بسم الله الرحمن الرحيم
دارفور وسيناريوهات مجلس الأمن ..
رفض طلب لأمريكا باعتبار أحد التقارير الخطيرة عن السودان كوثيقة رسمية..
خيار العقوبات ما زال على طاولتي المجلس الأممي والبيت الأبيض..
ضغوطات تُمارس على الصين أبرزها وأخطرها وأحدثها التلويح بمقاطعة أولمبياد بكين 2008
متابعة وترجمة واستخلاص : توفيق منصور (أبو مي)
الرباط : المملكة المغربية
أصدر مجلس الأمن الدولي خطته للتعامل مع ملفات دارفور الملتهبة حسب تقييم أروقته للقضية ، وذلك لشهر مايو وما يليه من أيام .. وأشارت الخطة في فقرة (الفعاليات المتوقعة) بأن أعضاء المجلس سيكرسون جل جهدهم خلال مايو للتأكد من أن الخرطوم ستفي بالتزاماتها فيما يخص موضوع (البعثة الهجين للسلام الدار فوري) المتكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي .. وسينظر المجلس فيما إذا كان سيضع ثقلا على العملية السياسية التي تتبناها ليبيا بمشاركة أطراف دولية أخرى . وتشير الخطة إلى أن خيار العقوبات ما زال يلوح في أفق المجلس في حالة تماطل الخرطوم من تنفيذ المطلوب منها .. وفي وقت إعداد هذه الخطة (كما يشير التقرير) فإن مجلس الأمن يناقش مقترحاً لأمريكا يخص أمر التجديد لبعثة سلام السودان (UNMIS) ، ولكن لوحظ أن أمر دارفور والعملية الهجين أخذا حيزاً كبيراً من النقاش على الرغم من أن الأمر يخص (اليونيمس) !!.. (بمعنى أن أعضاء مجلس الأمن كلما اجتمعوا لمناقشة أمر ما إنما يتناولون أمر دارفور) .. هذا وكلما تم تناول موضوع دارفور فإن الأعضاء يحثون الأمين العام على سرعة التحرك والبت في أمر القوات الهجين ، وذلك مع التأكيد له بأن الأمر يتطلب لأجل إنجازه وحمايته ممارسة السرعة والحزم (robust) ، خاصة فيما يخص القيادة الأممية للقوة وإدارة الآليات المالية والإدارية من قبل الأمم المتحدة ، ويطالبون الأمين العام بتزويدهم وعلى وجه السرعة والاستمرارية بتقارير تفيد مسارات الخطوات المنجزة أو العثرات لأجل البت السريع في الأمر ..
هذا ويشير التقرير إلى أن روسيا والصين وقطر واندونيسيا عبروا مبدئياً عن عدم ارتياحهم على تضمين (inclusion) دارفور قي فقرات مسودة مقترح أمريكا بخصوص (اليونيمس) .. هذا ويبدو أن أعضاء المجلس وفي وقت طباعة هذا التقرير يعملون على التوصل لحل وسط بشأن تضمين دارفور في قرار خاص ب(اليونيمس) والذي من المتوقع أن يصدر مع نهاية أبريل ..
أما بالنسبة للفقرة التي يُعنونها تقرير خطة عمل المجلس بالتطورات الأحدث (key recent developments) ، فإن التقرير يؤكد بأن الحالة الإنسانية ما زالت متدهورة في دارفور ، وأن هناك هجمات منتظمة (regular attacks) ضد المدنيين وعمال الإغاثة والقوات الأفريقية .. هذا ويشير التقرير إلى التحركات من أجل خلق جو لمحادثات سلام ، ولكن يؤكد بأن العائق الأكبر يتمثل في التفتت (fragmentation) الذي يزداد وسط مجموعات المتمردين وكذلك المجموعات المحلية ومليشيات الجنجويد التي ترعاها ( government-sponsored) الحكومة (على حد تعبير التقرير الأممي) .. هذا ويؤكد التقرير إلى أن الضغط على السودان قد وصل قمته خاصة التهديد المتكرر بالعقوبات من قِبَل أمريكا وبريطانيا وألمانيا ، إضافة للإشارات القوية الغير مسبوقة (unprecedented) من قِبَل الصين إضافة لجنوب أفريقيا . هذا ويُذكَّر التقرير باجتماعات الرياض على هامش القمة العربية وأهميتها في دفع السودان وتشجيعه للقبول بحزمة الدعم الثقيلة .. ويشير كذلك لتوجهات أمريكا وبريطانيا في طريق استصدار قرارٍ يشدد العقوبات على السودان .. هذا ويشير التقرير إلى أن اجتماعات غير رسمية (informal) قد تمت وشملت أعضاء المجلس الأممي والأمين العام و(الياسون) و(سالم) ، وتمخض عنها الاتفاق بوضع خارطة طريق كخطوة قادمة والتركيز على العملية السياسية والتحرك نحو خلق القوات وتمويلها لأجل حفظ السلام بالإقليم .. هذا وفيما يخص تكوين أو خلق القوات (troop generation) فإن بعض الدول قد أبدت رغبتها في المشاركة ومنها إثيوبيا ، مصر ، بنغلاديش ، باكستان ، الأردن ، بوليفيا ، تايلاند ، السويد ، والنرويج .. ومع هذا فإن هذه الدول يبدو أنها في انتظار قرارٍ من المجلس الأممي لوضع الشروط اللازمة لتلك القوات .. هذا (وكما يشير التقرير) فإنه قد تسرب (leaked) لواضعي هذا التقرير وقبل طباعته أن (هيئة خبراء العقوبات) بالمجلس قد حررت تقريراً يفيد بخرق السودان لموضوع (حركة الأسلحة) وموضوع طلاء الطائرات السودانية باللون الأبيض الشبيه باللون الأممي ؛ وعليه فإن أمريكا طالبت بأن يعتبر التقرير كوثيقة رسمية ، ولكن اعترضت على ذلك الإجراء كل من الصين وروسيا وقطر ، وعليه فقد رُفض طلب أمريكا لأن القبول في هذه اللجنة هو بالإجماع (consensus) ..
هذا وفي فقرة ما يُعنونه سيناريو المجلس الأممي بالخيارات (options) ، فيشير التقرير وبالحرف الواحد إلى أن خيار العقوبات لم يرفع من على الطاولة !! ولكن ومع التطورات المتجددة فإن هذا الخيار سيتم وضعه جانباً مع مراقبة المستجدات خاصة في موضوع (البعثة الهجين) .. هذا ويعدد التقرير أهم الخيارات المتوقعة بالآتي ؛ الضغط لسرعة إنجاز القوات الهجين ، وتشجيع الانخراط البناء للاعبين إقليميين مثل ليبيا ، وإعداد وزيادة الموارد للعملية السلمية ، وزيادة حجم الفريق الداعم والمعاون ل(سالم) و(إلياسون) ، وإعادة تفعيل العملية السلمية بواسطة وضع خطة وتوقيت نهائي فيما يخص الوقف الشامل لإطلاق النار ، وزيادة أنشطة الدعم الإنساني الأمر الذي ستتم مراقبته والتحقق منه بواسطة (هيئة خبراء)..
هذا وفي الفقرة التي يعنونها التقرير بالمسائل الأساسية (key issues) يشير إلى أن الشيء الأهم في التوجهات الجديدة والقادمة يجب أن يتمثل (كما يشير التقرير) في احترام السودان لالتزاماته دون أن يصنع أية عراقيل جديدة ، وأن يعم السلام ربوع دارفور ، وأن تنساب المعونات الإنسانية بيسر داخل الإقليم . ويعتبر التقرير بأن القوات الأفريقية لديها الآن الموارد الكافية إلى حين تولي الأممية زمام الموقف .. ولكن (كما يركز التقرير) فإن عامل الوقت يجب أن يوضع في الاعتبار ؛ خاصة وأن تشرذم المتمردين له تأثيرات سالبة ، إضافة إلى أن انتشار الحزمة الثقيلة يتطلب ستة أشهر والعملية الهجين تتطلب عشرة أشهر . وعلى ضوء ذلك تبرز هنا (المسائل الأساسية) التالية :-
1- العملية الهجين = التفويض = الحجم والتعليمات والقيادة ..
2- التأكد من أن اعتبارات واستيعاب وإدارة الأنشطة والعمليات تخضع لمواصفات ومقاييس الأمم المتحدة ..
3- تأمين التزامات التمويل الأممية من قبل (اللجنة الخامسة للجمعية العامة للأمم المتحدة . (ملحوظة : للجمعية العامة عدة لجان ومنها اللجنة الخامسة التي تختص بالشؤون الإدارية والمالية ، وفي مقالة مقبلة سأتطرق للأجهزة الرئيسية للأمم المتحدة إن شاء الله) ..
4- خلق وتكوين القوات اللازمة للدعم الثقيل (2250 من العسكر و 675 من الشرطة) .. والعملية الهجين (17،300 من العسكر و 5000 من الشرطة) . كذلك سيتم دعم القوات الأفريقية بكتيبتين تم الوعد بهما في حالة توفر الموارد اللازمة لذلك ..
أما فيما يسميه التقرير بالدينامكية الأوسع (wider dynamics) ، فإن الخطة تشير إلى أن الضغط الدولي على السودان بما في ذلك سلاح العقوبات الذي يلوح في الأفق ، إضافة لانخراط الصين وبعض الجهات الإقليمية الأخرى في المشاركة لحل المشكل ؛ كل ذلك كان ولا شك له تأثيراته الواضحة في مسارات القضية . وفي حقيقة الأمر (وعلى حد تعبير التقرير) فإن مراوغة الخرطوم (prevarication) هي في الأساس ما دفع الصين وشجعها على التنسيق مع أمريكا فيما يخص أمر دارفور .. ولكن ومع كل ما حصل فإن المجلس يتوقع أن تتهرب الخرطوم من التزاماتها ..
هذا ويشير التقرير في هذا الجزء منه ؛ من أن أمريكا وبريطانيا على وجه الخصوص كانتا قد أكدتا على أهمية القوات الهجين ، ويشير إلى تعليق الرئيس الأمريكي للعقوبات الأحادية على الخرطوم ولكنه قد وعد أي بوش بتنفيذها إذا راوغ السودان مرة أخرى ..
وأخيراً يؤكد التقرير بأن الصين ، روسيا ، جنوب أفريقيا ، قطر ، واندونيسيا يبدو أنهم سيعارضون أمر العقوبات الأممية ويفضلون المسارات التفاوضية . ولكن (يستطرد التقرير) فإن الصين قد وقعت تحت بعض الضغوطات وأحدثها التلويح بمقاطعة الدورة الأولمبية لعام 2008 والتي ستقام في بكين إن لم تلعب دوراً ضاغطاً ومؤثراً على السودان ..
توفيق منصور (أبو مي)
1/5/2007
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة