بسم الله الرحمن الرحيم
عربدة مدن النيل .
لن تغرق رواسى حركة جيش تحرير السودان - 2
بقلم :أحمد عابدين
-
قلت وسأظل على ذلك أن فلسفة مشروع التحرير العريض ما قامت يوماً على إرضاء الذات على حساب من نشدنا التغيير فيهم وبهم.
وقلت وسأظل على ذلك أن الأيدى المرتجفة لا تقوى على البناء وأن الجبناء لا يصنعون التاريخ، وأن جوهر القضية الحقيقية للتغيير ليس تشريفاً يتباهى به سقط المتاع وإنما إيمان وإعتقاد يجب أن يقدم بكل التضحيات واقعاً ملموساً حياً يمشى بيننا دون خجل، شامخ بعنوان نبراساً يقود الأجيال نحو الأمل يطارد خفافيش الظلام ويكسر أقلام الظلم. ولكن أن ينقاد الناس أجمعين خلف سراب العم (كوهين) و(ماركوهين) إلا ذلك الذى أعيته الحيلة ليعيش جاسوساً بين الأشراف مخادعاً يلبس جبة التقوى نهاراً ويخلعها ليلاً حتى يحبك إسقاطاته النفسية مراحل من الغش والفتن والمؤامرات ليصرف الثوار عن الإبداع من أجل الخير نحو الصراعات حتى يحيل كل الأمل هشيماً ورماداً وتتحول مشاريع الثورة كلها إلى برامج مطلبية وقتية وبالتالى موت المشروع دون تشييع حتى. وهذا ترفضه حتى الأرواح الطاهرة التى سقت عروق الأمل فى الشعب بغدٍ مشرق نشطب به من قواميسنا صفة (العبودية) التى أقعدتنا سنيناً عدداً ما حصدنا منها سوى الإستهبال والإستغفال لشعبٍ ظل على الدوام جعل شيل الدولة السودانية بلا ثمن سوى التهميش وقصور الشوق الحالمة.
لقد ظلت العقول المتقدمة دوماً تشدنا شداً نحو هاوية التفكير الرجعى الطائفى الجاهلى والذى ما أنجب لنا سوى صراع الدوائر المتخلفة وإغلاق العقول المستنيرة وتكميمها فلا تفكر ولا تبدع إلا بأمر الكهنة المؤمنين حقاً بوحدانية القيادة وشحن مقدرات الناس لمشاريع التبعية والإنقياد الأعمى.
وهؤلاء رفع ضدهم الشهيد (عبد الله أبكر) وصحبه لواء التغيير، فهل يوافقنى الأخ (مبارك العمدة) أنه ليس مطالب بشتم (حرير وحسين والمستشار) بقدر ما يحتاج لمراجعة التاريخ ليصحح الحقائق المزيفة من أجل شعبٍ أوجده الله حراً فإستعبد نفسه ونصَّب جلاده ملكاً عليه وما كان سيكون كذلك لو لم يكن أمثالك موجودون يدور كل تفكيرهم فى فلك الأنانية والحقد الناتج عن تفكير رجعى مختل يسوده هلع وإنبهار لا إرادى بحركة الرياح على سطح النيل.
إن الحديث لا يلد إلا باطل واللسان المشلول لا يخرج إلا تأتأة وهذا ما حزَّ فى نفسى حينما تناول الأخ (مبارك العمدة) موضوع نسجه خياله ومتأثراً بخذعبلات (كوهين) عن إخوة أحسبهم قدموا للثورة بغض النظر عن تقديرات الآخرين وأنهم كانوا فى ذات الدائرة الساخنة والتى كنا فيها جميعاً أيام إعلان الحرب على أبوجا وسيدها (مناوى) وأنهم ذات اليد التى شاركت فى صياغة خارطة الطريق للخروج من الأزمات التى ضربت عرش الحركة وأحسبهم كانوا نجوماً لامعة فى نظر الكثيرين وأظن أخى العزيز منهم.
لكنها رياخ تناقض المصالح لا تقاطعها وآفة التخوين تمشياً مع قاعدة (ألفيك بدِّر به) وخير وسيلة لنيل المطالب هى الهجوم على أناس يظن غباءاً أنه سيلوى أذرعهم ليملأ أكياسه التى أحرقتها الليالى المخملية. فما ذنب (فاطمة) التى لا تمنحنا إلا الضياء والنقاء والضمير الحى لوطنٍ خالى من الغبار وأكياسه. ما ذنب (فاطمة) التى تحمل منّا سفاحاً متسخاً بأفكار ملوثة أميةً وجهلاً وإفلاساً وهى التى كانت تحلم بنا رسلاً للسلام والمحبة والوئام.
ما ذنبها وقصار النظر يسبون أمى العزيزة بأقذع الألفاظ السوقية عبر التلفون ونسوا أنها كانت تنتظرنى مثلهم تماماً قمراً ينير الدياجر وغابة خضراء تسد ناظريها من صحراء التخلف الذى هجرته حتى الحمير. ولكن أفكار (كوهين) لن تمنحكم سوى النظر تحت أقدامكم التى أشقتها وشققتها المشاوير الخيالية. أيها الآتون من رحم الشكوك والظنون يسوقكم (كوهين) إلى موارد الفناء ليس فناء أنفسكم ولكن بين ضمير البسطاء.
بالله عليكم كيف نزرع شتول التغيير وبين ظهرانينا أصحاب آفاقٌ كما الصقيع مطبقاً على بصيرتهم يعتقدون فى الثورة ملك حر لهم (زيتنا فى بيتنا) وما الآخرين سوى كومبارس أقصى حدودهم كساء ينالونه ومنصب يقنعون به ولعمرى هذه جريمة نرتكبها فى حق أهلنا الذين يجلسون القرفصاء إنتظاراً لنا وما نحن إلا سراباً يحسبونه ماءاً.
عفواً أمى هكذا يكون الجهل وهكذا عانيتم سنيناً لأن العقول هى العقول ذاتها مع فارق الزمن فقط ولكن حتماً سيكون الرد قاسياً ولن يطول وهذا وعد. وسنرى من منا الذى سوف يسوق القطار.
وهل حقاً الزائغة أبصارهم لمدن الأسمنت والأنوار والمطارات لا يعلمون من أين تؤكل الكتوف؟!
إن التغيير الذى ننشده ونصارع من أجله الأفيال ليست من أدواته الناجعة التهديد والوعيد وإتهام الناس بالباطل وأكل لحوم البشر فى وضح النهار رغم أنف المآذن.
إن الحال يغنى عن السؤال فيما تؤول إليه الأمور داخل حركة تحرير السودان فالوديعة المسماة بالثورة والتى يفترض أن تكون المخرج الجدى والحقيقى لما يعانيه أهلنا فى الإقليم، هذه الوديعة تكاد تكون بين أيدى غير أمينة بالمرة وما الأحداث إلا دليل على ذلك فما أن نخرج من أزمة إلا وتحل أخرى وكأنما مانفيستو الحركة يتحدث عن ضرورة الإعتقاد فى الصراع الفارغ معنى وقيمة كمنهج جدلى للتطور. فالكل يبحث عن موقع والكل يريد أن يكون قائداً ولكل يريد منصب رفيع دون أى مواصفات أو مقاييس.
ودونكم ما نشهده الآن فهل من الشجاعة أن نأتى برجل جيد الخبرة متمرس فى دهاليز السياسة يرجى منه أن يقود الجميع إلى فضاء التطور والتطوير ليأتى فجأءة ويحيط به من كل صوبٍ أهل المنفعة والإبتزال السياسى ليملأوا لنا الدنيا ضجيجاً وصخباً وينصرف الجميع بدل البناء التنظيمى والإنتشار السياسى إلى التراشق بإتهامات لا أساس لها من الصحة ولا تحمل فى طياتها أى دليل إدانة وأنا لا زلت أتحدى من يأتى بشبه دليل إدانة وعندها نكون قد أسسنا أولى درجات الصدق والمحاسبة ولكن كما قلت لن يأتى أحد بها لسبب بسيط هو أن الأخ (مبارك العمدة) يؤمن بمقولة (دق الغراف خلى الجمل يخاف) أملاً فيما يحمل ذلك الجمل عله يختصر له مشقة البحث عن رزق ضاقت سبله هذه الأيام.
بربكم هل تذكر أحدكم لما الغياب القسرى للحركة عن الساحة السياسية؟ وسألنا يوم عن كم مكتب للحركة فى العاصمة الخرطوم؟ بربكم هل سألتم أنفسكم لحظة عن تفسير حالة غرامنا مع شوارع الخرطوم ونسياننا ملامح حتى مدن دارفور؟ بربكم ما الأولى أن نهتم به حال تنظيمنا المتداعى يوماً بعد يوم نحو دائرة النسيان والتلاشى أم ممارسة الركض من أجل منافع الصراعات العقيمة والتى جعلت الكثيرين يجلسون فى أبراج المراقبة البعيدة حزناً وحسرة على الحال والمآال.
بالله عليكم أخجلوا مما وصلت إليه حالنا وكفانا مواءاً ونباحاً لن ينبت عليها شعوباً يغذى قطيعاً من الماعز ناهيك عن دغدغة مشاعر دعجاء قرعاء لا تمنح إلا لعنات أهلنا علينا.سؤال أخير الحركة لا تملك حتى مكتباً فى دار السلام ليبيا فهل من أسباب هذا شركات (حسين) أم عطاءات (حرير) أم عقلية (كوهين) الذاهبة فيكم كما الدم فى الشرايين؟! يا أخى إن مدحك للقائد (مناوى) لن تصدقه حتى جروف النيل. فالكل يعلم أن بتر أجنحة القائد هى المنال والمقصد والحلم الكبير لأصحاب الأجندة العشائرية الذين لم تفتر همتهم فى سبيل غرس التمترس الأسرى والذى يسعى لورثة الطائفية فكراً ومنهجاً. ولكن هيهات (فللبيت رب وللطفل أب) فالمجال والمقام لا يحتمل شذاذ الأفاق المنبهرين ببواكير الرزق.
فأهلنا على الخط يرجون فجر الخلاص من تلابيب باعة السياسة المتجولين وتجار شنط الأحلام البسيطة.
وللذين هاجوا وماجوا مهددين بالويل والثبور لشخصى أقول إن وعد الحر دينٌ عليه وقد وعدت نفسى والعباد قبلى بأن لا أتوقف عن نبش المستور وحرق عش النمل لأن ذلك ببساطة واجب علىَّ فكما صارعنا المشروع الحضارى فإن قتال سواقطه واجب التحرير الأول حتى نبنى مؤسسة تحترم الكفاءة العملية والعلمية لتحطم أوكار الرزيلة وممتهنى النفاق حارقى بخور البلاط وأى بلاط ذلك المتسخ حد الثمالة فى وجود جواريه وخدامه ولعمرى لا يمكن أن تأكل على الصحن وتبصق عليه. وهذا لن يشرفنا العيش داخل ولن يكون مؤهل لإستقبال حالة الإنفتاح التى ننشدها خاصة وأننا نبتغى حكم هذه الدولة التى مصت دماء شعبنا فى تاريخ طويل ملئ بالأغبياء من أهلنا الذين بنوا سجونهم بأياديهم ولم يعينهم على ذلك سوى ذات تفكيرك الأعمى هذا.
إذن فلتحلم بحال أفضل من هذا ولتمنحنا (فاطمة) النقاء والطهارة فى وطن ينام البعض فيه والباعوض يمارس دكتاتورية الطنين عليهم، ولا يسلمون عند الصباح من مُر الهجير وماء الحنفيات المملؤ بالطحالب، وطن فيه حتى دموع التماسيح لها درجات على خدود أطفاله المحكوم عليهم من ذويهم العيش فى المناقى البعيدة عن الضمير والأخلاق. وطن يأتمن فيه الخليفة فيه الذئاب على نساءه و(كوهين) فينا يمزق الأرض والإنسان.
إلى اللقاء فى الحلقة القادمة ،،،
أحمد عابدين
|