أمتحان الثورة الشبابية الاحزاب بالساحة العربية والسقوط فى الشعبية
تعيش الامة العربية هذه الايام مرحلة مخاض حقيقية تبشر بمرحلة انعطاف تاريخية تمثل مرحلة انعتاق حقيقية من الايديولوجيات الزائفة التى قبعت طوال عقود عدة تهيمن على الساحة السياسية , وهاهى الانظمة العربية ومن خلفها ماتسمى بالاحزاب السياسية سواء على سدة الحكم والمعارضة منها تعيش حالة من التيه والذهول , فبضاعتهم التى ظلوا يروجون لها طيلة هذه السنوات تعانى البوار فى سوق السياسة الذى لاتحكمه قيم ولا أخلاق ولا مبادىء , وقد أشعلت الثورة الشبابية جزوة المشاعر الوطنية والقومية التى ظنّ فى غفلة من الزمان أصحاب تلكم الايدويولوجيات والداعمين لترسيخها فى أوساط هذه الامة , أنهم قادرون على كبح جماح هذا المارد , وهو مايعكسه حالة التردد والتخبط فى المواقف تجاه ثورة الشباب من قبل قيادة القوى الامبريالية .
فهل وقفنا قليلا لتدارس أوضاع ومواقف مختلف التيارات السياسية تجاه ثورة الشباب العربى التى يبدو أنها تتصاعد وتيرتها يوما بعد يوم . وكنت فى المقال السابق قد تحديت أن تعلن القوى السياسية كافة بالوطن العربى , وكذلك الانظمة العربية موقفها من ثورة الشباب العربى , وبلا شك يتتبع القارىء الكريم حجم وطبيعة المواقف حتى اليوم , وعلى ما أعتقد أنه توصل لنفس النتيجة , فهذه القوى قد ولى زمانها , وهى اليوم تحاول جاهدة التأقلم مع ثورة فئة ظلت لردحا طويلا تتزيل أولياتهم , فبنظرة سريعة لمكونات قيادة تلكم القوى على مختلف توجهاتها , ومن خلفها الانظمة , تجد أنها عناصر معمرة , وقد أكل عليها الدهر وشرب , وهى ترفض وبكل قوة عملية التجديد , بل وتواصل الاجيال , وهو ماتمخض عنه انفضاض قوى الشباب من الانفضاض من حولها , فعلى مستوى الانظمة الحاكمة , فالحديث عن التوريث أصبح قاعدة وليس أستثناء على الساحة العربية وأن رغم تباين أنظمة الحكم , ولكن الجوهر هو توريث , وكأن الشعوب العربية أضحت مجرد قوى عاملة بأقطاعيات توارثوها عن أبائهم .
فهاهى الانظمة العربية على مختلف أشكالها تحاول جاهدة لمواجهة الموقف , ومن خلفها الاحزاب السياسية بمختلف مسمياتها وأوضاعها معارضة أو موالية , فثورة الشباب العربى جاءت على حين غرة , وعلى غير موعد , فشرعوا بالحديث عن الاصلاح , والذى كان قبيل اسابيع قليلة من المحظورات , لابل يتمخطرون بأنهم يتمتعون بالشرعية الدستورية , وأن القاعدة العريضة من شعوبهم , وعضوية كياناتهم تقف من ورائهم , تدعم مسيرتهم , والاصلاح الذى بدأ الحديث عنه , بالحديث عن توسيع دائرة المشاركة فى السلطة المحتكرة , أى ترقيع الثوب المهترىء الذى يتدثرون به , وهو الذى لايستر عوراتهم , التى تفوح منها الروائح الكريهة التى تزكم الانوف من رجس الفساد والهيمنة على مقدرات الشعوب , ونهب ثرواته , والتبعية المزلة والمهينة للقوى الامبريالية واللهث وراء نيل مباركتها لمسيرتهم , ناسين أو متناسين أن هنالك العلى القدير , الذى يعزّ من يشاء ويذّل من يشاء , والذى سبحانه الذى اذا اراد شيئا يقول له كن فيكون , فيزلزل اركان الظلم والفساد , وهو الحق والعدل , والعزيز الجبار , فهل تقوى قوى الظلم والفساد ومن خلفها القوى الامبريالية حليفها الاستراتيجى الوقوف أمام أرادته سبحانه ؟ فبعد أن دبّ الهوان والخور على أيدى قوى الفساد والافساد , تأتى ثورة الشباب العربى لتدك حصون الطغاة والمستبدين , فتهز أركان عروشهم , وأستفاقت الامة على هدير حناجر الشرفاء من ابناءها , وهاهى الملايين من شعوب المنطقة تجوب الشوارع تهتف بالتغيير , والتغيير الجذرى وليس أى تغيير . بحيث يشمل التغيير الانظمة والكيانات السياسية فى وقت واحد , فحركة الشباب الثائرة عاقدة العزم على احداث تغيير كلى , فمالم تستوعب النظم الحاكمة والاحزاب لفلسفة وطبيعة عملية التغيير الجذرية المنشودة فسوف يتجاوزها التاريخ , لتصبح شواهد عن حقبة سوداء من تاريخ أمته . فقد ولى عهد ماتسمى بالقيادات التاريخية الزائفة , والتى لاتستوعب مفردات العصر من الشفافية والمشاركة والنزاهة وصيانة حقوق الانسان والحكم الراشد , وارساء دولة القانون والعدالة . فالذين صاغوا تلكم المفردات ارادوها (كلمة حق قصد بها باطل ) ولكن أنقلب السحر على الساحر , فاهم قادة القوى الامبريالية فى مؤتمر سياسات الامن الذى عقد قبل يومين بمدينة ميونخ الالمانية يكشفون عن صدق مانصوغ , حيث عبروا بأن الشعوب العربية غير مؤهلة الان لترسيخ هذه المبادىء بمجتمعاتها , بعد ما فاجأتهم القوى الشبابية بمالم يضعوه فى الحسبان , وهو ماجعل قائدة القوى الامبريالية امريكا تتخبط كل يوم فى مواقفها على لسان اركان ادارتها تجاه ثورة الشباب بمصر يوم بعد يوم , فبعد دعمها لحركة التغيير , ظنا أنها تجرى وفق مارسمت له , وحين تكشف الامر , بدأوا يتحدثون عن دور قوى الاخوان المسلمين الفزاعة القديمة , وهى القوى التى لم تركب موجة السباب الثائر بمصر الا بعد ثلاثة أيام من انطلاقها , وحينما دعى النظام للحوار سعت ركدا للاجتماع به تحت غطاء جس النبض وخلافه من الادعاءات , سعيا للقفز فوق مكتسبات ثورة الشباب , وكان ردّ قيادة ثورة الشباب بليغا , حيث وقفت على موقفها المبدىء , وهو لاحوار مع النظام قبل رحيل مبارك واسقاط النظام , فعاد الاخوان مخزولين لدعم مسيرة ثورة الشباب , وكذلك حينما اعلن زعيم حزب الوفد الديكورى للنظام , وزكر صراحة بعدم مشاركة شباب حزبه الصورى بالاعتصام بميدان التحرير , فهكذا هى الاحزاب دوما . فمتى تدرك الاحزاب ان حركة التغيير قد تجاوزتها هى والانظمة الحاكمة . فمن منكم سمع أو قرأ بيانا من نظام حاكم أو حزب عربى حيال ثورة الشباب الجارية الان بالساحة العربية , بل أى نظام حكم أو حزب عربى سير مسيرة لدعم ثورة الشباب , هذا يؤكد طبيعة الفلسفة التى تحكم هذه الانظمة والاحزاب المناهضة لحركة الشباب , بل يسعون من وراء الستار لاجهاضها , او القفذ من قبل البعض على جنى مكتسباتها , ولكن قوى ثورة الشباب أكثر وعيا بمايجرى , فلا الاخوان المسلمين الفزاعة ولا اليساريين ولاخلافهم قادريين على قيادة حركة التغيير على الساحة العربية وفق تجربة أمتدت لعقود , وقد أثبتت التجربة قصور النخب الحاكمة والاحزاب عن ترجمة تطلعات شعوبها ( ففاقد الشىء لايعطيه) , وعلى هذه الانظمة والاحزاب بمختلف مسمياتها التعاطى مع روح التغيير لثورة الشباب بالجدية المطلوبة , والا سيجرفها طوفان التغيير لثورة الشباب العربى , فاليوم لاعاصم لكم من ثورة الشباب الا الاستباق بتبنى مبادئها وفلسفتها ومباركة مسيرتها .
والله من وراء القصد
عاطف عبد المجيد محمد
عضو المنظمة الدولية لشبكة المعلومات والعمل لاولوية حق الغذاء – هايدنلبرغ – المانيا
عضو الجمعية الدولية لعلوم البساتين – بروكسل – بلجيكا
الخرطوم بحرى – السودان
تلفون:00249912956441
بريد الكترونى: [email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة