أبسط رعاع الشارع السوداني فما بال دعاة الإستراتيجيات والخطط الخمسية والعشرية والربع قرنية لا يتعاملون معها بموضوعية ويتقاضون عن مثل هذه البديهيات ؟
هذا إذا علمنا أن الولايات الأخرى التي تمر عبرها خطوط البترول يكون لها نصيب منه ، ولا ندرى هل لأنها داخل مثلث ( حمدي ) المزعوم أم أنها مرضي عنها ؟ نتساءل أحلال على بلابله الدوح وحرام على الطير من كل جنس ( والله حكاية .. حزموني ولزموني وشيلوا لي حرابي وياليتني كان بداوس ) إذن هنا يكمن السؤال ؟!
ولو نظرنا من ناحية اقتصادية إلى منطقة دارفور المهمشة الآن نجدها تشهد زخما من المنظمات وقوات الهجين القادمة وما تخدمها من شركات تفوق ال 24 شركة بالإضافة إلى متطلبات الدول المجاورة مثل تشاد وافريقيا الوسطى فيكون هذا السؤال : اما كان من الأجدى لنا اقتصاديا أن نصدر بترولنا لتلك الدول بدلا من أن نجلبه عبر خطوط طويلة بالتناكر والفناطيز في رحلة عودة من بورتسودان أشبه ما تكون بالتراجيديا الملهاة على طريقة شحنت نملة أخذت حبة خرجت نملة ؟
فضلا عن وجود مصفاة في الإقليم سيكون لها مردود إيجابي واقتصادي هائل من خلال تقليل تكلفة ترحيله وبالتالي سعر البيع للمستهلك في تلك المناطق المهمشة ، إذ أننا نجد في الوقت الحاضر سعر جالون البنزين في نيالا مثلا ثلاث أضعاف سعره في الخرطوم بسبب الترحيل وتكاليف الشحن ، إذن لماذا لا نستفيد من تجارب الغير كالسعودية مثلا ينتج البترول في مناطق معينة ولكن سعر اللتر في كل المملكة واحد تعلمون لماذا لأن الشركة الوطنية المنتجة تتحمل تبعات الشحن والنقل ، بخاصة وان جميع تلك الشركات يملكها كبار منسوبي المؤتمر ( الوطني ) .
والمدهش حقا أن هذا الأطراف المهمشة المنتجة برغم الضيم والغبن استقطعت منها أجزاء دون مبرر كافي منطقي وموضوعي مثل منطقة ( أبو جابرة ) التي أضيفت إلى جنوب كردفان ثم من بعد ذلك إلى غرب كردفان وأيضا منطقة ( كرب التوم ) في الجزء الشمالي لولاية شمال دارفور وأضيفت إلى الولاية الشمالية دون وجه حق ، وبرغم أن رئيس الجمهورية اصدر قرارا بأن ترجع تلك الحدود كما كانت عليه من قبل العام 1956 حسب مقررات ابوجا وقد كلفت لجنة لذلك ، إلا أنه لازال الوضع كما هو عليه ونحن نعجب لهذه السلحفائيه في الممارسة والتلكؤ في الخطى ، لكن قطع شك ما ضاع حق وراءه مطالب .
حيث تكمن المفارقة في أن يؤخذ البترول من مناطق الإنتاج ليصنع عند اليعسوب ليهنأ به بينما يموت النمل مما جمع والنحل من سم الرحيق ، إذن الحل لتجاوز هذا التمايز وهذه الفروقات في الأسعار يجب على هذه الشركات المنتجة أن تتحمل تكاليف الشحن والترحيل في هذا المشروع الوطني الهام .
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة