من الذي باع الشمس يا سلفاكير ؟
بقلم : عمـر قسم السيد
ثلاثمائة مواطن من مشجعي فريق المريخ السوداني ( جنوبيين ) عبروا الحدود السودانية – من مدينة جوبا الي يوغندا – نحو الملعب الذي شهد الملحمة الكروية بين فريقي المريخ وكمبالا سيتي .
زيارة هؤلاء لكمبالا وتكبد عناء الـ" 13 " ساعة بالسيارات برا لتشجيع فريق المريخ انما يدل على التفاف ابناء الوطن حول رموزهم " أيا كانت "
وبذات الطريقة نجد ان حب الوطن في دواخل هؤلاء لا ينقص شيئا عن حب المريخ !!
اذن هذا الشعب " شعب جنوب السودان " على وجه الخصوص استثمر حبه لشئ آخر في غفلة من الزمن .. بواسطة الساسة والسياسيين من الذين نالوا حظا وافر من التعليم ، فاصبح الجنوب مرتعا خصبا لإشعال الفتن والحروب مستقلين التعدد القبلي الذي كان مفخرا وعزا في قديم الزمن .
فمنذ ان تقلدت الحركة الشعبية مقاليد الحكم بشراكتها مع المؤتمر الوطني " حكومة الوحدة الوطنية " بعد الصعود على ظهر اتفاقية نيفاشا للسلام الشامل ، اصبح الجنوب يصحو كل يوم على كارثة جديدة ، وهنا نذكر مبلغ الـ" 6 " مليار جنيه الذي منح لحكومة الجنوب ابان فترة وزير المالية ( آرثر اشوان شول ) بغرض انشاء شركات استثمارية في الاقليم واستيعاب الايدي العاملة من ابناء الجنوب في هذه المشاريع ، ولكن للاسف تم توزيع هذا المبلغ الضخم بواسطة قيادات سياسية جنوبية الى شركات – وهمية – عملت على تبديد هذه الاموال ، بخلاف شركتين فقط ، الشركة الاولى هي شركة " ألواك " التي يمتلكها دينق اقوير الحاكم السابق لولاية شمال بحر الغزال ، وهو ايضا صاحب مجموعة ( ألواك للطيران ، للبترول وللاتصالات ) ،
اما الشركة الثانية فهى مؤسسة الولايات الجنوبية التي يمتلكها " ابى دوانق " وهى شركة متخصصة في مجال الفندقة والسياحة والترحيلات .
الشركات الوهمية في جنوب السودان تأكل المال العام بالباطل كما تأكل النار الحطب ، ولا تخضع في ذلك للمحاسبة القانونية ، واذكر ان مجموعة من التجار من منسوبي الحركة الشعبية قالوا ان هناك " 78 " شركة بولاية شمال بحر الغزال تصدق لها بترحيل كميات من الذرة والسكر من الخرطوم ويوغندا الى جنوب السودان .. ولكن كالعادة لم تصل هذه المواد للولاية وذلك بسبب التلاعب الذي اتضح انه يتم بين الوظفين واصحاب هذه الشركات بحيث يتم بيع المواد في السوق خارج الولاية بعد قيام الموظفين بتحرير شهادة استلام – مزيفة – لأصحاب الشركات تفيد بانه تم استلام الكمية .
وعندما بلغ الامر وزارة مالية الجنوب ، وان هناك تلاعبا في الكميات المصدق بها من الذرة والسكر ، قامت الوزارة بدورها بايفاد لجنة مراجعة للتحقيق في الامر ، وكشفت اللجنة ان عدد خمسة شركات فقط من جملة " 78 " شركة هى التي قامت بدورها في الترحيل ، اما البقية " راح في شربة ميّه " كما يقول ابناء شمال الوادي من اخواننا المصريين ، وهذا التلاعب ادى بدوره الى ظهور فجوة غذائية واضحة بالولاية .
ان الحركة الشعبية تريد ان تثبت نجاحا زائفا وغير حقيقي بتضليل المواطن الجنوبي بانجازات " كلامية " ليس لها دليل من الصحة على وجه الارض ، والامر الذي يدعو للحيرة هو دعوة الحركة الشعبية لمواطني دارفور بالنزوح لجنوب السودان بعد قرار طرد الحكومة السودانية لبعض المنظمات الاجنبية العاملة في دارفور بعد كشف امرها وانها لا تقدم عملا انسانيا ، بل تعمل لمصلحة جهات استخباراتية امريكية ويهودية .
اذن كيف يعقل ذلك ؟
كيف تدعو الحركة الشعبية اهل دارفور للنزوح الى الجنوب وهى لم توفر التنمية والاستقرار والامن لمواطنيها في الجنوب ، فالحروب القبلية ومآسي المورلي وعمليات السرقة والنهب لم تنتهي حتى الان ، ومحاولة اغتيال انجلينا زوجة د. مشار لم تنتهى ايضا .. وغيرها وغيرها !
ان قيادات الحركة الشعبية يتصرف كل منهم وفق رؤيته الخاصة للامور ، فهم لا يتبعون مرجعية محددة ولا منهج مؤسس كما يفعل الشريك المؤتمر الوطني في كل صغيرة وكبيرة ، فوزير الخارجية " دينق ألور " لم يستطيع التعبير عن موقف الحركة تجاه محكمة الجنايات الدولية " ولم يقدم قولا قاطعاً !
وزير الخارجية ذهب لامريكا وقال ماقاله ورجع وقال " تصريحاتي تعبّر عن رأي الشخصي "
ما هذا يا ترى ؟
دينق ألور هو " شوكة الحوت الثانية " بعد باقان اموم في حكومة الوحدة الوطنية ، فهو لا يخدم منصبه الذي جاءه بعد عملية " غير شريفة " فعلتها الحركة الشعبية واطاحت بالرجل الوطني المثقف ابن الجنوب البار الدكتور لام اكول اجاوين ، لام اكول يتمتع برأي واضح وصريح تجاه القضايا الحساسة ، فاذكر انه قال بخصوص تأخر الحركة الشعبية عن اعلان مرشحها لرئاسة الجمهورية ، قال " ان الحركة لم تقرر بعد خوضها للانتخابات الرئاسية حتى تقرر ترشيح رئيس لها "
ووصف اكول الوضع في جنوب السودان بانه متردي ، والوضع الاقتصادي بالضاغط ، كما هاجم اكول الحركة بشدة وقال ( لا يوجد حزب يحترم نفسه يتحدث عن إجراءات ضد اعضاءه قبل اتخاذ القرار ) في اشارة الى تهديدات الحركة وتلويحها بفصله من العضوية !
ان التنمية كا لشمس !
وعدم توفرها بالجنوب يعني عدم توفر الامن والاستقرار ، والتنمية لا تتوفر في ظل الفساد العام الذي تعاني منه الولايات الجنوبية قاطبة على جميع المستويات ، فالمسئولة لا تقع علي عاتق سلفاكير النائب الاول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة جنوب السودان وحده ، ولكن هذا لا يمنع ان ان يسأل عن استشراء الفساد وانعدام التنمية ، ونحن نضم صوتنا للاحرار من ابناء جنوبنا الحبيب ونقول بأعلى الصوت " من الذي باع الشمس يا سلفاكير " ؟
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة