الغرب وعلى رأسهم أمريكا وبمعاونة قادة دول شمال أفريقيا وجنوب الصحراء يتكفلون بالقضاء على تنظيمات الاسلام السياسى بالمنطقة
رغم أدرك أيمان الشعوب بأن الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الامريكية تمثل قوة أمبريالية و أصحاب أرث أستعمارى بغيض بالنسبة لشعوب أفريقيا , من نهب لثرواتهم ودعم للانظمة الدكتاتورية المشودة بالقارة السمراء , الا أنها باتت تدرك تماما أن أنتشار تنظيمات الاسلام السياسى والمتطرف بات يشكل خطرا حقيقيا يهدد بتمزيق نسيجها الاجتماعى وينزر بأتساع دائرة العنف وعدم الاستقرار , مستغلا تدهور الاوضاع الاقتصادية وأنسداد الافق السياسى على ضوء أنظمة دكتاتورية تعمل على قمع شعوبها وأهدار ثرواتها , فوجدت هذه الشعوب نفسها شاءت أم أبت تواجه هذه التحديات فى ظل أوضاع دولية وأقليمية بالغة التعقيد , من أزمات مالية وأقتصادية وغذائية وتغير مناخ ينزر بعواقب وخيمة وهى التى تعانى أصلا من التخلف والامية ويعيش معظم سكانها دون خط الفقر , وأنتشار الاوبئة والامراض المستوطنة , والبطالة , وحجم مديونيات غير مسبوقة , وأحتكار قلة بالصرف فى مواردها الشحيحة أصلا , وهجرة علمائها ومثقفيها وهو أعظم رأسمال مال تمتلكه أى دولة , وحروب وصراع قبلى يزعزع أسقرارها ونزوح لسكانها بالملايين تاركيين مواطن أستقرارهم الاصليية . كل ذلك جعل هذه الشعوب وهى ترى على شاشات الفضائيات المجتمعات الغربية وهى تنعم بحرية التعبير والضمان الاجتماعى والعيش الرغد , أن تتوق أن ينعم الله عليها بما يعينها للحصول ولو على النزر القليل من ما يتمتع به سكان الغرب .
وفى قبالة ذلك , ورغم أن الدول الاسلامية ليست أستثناءا من ما أسلفنا , الا أن شعوبها قد فقدت البوصلة تماما , فالعالم الغربى عالم علمانى فى المقام الاول , فالدين والكنيسة فيه لايعدو عن كونه أرث ورثوه ويتشبسون به من وقت لاخر لمقتضيات حماية مصالحهم , أكثر منه منهاج حياة , وهو مايعكسه جليا وضع الفاتيكان والصراع فى ايرلندا , والتناقض بين الكنيسة الشرقية والفاتيكان وأشكال عدة , ولذلك لجأ الغرب لتشكيل أدبيات يرتكز عليها ليقدمها كنموزج حضارى للعالم يكون أكثر قبولا , وفى نفس الوقت يحافظ على تأمين حماية كيانه الامبريالى الرأسمالى , فأهتدى ومنذ أربعينيات القرن الماضى لتوليفة الديمقراطية وحقوق الانسان وصياغة منظومة الامم المتحدة للهيمنة على العالم , وقد نجح فى طرحه , وحينما أصبح الطرح الاستعمارى لايتوافق تلك الاطروحات , كانت توليفة الاستقلال السياسى المزعوم للدول المستضعفة ومن بينها الدول الاسلامية , مع ضمان استمرار الهيمنة الاقتصادية عليها والاستفادة من مكونات مجتمعاتها القبلية , والتناقضات المتعددة التى زكرناها اّنفا , لتجد هذه الشعوب نفسها تدور فى دائرة جهنمية مغلقة . وحيال كل ذلك وجدت المجتمعات الاسلامية على مفترق طرق , فحتى يومنا هذا لايوجد نموزج واحد على مستوى العالم يدعى أنه نموزج للدولة المسلمة , ولا حتى منظمة المؤتمر الاسلامى لم تقدم لمجتمعاتها وصفا دقيقا لشكل حكم الدولة المسلمة وفق أصول الشريعة الاسلامية , من حيث كيفية أختيار رئيس الدولة أو أمير المؤمنين بتلك الدولة , هل من خلال منهج الشورى والذى يختلف جوهريا مع ماتسمى الديمقراطية , فالشورى تلزم بتوفر أشترطات معينة لمن يجرى مشاورتهم وليس الاميين والبسطاء من المجتمع , وهو مايؤخذ على الديمقراطية , أذ لايستقيم مثلا أن يجيز أمى ميزانية الدولة بكافة ابعادها السياسية والاقتصادية وابعادها الاستلراتيجية وأسقاطاتها الاجتماعية , وهو مايجعل انتهاج الديمقراطية بمجتمعات متخلفة نوع من النفاق السياسى والدجل على الشعوب . وقس على ذلك القضايا القانونية , والمعاملات المالية من مقابلة الذكاة والضرائب وادارة المال العام بالدولة وفلسفة ادارة أموال المصارف ومعملاتها , وأسقاطات كل ذلك على قضايا الاحوال الشخصية . كل ذلك وفى غيبة الطرح المتكامل للدولة المسلمة رغم بعض الاجتهادات من هنا وهناك , الا أنه حتى يومنا هذا لايتجرأ نظام حكم أسلامى واحد أو تنظيم أسلامى أيا كان مسماه المجاهرة بالدعوة لمؤتمر ليناقش هذه القضية الحيوية جدا لتوفير البوصلة للامة الاسلامية , فالجميع يعمل وبنسي متفاوتة لمايمكن أن نطلق عليه توليف , موائمة بين الاصالة والمعاصرة فى بعض الجوانب الثانوية ويتجنب القضايا الجوهرية , وفى ظل هذه الغربة بالمجتمعات الاسلامية نشأت حركات الاسلام السياسى ليجد بيئة مواتية فى غياب أى أطروحات علمية ومؤسسية وعصرية تستمد أركانها الاساسية ومن أصول شرعنا الحنيف , وفى ظل عجزه هو الاخر لقديم ذلك النموزج أنتهج وسائل الغلو والعنف فى محاولة لبلوغ السلطة دونما أن يعد طرحا لشكل كيف يحكم تلك الدولة وفق الاصول الشرعية , فوجدت تلكم التنظيمات مقاومة شرسة من المسلمين أنفسهم أكثر من القوى الخارجية , وهو ماترجمته أحداث الحادى عشر من سبتمر والمرحلة التى تلتها والحرب التى أطلق عليها الحرب على الارهاب , حيث وجدت القوى الغربية الفرصة مواتية فأنقضت على كافة تلك التنظيمات وتمعاونة قوية من الدول الانظمة الاسلامية الرسمية سواء جهرا , مثل دول الشمال الافريقى وباكستان وسرا وعلى أستحياء من الاكثرية , ويبدو على ضوء الاستراتيجية القائمة أن الدور قد جاء لمواجهة هذه التنظيمات بالقارة السمراء , وخاصة دول شمال أفريقيا وجنوب الصحراء , حيث يجرى جهارا نهارا التحركات العسكرية والامنية على كافة الصعد بالمنطقة , وأسسن أمريكا الافريكوم وهو المعنى مباشرة بمواجهة الارهاب الاسلامى المتطرف , ومقره مؤقتا ببرلين فى أحدى القواعد العسكرية الامريكية , والذى تم تأسيسه قبل أكثر من عام , وما يجرى ممايبدو أنه تداعيات ارنفاع اسعار وازمة مالية بالشمال الافريقى الا سيناريو أبتدعته هذه الانظمة توطئة لتوفير الغطاء للعمليات العسكرية والامنية والاستخباراتية لجتثاث حركات الاسلام السياسى , وبمشاركة فاعلة من هذه الانظمة , وسانحة للقضاء على مختلف قوى المعارضة بها غير الاسلامية ايضا , أى فى أستراتيجية تكامل المصالح , والمتتبع لردود أفعال الدول الغربية لما يجرى بالشمال الافريقى , يقف على حجم الزيف للدعوى الباطلة من تأمين الديمقراطية وخقوق الانسان , فجاءت ردود فعلها على أستحياء , فهل تعى تنظيمات الاسلام السياسى بالمنطقة كل هذه الابعاد , وأعدت العدة لمواجهة مايجرى الاعداد له , وتدرك أن مخرجها الوحيد أنتهاج سياسة ومنهج تكاملى مع مختلف القوى الوطنية قبل فوات الاوان , وتتحول لزاكرة التاريخ .
والله من وراء القصد
عاطف عبد المجيد محمد
عضو النظمة الدولية لشبكة المعلومات والعمل لاولوية حق الغذاء-هايدلبرج –المانيا
عضو الجمعية الدولية لعلوم البساتين – بروكسل – بلجيكا
الخرطوم بحرى – السودان
تلفون :00249912956441
بريد الكترونى :[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة