الحركة الشعبية .. ( الما شاف البحر .. تخلعوا الترعة )
بقلم : عمـر قسـم السيد
صفـا واســترح
بلغني أمس ان صديقي " جاستن " الذي يقيم بمدينة جوبا حاضرة الاقليم الجنوبي وهو من ابناء دينكا بحر الغزال المثقفين قد حكم عليه بمبلغ " 850 " الف جنية أي 85 مليون بالقديم ، وذلك كتعويض " ديّة " في جريمة قتل خطأ نتيجة اصابته بسيارته لمواطن اثناء الليل – وقيل ان المرحوم كان مخمورا – يسير يمينا وشمالا في الطريق .
كان لا بد من هذه السطور المبتورة للوقوف مع صديقي جاستن في محنته هذه ، وهو لا يملك هذا المبلغ الخرافي ، وحقيقة انا لا ادري كيف تدار القانونية هناك في جوبا وغيرها من مدن الاقليم بشأن حوادث الطريق !
وعلى اي شئ يستندون في اطلاق مثل هذه الغرامات !!
وارجو ان لا يكون للقبيلة – رجل – في هذا الموضوع كما يحدث في كثير من مشاكل الاقليم الجنوبي من اشتباكات وسرقة ونهب وقتل .
ان شهادة اقصاء الآخر لم تكن موجودة في الجنوب الا بعد العام 2005م وبعد توقيع اتفاق السلام الشامل وتطبيق بند قسمة الثروة والسلطة بين الحركة الشعبيةوالمؤتمر الوطني ، فالحركة الشعبية حينها لم تكن على اتم الاستعداد للتحول من حركة مقاتلة داخل الغابة الى حزب سياسي ، لان " ثقافة الغابة " ما زالت تسيطر على عقول الكثيرين من قادتها ل وعلى مواطن الجنوب نفسه .
ففي غفلة من الزمن اصبحت الحركة الشعبية ذات ايراد شهري بملايين الدولارات من اموال نصيبها في البترول السوداني !
فهناك مثل سوداني شائع يقول ( الما شاف البحر .. تخلعوا الترعة ) وهو مثل ينطبق تماما على الحركة الشعبية وانبهارها بهذه الاموال ، وبالتالي عدم القدرة على ادارتها وتسخيرها لمصلحة التنمية والاستقرار والامن في الجنوب الذي استشرت فيه ثقافة الفساد ونهب الاموال وتهريبها الى دول الجوار الافريقي واقامة القصور والفنادق الخاصة ذات الخمس نجوم ، ان عائدات البترول اصبحت اموال خاصة تذهب الى جيوب كبار مسؤولي الحركة وبالتالي إقصاء كل من يعمل على تغيير هذه السياسة وايقاف تدفق هذه الاموال دون حسيب او رقيب ، ففي يوم 24 ديسمبر الماضي تقدم القيادي انجلو بيدا بدعوى عشاء للفريق سلفاكير الغرض منها مناقشة بعض المشاكل التي تهم الجنوبيين .. ولكن للاسف لم تسمح ظروف سلفا لتلبية الدعوة ، واقترح بيدا ان تكتب المشاكل في ورقة وترسل لسلفا " للعلم فقط "
فهذه كانت بداية فكرة اجتماع كنانة .. بمعنى ان مؤتمر كنانة كان عبارة عن " وضع الرتوش الاخيرة "
ولكن للاسف ايضا لم تصل الورقة الى سلفا ( وهى تشتمل التماسات لبعض الجوانب التي يجب ان تتم معالجتها وتصحيحها بجنوب السودان )
ان الامور واتخاذ القرار داخل الحركة الشعبية لم يعرف من الذي يصدرها ، فكل قيادي يمكنه ان يصدر قرارا دون الرجوع للبقية ، فالقيادي ين ماثيو اصدر بيانا باسم الحركة اساء فيه للدكتور لام اكول وغازي سليمان المحامي واتهمهما بالخروج عن خط الحركة ، ووصفهما بـ" اعداء الحركة " بسبب موقفهما الوطني برفض إدعاءات المحكمة الجنائية ، واردف البيان ببيان آخر صدر في الاول من ابريل يتوعد فيه بفصلهما من عضوية الحركة ، وهذه ليست المرة الاولى ، فقد حدث حادث مشابهة لذلك على المسوى السياسي وذلك عندما تخلصوا من تيلارا رينق دينق وأليو اينج في ديسمبر 2007م فكان خروجا عن الاجراءات المنصوص عليها في النظام الاساسي للحركة ، وجاء نتيجة رد فعل لنظرية " ابعاد كل من لا يتفق مع النافذين في الجهاز التنفيذي "
وبنفس القدر استهدفت المجموعة المتطرفة في الحركة السيد ماناوا أليقو وعملوا على ازاحته من رئاسة الكتلة البرلمانية دون اتباع للوائح الكتلة ، بل منعوه من المشاركة في المؤتمر العام للحركة استنادا على تقارير امنية ملفقة !
والحقيقة تقول ان ماناوا كان قد قدم نصحا للرئيس الحركة بارجاع تيلارا وأليو الى صفوف الحركة ..
اما الدكتور لام اكول فقد وصف ماثيو بـ" الفتى اليافع " وقال انه ومجموعته " الضالة "
يبحثون عن مواجهات مع المؤتمر الوطني بدلا عن التعاون معه !
فالجنوب الذي يتأرجح بين تطلعات الوطنيين واحلامهم في تحقيق الامن والاستقرار وصراعات السياسيين بالبحث عن السلطة والمال ، وبين كل هذا وذاك لن يهدأ الجنوب ولن تقوم له قائمة الا ان تعمل الحركة الشعبية بالمقولة العسكرية " صفـا واستـرح " وتفتح المجال لىخرين من المثقفين من الشباب والغيورين على وحدة واستقرار الاقليم لقيادة الدفة حتى يتثنى للجنوب الوصول لبر الامان .
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة