بين دعوة أئمة مساجد السلطان للتفشف ونهج المصطفى (ص) والخلفاء الراشدين ومتطلبات مواجهة التحديات المالية
تفاجئنا ونحن نؤدى صلاة الجمعة بالامس , بعد أن تلى معظم المصليين قبل قدومهم للمساجد سورة الكهف حماية لدورهم من شياطين الانس والجن وما أكثرهم هذه الايام , ولابد أنهم يكثرون من تلاوة سورة يس أربعة مرات يوميا بعد صلاة الفجر ويدعون العلى القدير بأن ينتقم العزير الجبار من كل من ظلمهم وأن يسلط عليهم من لايرحمهم ويضج مضاجعهم ويجعلهم عبرة لمن يعتبر , ولاشك أنهم يتلون قبل منامهم سور (الحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن) ويدعون مالك الملك بأن يريهم عظمة قدرته فى زلزلة اركان عروش الظلمة , أسوة برسول الله (ص) الذى كان يتلوها قبل منامه , وحينما سؤل عن السبب , قال أن بها الاسم الاعظم . فقد جاءت خطبة الجمعة لتدعوا المصليين للتقشف ,فبعضهم دعانا لاكل القرع (اليقطين) , ولكن يبدو أن الامام لايدى كم سعر اليقطين فى السوق أسوة بوزير ماليته الذى دعى الناس بأكل الكسرة ولايدرى أن سعر الكسرة أعلى من الخبز الاسترالى أو الفرنسى لا أعلم مصدره فوزير التجارة يمكن يعلمنا بمصدره , فكان الاولى بالامام أن يدعو المصليين لاكل الرجلة مثلا , فهى رخيصة الثمن , سهلة الترحيل , وحسب ما أورده البروفسور جيمس ديوك أكبر عالم أعشاب بالعالم وبالمناسبة أمريكى الجنسية وصاحب كتاب (الصيدلية الخصراء) أن للرجلة فوائد صحية متعددة , وليس كما يساق بديل الحديد المسلح بالانسان . وامام اّخر دعى للتقشف ولكن كان ترجمته موضوعية , حيث ركز التقشف على ضوء سيرة الرسول (ص) والخلفاء الراشدين , أى أن البدء بقدوة المسلمين والراعى وحاشيته ومن ثم التابعين . فقد زكر أن السيدة عائشة رضى الله عنها , زكرت أنه كان يمر الشهر والشهرين ولاتوقد نار بمنزل الرسول (ص) بل كانوا يعيشون على الاسودين (التمر والماء) , وسيدنا أبى بكر الصديق رضى الله عنه يخرج ليلا ويذهب الى أطراف المدينة , وحينما تبعه الصحابة وجدوه يعد الطعام لمرأة عمياء , وسيدنا على رضى الله عنه بعد وفاته وجدوا ظهره مسودا من المل على ظهره والامثلة كثيرة , لكل ذلك صنعوا أمة عظيمة , ولكن يطرح سؤال حيوى نفسه , هل يعيش ولاة أمورنا على هذا النهج , فحينما توفى الله الحبيب المصطفى ماهو الارث المادى الذى تركه , لقد وجد الصحابة (صاع من شعير) , ياترى اذا توفى الله ولاة أمورنا كم حجم أرثهم المادى الذى سيتركونه , من ابراج وشركات وحسابات بمختلف العملات .....الخ الخ الخ . حيال كل ذلك كان الاولى بأمة المساجد أن يزكروا رعاة أمورنا بأنهم كلهم راع وكل مسؤول عن رعيته , يوم الموقف العظيم , وأن للقبر ضمة كما زكر رسورلنا المصطفى (ص) حيث قال لو ينجو منها أحد لنجا من أهتز له عرش الرحمن يوم وفاته . ونار وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد . وأنه لاهون عند الله سبحانه وتعالى الاعتداء على بيته المشرف من قتل مسلم بغير حق , وأن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم . والسؤال الاخر الذى يطرح نفسه وبشدة لمصلحة من وبعد 21 عاما أن يطلب من الناس بالتقشف والى متى ؟ ولنصل لماذا ؟ فاذا 21 عاما تأتى الحكومة لتطالبنا بنفس الطلب بل أكثر قساوة وهى التى وعدتنا قبل 21 عاما بأننا سنأكل مما نزرع وليس مايزرعه الاستراليون والفرنسيون ونلبس مما نصنع وليس مايصنعه الصينيون والهنود , وهاهم اليوم يعيدون الاسطوانه نفسها والجديد هو رمى تلك الشعارات خلف ظهورهم , فماعاد هناك مواطن بسيط أصبح يؤمن بتلكم الشعارات وهو يرى ولاة الامور يشربون البيبس كولا الامريكية فى مؤتمراتهم , ويزودون الاسواق بالشعير الهولندى سائق شرابه , ويلتهمون اللحوم مختلفة الوانها بيضاء وحمراء مطهوة بالثوم الصينى والكارى الهندى حتى أنتفحت الاوداج , وجل شعبهم يرزخ تحت خط الفقر , وجيوش البطالة الجرارة تنشد الهجرة لبلاد العم سام لينعموا بالعيش الكريم , وولاة أمورنا يمتطون العربات الفارهة المكندشة بالفريون , فهم لايتحملون لفحة الشمس مثل محمد احمد الغلبان وناسين أن نار جهم أشد حرا لو كانوا يعلمون . فلو سألنا السيد وزير المالية الذى يطالبنا يالتقشف وببراءة شديدة , كم بلغت تكلفة بناء أبراج القيادة العامة وماجاورها , كم تكلفة بناء برج هيئة المواصفات والمقاييس , وكم تكلف بناء برج الخرطوم وقس على ذلك . أنها المليارات من الجنهيات , الا يمكن أن تدار القوات المسلحة من المبانى السابقة ,أما كان الاجدى توجيه تلك المليارات لتمويل صغار المزارعيين ومربى الماشية وتأسيس مشاريع أمن غذائى للبلاد , وحينما يقرر وزير المالية أنه قد تقرر خفض مرتبات المناصب السيادية بنسبة 25% , فهلا أوضح لمحمد أحمد ماهو حجم مبالغ المرتبات السيادية حتى يلم بخجم نسبة ال25% , ونكون شاكرين لو ضرب لنا المثل بمايتقاضاه هو نفسه من مرتب وامتيازات , وكم سيارة حكومية تحت خدمته وكم تصرف من الوقود شهريا حتى ندرك حجم تضحيته . ونكون أكثر شكرا لو أطلعنا على خجم ميزانية الامن وطبيعة منصرفاته والنسبة المئوية للجهاز السيادى والامن مقارنة ببقية البنود من تعليم وصحة وخدمات وتنمية , مثلما يحدث فى الدول المتقدمة أو بلغة أخرى عند العم سام أى اليهود والنصارى , وهم يطلقون على مثل هذا الطلب مصطلح الشفافية والنزاهة , وأننا نطلب ذلك لتكذيب التقارير السوداوية التى تنشرها مواقع الشفافية والنزاهة والفساد الدولية والتى يطلع عليها محمد احمد يوميا فتصيبه بالاحباط ولاتجعله يتفاعل مع سياسات الدولة بأيجابية , أم أن هذا طلب غير شرعى , كذلك ولنكون أكثر تفاعلا ياحبذا لو أطلعنا السيد / وزير المالية على نتائج الاجراءات التى اتخذت حيال الذين أعتدوا على بيت مال المسلمين أى المال العام على ضوء تقريرى المراجع العام للدولة المقدمين للمجلس الوطنى عن عامى 2009 و 2010 والتى تجاوزت ال80 مليار جنيه , هل سيقدمون للعدالة وتقام عليهم حدود الله ؟ وكذلك نسأله أن يفصح لنا على ماتم بخصوص المعسرين الكبار أى ال35 والذين يبلغ مديونية بعضهم 150 مليار جنيه , فهلا قدم لنا أسمائهم وماتم بخصوص استرداد أموال الدولة والمودعين , حيث رفض مسؤول ببنك السودان حين أسيرت القضية الافصاح لقناة الجزيرة الفضائية عن المبالغ والاسماء , فهل شرعا من حق محمد أحمد أن يعلم بالامر وكيف يتم التصرف فى ماله العام أم هنالك فتوى أخرى لاتجيز ذلك , فيكون محمد أحمد وقتها مضطرا لطرح تلكم التساؤلات الى الشيخ القرضاوى رئيس هيئة علماء المسلمين ليفتينا فى الامر عبر برنامج الدين والحياة , حتى لانفسح أن يصبح مجتمعنا المسلم عرضة للاثار السالبة للشائعات التى تروجها بعض الفضائيات المضللة ؟
أما بخصوص التقشف فالشعب السودانى قد أصبح متمرسا على التعايش مع هذه السياسات , وهو على أستعداد لما هو أقسى حينما يكون مقتنعا بمتطلبات تبنيها وتوفر ارساء قواعد الشفافية والنزاهة ومواجهة الفاسدين والمفسدين وفق الاصول الشرعية . ومن خلال اطلاعى على مختلف التقارير الاقليمية والدولية لجلّ أهم المنظمات والمؤسسات الدولية المعنية بهذه الجوانب , ومختلف تجارب الشعوب بمختلف بقاع العالم فى مواجه الطروف المشابهة بل والافسى من ذلك , ومعظم الفلسفات الاقتصادية والمؤسسات التنموية وبصفتى متخصصا بلاقتصاد الزراعى , أقد حصيلتى المتواضعة لسياسة تقشفية أكثر صرامة من التى رسمها السيد / وزير المالية والتى يمكن تبنيها وعن رضا تام عسى تعين راسمى السياسات الاقتصادية ببلدنا لمواجهة التحديات الماثلة .
1- يتم وقف كافة وسائل المواصلات , فلا حوجة وقتها لتجديد رخصها التى تكلف مبالغ ضخمة , وكذلك على مالكى السيارات الخاصة مؤازرة اخوانهم فى ترشيد أستخدام الوقود من خلال تخزين سياراتهم , وذلك سيغنيهم فى الوقت نفسه عن تكلفة تجديد رخص سياراتهم . وسوف نعلن جميعا اعتماد السير على الاقدام , فهى رياضة تفيد الصحة وينصح بها الاطباء .
2 – تبعا للبند الاول على المواطنين العمل على الحد من السفر الداخلى , بحيث يتم ايقاف البصات والحافلات السفرية , مع اعتماد عدد محدود جدا للسفريات الضرورية جدا , بما يرشد استهلاكا كبيرا للوقود , وبالتبعية مع البند الاول توفير استيرات قطع الغيار من الخرج والتى ترهق الميزانية.
2- توقف العاملين بالخارج من استجلاب السيارات وخلافه تضامنا مع السياسات المعلنة , وهذا ايضا سيغنيهم عن تكاليف الترحيل وكذلك دفع رسوم الجمارك .
3- التزام المواطنين بأيقاف الانشاءات من المبانى سوى سكنية أو تجارية أو عمليات الصيانة , بما يوفر العملات الصعبة الخاصة بأستيراد مواد البناء والمواد الصحية الملحقة بها .
4- الالتزام بعدم تناول كافة المشروبات الغازية والعصائر والمشروبات الجاهزة , مثل الببسى كولا وأخواتها , والاكتفاء بالعصائر المشروبات المحلية من ليمون وخلافه , ولاحوجة للسكر , فقد حذر العلماء من الابيضين , وهنا سوف مبالغ ضخمة من العملات الاجنبية وكذلك تصدير السكر .
5- التوقف عن شراء الملابس , والاكتفاء بمالدى المواطنيين , فنوفر مبالغ ضخمة من العملات الصعبة .
6- غلق كافة المتاجر والبقالات والسبور ماركت , والاكتفاء بمتجر واحد بالحى لتوفير مستلزمات المواطنيين الضرورية فقط , وهذا يقلل بالنسبة للتجار تكلفة تجديد الرخص التجارية , وكذلك للدولة ترشيد استهلاك الكهرباء .
7- ترشيد المواطنين فى استهلاك الكهرباء والاكتفاء بلمبة واحدة , والثلاجات سوف لايصبح هنالك ضرورة لتشغيلها فالجو مناسب خلال الشهرين القادمين , وأكل اليوم باليوم أسوة بأسرنا فى الستينات , أو لقل بسكان الريف هذه الايام .
8- أغلاق كافة مؤسسات التعليم العالى من جامعات ومعاهد عليا لفترة عام , سيودى ذلك الى توفير المليارات من الجنيهات , والاستعاضة بنظام التعليم الالكترونى عبر شبكة الانترنت , أو مايسمى بالتعليم عن بعد .
9- أعادة تصدير كافة سيارات أجهزة الدولة الفارهة والاستعاضة عنها بالسيارات الكورية التى ترشد استهلاك الوقود , بما يعود على ميزانية الدولة بمليارات الجنيهات .
10- اختصار البعثات الدوبلوماسية على السفارات بالدول التى تستفيد منها البلاد مباشرة مع تقليص حجمها لاقصى الحدود. والسفر للضرورة القصوى , وايقاف مشاركة السودان بمؤتمرات العلاقة العامة التى أصبحت سمة وزارة الخارجية ولم تجنى منها سوى الحال الذى نراه اليوم .
11- ايقاف المؤتمرات والسمنارات والندوات وورش العمل التى أهدرت مليارات الجنيهات من ميزانية الدولة دون طائل فهاهو الجنوب سينفصل غدا ودارفور لازالت تراوح مكانها .
12- توجيه جيوش الموظفين والتجار وكافة المتأثرين بهذه السياسات لمشاريع التنمية الزراعية بالريف والعمل كذلك فى برامج محو الامية , وتعبيد الطرق ونشر الوعى بالريف أسوة بالمارد الصينى .
13- اغتداء ولاة أمورنا بالمصطفى (ص) والخلفاء الراشدين والصحابة فى معاشهم وليضربوا لنا المثل كما قال أمام المسجد بالامس فى خطبة الجمعة العيش على الاسودين وأن لايوقدوا النار بالشهر والشهرين , وقتها سينصلح حال الامة وسيرضى الله عنهم ويمن عليهم بفيض من الخيرات وهو سبحانه الذى اذا اراد شيئا أن يقول له كن فيكون ونعم بالله .
فى الختام لا أملك سوى أن أزكر بقوله تعالى : ( انا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان أنه كان ظلموا جهولا ) صدق الله العظيم
عاطف عبد المجيد محمد
عضو المنظمة الدولية لشبكة المعلومات والعمل لاولوية حق الغذاء- هايدلبرغ – المانيا
عضو الجمعية الدولية لعلوم البساتين – بروكسل – بلجيكا
الخرطوم بحرى – السودان
تلفون:00249912956441
بريد الكترونى:[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة