هل توصلت أمريكا أخيرا الى حتمية تغيير أنظمة الحكم العربية وأرساء قواعد الشرق الاوسط الكبير بأستبدالها بأوجه أكثر قبولا؟
لم يمضى سوى أيام قليلة لاشارتى لتركيز المزيد من الانتباه لطبيعة التحرك الامريكى بالمنطقة , وقد أشرت أن الفسحة الزمنية أضحت أكثر محدودية , وهاهى الادارة الامريكية تقذف بالانظمة للاستعداد لمواجهة جماهيرها , مع تهيئة العالم الغربى من خلفها للتدخل فى الوقت المناسب لصياغة جديدة للمنطقة , مع توفير الضمانات الكاملة للكيان الصهيونى لالتهام المزيد من الاراضى , والهاء الانظمة العربية الفاعلة على الساحة بفتح جبهات ساخنة هنا وهناك يجعل القضية الفلسطينية تتذيل أجندة القمة العربية الهزلية القادمة ببغداد , وشتان مابين قممى بغداد .
فحينما بدأ الفلسطنيون يلوحون بالتقدم بمقترح عربى لمجلس الامن ومن ثم الجمعية العامة وبمساندة عربية , سرعان من تم أشعال الارض تحت أقدام الانظمة العربية لتزكيرهم بأن بقائهم أصلا على سدة الحكم رهين بالمباركة والدعم الغربى وعلى رأسه أمريكا .
فاليوم تم تفجير الوضع بلبنان , بعد أستدعاء الحريرى لواشنطن والاجتماع بكلينتون ومن ثم توجههم معا لزيارة الملك عبدالله العاهل السعودى , ليهاتف بعدها الرئيس السورى بفشل مسعاهم المشترك , لتشتعل الساحة اللبنانية , ولم تنتظر كلينتون وجاء لقاءها بالرئيس اليمنى لتزكيره بضرورة تصفية القاعدة باليمن وبدعم أمريكى لامحدود , ولا شك أن عملاء أمريكا بكل من تونس والجزائرليسوا بعيدين عن المشهد , فأوحوا بفاتورة زيادة الاسعار على ضوء الازمات العالمية , وأبتلعوا الطعم وبالتاكيد فى المقابل هنالك وعود سخية من الادارة الامريكية ,وتهيئة المناخ المناسب لتصفية الارهاب الاسلامى المتطرف , والذى فى حقيقة الامر لم يتبقى منه الاجيوب محدودة لاتزكر , ولكن أمريكا لاتود أن يضيع هذا الكرت الرابح لتصفية كافة القوى الوطنية وليس الاسلامية وهى الحقيقة المرة أو أقلها تحجيم نفوذها بالمنطقة خاصة على ضوء أتساع نفوزها فى أوساط الجماهير , وفشل الحركات الاسلامية فى تفهم واقع الاحداث وقدمت على انتهاج سياسات انغلاقية واستخدمت العنف بكافة أنواعه وأشكاله مما دفع استعداء الشارع العام لها , وهو مانجحت فيه السياسات الغربية بدرجة كبيرة , لا بل سعت فى شمال أفريقيا الادارة الامريكية لفتح خطوط تواصل قوية مع مايسمون زورا وبهتانا برجال الاعمال والرسمالية الوطنية وهى لا علاقة لها أصلا بالوطنية , حيث يرتدون عباءات التبعية للانظمة أيا كان لونها أو شكلها حماية لمصالحها بغض النظر عن المصلحة الوطنية , وهى القوى المعروفة دوما بتحالفها الاسترايجى مع كافة الانظمة السياسية , فحينما أشتعلت الساحة بالجزائر وتونس , ظل الغرب لايحرك ساكنا , وقوات الامن تفتك بالعزل وتناقلتها كافة وسائل الاعلام , وحينما سألت وزيرة الخارجية الامريكية عن الدور الامريكى , أبدت أمريكا موقفا صارما فى حماية حقوق الانسان وذلك من خلال أبداء قلقها , لابل ذهبت السيدة / وزير الخارجية الامريكية الى موقف أكثر تطرفا , بأعلانها أنها ستجرى أتصالا من السلطات التونسية بعد أن تهدأ الاوضاع , ياحرام ! وننتقل للمشهد المصرى , فتفجير الاسكندية ليلة عيد الميلاد , ياتى لتفجير الحديث عن أستهداف المسيحيين بمصر , وهى الدولة التى أعطت الضوء الاخضر للهيمنة على البرلمان من قبل خزبها الحاكم جهارا نهارا , حتى لايسمح لقوى التطرف للتأثير على الحياة السياسية وغبرهم , وقضية الهيمنة على البرلمانات ودعمها من قبل دعاة الديمقراطية وحقوق الانسان أصبحت تشكل السمة السائدة , حتى تتحدى هذه الانظمة بأنها تستمد شرعيتها من الشعب صاحب السلطة الحقيقية, وبعد مباركة رب الديمقراطية قوى الغرب الامبريالى من يكذب هولاء ؟ وبالامس , يقدم جندى بأطلاق النار على أسرة مسيحية بقطار بمصر , ويالها من مصادفة غريبة , وتشتعل الساحة المصرية مجددا , وقبلها بشاعات , يشعل بابا الفاتيكان الامر , بضرورة حماية المسيحيين بمصر من قبل السلطات , مما دعى الحكومة المصرية لاستدعاء سفيرتها بالفاتيكان للتشاور , وما أكثر التشاور هذه الايام , فالسفير الامريكى بطرابلس الغرب أستدعى للتشاور , بعد أمتعاض السلطات الليبية من تحركاته تجاه الامازيق بليبيا , وهى المجموعة العرقية التى تسعى من خلال تواجدها الواسع الممتد من ليبيا ومرورا بتونس والجزائر والمغرب , تسعى للاستفادة من مناخ الابتزاز الجارى وبالدعم الغربى المشبوه للدفاع عن ثقافتها وهويتها المهضومة , وبالامس جاءات الاشارات القوية فى هذا الزخم المصرى لمسيحيى لبنان , فأطل اليوم سمير جعجع , لينبرى لشطر الصف اللبنانى وتبديد مجهودات السعودية السورية واجهاضها . وفوق كل هذه الاوضاع , وبعد تجاوز التسجيل بأستفتاء جنوب السودان المرحلة الحرجة أى تصويت نسبة ال60 % , أنبرى المفوض الامريكى لاستفتاء جنوب السودان ليعلن أنه قد وأرجو التركيز على قد هذه أن يرفع أسم السودان من قائمة الارهاب فى يوليو القادم , ويبدو أن فات على المسؤول الامريكى أن يتحرى الدقة بأن يقول المتبقى من السودان أذا ما تعاون بالاعتراف بنتيجة الاستفتاء , وكأن المتبقى من السودان أصلا بعد كل ماجرى أن يرفض الاعتراف . وهذا وقبل أنعقاد القمة العربية القادمة خلال شهر مارس القادم , سيبلغ ملف دارفور عودة قوية على الساحة , وتوقع بمعارك طاحنة يجرى رحاها , وملف مشورة شعبية بكل من جنوب كردفان والنيل الازرق , وأكبر من هذا وذاك الباب الموارب لقضية أبييى الملتهبة .
على ضوء هذا المشهد الحالك السواد , ياترى الا ترى هذه الانظمة أن الادارة الامريكية ومن وراءها أسرائيل قد غررت بهم , وأن كافة المؤشرات تقول أن الغرب وعلى رأسه أمريكا قد دفعت بهذه الانظمة لهذه الاوضاع حتى تهيىء الساحة لتوليفة جديدة أكثر لياقة وتطابق المواصفات والمعايير المطلوبة لمواكبة الالفية الثالثة , والاهم من هذا وذاك أجهاض أهم القمم العربية وأكثرها حساسية قبل التأمها ؟
والله من وراء القصد
عاطف عبد المجيد محمد
عضو المنظمة الدولية لشبكة المعلومات والعمل لاولوية حق الغذاء-هايدلبرغ – المانيا
عضو الجمعية الدولية لعلوم البساتين – بروكسل – بلجيكا
الخرطوم بحرى – السودان
تلفون:00249912956441
بريد الكترونى:[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة