شبكة الانترنت الجديدة
بحوث تستكشف التخلص من شبكة الانترنت الحالية لصالح أخري حديثة
بقلم أنيك جيسدانون ترجمة د./ عباس محمد حسن
كتب الأستاذ أنيك جيسدانون المتخصص في شئون الانترنت بالاسيوشيتد برس مقالاً بتاريخ 13 أبريل يقول فيه : أنه علي الرغم من مرور أربعة عقود لنصل إلي هذا المستوي في بناء شبكة الانترنت إلا أن مراكز البحوث في بعض الجامعات وبموافقة من الحكومة الفيدرالية الأمريكية ومباركتها تسعي لإزالة ونبذ وكنس كل ذلك و البدء من جديد لإنشاء شبكة أخري وربما تبدو هذه الفكرة صعبه التصديق بل ربما تبدو سخيفة ولكن الكثيرون يؤمنون بأن مقاربة جديدة ونظيفة هي الحل الوحيد لإجابات وحلول حقيقية لموضوع الأمان والأجهزة المحمولة والتحديات الأخرى التي تسربته إلي الشبكة منذ ساعات بروفيسور ليونارد كلينروك في الأشراف علي اختبار أول تبادل للمعلومات بين جهازين في 2 سبتمبر1969م .
وكما يقول برفيسور ديبانكر ريشد هري من جامعة رويتجر فأن شبكة الانترنت بالرغم من أنها تعمل جيداً في كثير من الحالات والأوضاع إلا أنها كانت قد صممت في البداية علي ضوء افتراضيات مختلفة تماماً ولعلها معجزة من نوع ما أن تظل تعمل جيداً حتى يومنا هذا . وإذ لم تعد الشبكة محدودة ومقيدة ببطء التوصيلات وبطء معالجات الكمبيوتر و ارتفاع أسعار وسائط التخزين فأن مراكز البحوث ترى أنه قد حان وقت لإعادة التفكير في إعادة بناء الهيكل الأساسي للانترنت وهذا الاتجاه قد يعني أمكانية استبدال معدات الشبكة وإعادة كتابة برامجها لتحسين حركة مرور المعلومات مستقبلاً علي طريق البيانات فائقة السرعة الموجودة حاليا.
أن احد التحديات التي تواجه إعادة بناء شبكة الانترنت هي ضرورة حفظ التوازن بين مصالح الدوائر المختلفة ولأول مرة فأن المتخصصين في مركز البحوث يعملون داخل مختبراتهم ولكن بهدوء لا تعكر تضارب المصالح . فالنشاط الصناعي يلعب دوراً أكبر هذه المرة كما أن فرض القانون يبدو فعالاً ومؤكداً لتحقيق متطلبات القطاع الصناعي ضد من يقوم بسرقة أعمال ومجهودات الآخرين .
أن الكثيرون من الآباء المؤسسين لشبكة الانترنت الحالية يرون أن محاولات التجديد هذه هي تمرينات صحية إذ أن التكنولوجيا الحالية لشبكة المعلومات لا تلبي كل الاحتياجات المعاصرة التي ظهرت مؤخراً .
وما أن يبدو أن البحوث في هذا الاتجاه هي بحوث واعدة فلن يتواني الكثيرون من لبس معاطفهم وأربطة أعناقهم والدخول إل ي حجرات الرسم والتصميم علي المسرح والانخراط في هذا النشاط بجد ومثابرة .
وبينما ترغب المؤسسة الوطنية للعلوم (في الولايات المتحدة الأمريكية ) في بناء شبكة معلومات بحثيه تجريبية تسمي GENI (جيني) اختصار للاسم الانجليزي
Global Environment for Network Innovations .
كما تقوم بتمويل عدة مشاريع تعمل في نفس الاتجاه في جامعات أمريكية مختلفة وذلك من خلال ما يسمي ب" تصميم شبكة الانترنت المستقبلية " "FIND"
Future Internet Network Design أما جامعات روتتجرز وستا نفورد وبرسيتون و كار ينج ميلون معهد ماساشوستس للتكنولجيا فهي من ضمن الجامعات التي تقوم ببحوثها ومشاريعها الخاصة كما تقو مؤسسات ووكالات حكومية أخري من ضمنها إدارة الدفاع ببحوث لاستكشاف وتطوير هذا المفهوم الجديد .
وحتى الاتحاد الأوربي لم يختلف عن الركب فهو يساند ويساعد البحوث المتعلقة بهذه المبادرة وذلك من خلال برنامج يسمي FIRE اختصار لــ
Future Internet Research and Experimentation ، حيث أجتمع مؤخراً في زيورخ مسئولين حكوميون أوربيون وباحثون من مراكز الأبحاث لمناقشة النتائج المبكرة لبرامجهم وأهداف تلك البرامج .
ومن الاحتمالات الواردة أن تعمل الشبكة الجديدة بالتوازي مع شبكة الانترنت الحالية إلي أن تحل محلها في نهاية المطاف أو ربما تؤدي البحوث الجارية إلي القيام بعملية أصلاح شاملة لكل معمار الشبكة وهيكليتها القائمة . ولكن بالطبع فأن كل هذه الاتجاهات والمجهودات الجزريه ما تزال في مراحلها الأولي وليس من المتوقع أن تؤتي ثمارها قبل سنوات وبافتراضي أن الكنغرس الأمريكي قد وافقه علي توفير التمويل اللازم لذلك وحسب التقديرات التي يراها قورو بارولطا – الذي سيصبح المدير التنفيذي لمبادرة جامعة ستار نفورد – فأن تكلفة جيني GENI ستبلغ حوالي 359 مليون دولار بينما يبلغ ما تصرفه الحكومة الأمريكية والجامعات والمراكز الصناعية علي المشاريع الفردية والمتعددة ما يقدر ب 300 مليون دولار أي أن الإنفاق حتى الآن يبلغ عشرات الملاين من الدولارات وقد يبلغ مع مرور الوقت بلاببن الدولارات لكي يتم استبدال البرمجيات والأجهزة "العتاد" في شبكة الانترنت الحالية " "التراثية".
يقول مؤيدو تغير الشبكة الحالية أن العالم الحميمي العائلي الدافئ للباحثين في سنوات السبعينات والثمانيات حين كانوا يصنعون أسس شبكة الانترنت لم يعد منسجماً مع حقائق واحتياجات الانترنت التجاري الحالي فقد بني معماريو الانترنت الأوائل نظامها علي أسس أخلاقية قوامها الاستقامة والثقة حيث كان هؤلاء الرواد يعرفون بعضهم البعض ويثقون في بعضهم البعض لذا فقد تركوا الشبكة مفتوحة ومرنه بشكل كامل وهي ميزات ساهمة في بل مفتاحاً رئيسياً لمنوها السريع : ولم يكن يدور بخلدهم أنه سيأتي يوم يبحر بحرية واسعة قراصنة الشبكة (الهاكرز) وغيرهم من مسببي الأذى والمضايقات الرواد الشبكة
( الاسبامرس Spammers ) لأن الشبكة لم يشيد بداخلها نظام ميكانزمي لمعرفة من أرسل ماذا لمن ؟.
كما أفترض مصمموا الشبكة أن الحاسبات تعمل من أماكن ثابتة وموصولة علي الدوام وهي حالة لا وجود لها الآن إلا في قليل جداً من الحالات .
حيث تتكاثر أجهزة الابتوم والــPDA وغيرها من الأجهزة المحمولة وكلها تقفز من نقطة اتصال لاسلكية إلي أخري فاقدة للإشارات هنا وهناك .
وصحيح أن المهندسين قد أضافوا تحسينات للمساعدة في حسن أداء الأجهزة المحمولة وفي مدي الأمان بها ولكن ذلك أدي إلي زيادة التعقيد وقلل من الأداء .
أما في مجال الأمان فلا يعدو الأمر أكثر من مراهنة في لعبة القط والفأر بين حواجز الأمان ومخترقها .
وكما يقول بينك ماكيون من جامعة ستانفورد فأن الأجهزة المحمولة يمكن أن تعمل بشكل جيد إذا كانت تشغل جزاء صغيراً من طريقة مرور البيانات السريع إلا أن الأمر سينقلب رأسا علي عقب وستغرق معالجات الكمبيوتر وتنكسر وتتوقف بشكل مستمر كما ستنشأ ثقوب خطيرة في أنظمة الأمان إذا كان 90% من طريق مرور البيانات تشغله هذه الأجهزة المحمولة .
ستواجه شبكة الانترنت الحالية تحديات جديدة إزاء ضمان الإرسال السليم للتطبيقات المختلفة ولن يفيد الشبكة في شئ أن يقتصر عملها علي بعض النشاطات مثل تحسين أداء البريد الإلكتروني أو غيرة من الأعمال التي لا يشكل الزمن فيها عاملاً حاسماً وحرجاً .
فلو فكرنا في طبيب يريد إجراء عملية جراحيه عن بعد بواسطة Tele Comenference أو عميل مشترك في خدمة تلفون متصل بالانترنت ويريد إجراء مكالمة لأحد أنظمة الطوارئ .. ففي مثل هذه الحالات فأن أي تأخير ولو كان صغيراً في مراحل نقل المعلومات خلال "طريقة نقل البيانات السريع" سيكون قاتلاً أنها مسألة حياة أو موت – خاصة وأنه سيأتي يوم ستكون فيه كل أنواع الأجهزة الحساسة المرتبطة بشبكة الانترنت وبدلاً من مقاربة الوضع الحالي والعمل علي إجراء تحسينات علي الشبكة في كل مرة تحتاج فيها إلي تحسين فأن مراكز البحوث أصبحت تري أنه من الأفضل و الأجدى إعادة تصميم نظام الشبكة بأكمله ليستوعب أي تكنولوجيا مستقبلية قد تظهر للوجود – ولا يقدح ذلك في إعجاز ما قام به الرواد الأوائل لشبكة الانترنت وذلك علي الرغم من الصعوبات التي واجهتهم حيث كانت الحسابات بطيئة جداً وذات معالجات ضعيفة لا تقوي علي معالجة الحسبات اللازمة والمطلوبة لوثقية أقوي . لقد اتخذت عدة مؤسسات قراراتها علي ضوء تطور التكنولوجيا الحالي والمستقبلي فكما يقول بروسي ديفى من مؤسسة سسيكو لأنظمة الكمبيوتر " لقد اتخذنا عدة قرارت مبنية علي منظور تقني مختلف فإذا كنا نملك الآن القدرة علي أداء كل أنواع المهام بسرعة عالية ، فلماذا لا نبدأ التفكير في استقلال تلك الميزات بدلاً من التقيد بهذه الشبكة "التراثية" التي نملكها
( ويعني بها شبكة الانترنت الحالية الموروثة ) .
وبالطبع فأن سؤلاً محورياً رئيسياً يتبادر للأذهان وهو كيف نحقق هذا الانتقال من وضع شبكة الانترنت الحالية إلي الشبكة الجديدة أو إلي الوضع الجديد ؟ وهو السؤال الذي تصارع مراكز البحوث للإجابة عليه. فماكيون يقول : "دعونا أولاً نحدد ونعرف أين نعتقد أنه سينتهي بنا المطاف إزاء ما نريده من شبكة الانترنت ولماذا سيكون شكل الشبكة خلال ال 15 سنة القادمة وعند ذلك فقط يمكن أن نحدد ما هو المسار الموصل إلي لذلك" .
ولكن كلينروك أحد رواد الانترنت يتساءل عن الحاجة إلي مرحلة انتقالية علي الإطلاق ويقول أن شبكة GENI "الجيني" لن تكون بالتأكيد هي الانترنت ولكن أجزاء منها ستدخل في طيات شبكة الانترنت وذلك خلال تطورها الطبيعي" أي أن طبيعة التفكير هنا تميل إلي التطور الذي يتم بمرور الوقت وليس الثورة التي تغلب الأمور رأساً علي عقب .
لقد بدأ مؤيدو تغير الانترنت أكثر جرأة الآن ولم يعودوا أقلية منبوذة بل أن جامعة برنستون تشغل الآن شبكة اختباريه تسمي "بلانت لاب " بينما جامعة كار نيج ميلون لديها مشروع جزري جديد تسمية 100×100
وسيبدأ بناء شبكة جيني ""GENI" عام 2010م ويستمر لمدة 5 سنوات وفي نفس الوقت فأن "فايند " قد مولت العام الماضي ما يقرب من 24 مشروعاًكما أنها تقيم أمكانية جولة أخري من التمويل لبحوث يمكن أن يتم اختبارها علي GENI "جيني" في نهاية الأمر .
أن مشروع جيني GENI يتجاوز مشروعات مثل الانترنت (2) وغيرها أي التي تركز علي احتياجات الجيل الثاني من السرعة لشبكة الانترنت وبالطبع فأن أي إعادة تصميم للشبكة الحالية ستتضمن ميكاينزمات ما يسمي "الخآئليه" حيث تعمل عدة شبكات علي نفس المجري مما يجعل الانتقال أسهل كثيراً جداً وأيضاً أمكانية تشكيل حزم أو "رزم" البيانات بطريقة جديدة واستبدال برتوكولات الاتصالات المعروف ب TCP/IP ببروتوكول جديد .
وبشكل عام فأن أي اقتراح بخصوص تصميم أو إعادة تصميم الانترنت الحالي فهو مفتوح لإعادة النظر فيه وللاختبار – وقطعاً سيأتي الباحثون في مراكز البحوث بالعديد من الأفكار الغريبة والمثيرة والمبتكرة والتي لا علاقة لها بالشبكة الحالية وكل ذلك مفتوح للتقييم والنظر والاختبار ومن ثم الاختيار وكما يقول الأستاذ مصطفي قاسم و الدكتور نبيل علي
( فقد أدت وستؤدي تكنولوجيا المعلومات إلي تغيرات عديدة في المجتمع الإنساني ولعل أهم وأول ما يميز عالمنا عن العوالم التي سبقته هو تلك الثورة التي حدثت في مجال الاتصالات والمعلومات و الوسائط حتى أصبح الكثيرون يختزلون التقدم الذي أنجزه العالم المعاصر في تلك النقلة في تكنولوجيا الاتصالات والوسائل . وها نحن نري العالم ينطلق إلي مجال جديد وإلي تحديث جديد وإلي ثورة جديدة فنهل سيقف العقل العربي حائراً بعقل مترهل ورؤى مشوهة ينتظر ليتسلم علي الجاهز خلاصة فكرة الآخرين ويظل أسيراً للتبعية الفكرية والعلمية والإبداعية والتكنولوجية وعدم مواكبة حركة تطور العلم والركون إلي الترقيات الأكاديمية دون ارتقاء علمي حقيقي وبحوث ضامرة لا تصمد أمام غربلة الترشيح العلمي المحكم ليس فيها غير النقل والتكرار وربما التزييف ... ذلك هو التحدي الحقيقي .
د./ عبــاس محمد حسن .
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة