صوت من لا صوت له وطن من لا وطن له
الصفحة الرئيسية  English
المنبر العام
اخر الاخبار
اخبار الجاليات
اخبار رياضية و فنية
تقارير
حـــوار
أعلن معنا
بيانات صحفية
 
مقالات و تحليلات
بريـد القــراء
ترجمات
قصة و شعر
البوم صور
دليل الخريجين
  أغانى سودانية
صور مختارة
  منتدى الانترنت
  دليل الأصدقاء
  اجتماعيات
  نادى القلم السودانى
  الارشيف و المكتبات
  الجرائد العربية
  مواقع سودانية
  مواضيع توثيقية
  ارشيف الاخبار 2006
  ارشيف بيانات 2006
  ارشيف مقالات 2006
  ارشيف اخبار 2005
  ارشيف بيانات 2005
  ارشيف مقالات 2005
  ارشيف الاخبار 2004
  Sudanese News
  Sudanese Music
  اتصل بنا
ابحث

مقالات و تحليلات English Page Last Updated: Jul 11th, 2011 - 15:37:55


حبـوبـة أم طاجون والسائد العام/آدم صيـــام
May 31, 2007, 21:46

سودانيزاونلاين.كوم Sudaneseonline.com

ارسل الموضوع لصديق
 نسخة سهلة الطبع

 

 

حبـوبـة أم طاجون والسائد العام

آدم صيـــام

 

    هي خجيجة بت إساغ جدتي لأمي عمرها كارب القرن ويزيد ، لا أدري كيف تآكلت حتى أصبح وزنها لا يزيد عن ثلاثين كيلوجراماً  وطولها لا يربو عن متر وربع المتر  بينما ابنها البكر يبلغ مترين ونيف . يقول أقرانها إن سبب تسميتها بأم طاجون يرجع إلى ورودها للبئر بحثاً عن الماء بالطاجن بدلاً من القيروانة وليست القيروان المعروفة ، أرضعتنا أحفادها بالقصص والعجائب مثل قصة فاطمة السمحة والغول وسردت لنا تاريخ قبائل الجيران وصفاتهم ، من الذين يتحولون إلى عفاريت  والبعاتي  إلى مصاصي الدماء ، وهؤلاء من الخدم ... وأولاء من يتحولون إلى حشرات ، حتى قبائل أحفادها لم تنج من العبودية والتحول والصيران . في يوم نبّهت خالتي ابنتها الصغيرة بأن لا تتقافذ أمامي لأني سأصير زوجها في المستقبل ! فما كان رد جدتي بأنه لا يجوز أن تزوج هذه البنت الصفراء إلا إلى أمثالها !! في إشارة واضحة بأني من قبيلة وضيعة .

 

   جدتي هذه تنسب نفسها إلى العرب الخلص الذين هاجروا إلى  كد وغفار – كردفان – وتحكي كيف عاشت أسرتها من عز إلى عز حيث عدد الخيول لديهم يملأ وادي بأكمله أما الأبقار فإذا رأيت أولها فلا يمكنك تحديد آخرها ، حتى أن الحليب يحلب ويسقى به الخيول أو يدلق في الخيران من كثرته ، إما عدد الخدم والحشم فحدث ولا حرج .

 

    منذ نشأتي ألفيتها لا ترى إلا بأذنيها  وتعشق القهوة والبن حد الإدمان، لا يهبط شغالها من على الكانون طوال اليوم لدرجة أنها كثيراً ما كانت تغلي تفل البن – ثفل – بلا لون ولا رائحة  وتشرب القهوة في اليوم أكثر من عدد الصلوات . عندما أدركت سر عشقها للقهوة  غالباً ما أرجع في العطلات الجامعية متأبطاً رطلين من البن  والغرنجال من محلات التيمان في أم درمان ، وعند وصولي إلى المنزل أدخل عليها مسارقة ، وفي ذات مرة سلمت عليها وأعطيتها الأمانة ، فأقسمت عليّ أن لا أتحرك من مكاني حتى أشرب فنجاناً من قهوتها الخاصة ، فملأت لي فنجاناً أصفر اللون تعوم على سطحه حشرة ميتة ، وهي تصر على شرب الفأل ، فما كان مني إلا أن تجرعت الفنجان مغمضاً ومثبتاً الحشرة المباركة بشفتي العليا ، ثم أمرت جميع من في المنزل بالحضور والسلام على الولد الوحيد الكلس بما فيهم أمي.

 

    جدتي تتعرف على أحفادها ليس عن طريق الجينات وإنما بأصواتهم فقط ، فتقول هذا آدم ود فاطنة ، وذاك حيضوري ود زيمت – زينب -  وعبد اللاهي ود أمونة ، وعبد الله ود مريم عيدة ، وتسميهم لأمهاتهم على مذهب النسب الأفريقي كما ولها قريب في أبو ظبط – أبو ظبي - .

 

    هذه الحبوبة لها مفرداتها وعباراتها الخاصة فمثلاً : تصف لك شدة ظلام ليلة خريفية بأنك تستطيع أن تتكيء عصاك على ظلامها من الكثافة . ومن عباراتها : ( صنقــر تَــــس ، وقُم زَت ،  وأمشي سَـــــــــت سَــــــــــت قضّي غرضك ، وأجري دقــاق تعال) .

 

      ذهبت ذات يوم إلى منزل الأستاذ الكبير  أبي بكر الجباري المرحوم الذي تقرب إليه بنسب لتعزيه في ابنه الذي قتله الثعبان . فقالت له  :  أخوي أبكر الفاتحـة . فرد عليها يا خديجة أبو بكر أبو بكر  وبعدين الولد سلف ودخري ، خلاص أرجعي لأن بيتك بعيد والليل أليل . عندما تركب المواصلات لاتدفع الأجرة مطلقاً بحجة أنها أنصارية  ، وقد سبقت حكومة هونغ كونغ بثلاثة عقود من اتخاذ قرارها بتخفيض قيمة التذكرة للكبار إلى النصف Senior Citizens  .

 

    ذات صباح مدرسي ونحن طلاب ثانوية نقف في المحطة فإذا هي  هي تمر مسرعة تجر عنزتها تنقا – ولعنزاتها أسماء في حياتنا -  عبرت مجموعتنا ولم تسلم ، فإذا بطالبة من بيننا أرادت إحراجها ، نادتها : حبوبة خجيجة ما بتسلمي مالك ؟ فردت بأنها لم ترنا لأنها مشغولة وفي طريقها إلى منزل عبدالله التلب الذي لديه تيس فحل وعنزتها منذ حولين لم تحبل وفي طرف ثوبها صرة خمسة قروش لزوم البياض فما كان من السائلة إلا أن ابتلعت سؤالها وريقها .

 

    من الأشياء التي لا تفرط فيها صلاتها  وقسمها بالمهدي وخليفته ولربما سجعتها باليماني ورغيفته ، ثم أنها تتحدث طوال اليوم مع نفسها لدرجة يحسبها المار أن بمعيتها أشخاص  ، وكانت أول محاولة شعرية لي فيها إذ قلت :

جدتــــي شمطاء متقرفـص                                              تثرثر أعواماً وتبصبص

 

    الجدات في بلادي أصناف وألوان ، فهناك جارتنا زرقة أم حماد الكباشية التي تنتعل المركوب الرجالي وتلبس السروال أبو درة وتحضر مجالس الرجال لدرجة أن وصفها العامة والدهماء بزرقة أم بيض . تنفس الحوامل وتفك الزار وتتحدث مع الدستور الذي يمتطي النساء عدد لغاتهم ، وتعرفهم بأسمائهم من شريف الحبشي إلى جرجس القبطي ، كما تخفض البنات فرعونياً وكوشياً ، وتنهر الرجال وتهجرهم ، وترجع المطلقات إلى بيوتهن وتسافر ليلاً بلا مرافق ولا فتوى . وهنالك بنت المجذوب فالتة اللسان في رواية الطيب صالح ، وبت قضيم على لسان الفاضل سعيد  وغيرهن .

 

    والجدة في الميراث الإسلامي يحق لها السدس من الميراث بشروط بناء ً على حديث قبيصة بن ذؤيب ، وهناك جدات خارقات مثل الحبوبة جورجينا هارود من جنوب أفريقيا التي تبلغ من العمر اثنين وتسعين عاماً ، قامت بالقفز بالمظلة في مدينة الكاب من إرتفاع تسعة آلاف قدم لتفي بما وعدت به اثنين من أحفادها .

 

     الجدة في الماضي لها شنة ورنة ودور مؤثر في تربية وتغذية الأحفاد بالقصص الخيالية والشهامة والسلوك التربوي ، وهذا ما جعل الكثير من الناس يقودهم السائد العام بلا روية الممتوح  من الجدات حتى بعد أن فارقوا الطفولة . تقلص دور الجدة لدرجة أنها أصبحت لعبة للأطفال تسمى الجدة في الجنة Granny in Paradise    لعبة أركيد طريفة بها جدة تحاول إنقاذ قطتها المسماه الدكتور ميـــــو .

 

    وبمناسبة الجدة والسائد العام فقد طرح أحد دارسي معهد الموسيقى والمسرح إبان الديمقراطية السابقة في دار الكتاب سؤالاً موجهاً لشاعرنا الكبير الفيتوري في قصيدته عرس السودان ، فقال له : لماذا كان جنوبياً هواها وكان العرس عرس الشمال ، ولم يكن شمالياً هواها وكان العرس عرس الجنوب ؟ أم أنك واقع في السائد العام؟ فما كان رد الشاعر : حقيقة لا يخرج ذلك من نمط السائد العام . والسؤال السائد هو : هل السائد العام الذي رضعناه من محبوباتنا هو الموقف الصحيح الذي يؤطر الهوية ويشكل المزاج السوداني العام بضبانته ؟


© Copyright by SudaneseOnline.com


ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

أعلى الصفحة



الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات و تحليلات
  • تشارلز تيلور يكتب من لاهاي هاشم بانقا الريح*
  • تنامي ظاهرة اغتصاب الاطفال ...! بقلم / ايـليـــا أرومــي كــوكــو
  • مؤتمر تمويل التنمية/د. حسن بشير محمد نور - الخرطوم
  • بين مكي بلايل والعنصرية والحركة الشعبية /الطيب مصطفى
  • قالوا "تحت تحت" الميرغنى ماااااا "داير الوحدة"/عبد العزيز سليمان
  • الصراع الخفي بين إدارة السدود والمؤتمر الوطني (4-12) بقلم: محمد العامري
  • قواعد القانون الدولى المتعلق بحصانات رؤساء وقادة الدول/حماد وادى سند الكرتى
  • هل يصبح السيد مو ابراهيم حريرى السودان بقلم: المهندس /مطفى مكى
  • حسن ساتي و سيناريو الموت.. بقلم - ايـليـا أرومـي كـوكـو
  • الجدوي من تعديل حدود اقليم دارفور لصالح الشمالية/محمد ادم فاشر
  • صلاح قوش , اختراقات سياسية ودبلوماسية !!؟؟/حـــــــــاج علي
  • أبكيك حسن ساتي وأبكيك/جمال عنقرة
  • نظامنا التعليمي: الإستثمار في العقول أم في رأس المال؟!/مجتبى عرمان
  • صندوق إعادة بناء وتنمية شرق السودان .. إنعدام للشفافية وغياب للمحاسبة /محمد عبد الله سيد أحمد
  • )3 مفكرة القاهرة (/مصطفى عبد العزيز البطل
  • صاحب الإنتباهة ينفث حار أنفاسه علي باقان: الصادق حمدين
  • جامعة الخرطوم على موعد مع التاريخ/سليمان الأمين
  • ما المطلوب لإنجاح المبادرة القطرية !؟/ آدم خاطر
  • الجزء الخامس: لرواية للماضي ضحايا/ الأستاذ/ يعقوب آدم عبدالشافع
  • مبارك حسين والصادق الصديق الحلقة الأولى (1-3) /ثروت قاسم
  • ماذا كسبت دارفور من هذه الحرب اللعينة !!/آدم الهلباوى
  • الأجيال في السودان تصالح و وئام أم صراع و صدام؟؟؟ 1/2/الفاضل إحيمر/ أوتاوا
  • النمـرة غـلط !!/عبدالله علقم
  • العودة وحقها ومنظمة التحرير الفلسطينية بقلم نقولا ناصر*
  • المختصر الى الزواج المرتقب بين حركتى العدل والمساواة والحركة الشعبية لتحرير السودان /ادم على/هولندا
  • سوداني او امريكي؟ (1): واشنطن: محمد علي صالح
  • بحث في ظاهـرة الوقوقـة!/فيصل على سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر
  • سقوط المارد إلى الهاوية : الأزمة مستمرة : عزيز العرباوي-كاتب مغربي
  • قمة العشرين وترعة أبو عشرين ومقابر أخرى وسُخرية معاذ..!!/حـــــــــــاج علي
  • لهفي على جنوب السودان..!! مكي المغربي
  • تعليق على مقالات الدكتور امين حامد زين العابدين عن مشكلة ابيي/جبريل حسن احمد
  • طلاب دارفور... /خالد تارس
  • سوق المقل أ شهر أسواق الشايقية بقلم : محمدعثمان محمد.
  • الجزء الخامس لرواية: للماضي ضحايا الأستاذ/ يعقوب آدم عبدالشافع
  • صاحب الإنتباهة ينفث حار أنفاسه علي باقان أموم/ الصادق حمدين
  • رحم الله أمناء الأمة/محجوب التجاني
  • قصة قصيرة " قتل في الضاحية الغربية" بقلم: بقادى الحاج أحمد
  • وما أدراك ما الهرمجدون ؟! !/توفيق عبدا لرحيم منصور
  • الرائحة الكريهة للإستراتيجي بائتة وليست جديدة !!! /الأمين أوهاج – بورتسودان
  • المتسللون عبر الحدود والقادمون من الكهوف وتجار القوت ماشأنهم بطوكر /الامين أوهاج