صوت من لا صوت له وطن من لا وطن له
الصفحة الرئيسية  English
المنبر العام
اخر الاخبار
اخبار الجاليات
اخبار رياضية و فنية
تقارير
حـــوار
أعلن معنا
بيانات صحفية
مقالات و تحليلات
بريـد القــراء
ترجمات
قصة و شعر
البوم صور
دليل الخريجين
  أغانى سودانية
صور مختارة
  منتدى الانترنت
  دليل الأصدقاء
  اجتماعيات
  نادى القلم السودانى
  الارشيف و المكتبات
  الجرائد العربية
  مواقع سودانية
  مواضيع توثيقية
  ارشيف الاخبار 2006
  ارشيف بيانات 2006
  ارشيف مقالات 2006
  ارشيف اخبار 2005
  ارشيف بيانات 2005
  ارشيف مقالات 2005
  ارشيف الاخبار 2004
  Sudanese News
  Sudanese Music
  اتصل بنا
ابحث

مقالات و تحليلات : ترجمات English Page Last Updated: Jul 11th, 2011 - 15:37:55


رحيل الماشية وعودتها في بوروندي 1/2 من كتاب: الأدب في أفريقيا- القسم الخامس- النثر المكتوب- أعداد: بقادى الحاج احمد
Jul 17, 2008, 19:02

سودانيزاونلاين.كوم Sudaneseonline.com

ارسل الموضوع لصديق
 نسخة سهلة الطبع

 

رحيل الماشية وعودتها في بوروندي 1/2 من كتاب: الأدب في أفريقيا- القسم الخامس- النثر المكتوب- أعداد: بقادى الحاج احمد

 

المؤلف:المنستيور نتوياهاجا

 رئيس أساقفة اوسومبورا، ترجمتها مس جوان نكلسون.

 

النص:

 

إذا أخذنا تعبيرات الروندى لتمييز الأنواع المختلفة من الأدب المنطوق، وأضفنا الخصائص التي تبدو ملائمة لكل منها، فإننا نحصل علي فكرة ما عن الفن المنطوق، وكما يزدهر في بوروندي. يستطيع المرء فوق هذا أن يستخدم ابرز هذه السمات للحصول علي عرض منظم للمواد دون كبير تحريف للصورة، فهناك من ناحية كيفية إخراج قطعة من الفن المنطوق: بالإلقاء (كالخطاب الحماسي) أو بالغناء أو الكلام. وهناك من ناحية أخرى مقياس القيم الذي يبدو أن الناس في بوروندي يطبقونه علي مختلف الأنواع : وهى تتدرج من القطع الجادة جدا، إلي القطع الاحتفالية والخيالية والقطع التي تقدم لمجرد الترفيه.

 

ويميز التعبيران الأولان إشكال الإلقاء التي تتمتع بتقدير عظيم فالايفيفوجو او الامازيناوهما مدائح في المحاربين أو الماشية أو الصيادين أو كلاب الصيد، تلقي بسرعة وبصوت مرتفع، في جمل طويلة. وتبدأ كل منها بنغمة عالية تهبط شيئا فشيئا إلي نغمة شديدة الانخفاض، وتحتوى علي سلاسل من الكلمات المركبة والأعلام غير العادية التي تكثر قيها الثورية والاستعارات، والابيكوبا هي من اللون نفسه، ولكن يلقيها الرعاة لتشجيع الماشية أو لتهدئتها.

 

وفى المكان الأول بين القطع التي تغنى : ال ( ابيهوها)، ويهمس بها رعاة الماشية إبان ساعات المراقبة، لصوت السنطير ذي الأوتار السبعة (ايناتجا) وتساوى هذه في قيمتها تقريبا عناء هدهدة الأطفال ( ايفيو جو مبيرو)، التي تعتبر عن الحنان، ولكنها تعبر أيضا عن مشاعر التوتر والمخاوف العائلية. (وال ابيتيكو) قصص قصيرة تحتوى علي أغان، وأكثرها شيوعا ال ( امفيينو) الذي يصاحبه التصفيق بالأيدي، يؤدى دائما إلي الرقص: وتوجد منه أنواع كثيرة تقترن بالشراب، والاحتفال بترحيل الماشية، واحتفال الزواج، والميلاد، وعلي عكس ذلك تصاحب ال ( انديرومبو)- إذا كان يصاحبها شيء علي الإطلاق- آله موسيقية وهناك أيضا عدة أنواع : كامتداح الوطن، وتقديم الشكر في الولائم، والشكوى وما إلي ذلك.

 

وهناك أنواع شتى من الإشكال المنطوقة، وهذا النص احد هذه الأمثلة، ففيه مأثورات تاريخية، وقصص تدور حول المخلوقات المخيفة،وقصص عن أناس ذوى مواهب وحظوظ غير مألوفة، وقصص عن الحيوان ، وقصص قصيرة عن السامندارى الساذج المحتال، وأقوال مأثورة وأمثلة. ويطلق علي كل هذه (ايميجانى). أما الاحاجى ( ابيسوكوى) فهي للتسلية فقط، ومعظمها للأطفال.

ومع أن النص التالي يعتمد اعتمادا كبيرا علي المادة القديمة، وهو في روحه سلفي محض. إلا انه المثال الأول، الوحيد حتى الآن، للإنشاء المكتوب في الوقت الحاضر، وهو في الواقع بداية الأدب بالمعنى الأضيق لهذه الكلمة.

 

 

 

 

 

 

 

 

(1) ها قد جاءت الأبقار!

 

لم يتنقل احد في بوروندي دون أن يعرف مقدار ما تعنيه البقرة للبلاد، فالبقرة تحب لجمالها ولنفعها، وللمنزلة التي تضفيها علي صاحبها. وليس جمال البقرة بالشيء الخارق للعادة، ولكن ما يحبه الرجل يعتبره جميلا.

والبقرة تحب لفائدتها الكبرى، فلا ينتج منها شيء خال من القيمة، والبوروندي محتاج إلي كل جزء من البقرة، من حافرها إلي طرف قرنها.

والرجل الفقير يصل إلي المذبح، فان اخفق في الحصول علي اللحم، فانه يعود بحافر بقرة علي الأقل. وكل من الصياد والقاتل الذي يأتي إلي المذبح يتذكر القوس والوتر الذي يشده فيأخذ عصب البقرة. وصانع القماش من اللحاء يرى القرون فيتذكر اللوح الذي يضرب فوقه القماش، ولذلك يأخذ إطراف القرون ( ليضرب بها القماش علي اللوح). والرجل الذي يشتهى اللحم بل كل من يحتاج إلي اللحم- يأتي إلي المذبح، وحين يرى قطعة من اللحم يفكر فيما يملكه، فيستخدم بعضه، ولا يهم إذا كان ما يملكه حبوبا أو معدنا،( ليبادل به) مادام يستطيع شراء بعض اللحــــم.

فالبقر لذلك ذات قيمة لمالها ولجيرانه، وليس في البقرة شيء ضائع، حتى جلدها؛ ولقد قلت" حتى" ، ولكن الجلد في الحقيقة ليس قليل القيمة عند الناس.

 

وكان جلد البقرة، قبل أن ياتى الأوروبيون ويعلمونا أسلوبا جديدا في الملبس ، يرتدى بالطريقة نفسها التي يرتدى بها قماش اللحاء المضروب.. وكانت البقرة تسلخ بعناية، ويسمر الجلد لكي يجف ثم يكشط ويطرق، ثم يدعك بالزبد حتى يصبح الجلد ناعما بالقدر الكافي لكي يلبس.  الفقراء كانوا يرتدون الجلد دون تنعيمه، ولذلك كان يطلقون عليهم " انديباتى" ( المخشخشون)، والسبب في هذا إنهم كانوا عندما يسيرون، يصدر الجلد ضوضاء:"نديباتى، نديباتى، ( صوت الخشخشة).

ولكن قيمة البقرة الميتة لا تبلغ قيمة البقرة الحية، ومع اننى تكلمت – منفردا- عن البقرة الميتة، فاني لم أكن لأجرؤ أم افعل هذا لو كنت بين جماعة من الناس، وخاصة تلك الجماعة التي تملك الأبقار، فهل بينكم  من يجهل أن الموتوتسى ترعى بقرته ويربيها لكي تلد له عدة عجول، وعندما تكبر لا يستطيع أن يروض نفسه على أكلها، بل يبادل بها بقرة أقل منها قيمة؟ الم تروه قط يبكى وينتحب حين تموت بقرة في الحظيرة أو بسبب سقوطها في حفرة.

 

وهو يسمى البقرة منتجة حتى بعد أن تتوقف عن الولادة، ويسميها باب الرخاء حين تصبح عاجزة عن الدخول من الباب، وهو يسميها المدفأة، في حين أنها لا تستطيع أن تدفئ نفسها هناك. ويسميها عماد البيت في حين أنها لا تقدم له اى شيء. أذهب والعن بقرة علي مسمع من موتوتسى هكذا أو اضربه علي وجهها ثم اسمع ما سيقوله!

 

تأمل فيما تعنيه البقرة، بالنسه إليه، انه يدعوها صديقته وزميلته. أو ليست البقرة تعنى عنده الطعام والصحة جميعا؟ فذلك الجسم الممتلئ وأولئك الأطفال السمان، أليسوا نتيجة للبن البقرة وزبدها؟ وتلك الحقول ذات المحصلات الوفيرة، أليست نتيجة للسماد الذي يكلفه السباخ والشهب الذي تنام عليه الأبقار؟ وتلك الدار الركينة العامرة، الا تعتمد على البقرة- أليست هي نتاجها؟

أتجرؤ أن تقول لي:" أن البقرة لاتعنى كل هذا الشيء الكثير بالنسبة للموتوتسى.. وان فقدان بقرة لا يشكل كارثة فظيعة كهذه، وأنها لاتعنى فقرا مدقعا للموتوسى، أو خسارة لا تعوض؟" اننى لأسألك مادامت البقرة، في الواقع، تتحكم فيه أسرته، كيف يستطيع أن يحب أسرته ويكره البقرة مادامت تكفهم جميعا؟ دعه يحب البقرة فان لديه مبررا معقولا لهذا الحب.

 

ولكن ليس هذا هو السبب الوحيد لحبه البقرة، فهو يحبها للمنزلة التي تضفيها عليه. والحظيرة التي تأوي إليها الأبقار ليلا ليست مكانا موحشا، أن الحظيرة التي تأوي إليها الأبقار ليلا هي مكانا راسخ الأركان،يحظى بالاحترام، أنها حظيرة رجل حق في المساء يعود بأبقاره، ويتصاعد الدخان من النار، فيقول الجيران:" إن فلانا أحضر أبقاره إلي البيت".

 

وفي الصباح يوقد النار مرة أخرى، ويخور البقر، فيقول الجيران:" إن فلانا يخرج بأبقاره إلي المرعى". أصغ إلي خوار البقرة والي صوت تنفسها ليلا، ثم قل لي إذا كانت مثل هذه الحظيرة التي بها الأبقار يمكن أن تقارن بحظيرة لاتزقزق فيها سوى الصراصير في الليل؟ أليس هذا هو ما جعل الموتوتسى يضحك عندما مر ببعض الباهوتو الذين لا يملكون أبقارا؟ لقد وجدهم يتحدثون معا، ويبتسمون ويضحكون مسرورين، فابتعد عنهم، وقال لأصدقائه: " أن هؤلاء الباهوتو لا يشعرون حتى بالأسف، أنهم لايملكون أبقارا، ومع ذلك يستطيعون أن يجدوا شيئا يضحكون منه!".

 

فالشيء الوحيد ذو القيمة الحقيقية عند الموتوتسى هو البقرة، وكل شيء عداها ثانوي، إن البقرة تملا فكره وقلبه، ومن أجل ذلك يمر المسافرون" دون أن يعرفوه، ولا يطلقون عليه " الرجل الذي لا قلب له" الذي يحب أبقاره أكثر من أطفاله، ولكنى أسألك ، كيف يستطيع اى شخص أن يحب أطفاله دون أن يحب ما يمدهم بأسباب الحياة؟ أن الموتوتسى يحب بقرته ولكنه يحبها من اجل أطفاله، وان كان لا يحدث عن ذلك" فليست بحاجة أن تصيح لتثبيت انك سعيد"، (مثل) انه يحب بقرته من اجل أطفاله ويعلم أطفاله انه يحبوها هم أيضا.

 

وحين تراه بين أقرانه، فنظر كيف يظهر في حقيقته الشيء الذي هو أحب إلي قلبه، عندما يريد التعبير عن دهشته يتحدث عن رجل أعطاه بقرته! وإذا أراد أن يمتدحك تمنى لك أن تكون في صحبه هذا الرجل الخير! وإذا أراد أن يقسم قسما فانه يحلف بحياة هذا الرجل الخير! وعندما يكون سعيدا يحلف بالبقرة الفلانيه، وان أبغضك فانه يعبر عن أمنيته في أن تؤخذ منك جميع بقراتك حتى لا يصبح لديك لبن ولا أبقار، وتشرب الا الماء، ولا يعلم الله وحده، ما هو أسوا من تلك لعنة!

 

وليس  هو وحده الذي يحب الأبقار، بل أن حب الأبقار يسرى في جميع إفراد الأسرة، وأولئك الذين عرفوا جداتهم وعماتهم أو خالاتهم يعلمون هذا جيدا، فعندما تأتى الجدة للزيارة، يجرى أحفادها لمقابلتها، فان كنت واقفا علي مقربه، فأصغ بانتباه إلي النغم التي تتحدث بها إليهم وهي تضع يدها علي رءوسهم.

 

أنها  بعد تتمنى لهم صحة جيدة، وعمرا طويلا لوالديهم، تتمنى لهم أن يملكوا أبقار، أبقارا كثيرة جدا بحيث ياتى الآخرون ليسألوهم واحدة منها، كما تتمنى إلي جانب هذا أن يحارب أحفادهم دفاعا عن أبقارهم. وهكذا يشب الطفل ، وتشب معه المنزلة التي تحتلها البقرة من قلبه.فهل من العجيب أذن أن توجد أعياد خاصة للأبقار" أيام بيضاء"، كما يسمونها؟ الا يجد الرجل مسرة فيما يحبه؟

 

هناك أعياد كثيرة للأبقار، ولكن يوم عودة الأبقار من المرعى أعظم هذه الأعياد جميعا، أن يوم رحيل الأبقار إلي المرعى يوم لايحبه سادتها مطلقا، إذ يكونون كمن جردوا من ثروتهم،جردهم منها اقتراب موسم الجفاف. فحين يخرجونها من الحظيرة تكون قلوبهم مثقلة، ولكنهم لا يملكون شيئا غير هذا، ثم يعودون إلي البيت كرجال نهبت ثروتهم، ولكن سلواهم هو أن الأبقار ستعود ثانية عندما يبدأ هطول الأمطار. رحيل الأبقار وعودتها- هذه الكلمة الأخيرة هي التي تجلب البهجة للذين يملكون أبقارا.

 

( 2) الرحيل

 

يعرف الذين تجولوا في اوروندى أن الشمس تكون علي أشدها من شهر مايو إلي شهر أكتوبر، ويبدأ سقوط المطر في شهر أكتوبر، ولكن هذه الأمطار لا يعتمد عليها لأنها تسقط مع تدفق أشعة الشمس، وتسبب هذه الأمطار نمو العشب، ففي أكتوبر  يكون العشب قد نما مرة أخرى في الأرض المحترقة، وتكون الحشائش لينه في الحقول والشمس دافئة لطيفة. أما في يوليو، فبالرغم من أن الشمس لا تكون قد حميت كثيرا، فان الأبقار التي تستحق الذهاب إلي المرعى تؤخذ إلي أجزاء مختلفة من البلاد لكي تترك علف للأبقار الباقية- سيقان الدخن، وحشائش المستنقعات. ويستمر موسم الجفاف الحقيقي من مايو إلي سبتمبر.

 

وينتهي الموسم الرطب في مايو فينتشر أصحاب الأبقار في جميع أنحاء البلاد بحثا عن أرض المرعى. وليس كل أوروندى تملك أبقارا، إذ أن هناك مناطق تصلح للأبقار ومناطق لا تصلح لها، ولذلك فان الذين يبحثون عن المرعى ينقبون عن الأماكن التي لاتوجد بها أبقار، أو يوجد منها عدد قليل. أما أولئك الذين يأتون من الروجورو " الأرض المرتفعة" في الهضبة القريبة من قصر الملك. فيأخذون أبقارهم إلي منطقة (مبو). وأما أولئك الذين يأتون من يويوجوما، أو يويوجوما رواشى،(أسم رجل)، فيأخذون أبقارهم إلي تلال كوموسو.

 

والذين يبحثون عن المرعى لا يزالون يسالون، حتى ليسألون الأشجار والطيور، عن أماكن نمو العشب في الأرض الملتهبة، والأماكن التي يتموج فيها مع النسيم, ويصعد الأذكياء منهم على التلال المأهولة وغير المأهولة، وغير المأهولة، ويجتازون الوديان وعابرون السهول ليروا ما إذا كانت الحشائش تكفي الأبقار إبان شهور مكثها هناك، ولكنهم يبحثون بخاصة عما إذا كانت التلال مستوية بالقدر الكافي الذي يسمح للأبقار بالرعي دون أن تنزلق، وما أذا كانت مجارى المياه تكفل للأبقار الماء دون مخاطر، وما إذا كانت هناك أرض مستوية يمكن أن تبنى عليها أكواخ وحظائر.

 

وبعد أن يطوفوا بأنحاء البلاد، ويلاحظوا الأماكن التي يمكن رعى الأبقار فيها وإيوائها ليلا، وبعد أن يعرفوا الأماكن الخطرة في الممرات التي ستطرقها الأبقار، يعودون لإبلاغ الذين أرسلوهم. وحينئذ يعدون العدة للرحيل. وهم يتبعون في بعض الأماكن طريقة ما، وفى بعضها الآخر طريقه أخرى، ولكنهما متشابهتان في الحقيقة وهناك بعض أبقار تسمى"انيابو" ( وهى أبقار ذات قرون كبيرة جميلة) وأبقار أخرى تسمى" امبانجو" وهى اصغر من الأبقار العادية) وتوجد الانيامبو في قطيع الملك أو الزعيم. ويمكن أن يكون هناك قطيعان أو ثلاثة، بل أربعة قطعان بحسب عدد الأبقار التي يملكها الشخص. وفى كل قطيع ثوران أو ثلاثة. والامبانجو هي أبقار الناس العادين، ولا ترافق أبقار الملك.

 

فأنت ترى أذن أن رحيل الأبقار معناه اجتماع الأبقار معا من جميع أنحاء البلاد، حتى إذا لم يرسل الرجل كل الأبقار التي يملكها. يسير أولئك الذين يقودون الأبقار ببط شديد، ويحتشدون جميعا، فيشبهون جيشا كبيرا، لأنهم جميعا يأخذون أقواسهم للدفاع عن أنفسهم ضد اللصوص والأعداء.

قلت أن الرجل لا يرسل كل أبقاره إلي المرعى، فلا تذهب البقرة الحديثة الولادة، وكذلك البقرة التي تقدمت بها السن كثيرا، لان أصحابها يخشون أن تتعبها الرحلة أكثر مما ينبغي، وتؤخذ العجول الكبيرة إلي المرعى، والأبقار الكاملة النمو، وحتى تلك الأبقار التي أنتجت مرات عدة ولكنها غير بالغة الكبر، ويحدث أن كثيرا من الناس يقسمون أبقارهم بين منطقتي رعى، أو يضعون بعضها مع قطيع رجل آخر- والواقع أن كل رجل يرسل أبقاره للرعي كيفما يشاء. وعندما يحل وقت الرحيل يكون قد انتهى إلي رأى.

 

والأشياء الأخرى التي يجب إعدادها هي الطعام والشراب والقدور التي يحلب فيها اللبن. ويكون الطعام المعد على قدر الرحلة ويعطى الطعام الخاص بشهور بقائهم في المرعى مقابل اللبن، ويرعى القطيع في المكان الذي تقل فيه الأبقار أو الخالي منها. والسكان عادة من الباهوتو الذين يزرعون البطاطا والمحولات الأخرى، ولكنهم لا يهتمون بالأبقار، ومع ذلك فأنهم إذا ما ذاقوا اللبن مرة فأنهم يحبونه أكثر من الباتوتسى انفسهم، اذن فالرعاة يخرجون وهم يعرفون أن اللبن سيكلفهم، سواء لشربهما ولمبادلته بأشياء أخرى. واللبن طيب المذاق جدا، ومع ذلك فإذا ماشربه المرء دون غيره  فانه يفقد طعمه، فلهذا السبب ياتى الرعاة بالجعة علي سبيل التغيير.

وقدور اللبن التي يستعملونها صغيرة لكي لايكون الحلب فيها مريحا، ويحملها الأغنياء في سلال، والفقراء في أيديهم ويغطونها بأوراق الموز، وهذا نوع من الرمز، لان شجرة الموز بقرة ثانية بالنسبة للموروندى ( اى أنها تلي البقرة في الأهمية).

 

والرعاة هم الذين يقودون القطيع، ويحملون قدور اللبن ويحمل الحمالون الأشياء الأخرى- الطعام والشراب والأغطية والحصر التي ينامون عليها. وهم أما أن يسبقوا الأبقار أو يأتوا بعدها. ويجب الا يسير هؤلاء الحمالون بجانب الأبقار، وهم يبصرون بالمكان الذي يتركون فيه أحمالهم، أو المكان الذي يجدون فيه الأبقار أن كانوا قد جاءوا على أثرها.

 

وأخيرا يكون كل شيء قد أعد،ويحل اليوم العظيم، فيستيقظ مبكرا في الصباح وتسمع خوار البقر والعجول، وضجة أصوات أصحابها ويشهد الفجر الباكر خروجهم إلي الطريق، العجول أمهاتها، فهي لم تطعم بعد، والأبقار في جماعات، فلأبقار القادمة من تل واحد أو اثنين وعندما تشتد حرارة الشمس، في الوقت الذي تعاد فيه العجول عادة إلي حظائرها، يسمح لها آنئذ بالرضاعة.

وفى هذه المرحلة توضع الأبقار في مجموعات، تلك التي معها العجول على حدة، والباقي كذلك ثم يسمح لها حينئذ بالراحة. ولا تحلب الأبقار،ولا يسمح للعجول بالرضاعة مدة طويلة خشية أن تصاب بأذى أثناء الرحلة.

 

وعندما تستريح العجول يصفر الرعاة ويعنون للأبقار التي تنهض فتبدأ رحلتها، ولكنها لا تتقدم الا ببطء، ويسمح لها  بالرعي حيث ينمو العشب المحترق ويكون هناك. ولا يمر الرعاة بأرض صالحة للرعي دون أن يتركوا أبقارهم ترعى، فهم لا يهتمون بالوصول إلي نهاية الرحلة، بل بالعثور على عشب صالح للأبقار، ولذلك فقد لا يبلغون نهاية رحلتهم بسرعة كبيرة، بل يقضون ليلتين أو ثلاثا في الطريق، ولكن ذلك لا يهمهم مطلقا، إذا كانت الأبقار عند وصولها بالفعل.. سمينه ناضرة.

 


© Copyright by SudaneseOnline.com


ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

أعلى الصفحة



الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

ترجمات
  • تشارلز تيلور يكتب من لاهاي هاشم بانقا الريح*
  • المتصوّفون الضّاحكون*/تحريرُ وترجمة:- إبراهيم جعفر
  • اسقاط النظام في ثلاثة أيام!!!
  • روبرت فيسك: ثمة أشياء لم اكتبها بعد !/ترجمة معتصم كدكي
  • fuzzy wuzzy للشاعر الإنجليزي روديارد كبلنج /عبد المنعم خليفة خوجلي
  • لماذا يجب ان يكون الرفيق سلفاكير ميارديت رئيساً للسودان فى 2009 /إزيكيل جاتكوث
  • دكتور: بشير عمر محمد فضل الله – كأحد الخمسمائة زعيم عالمي للقرن الجديد – ترجمة وتقديم : بقادى الحاج أحمد
  • رئيس حركة تحرير السودان يصبح محط أنظار الكثيرين في الوقت الذي يصاب فيه رئيس جمهورية السودان بالهلع و الذعر./بقلم / إستيف باترينو- من صحيفة سودان تريبيون الإكترونية ترجمة- حجرين جاموس
  • المدعي العام لمحكمة الجزاء الذي يريد احضار البشير للعدالة مطالب بالاستقالة ( الديلي تلغراف)/ترجمة مصعب الأمين
  • من هو أوكامبو عبدالله يوسف عبد الله
  • رحيل الماشية وعودتها في بوروندي 1/2 من كتاب: الأدب في أفريقيا- القسم الخامس- النثر المكتوب- أعداد: بقادى الحاج احمد
  • دارفور .... حقيقة أم خيال بواسطة البرفيسور آنن يارتلت /ترجمة / محمد سليمان.
  • تيلهارد دي شاردن: "مكان الإنسان في الطّبيعة"*: مقدّمة وفاتحة وإشارة ومدخل [ترجمة: إبراهيم جعفر].
  • تـقريــر "فـرنسـا والـعولـمة" ترجمة وعرض : مؤيد شريف
  • الفصل بين الأولاد و البنات في التعليم العام* ترجمها بتصرف: محمد عربان
  • أورويل في البيت الأبيض!* أنيتا رَوْدِك**ْ
  • السُّكونُ يُضيءُ عزلةَ الموتْ شعر- عبد المنعم عوض/Translated by: Ibrahim Jaffar
  • قصة الدبدوب السوداني تكشف عقدة الدونية الإسلامية* وليد علي ** ترجمة محمد عثمان ابراهيم
  • بيتر شيني*:- أحد روّاد الآركيولوجيا الأفريقية الأوائل*/بقلم:- بيتر كلارك/ترجمة:- إبراهيم جعفر
  • بيتر هولت.. مؤرِّخ الشََّرق الأوسط والسُّودان-ترجمة الدكتور عمر مصطفى شركيان
  • أهل الخير يمارسون الشر في دارفور/آرلين غيتز*-ترجمة : محمد عثمان ابراهيم
  • من دفاتر المخابرات : أوراق الأحمق/جوناثان بيقينس-ترجمة : محمد عثمان ابراهيم
  • كيف ضل الغرب مالكوم فرايزر*/ترجمة : محمد عثمان ابراهيم
  • الراهب الباطني*/ترجمة:- إبراهيم جعفر
  • فصل من كتاب ** التنمية كاستعمار للكاتب Edward Goldsmith ترجمها عن الانجليزية أحمد الأمين أحمد و حنان بابكر محمد
  • صدقُ الحائر:- حالُ "الحيرةِ" ما بين دريدا وابن عربي...* بقلم:- إيان ألموند/ترجمه عن اللغةِ الإنجليزيّة:- إبراهيم جعفر
  • سياسة التعريب في ( تُلس ) كما وصفتها صحيفة اللوس انجلز تايمز/سارة عيسي
  • "لا أحدَ أنشأَأفلاماً مثله"* [إهداء الترجمة:- إلى الصديق العزيز والناقد السينمائي الأستاذ:- محمد المصطفى الامين]./ترجمة:- إبراهيم جعفر
  • صحيفة /القارديان/ البريطانية تنعى السينمائيّ السويدي انقمار بيرقمان/ترجمة:- إبراهيم جعفر
  • خللَ زُجاجٍ؛ بوضوح:- رحيل انقمار بيرقمان (ترجمة:- إبراهيم جعفر)
  • البــدو (المجاي/ البجا) والفراعـنـة بقـلــم : روبـــرت بيـــرج/ترجمة / محمد جعفر أبوبكر
  • صحيفة "القارديان" البريطانية تنعي سمبين عثمان*/(ترجمة:- إبراهيم جعفر).
  • دارفور: لعبة التسميات* بقلم بروفسير محمود مامدانى /ترجمة الصديق الأمين
  • بحوث تستكشف التخلص من شبكة الانترنت الحالية لصالح أخري حديثة /ترجمة د./ عباس محمد حسن
  • العلماء يقتربون من صنع قناع (عباءة) الإخفاء/ترجمة د./ عبـاس محمد حسن
  • دارفور وسيناريوهات مجلس الأمن ../متابعة وترجمة واستخلاص : توفيق منصور (أبو مي)
  • الثقافه والإعلام فى المجتمع البريطاني المعاصر/ترجمه : أحمد الأمين أحمد..
  • فصل من كتاب: ملامح من المجتمع البريطاني المعاصر/ترجمة:أحمد الأمين أحمد
  • بمناسبة يوم المرأة العالمي: تصوير المرأة في روايات الكاتب النيجيري Chinua Achebe /ترجمة : أحمد الأمين أحمد
  • الجزء الأول من رد الدكتور كول جوك للأستاذ/السنجك/ترجمة : سارة عيسي