بين مخالب النهب وألسنة اللهب
:
فى بحرالغزال حاكم يقصم ظهر عاصمتة ..!!
نصرالدين غطاس
مدينة واو لها طبعها الخاص دون كل مدن الجنوب .. لها سحرها الآسر ، غير أنك لا تدرى من أين يأتى ذلك الأسر الذى يسيطر عليك بعد أن تقوم بالتفكر فى أول زيارة لك لتلك المدينة ، فبالرغم من أنها لا تقف خضراء معظم أيام السنة كمدينة جوبا مثلا ، الا أن للمدينة خصوصيتها التى تميزها عن بقية مدن الجنوب ، ربما كان لطبيعة القبائل بها سببا مباشرا فى ذلك .. وداعتهم والابتسامة التى لا تغادر شفاههم وتواددهم ومباشرتهم بتلقائية لكل زوارها .. منذ أن تطأ أقدامك مطارها والى أن تصل أسواقها وأحيائها حتى البر الشرقى ..!! ، واو لم تعرف الحرب لها سبيلا بل كل ولاية بحر الغزال وقتذاك لم تتأثر بالحرب المباشرة ، فبقيت واو هكذا لا تسمع بها طقطقة السلاح كما يحدث فى جوبا غير أنك تجد حذرا وترقبا هنا وهناك ، فما يلبث كثيرا حتى يتحول الى ود وتعارف بينك وأهلها ..!! ، هذا التواد الذى يلفك به أهل واو لا تتميز به قبيلة عن أخرى .. جميع القبائل هناك تؤسس معك علاقة وزيارات وشاى مغرب .. الدينكا والبلنده والجور والبنقو والبايلى والكريش والفلاتة .. جميعهم من اليسر أن تحقق معهم علاقة لا تنقطع بسفرك ، غير أن ذلك الوضع الآن فى واو أنقلب رأسا على عقب .. لم تعد أسواقها بذات درجة الأمان التى تتمتع بها من قبل ، وليس فى مقدور أحد أن ينتقل من حى لآخر هكذا برجلية أو على دراجة هوائية كما فى السابق بعد صلاة المغرب من دون طوف يؤمن لك الطريق وقطاعه المنتشرين الآن ، ومنذ أن يرخى الليل سدولة تبدأ حركتهم الباطشة ..!! ، من الممكن الآن أن تغلق متجرك سواء كان فى (سوق الجو) أو فى سوق نمرة (5) أو فى سوق فلاتة فيصبح علية شمس يوم غد وهو قد كسر ونهبت بضاعتة أو تم حرقة قبل صلاة العشاء ، ولا احد ينقل لك الخبر الا بعد أن تمثل أمامة فى اليوم التالى ومفاتيح الأبواب تتدلى من يديك دون أن تجد أثرا للباب نفسة الذى ذاب بفعل النيران التى التهمتة مع كل محتوياته..!! ، ما يدور الآن فى مدينة واو الوادعة (زمان) أشبة بحالة التخريب .. غير ان التخريب تصاحبة جملة من الحركة الرسمية ورجال الشرطة والتحقيق والتصوير وأخذ اقوال الشهود وجيران المحل المنهوب ، لدرجة جعلت من أمر النهب والسرقة والحريق الموجهة للمحلات التجارية أمرا عاديا للغاية لا يثير دهشة أحد ..!! ، الاسبوع الماضى شهدت واو فى أكبر أسواقها مشهدين كبار من مشاهد ذلك الدمار .. الذى يعد له البعض بعناية لا تسمح بالقبض على الجناة بالرغم من حجم الجرم الكبير ، أكبر الصيدليات فى المدينة (صيدلية تشفينى) يتم حرقها بالكامل والسيد (على داؤود) صاحب الصيدلية يقوم بكل اجراءات التقاضى وتثبيت البلاغ لدى السلطات هناك ولكن لا أحد يعيره انتباها ..!! ، وحادثة الحريق تحرج كل المسئولين فى الحكومة هناك لوجودها فى مكان بارز بأكبر أسواق واو فى (سوق الجو) وبجوار المستشفى العسكرى ، وأكبر محل (لبيع اللحوم والفراخ والبيض) يتعرض لذات الحالة (حريق بالبنزين والقش) ورائحة شواء الفراخ التى خرجت مع أول خيوط من الدخان .. جعلت من تسرب اليهم الدخان فى بيوتهم يظنون أنهم فى سوق الخرطوم (2) ..!! ، وسوق (5) حالات السرقة به أنست أهل واو ما يحدث من تخريب فى (سوق الجو) ، والناس هناك يؤكدون لك أن حالات السرقة التى تتعرض لها المحلات التجارية (محلات تجارة الجملة فى المواد الغذائية) يتم حسابها يوميا .. بين محلين الى خمسة محلات .. ولا أحد يتحرك .. لا بلاغات تدون ولا متحرين يأخذون الأقوال من الشهود أو من المتواجدين فى مكان الحادث كما تفعل الشرطة عادة ..!! ، لأن الحاكم هناك يريد أن يبقى الوضع كما هو علية .. هكذا لا أحد يسأل أحد ولا شرطة تلاحق متهما ..!! والا (فنهر الجور) ممتلئ بالمياه عن آخره ..!! ، وسكان (الواو.. كما يحلو لأهلها أن يطلقون عليها) أضحت مثل (شيكاغو) من حيث كمية الرصاص الذى ينطلق ليلا .. لا تعرف مصدرة أو على من اطلق ، والحاج (محمد على عبدالقادر) القادم لواو من (مدينة شبشة) قبل أكثر من (40) عاما ، يقدم السلع والخدمات لأهلها طوال هذا العمر الطويل جائتة رصاصة مخترقة لنافذة منزلة المطلة على الشارع الرئيسى (فقط عناية اللة وحدة) نجت أفراد أسرتة .. والرجل يسكن أكبر أحياء المدينة وأرقاها (حى نمرة تلاتة) ، وأحياء واو الطرفية .. (كاليفاريا وحى الجبل وحى كوستى وحى نزريت وحى السلام) بها شئ آخر .. عند دخول الليل يدخل عليك بمنزلك مجموعة من الناس يأخذون كل شئ .. ذهب ومال وأثاثات وسيارة يحملون عليها ما أخذوه منك بقوة السلاح ، وحتى الآن لا أحد يعرف من هم أو من أين أتوا..؟! ، وثمة أمر آخر يهدد الحياة بواو .. عدد كبير من الأطفال الصغار بين (7- 20 ) عاما .. جاؤوا للمدينة من معسكرات الحركة فى برارى الجنوب و .. جميعهم من غير أسر تأويهم .. هكذا هم يعيشون فى أزقة المدينة وأحراشها .. يقتاتون مما يخطفونة من المحلات بالمدينة ، والجيش الشعبى يحيط بالمدينة احاطة السوار بالمعصم فى (مابيل) و(كواجينا) ، والمنطقتين بهما أكبر معسكرات الحركة .. والجيش الكبير لم تصرف له مرتباتة لأكثر من (5) شهور بالتمام والكمال ، والجيش الذى ربط خزن بنادقة على معدتة تتراءى له فكرة المعاقين التى قاموا بها فى مدينتى (نمولى و وياي) لاسترداد حقوقوهم المالية .. والكل فى المدينة يترقب الخطوة التالية ، والجميع يقبعون فى (كيعان غرفهم) لا فى (سراير المنزل) خوفا من الرصاص الطائش واجتياح جيش الحركة الجائع بالبر الشرقى .. (المرتقب)، والحاكم هناك يرى كل ذلك التهتك فى الامن ويرفض تدخل (سرية العمليات) بالرغم من أدائها الفعال واحتوائها لكل حالات الانفلات التى تدخلت لفضها .. ورفض الرجل يضعة فى خانة الرعاية الكاملة لأحداث النهب والحرق التى تتم لأسواق المدينة .. والكل مندهش لسلبية الرجل فى كفكفة التدهور الأمنى بالمدينة .. ومنعة غير المبرر لأفراد (سرية العمليات) من التدخل لطمئنة اهالى المدينة .. والمدينة الوادعة فى السابق تودع كل ذلك وتتلقى بصدرها الرصاص والنهب والسرقة وحاكمها يحمل عصاه يضرب به قوات حفظ الامن اذا خرجت لحماية المواطن هناك ..!!
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة