ماهى حقيقة ولاء الجيش المصرى للثورة ؟وماهى مواقف القادة العرب ومعارضهم الخواء؟
ان مايجرى على الساحة التونسية والمصرية من ثورات شعبية شاركت فيها كافة شرائح المجتمع المدنى , وبهذا الزخم الكبير قدمت للعالم حقيقة أن الشعوب المكبلة قادرة على تشكيل تهديد خطير لنظمها الدكتاتورية , وتجريدها من أهم أسلحتها وهو نزع غطاء الشرعية المزيفة التى تضفيها هذه النظم على نفسها , سعيا لتمديد بقائها فى السلطة . ولكن فى نفس الوقت , ان مايجرى على الساحة برمتها قد كشف عن حقيقة لايود كافة النخب السياسية بمختلف هذه المجتمعات الخوض فيها , وهى ماحقيقة ولاء الجيوش ؟
فهذه الجيوش تصرف عليها المليارات من الدولارات من موارد هذه الشعوب , وتضم الملايين من الافراد على مختلف الرتب , ولكن السؤال المهم الذى يطرح نفسه لمن يجرى اعداد هذه الجيوش ؟ هل لحماية أمن الاوطان من الاعداء ؟ ولنتحدث بصورة اكثر وضوحا , مابعد حرب أكتوبر 1973 , أى حروب قادتها الجيوش العربية ؟ فى قبالة صرف مئات المليارات من الدولارات سنويا عليها من خزائن الشعب العربى الذى يعانى أكبر نسب من البطالة والفقر , واستيراد سلع غذائية سنوية ب40 مليار دولار , ومشاكل ضعف التنمية , وتركز الثروات بأيدى قلة من هذه المجتمعات , وفساد على كافة المستويات ...الخ الخ الخ . الا يحق للشعب العربى , أن يتسائل أذن عن الدور الحقيقى لهذه الجيوش , الذى يأتى الصرف عليها بهذه الموارد المالية الضخمة خصما على التنمية الاقتصادية والاجتماعية بهذه المجتمعات . وفوق هذا وذاك هل اذا وقعت المواجهة اليوم بين الكيان الصهيونى وأيا من الجيوش العربية , هل تملك تلك القوات القدرة المادية على مواجهته ؟ هذا ناهيك عن القدرة المعنوية لهذه الجيوش , فهى لعدة عقود خلت , تم بناءها معنويا على أن عدوها الحقيقى هو من داخل شعوبها وليس الاعداء القادمون عبر الحدود .
فليأتى أى محلل استراتيجى عسكرى عربى اليوم ليثبت لنا بأن هنالك جيشا عربيا واحدا يجرى بناءه حقيقة ماديا ومعنويا لمواجهة العدو الصهيونى ؟ بل وفى ظل أرث المرحلة منذ حرب أكتوبر ومايجرى على الساحة العربية من مسلسل لتفريغ هذه الجيوش من أهدافها المحورية , ومسلسل التناولات المهين للامة بأثرها للعدو الصهيونى عقب اتفاقية كامبد ديفيد , والعمل على تصفية القضية الفلسطينية المبرمج والممنهج , وماكشفته جزئيا وثائق ويكى ليكس المشينة التى فضحت طبيعة النظم الحاكمة , فكيف تفرز مثل هذه النظم جيوشا قادرة ومؤهلة ماديا ومعنويا للتصدى للصلف والعربدة الصهيونية وهى تتجرع صباح مساء كؤوس الخور والهوان ؟ فهى جبارة ومستأسدة فى مواجهة شعوبها , وتتمخطر بجبروتها واستعراض اسلحتها بذهو وتمختطر . فاهى ترى غزة يجرى دكها وتمزيق سكانها العزل من النساء والاطفال والشيوخ , وأشلائهم تتطاير , وتجرب بهم كافة أنواع الاسلحة حتى المحرمة دوليا , فلايحرك أصحاب النياشين التى تملاء صدورهم ساكنا , ولاندرى نالوا هذه النياشين نظير أدائهم فى أى معترك ؟ وهاهى فى 2006 تدك لبنان ولايحركون ساكنا , وتغزى العراق وتدمر ويقتل الملايين , ويجرب فيه خلاصة التقنيات العسكرية , والجيوش العربية رابضة تلعق أصابع الخزى , ورغم ذلك لازال قادتها يزهون ويتمخطرون بنياشينهم أمام شعوبهم . ولكم أن تتصوروا لو شرعت اليوم فضائية عربية واحدة من القرابة ألف فضائية عربية , وبثت تسجيلات خطب الزعيم المصرى الراحل جمال عبد الناصر , ونشيد (الله أكبر , الله أكبر ) , والقصيدة التى أدتها فيروز ( البيت لنا القدس لنا ) , وأناشيد الثورة الفلسطينية أبان الستينات والسبعيات , لصدرت قررات فورية بأغلاق هذه الفضائية , وان لم يتعدى الامر انتهاك اتفاقيات الاتصالات , بل وتقديم أصحابها للعدالة العوجاء بحجة معاداة السامية , ولسارعت الجامعة العربية الخواء الهزيلة لعقد اجتماع طارىء بشرم الشيخ , فهناك تعقد دوما القمم العربية التى تهدد أمن الانظمة العربية , فيتهافت الجميع على عجل , وينبرى مهندسو صياغة الخطب العصماء من البطانات الفاسدة التى تحيط بالقيادات التاريخية للامة , لوصم تلكم الفئات المتطرفة الارهابية وهلم جرا من النعوت التى ألفها المجتمع العربى حينما يجرى الحديث عن المناضلين الشرفاء .
الذى دعانى لكتابة هذه الاسطر , هو الموقف الغريب والمخزى للجيش المصرى حيال المسيرة المليونية للشعب المصرى بالامس , فهاهو الجيش المصرى وهو أكبر الجيوش العربية قاطبة , يرى الملايين من شعبه , وقد أستشهد من أبناءه الشرفاء أكثر مت ثلاثمائة شهيد خلال ثمانية أيام , والالاف من الجرحى , والذى يعلم علم الي الريقين من قام بسفك دمائهم , فينزل بمدرعاته ودباباته الى الشوارع بدعوى حماية المرافق العامة والمدنيين , وهنا يطرح السؤال المشروع والذى يدور بخلد أى مواطن حرّ , حماية المدنيين من منّ ؟ وبأمر من ّ يتأمر هذا الجيش , والمضحك المبكى , أن هذا الجيش يعلم منّ الذى أوقف حركة القطارات بين المدن لتعويق مشاركة الملايين من سكان الريف المقهور من المشاركة فى المسيرة , ومنّ الذى قطع قنوات التواصل الاجتماعى عبر الانترنت والهواتف المحمولة لشلّ عملية التواصل , ومنّ الذى حدّ من تدفق المواد الغذائية للمدن لتجويع الشعب ليرفع الراية البيضاء ويسلم للامر الواقع . والغريب أن بعضا من قادة الاحزاب المعارضة الهزيلة , (شعب كل حكومة ) لازالوا يتحدثون وببراءة شديدة أن الجيش مع الشعب , والغريب فى الامر أن قادة الامبريالية ضجت مضاجعهم لاول مرة , فهاهم يتحولون لثوريين أكثر من الثوريين أنفسهم , فالحكومة البريطانية والامريكية على لسان رئيسها , وقيادات الاتحاد الاوربى ينصحون فرعون مصر بالاستجابة لارادة الشعب المصرى الذين يرونه على الشاشات ويسمعون هتافاته تشق عنان السماء , ويهتز لها أركان الدولة الصهيونية , وأن عليه بالتنحتى فيأبى مستكبرا الا أن يبقبى , بل يذهب لاكثر من ذلك , أما أنا وأما الفوضى ؟ وهو ماجعل الرئيس الامريكى أن يتصل به لنصف ساعة ينصحه بالتنحى , وصون دماء أبناء هذا الشعب , بل ويقدم بيانا عقب ذلك ويعلن امام العالم انحيازه لارادة الشعب المصرى , وأن على عملية نقل السلطة يجب أن تتم الان وليس غدا . وأمام دهشة الجماهير المصرية , فهم لايصدقون , فالقوى الغربية عبر مختلف قياداتها عبرت بكل الوضوح والتى توصف بالامبريالية ومصاصى دماء الشعوب ينحازون لارادة الشعب المصرى جهارا , ويطالبون هذا الطاغية بالتنحنى , ورئيس الوزراء التركى قالها له , وزكره بالاخرة , ولكن دون جدوى , وفى المقابل , المخزى , هل تجرأ قائد عربى ليعلن عن موقفه جهارة مثل القادة الغربيين ؟ وهل يملكون القدرة على ذلك ؟ حتى ترفع الشعوب العربية من مقامه . هل تداعت الجامعة العربية النكرة لدعوة الجامعة العربية على عجل لمناقشة الموقف الخطير بأكبر دولة عربية ؟ وهل تملك القدرة على ذلك ؟ وهنا يتساءل المواطن العربى فى حيرة , ما الحاجة اذن لمثل هذه المؤسسة الخواء؟ هل تداعت منظمة المؤتمر الاسلامى والثورة تدخل يومها التاسع لمعالجة الامر ؟ فأى أمة هذه ؟ أم أن الامر حدث عابر ليس هنالك مايدعو الى التدخل ؟
أنه لامر مخزى , فالشعوب فى جميع انحاء العالم تتظاهر امام السفارات المصرية منددة بالنظام القمعى بمصر ؟ وتطالب بتنحية مبارك ؟ فأين هى مسيرات قوى المعارضة الوهمية العربية على الساحة ؟ لماذا لم تسير المسيرات الهادرة للتنديد بالنظام المصرى , ومطالبة الرئيس المصرى بالتنحى عن السلطة ومؤزارة للارادة الملايين من الشعب المصرى التى أفترشت الارض والتحفت بالسماء وقدمت أكثر من ثلاثمائة شهيد والالاف الجرحى , أم انهم يستحون وهو النظام الذى احتضن بعضهم لحين من الزمن وفق حسابات السياسة القزرة , ولتذهب المبادىء والقيم التى يضمنونها أدبياتهم الى الجحيم ؟ لقد سقطوا جميعهم أمام قواعدهم وأى سقوط ؟ فالمبادىء لاتتجزأ , ولكن سوق نخاسة السياسة القزرة يعلمنا يوما بعد يوم , لماذا تستطيع أسرائيل بسكانها الملايين الخمسة قوة لايستهان بها , وكم هذه الامة الخواء تعيش ارزل مراحل عمرها , وهوانها على الامم .
خلاصة الامر , أن على قادة الثورة الشعبية ان يعلونها مجلجلة , يسمعها الحادى والدانى قبل جمعة الحسم , أسوة بمقولة بوش الابن ( من ليس معنا فهو ضدنا ) وأن يطالبوا فى اعلان قوى على العالم قبل يوم الجمعة المفصلى , أن على قادة الدول العربية , وقادة المعارضة بهذه الدول التعبير بكل الوضوع وجهارة بموقفهم من الثورة , وقبل ذلك , على الجيش المصرى تحديد موقفه بكل الوضوح امام الملايين من الشعب المصرى موقفه من ثورة الشعب المصرى , وأن يكون خياره محددا قبل يوم الفصل الحاسم , أما الانحياز لنظام الطاغية واما الانحياز لثورة الشعب المصرى , ففى هذا الوضع لاتوجد منطقة وسطى , ويجب أن يتلقفوا رسالة أوباما قبيل حدوث الفاجعة , ووقتها سيكون الثمن غاليا , وحساب الثورات يعلمه الجميع . فثورات الالفية الثالثة حسابها عسير , ولكم فى حساب صدام وجيشه لعبرة لمن يعتبر .
والله من وراء القصد
عاطف عبد المجيد محمد
عضو المنظمة الدولية لشبكة المعلومات والعمل لاولوية حق الغذاء-هايدنلبرغ – المانيا
عضو الجمعية الدولية لعلوم البساتين – بروكسل – بلجيكا
الخرطوم بحرى – السودان
تلفون:00249912956441
بريد الكترونى:[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة